الحدث – وكالات
منذ أن تم توطيد الفكر الإلغائي والدولتي والسلطوي القائم على رفض الأخر كلياً وكل مايتعلق بحقوقه الطبيعية وفقط وضع خيار الاستسلام أمامه وجعله تابع أو ملحق، ظهرت الضربة الكبرى لتقاليد المنطقة وثقافتها التكاملية والتعايش المشترك، وكان الفكر القوموي الفاشي أحد الجوانب المظلمة والمقسمة والمفتتة الذي تم رصف أرضيتها في المنطقة والشرق الأوسط حتى يتسنى لبريطانيا حينها من فرض سياسة فرق_تسد وبعدها أمريكا، وبالتعاون مع اليهود و الصهاينة حتى يكونوا لهم وطن تم بنائه بعد أن تم تعميق وتجزير الفكر القوموي عند النخب والسياسين والسلطات والدويلات القومية في المنطقة كونها حالة ضعف وتبعية وتقسيم وعدم قدرة على رفض المفروض.
والغريب العجيب أن كثيرين من القوميين في المنطقة ظنوا أنهم فعلاً ضد اسرائيل والهيمنة الغربية وتشدقوا بها، مع العلم أن وجودهم كفكر ومسار سياسي تاريخي وحتى سلطات هم في الأصل من إيجاد التعاون التاريخي الذي تبلور بين بريطانيا واليهود في هيئة الفكر القوموي والدولة القومية كحالة أداة لتقسيم وإضعاف قوى الشعوب والتعايش المشترك التاريخي بين الشعوب. كما أن بعض التيارات الليبرالية وحتى بعض اليسارية وحالة الإسلاموية أو الإسلام السياسي أيضاً هي تتمة لنفس الخط والمساروهو إيجاد نهج تابع وعميل وبالضد من قيم وجوهر المنطقة و الإسلام وشعوب ومجتمعات المنطقة وخلق حالة أداتية وظيفية وسهلة الاستخدام عند اللازم لإضعاف الثقافة الإسلامية الديمقراطية ومقاومة المنطقة ببعدها الروحي والثقافي، وكان هذا الإيجاد من عمل ألمانيا ثم أكملها البريطانيين في الساحة العربية وفي الأناضول وأنجزتها روسيا في آسيا الوسطى والقوقاز مع مضيئ الصين في نفس المنوال.
وحالة الأزمة وسيطرة اسرائيل ووجودها ووجود الفاشية التركية بلبوسها العثمانية الأردوغاني والإيران ذات الشيعية القومية التوسعي وحالة الفرقة والتقسيم بين العرب ووجود 22 دولة عربية لاحول ولا قوة لهم وتقسيم الشعب الكردي بين أربع دول وحرمانه من حقوقه وتكليف إبادته بيد تركيا الدولة لضمان استخدامها كوسيلة ضد المنطقة وتحقيق هيمنة النظام العالمي ونهبه للمنطقة، ودعم المنظومة الدولية وسكوتها وعلى رأسها الناتو على جرائم وممارسات تركيا وحالات الإبادة الجماعية تندرج في توظيف أهم أداة للهيمنة العالمية وهي الدولة التركية الفاشية لمصالح الهيمنة.
وهذا ينقلنا لكلام بعض أطياف ماتسمى المعارضة التركية وهم في الحقيقة لايختلفون في مواقفهم وأرائهم سواء كانوا في المعارضة أو السلطة لكونهم أحزاب وقوى تابعة للدولة و ليس للشعب والمجتمع وأدوارهم لتقوية وتعظيم شأن الدولة بعيداً عن الشعب والمجتمعات وبل تقزيم ساحة الحرية للمجتمع وتوسيع سلطوية الدولة.
ذكر ما يسمى كمال قليشدار أوغلو، رئيس حزب العشب الجمهوري(CHP) بأنه سيقضي على المقاومة الكردية وإرادة الشعب الكردي الحرة وسيسوي مراكزها بالأرض، دون ذكر أي مقاربة لحل القضية الكردية في الأطر السياسية والسلمية، مع العلم أن مقاومة المحتل حق طبيعي للشعوب ومادام الدولة التركية تحتل أراضي
كردستان في تركيا وسوريا والعراق فمن الطبيعي أن يكون للشعب الكردي نضاله وكفاحه وبكافة الأشكال المشروعة للحصول على حريته وإدارة مناطقة والعيش بخصوصيته.
وكلام ماتسمى ميرال أكشنر، رئيس حزب الخير بأنها تضع كل الكرد في خانة الإرهاب. مع العلم أن الدولة التركية هي من تمارس الإرهاب بحق الشعب الكردي الذي هو في دفاع مشروع عن وجوده وهويته، وهي قالت ذلك بعد أن تصدر في الإعلام كلام لأحد المواطنيين الكرد في مدينة سرت في باكور كردستان( شمال كردستان/جنوب شرق تركيا) وهو يناقش هذه ميرال أكشنر وهي في جولتها على سوق أحد نواحي سرت حيث قال الكردي جميل تاشكيشن: “لغتنا مرفوضة ، وهويتنا مرفوضة ، و أرضنا كردستان مرفوضة. نحن ضد هذا. أنت الآن في كردستان لكن من المؤسف أن كردستان مرفوضة في البرلمان “.
وكما قال جميل تاشكيشن بعد ذلك أن موقف ميرال أكشنر كان ضعيفاً ولم تكن لديها إجابات رغم كونها رئيسة حزب تطمح للسلطة. وتم أعتقال هذا الشخص الكردي بعد ذلك فقط لتعبيره عن رأيه ومطلبه لرئيسة حزب تريد الصعود للسلطة وتسأل المواطنين لدعمها أنتخابياً.
هذا يؤكد أن الدولة التركية القوموية الفاشية الحالية تم إقامتها من قبل النظام العالمي، منذ 1923 على إبادة الشعوب وعلى رأسها إبادة الشعب الكردي وعدم الاعتراف به وإنكاره ومازلت هذه الدولة مستمرة في هذه الذهنية والعقلية والمقاربة السلبية ولايهم أدواة هذه الدولة من الأحزاب سواءً في المعارضة أو الحكم.
وحتى أن هذه الأحزاب بذهنيتها وسلوكياتها مازالت تعيش في بدايات القرن التاسع العشر وكأن الشعوب غير قادرة على التمييز واختيار الصحيح وأنهم سيرتكبون الجرائم دون أن يشعر بها الشعوب الأخرى. أوأنهم سيظلون يخدعون الشعب التركي والشعوب الأخرى.التي تجاوزت هذه الفاشية وترى الديمقراطية والعدالة لكل شعوب تركيا في نجاح النضال الكردي ووجود عشرات الألاف من الترك في حزب الشعوب الديمقرايطي و في حزب العمال الكردستاني يشير لذلك بكل وضوح.
وما تمارسه الدولة التركية منذ 100 سنة وخصوصاً 50 سنة الأخيرة بحق الشعب الكردي في تركيا وأيضاً ماتمارسه في السنوات العشرة الأخيرة ضد الكرد في شمالي العراق وشمالي سوريا، وما تمارسها منذ حوالي 6 اشهر من استخدام السلاح المحرم دولياً بشكل كبير في مناطق الدفاع المشروع ضد المدنيين ومقاتلي حرية الشعب الكردي إنما يؤكد الخوف الشديد الذي تعيشه هذه الدولة التركية وخاصة السلطة الحالية وإئتلاف أردوغان ودولت بهجلي (الاسلاموي والقوموي) من أن تتخلى عنهم نظام الهيمنة الإقليمية قبل عام 2023 ويكون بذلك غير قادر على الاستمرار والمحافظة على تركيا كدولة واحدة وكيان مودجود في ظل الكلام عن قرب انتهاء أدوار تركيا وأهميتها كما كانت.
ولعلنا لو نظرنا للسلوك التركي باتجاه المنطقة والمحيط وخاصة الدول العربية وتدخلها في شؤون هذه الدولة ومحاولات احتلالها وتمكين أدواتها الأخوانية الإرهابية فيها ومحاولاتها السيطرة على خيرات وثروات هذه الدول، مع ذهاب بعض الدول وحركات الأخوان معها حتى لتمكين احتلال تركيا لشمالي سوريا وغرب ليبيا والصومال وقطر واليمن ولبنان وغيرها وأوضح مثال دعم قطر ودفعها رواتب مرتزقة تركيا ومايسمى الجيش السوري الوطني الإنكشاري المرتزق الأردوغاني ومصاريف احتلال تركيا لشمال سوريا ودفع الجمعيات الكويتية دون اعتراض حتى الآن من دولة الكويت وكذلك بعض الجمعيات الفلسطينية الأخوانية من عرب 48 دون اعتراض اسرائيل عليهم كما في بناء مستوطنات للمرتزقة والإرهابيين ولعوائلهم
في مدينة عفرين المحتلة ومواقف حماس التي أيدت تركيا في أحتلالها لشمال سوريا، تبين خطورة الدور التركي العثماني القوموي السلبي وشبكة العلاقات الخطيرة التي نسجتها وتغلغلها إلى داخل الدول والمجتمعات العربية وتفاعل هذه الأدواة العثمانية الإخوانية وحتى بعض الليبراليين المصلحجيين مع المشروع التركي وكأنهم خلافة للمسلمين وعودة للزمان الغابر المجيد.
ولوعدنا للمعارضة التركية فأنها لم تعارض احتلال تركيا وجيشها للمنطقة وللدول العربية وكانت دائماً تقول نعم لقيام دولة تركيا بالسيطرة والتدخل في المنطقة والمحيط والدول العربية، وإن أبدى حزب الشعب الجمهوري موقفاً تضليلياً مخادعاً في التصويت الأخير فهو كان يعلم أن التصويت سيمر وسيحصل تفويض الجيش بالتواجد في سوريا والعراق ولبنان مدة سنتين أخرين وليس سنة كما كان وهذه جزئية لازمة للسلطة التركية الحالية في تخوفها من الانتخابات القادمة.
وحده الشعب الكردي لم تستطيع الدولة التركية ومعها كل حلف الناتو ومنظومة الهيمنة الدولية من إتمام إنجاز الأبادة الجماعية بحقه نظراً لقوة الثقافة المعنوية الأصيلة ولصلابته وطبيعته الجبلية وإصراره على حريته والكفاح من أجلها علماً أن الإبادة الجماعية التي تم فرضها على الشعوب الأخرى ضمن ماتسمى الجمهورية التركية تم إنجازها كما تم مع الأرمن والسريان والروم واليونانيين والعرب وغيرهم، وحدهم الكرد ورغم كل المعانات والظروف الصعبة وموقف المنظومة الدولية الجائر بحق نضالهم وكفاحهم وحريتهم إلا أنهم وبكفاحهم ومقاومتهم للدولة التركية الفاشية، التي هي أهم أداة لنظام الهيمنة العالمية في المنطقة لضرب الإسلام والمسلميين وإضعاف أهم قوة معنوية للمنطقة بتقديمها نموذج اسلامي مخادع ومضلل ومشوه كما الأخوان والقاعدة وداعش ومايسمى الجيش الوطني السوري والذئاب الرمادية و مؤسسة ديانات التركية وغيرهم.
وعليه نقول أن كلام كمال قليشدار أوغلو وميرال أكشنر وقبلهم أردوغان ودولت بهجلي وغيرهم الكثير من الحديث الفاشي والشوفيني عن الكرد ونضال حريتهم هو في السياق الطبيعي للذهنية والفكر الإلغائي والدولتي والسلطوي وهو يجسد حالة العداء السافر ليس تجاه الكرد فحسب بل تجاه كل شعوب المنطقة ودولها لكون الشعب الكردي ومقاومته المشروعة تشكل العائق الاساسي والمانع الأول لتمدد وسيطرة العثمانية والأردوغانية الإخوانية القوموية الطورانية على المنطقة والمحيط والدول العربية. وبالتالي نضال المقاومين الكرد ضد دولة الإبادة والاحتلال (تركيا الفاشية) هو بالنيابة عن كل المنطقة وشعوبها، كما أن تأمين الاستقرار والأمن والخلاص من الإرهاب في المنطقة لن يتم مادامت الفاشية وعدم حل القضية الكردية هو السائد في تركيا، لكون الدولة التركية ستدعم وتستند وتلجئ إلى كل الإرهاب والإرهابيين لمحاربة الشعب الكردي ومعه محاربة كل المنطقة والمحيط حتى لايسمح للكرد بالحصول على أي دعم أو حقوقهم في أي مكان، وفي هذه الحالة ستكون الحرب وعقلية القتل والإنكار هي المتحكمة في تركيا حيث تعتقد تركيا بدولتها وسلطاتها وذهنيتها أنهم بوقفهم الحرب ضد الكرد والمنطقة، لن يستطيعون الإبقاء على قوتهم ولذلك لايوقفون الحرب ولايقبلون بأي حوار ولا أي حل ديمقراطي للقضايا العالقة و للقضية الكردية رغم طرح الجانب الكردي مبادرات كثيرة ووقف اطلاق النار لأكثر من 9 مرات وأخرها2013 حتى 2015 لكن تركيا تخوفت من تزايد النفوذ والحضور الكردي لذلك أنهت وقف اطلاق النار ومباحثات السلام ومقاربتها لكل القضايا العالقة حتى في الدول العربية ليست جدية ولن تنفذ أي التزام تعهدت به وهي حتى الآن لم تبدي أي فهم سوى للغة القوة الصلبة. ورغم كل ماذكر يبقى أهم مشروع سياسي ديمقراطي في تركيا مطروح من قبل السياسة الديمقراطية الكردية في حزب الشعوب الديمقراطي(HDP)، لكن المعارضة التركية القاصرة والدولتية تريد اصوات الكرد فقط وليس مشروع الكرد الديمقراطي والسياسي لتحقيق الديمقراطية والتحول الديمقراطي في تركيا ولذلك طرح حزب الشعوب الديمقرايطي رؤيته لتركيا والحلول الديمقراطية للقضايا العالقة في تركيا ومن يريد الاتفاق عليه تبيان مواقفه وتوافقه مع مشروعها الديمقراطي وعملها وفق الخط السياسي الثالث وليس الانضمام لأحد. مع إمكانية التجاوب بالإيجاب إذا قامت تركيا بوقف الحرب وأطلاق سراح المعتقلين والبدء بالحوار لحل القضية وعرضه على البرلمان لحله، كما أكده الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني(KCK) جميل بايك في حواره الأخير مع صحيفة النهار االعربي الذي أعترضت تركيا عليها كون الحوار يوضح بعض من حقائق تركيا وحربها على الشعب الكردي التي تريد تركيا اخفائها على الرأي العام والشعب العربي ولكون السيد جميل بايك أكد على التحالف العربي_الكردي لمواجهة العثمانية الجديدة هذا التحالف الديمقراطي للشعبين ومع تكوينات المنطقة وشعوبها المزعج لتركيا والمانع لاحتلالها للدول العربية وكردستان والمحيط والتي تحاول تركيا بكل قوة إفشاله والنيل منه ، كما تحاول في شمالي وشرق سوريا وشمالي العراق عبر الاحتلال والفتن والأدواة و التهديدات المستمرة حتى لايكون هناك سوريا ديمقراطية أو عراق ديمقرطي قائم على التحالف العربي_الكردي الذي سيغير وجه المنطقة والتاريخ كما حدث أيام الناصر صلاح الدين الأيوبي وزمن الكونفدرالية الميدية والتحالف بين شعوب المنطقة وزمن اتفاقية قادش، الاتفاق التاريخي بين المصريين الفراعنة والكرد الميتانيين والحثيين.
ساعة واحدة مضت
ساعة واحدة مضت