الحدث – القاهرة
أكّد أحمد شيخو الكاتب والباحث السياسي السوري أن موقف مصر من الأزمة السورية يقوم على ثوابت راسخة تتمثل في الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها ودعم عملية سياسية شاملة تستوعب جميع المكونات، موضحًا في تعقيب على مخرجات اللقاء الذي جمع بين وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي وجير بيدرسون المبعوث الأمريكي إلى سوريا قبل يومين، أنَّ القاهرة تعتبر أن سوريا أمام فرصة تاريخية لبناء نظام ديمقراطي يعيد لها استقرارها ودورها، مشيداً بهذا الموقف الذي يعكس الثوابت المصرية تجاه الشعب السوري.
وإلى نص الحوار:
*بداية، كيف تقرأ لقاء الدكتور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا جير بيدرسون في نيويورك؟
– اللقاء يعكس بوضوح ثبات الموقف المصري تجاه الأزمة السورية ، فمصر منذ اندلاع الأزمة لم تنجرف وراء التجاذبات الدولية والإقليمية، بل تبنّت خطاً قائماً على الحفاظ على وحدة الدولة السورية وسلامة أراضيها. وإشادة الوزير عبد العاطي بجهود المبعوث الأممي خلال أكثر من ست سنوات تعكس أيضاً تقدير القاهرة لدور الأمم المتحدة في رعاية أي تسوية سياسية. وهذا الموقف ينسجم مع سياسة مصر الثابتة الداعمة للحلول السياسية، بعيداً عن التدخّلات العسكرية التي أثبتت فشلها.
*بيان الخارجية المصرية شدد على «الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأمن شعبها».. كيف تترجم مصر هذه الرؤية عملياً؟
– عملياً، مصر تتحرك عبر 3 محاور رئيسية: الأول، دعم كل مسعى سياسي يضمن مشاركة جميع القوى السورية في صياغة مستقبل البلاد دون إقصاء. والثاني، التنسيق مع شركاء إقليميين ودوليين لتجنيب سوريا سيناريوهات التقسيم أو الفوضى المستدامة. والثالث، قناعة مصر بضرورة إقامة مؤسسات وطنية جامعة لكل المكونات، بما يحافظ على كيان الدولة ويمنع انهيارها. مصر ترى أن أي حل يتجاوز هذه الثوابت لن يكون قابلاً للاستمرار.
*في ضوء التطورات الأخيرة وسقوط نظام بشار الأسد وتشكيل رئاسة انتقالية جديدة، كيف تابعت تطور الموقف المصري خلال هذه الفترة؟
– الموقف المصري كان منذ البداية داعياً إلى عملية انتقالية شاملة، والآن أصبح هذا الأمر واقعاً. القاهرة تتعامل مع السلطة الانتقالية، باعتبارها إطاراً سياسياً يجب أن يفتح الباب أمام السوريين جميعاً، بمختلف مكوناتهم، لبناء نظام ديمقراطي يعيد لسوريا استقرارها ودورها العربي. مصر تدعم أي جهد يضمن أن هذه المرحلة الانتقالية لن تتحول إلى ساحة صراع نفوذ بين القوى الإقليمية والدولية.
*الوزير عبدالعاطي أشار إلى «أهمية مكافحة الإرهاب» كجزء من التسوية، ما دلالة ذلك؟
– مكافحة الإرهاب بالنسبة لمصر ليست ملفاً منفصلاً عن التسوية السياسية، بل هي جزء أساسي منها. التجربة المصرية أثبتت أنَّ الإرهاب يتغذى على غياب الدولة وتفكك المؤسسات. لذلك فإن دمج جهود مكافحة الإرهاب مع مسار سياسي شامل سيعيد الاستقرار. كما أن مصر ترى أن عودة سوريا كدولة قوية وفاعلة تتطلب إنهاء سيطرة الجماعات المسلحة غير الشرعية وتجفيف منابع تمويلها.
*ماذا عن الموقف المصري من الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة للأراضي السورية، خاصة أنه كان موضوعاً حاضراً في لقاء عبدالعاطي – بيدرسون؟
مصر كانت واضحة في البيان بشأن اللقاء بين الوزير عبدالعاطي والمبعوث الأممي، إذ أدانت بأشد العبارات القصف الإسرائيلي الذي استهدف مؤسسات سورية سيادية بعد أحداث السويداء. القاهرة ترفض استغلال إسرائيل للظرف الراهن في سوريا، وترى أن انتهاك اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 يشكل خطراً على الأمن الإقليمي بأكمله. هذا الموقف يعكس التزام مصر بمبدأ احترام السيادة الوطنية ورفض السياسات التي تُهدّد الاستقرار الإقليمي.
*هل هناك دور عملي يمكن أن تلعبه مصر إلى جانب الأمم المتحدة في المرحلة المقبلة؟
– بالتأكيد، مصر تملك رصيداً مهماً من العلاقات الإقليمية والدولية، وتاريخها يجعلها طرفاً مقبولاً لدى معظم القوى السورية. لذلك يمكنها لعب دور الوسيط الذي يسهّل التفاهمات، سواء عبر استضافة حوارات سورية – سورية، أو من خلال التنسيق مع الأمم المتحدة لتسريع العملية السياسية. القاهرة تؤكد دائماً استعدادها للتعاون مع المبعوث الأممي للوصول إلى تسوية شاملة تعكس تطلعات الشعب السوري. وبصفة عامة نحن في سوريا نعول على الأدوار العربية المعتدلة، التي تهتم بمصلحة السوريين أولاً، ومصر نموذج لهذا الدور.
*ماذا عن الوضع الحالي في سوريا؟ ولماذا تبدو العملية الانتقالية متعثرة؟
– الإشكالية الآن في سوريا تتمثل في رغبة الأطراف التي في السلطة في اتخاذ قرارات أحادية دائماً وتنفيذها، وهذا ظهر عبر عديد من التطورات والقرارات، مثل مؤتمر الحوار الوطني، والإعلان الدستوري، والآن انتخابات مجلس الشعب التي حدّد لها يوم 5 أكتوبر، وقبل ذلك كانت التركيبة التي تضمنتها الحكومة الحالية. سوريا دولة متعددة المكونات وذات فسيفساء متنوعة، وأي عملية سياسية لن تراعي هذا محكوم عليها بالفشل.