تعرضت العديد من المناطق في شمال كردستان وتركيا وكذلك في شمالي سوريا وغربها؛ لكارثة الزلزال التي بلغت قوتها ٧.٨ درجة بتاريخ ٦ شباط/فبراير؛ حيث فقد الآلاف من الأشخاص حياتهم، ومازال آلاف الأشخاص تحت الأنقاض في حوالي ١٠ مدن في شمال كردستان وتركيا ومناطق عديدة في ريف عفرين، كجندريسة وغيرها وريف حلب الغربي ومحافظة إدلب وحلب والعديد من المناطق الأخرى.
ما زاد الأوضاع سوءاً وزاد معه أعداد الضحايا؛ هو التصرفات اللا مسؤولة لدولة الاحتلال التركي وسلطاتها وأجهزتها، فحتى ومع مرور أربعة أيام هناك أماكن وقرى لم تصلها أي آلية لمؤسسات دولة الاحتلال التركي، بل وأن الجيش والاستخبارات التركية عمدوا إلى عدم مساعدة المناطق ذات الغالبية الكردية، واكتفت ببعض المناطق لفض العتب والمحافظة على ماء وجهها، فمدينتي ألبستان وبازرجق؛ وهما مركزي الزلزال في ولاية كركم (مرعش) لم تصلهما جهود الإنقاذ المحسوبة على السلطة التركية، ومازال الشعب وبإمكاناته البسيطة يعمل؛ لإنقاذ بعض الناس ورفع الأنقاض، واللافت أن أحد الأشخاص، وصل من أوروبا لأمام بيت والده ووالدته لإنقاذهما ولكن أدوات وأجهزة السلطة التركية لم تصل بعد!
لم يقم أردوغان بزيارة مناطق محدودة في المناطق التي تعرضت للزلزال، إلا بعد عدة أيام وبعد أن قامت الدولة التركية بتقييد التويتر وقطع النت عن مكان الزيارة؛ لعدم ظهور مواقف ورد فعل الناس أمام رأس سلطة الاحتلال وحتى أن أردوغان وبوجهه المقرف انتقد المواطنين والإعلام التركي؛ لقيامه بنقل الوقائع والحقائق وكأن موت الناس الأبرياء وبقاء الناس تحت الأنقاض لا يجب أن يعلم به كل الشعب التركي والعالم.
علينا أن نذكر عاملين عند الحديث عن كارثة الزلزال المدمر:
1- تتحمل السلطة التركية التي تغتصب الحكم مدة ٢٠ سنة، كامل المسؤولية عن هذا الزلزال؛ لتصرفاتها الكيفية وعدم قيامها بالمطلوب والإجراءات اللازمة لمواجهة الزلزال، على الرغم من أنه بعد عام ١٩٩٩ وزلزال مرمرة كانت هناك ميزانية لهيئة إدارة الكوارث وحالات الطوارئ (AFAD)، ولكن الحكومات التركية التابعة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية، كانت تأخذ هذه الميزانية لصالح حرب الإبادة الجماعية التي تشنها الدولة التركية ضد الشعب الكردي وحروبها العثمانية الجديدة وتدخلها في المنطقة في السنوات العشرة الأخيرة وتشكيلها لمجموعات المرتزقة ودعم الإرهاب.
2- قيام الدولة التركية ومنذ التسعينات ببناء مشروع “كاب”؛ وهو مشروع عملاق للسدود وبحوالي ٥٨٠ سد بسبب جشعها وبحجة المياه وتوليد الطاقة، ولكن الهدف كان إتمام إبادة الكرد وتغيير الهوية والملامح التاريخية للمنطقة التي تركزت فيها السدود، وقد شارك فيها العديد من الدول وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل وأوروبا وكندا والصين ودول الخليج وغيرهم، ولاشك أن هذه السدود وبالكميات المائية الكبيرة؛ شكلت عامل موجد ومساعد للزلزال وخاصة أن هذه السدود واقعة فوق مناطق هشة وضعيفة ومتصدعة جيولوجياً وهي تحتجز كميات ضخمة كما هو سد إليسو وسد أتاتورك الذي يخزن لوحده قرابة 50 مليار متر مكعب من المياه وهذا يعادل الإيرادات المائية لدجلة والفرات حالياً لمدة عام كامل.
ومن المهم الإشارة إلى أنه على الرغم من الحديث عن عشرات الدول وتقديمها للمساعدات وجملة البيانات والاستعراضات أمام القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام، إلا أن الأنباء الواردة من المناطق والمدن الكردية في شمال كردستان؛ تبين أن الناس مازالوا يموتون ليس من الزلزال، فحسب بل من الأحوال الجوية القاسية وعدم وجود مستلزمات الوقاية من البرد للأطفال والنساء والمرض، وكذلك الغياب التام لمؤسسات دولة الاحتلال التركي والموجود لا يتعدى جهود بسيطة من الناس وبإمكاناتهم البسيطة.
وفي سوريا، في الشمال الغربي؛ مناطق الاحتلال التركي، هناك الكارثة والفاجعة الإنسانية التي يندى لها جبين الإنسانية، فهناك حارات كاملة أصبحت ركام كما في مدينة جندريسة، ولكن الاحتلال التركي وجبهة النصرة وما تسمى “حكومة الائتلاف” المرتزقة، لم يقوموا بشيء، بل أنهم منعوا الناس في البداية من إنقاذ الناس ورفع الأنقاض بجهودهم الذاتية.
واللافت أن دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها وفي معبر أم الجلود الواقع بين مدينتي منبج وجرابلس؛ يمنعون إدخال المساعدات التي أرسلتها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا للمناطق المنكوبة في سابقة خطيرة، وهم بذلك يفرضون الموت المحتم على من نجا من الزلزال وحتى أن مرتزقة دولة الاحتلال التركي يأخذون غالبية المساعدات المالية التي يرسلها بعض أبناء المنطقة لذويهم في هذه الظروف الصعبة دون أي رادع.
وعليه، نحن أمام كارثة إنسانية تلعب فيها الدولة والسلطات التركية سواء في شمال كردستان وداخل تركيا أو في شمال غرب سوريا دوراً سلبياً ومهيناً وإجرامياً؛ توجب محاسبتهم.
ولابد لشعوب تركيا وسوريا أن تقوم بتضافر كافة الجهود والإمكانات؛ لإنقاذ الناس من تحت الأنقاض وكذلك معالجة تداعيات الزلزال وأن لا تنتظر المساعدات من أحد في ظل الكذب والنفاق والسرقة التي تقوم بها أجهزة تركيا ومرتزقتها، وكذلك على المجتمع الدولي والإقليمي أن لا يكون دوره مقتصراً على بعض المساعدات الشكلية وبعض الفرق الطبية وفرق الإنقاذ الصغيرة فالفاجعة أكبر من ذلك والمصيبة كبيرة جداً؛ يتطلب تدخل كافة مؤسسات المجتمع الدولي وكذلك كافة دول المنطقة وشعوبها، ومن المهم عدم ترك الأمور بيد تركيا ومرتزقتها.
ولابد أن تقوم مؤسسات الأمم المتحدة والتحالف الدولي والدول التي ترسل المساعدات أن تكون لها المراقبة الكاملة عن وصول هذه المساعدات إلى مستحقيها والمتضررين من الزلزال وإلى كافة المتضررين وأن لا تستخدمها السلطة التركية في مواضع خاصة لها وكذلك في سوريا، يجب أن تكون الجهود الدولية من كافة الجبهات ومن كافة الطرق وليس انتظار الحكومة السورية ودولة الاحتلال وتوابعها الذين يرفضون المساعدات، خاصة أن المساعدات التي أعطيت للحكومة السورية حتى تعطيها للمتضررين، شوهدت تباع في أسواق دمشق والناس يموتون برداً ومن قلة الأكل والدواء في المناطق المتضررة، وبالمقابل دولة الاحتلال التركي لا تفعل شيء؛ لإنقاذ الناس في جندريسة وشمال غرب سوريا.