الحدث – القاهرة
إن القوموية والدولة القومية التي أوجدتهما أمستردام هولندا ولندن بريطانيا بعد توطد وترسخ اليهود مع رأسمالهم هناك فيها في أوربا الغربية ، بغرض إزالة العوائق أمام قدرتهم على التسلط والهيمنة ونهب العالم ، انتشر بشكل كبير هذين المصطلحين بعد مدة وجيزة في العالم ومنها منطقتنا الشرق الأوسط والعالم وكأنهما الفكرة والوسيلة المنتظرة والسبيل لتحقيق حلم الحياة الحرة والعادلة والمرفهة. لكن في الحقيقة ، إن ما ترافق من أزمات حادة وقضايا اجتماعية وحالات الإبادة والتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي ، مع تمكين وتثبيت الاستعمار الخارجي وبأدواته الفكرية والإجرائية التنفيذية لنموذج الدولة القومية والفكر القوموي في المنطقة ، أظهر جزء من حقيقية وماهية ودور القوموية والدولة القومية المتواطىء والمتأمر على مجتمعات وشعوب المنطقة رغم الغطاء الأيدولوجي والميتافيزيقي و حتى الوضعي لهما.
ويمكننا القول إن القوموية و الدولة القومية ليسا سوى مجموعة من الكثير من العلاقات الظواهرية المتناقضة القمعية والجائرة الاستغلالية التي تعكسها . وليس لهما علاقة بخصوصية المنطقة وشعوبها ومجتمعاتها وتقاليدهم الديمقراطية وحياتهم المشترك وثقافتهم المتكاملة، وهما يمثلان سياق غير طبيعي و قسري خارجي مفروض على مجتمعات وشعوب المنطقة و وهو سياق مخادع ومضلل و متواطئ ومنحرف عن الطبيعة الإنسانية والأخلاقية والمجتمعية للبشر. وكما أنه ما من مصطلح ومفهوم له صلة مع الحياة الاجتماعية، وما من ظاهرة يمثلها تؤثر سلباً على المجتمع، بقدر هذين المصطلحين و مجموعة العلاقات والسلوكيات التي يعكسانها. مع العلم ان التمكن من التأثير سلباً لا يعني في الوقت عينه القدرة على طمس الحقيقة وتحريفها. لكن القوموية والدولة القومية كظاهرتين ومصطلحين وضعيين، يمثلان القدرة على تحريف نسق الحقيقة الاجتماعية وتركيبها وإبقائه في الظلام الدامس إلى أقصى درجة.
أما تقديمها للمجتمعات والشعوب وتسليط الضوء على الدولة القومية و بدرجة كبيرة من الأمل و الجاذبية والبريق والظهور الملفت والتثقيف وكأنها الجنة المنتظرة والهدف الوحيد المراد بإلحاح والمفروض بذل الغالي والنفيس في سبيلها، فهو بسبب طاقة الاستيلاء وعلاقات الربح الأعظمي ورأس المال و إمكانية النفوذ و السلطوية والتحكم والهيمنة والاستغلال والقمع التي تخفيها بين طواياها والذي تنشده القوى المركزية في نظام الهيمنة العالمية وأدواتهم المحلية والإقليمية الذين يقدمون ويقدسون القوموية والدولة القومية لمأربهم بعيداً عن إرادة ومصالح مجتمعات وشعوب المنطقة.
إن القوموية هي المبرر الميتافيزيقي والحجة الدينية الوحيدة لحداثة النظام العالمي المهيمن الذي لليهود برأسمالهم المادي والفكري الذي لا يقبل سوى كسب المزيد دور مؤثر فيه. ولكن إلهه الذي تخدمه وتمتثل لأوامره هو الدولة القومية. والقول أن القوموية هي دين الأديان، و الدولة القومية هي إله الآلهة هو قول وشرح موفق. فالدولة القومية والقوموية تتسمان بالطابع الميتافيزيقي الأكثر غلاظة وقشرية وتفاهة، رغم كل مظاهرهما الوضعية وإدعائهما بالعلمية. وهما المصطلحان المساهمان في تحقيق الربح الرأسمالي ورأس المال والنهب وتحقيق الهيمنة الاقتصادية والسياسية للقوى المركزية في النظام العالمي. و ينبغي الفهم بأنه تم إحلال الدولة القومية والقوموية محل الإله وعلم الإلهيات، كترجمة وانعكاس لكافة الميادين الدينية وترتيباتها ذات الأنظمة الهرمية والأصول الدولتية السلطوية والمركزية الشديدة على حداثة النظام العالمي الرأسمالية .
نعتقد أن إحدى ركائز علم الاجتماع المهمة هي تاريخية المجتمع. فالدولة القومية، وبدلاً من التاريخ الاجتماعي، تعرض الصياغة الملفقة والخيالية لنخبة السلطوية الدولتية البورجوازية على أنها التاريخ. إنها بذلك غير منتبهة حتى لخروجها عن الحقيقة أكثر من التاريخ الميثولوجي والديني الذي انتقدته كثيراً. فكلما صار علم الاجتماع الحديث والأوروبي أيديولوجية رسمية، فإنه يتحول إلى التعبير الميثولوجي الأكثر رجعية وتخلفاً. إنه ميتافيزيقي رغم كل مزاعمه بأنه علمي. كما أن الدولة القومية والقوموية الراهنتين في المنطقة والعالم والمجهزتين بالأجهزة و بوسائل التحكم و الأمن اللازمة قد أسرتا مختلف العلوم ومنها علم الاجتماع ومازالوا تسخرانه كما تشاءان، بقدر ما هو عليه رأس المال الذي يركز ويكثف من استغلاله. و ما من علم أو أيديولوجية أو فن أو نشاط إلا وأخضعته الدولة القومية لأمرها واستخدمته لأغراضها بعيداً عن مصالح وأولويات المجتمعات والشعوب ومستقبلهم.
وكما أن إضعاف الوعي و القضاء على الفلسفة بوصفها طريق وعلم الحقيقة في إطار تحكم الهيمنة العالمية والدول القوموية بالوعي والحرك التفكري، وفقدانها أهميتها، مهد السبيل أمام الإبادات المادية والمعنوية التي تعرض ويتعرض لها المجتمعات والشعوب في الشرق الأوسط والعالم، وكل مجتمع بلا وعي وفلسفة لحقيقته ولحقيقة الكون والتفاعلات فيها، مجتمع فقد ارتباطه مع الحقيقة. وهذا يعني تحول المجتمع إلى مجموعة من الموضوعات الشيئانية لا غير أي إلى حالة أداتية ليس لها ذات فاعلة. و المجتمع الشيئاني، يعني أدوات وحشداً وقطيعاً ضاعت جميع مهاراته في الدفاع والحياة الحرة، ومنفتحا أمام شتى أشكال النهب و الاستغلال والاستعمار والاحتلال. ولايمكننا التفكير بكارثة شديدة و مفجعة بقدر ما هو خسران المجتمعات والشعوب لدفاعهم الذاتي وفهم لذاتهم. والدولة القومية تشكل مؤثر وفاعل كبير في القضية الاجتماعية، بإبعادها المجتمع والشعوب عن العلم والفن والحقيقة وترويضها لهم بالتزييف وبالعلم والفن الخالي من الحقائق المجتمعية ، وبتركهم أياهم بلا دفاع ذاتي وبلا وعي حقيقي للسائد والتاريخ.
وعلينا الإشارة إلى إحدى أهم الخصائص الأساسية الأخرى للدولة القومية وهي أحاديتها واقصائيتها و انغلاق بنيتها قدر الإمكان إزاء البنى والتركيبات والكيانات التعددية والسياسية المختلفة أو الاتحادات المجتمعية الديمقراطية والعلاقات الاستراتيجية والتحالفات اللازمة لمواجهة التحديات وتحقيق التكامل بين الشعوب والمجتمعات. فالكيانات والتركيبات والاتحادات المجتمعية التعددية والسياسية المتنوعة والديمقراطية، تشكل عائق و حجر عثرة على درب الاستغلال و الاحتكار الذي تمارسها ضمن الدولة القومية وضمن حدودها المصطنعة القائمة. فإذ ما اكتسب المجتمع الديمقراطي وجوده بماهيات وبكيانات واتحادات مغايرة بحكم طبيعته، وبالأخص بالكينونات السياسية المجتمعية الديمقراطية، فإن مساحة الاحتكاريين والسلطويين الدولتيين والانتهازيين سوف تضيق على نحو كبير و خطير على استغلالاتهم.
ومن هنا، أضيفت واستخدمت القدسية والإلهية وتم إيجاد مفاهيم ومصطلحات جعلت من المستحيل اقتسام
الهيمنة أو التشارك في السلطة والقرار، كوحدة الوطن، والبنية المركزية الشديدة و والهالة القدسية وغيرها لهذا الغرض. الهدف هنا هو عدم اقتسام وتشارك قيم البلد والوطن مع المجتمعات والشعوب والتفرد بالسلطة والاستبداد. وتؤدي هذه الذريعة دوراً رئيسياً حتى في إبادة الثقافة المعنوية أيضاً إلى جانب عدد كبير من حالات الإبادة والتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي تحت هذه المصطلحات والتسميات المبالغة فيها لقصد وهدف غير نبيل. فعلى الرغم من كون التعددية السياسية الديمقراطية النظام الأنسب للحرية وللمساواة المتأسسة على الاختلاف والتعددية والتنوع واحترام الخصوصية، إلا أن كل نشاط أو جهد أو عمل في هذا المنحى يعكس على أنه ممارسة خطيرة وحتى إرهابية وخروج على القانون لأنه يهدد وحدة الوطن ونظامه حسبهم وبالتالي وجب قتلهم ومنع هذا التفاعل بين تكوينات المجتمع.
من الواضح أن مواطنة الدولة القوموية التي يتشدق بها السياسيين والمثقفين الانتهازيين والسلطويين الدولتيين، تعبر عن الانتقال من العبودية الخاصة إلى عبودية الدولة. ذلك أنه لا يمكن للرأسمالية العالمية تحقيق الربح كهدف أسمى لها دون هذا النمط من العبيد والحثالات العصريين والموظفين . فعلى الرغم من كل تجاربها في التقديس، إلا أن الحقيقة الكامنة في مضمون المواطنة، هي بناء عبودية عصرية منتجة للربح. والمجتمع الوطني النمطي و المتجانس هو ثمرة من ثمار مشروع الهندسة الاجتماعية ، التي لا يمكن تخيل تحقيقها حتى ضمن أي نظام فرعوني أو نمرودي أو فاشي وطاغي في التاريخ. إنه شكل التجمع الأكثر زيفاً وكذباً. فحتى أمم الأنبياء لم تصبح يوماً نوعاً واحداً بهذه الدرجة. والهندسة الاجتماعية بذاتها لا تعبر سوى عن الألوهية الأكثر غدراً وجبروتاً ونفاقاً.
ومن المهم التطرق إلى مقاربة الدولة القومية والقوموية للمرأة واستغلالها، فعبودية المرأة هي الحقل الاجتماعي الأعمق والذي لم يتم كشف الستار عنه و الذي طبقت عليه شتى أشكال العبودية والقمع والاستغلال. إنها الموضوع الشيئاني الاجتماعي الذي جربت عليه جميع أشكال السلطة والدولة ورأته مصدرا لها أنه تم جعلت المرأة غير ممتلكة لذاتها وقرارها.
والنظام الرأسمالي العالمي والدولة القومية اللتان تتحركان بوعي وإدراك كبير لخصائص عبودية المرأة هذه، إنما تتوخيان العناية الفائقة في استخدام المرأة كأرقى أداة لرأس المال والسلطة وتحقيق النفوذ والتسلسل إلى المجتمعات والدول. لذا، ينبغي العلم أنه من دون عبودية المرأة، لا فرصة لأي شكل عبودي في التطور والحياة. وتعبر الرأسمالية والدولة القومية عن حاكمية الرجل الأكثر تمأسساً على الإطلاق، فالرأسمالية والدولة القومية هما احتكارية الرجل الطاغي والمستغل والمهيمن.
نستطيع الإشارة أيضاً، إلى أن الدولة القومية هي الممثل الأكثر تواطؤاً وعمالة وتبعية للقوة المركزية العالمية من خلال الهوية القومية التي تفعلها وتقدسها بشكل مبالغ جداً فيها. إنها المتواطئة الأكثر وفاء مع النظام الرأسمالي العالمي تحت غطاء القومية والوجود القومي والضخ العنصري، وما من مؤسسة تابعة وخادمة للقوة المركزية في نظام الهيمنة العالمية في كل مراحل التاريخ، بقدر ما هي عليه الدولة القومية. وكما أن نزعتها الاستعمارية وعدائها على الصعيد الداخلي تنبع من خاصيتها هذه. فبقدر ما تدعي دولة قومية ما تمسكها بالنزعة القومية الضيقة، فستكون مجبرة و خادمة لقوة الهيمنة للنظام العالمي بالمثل. أما الدولة القومية التي أعدتها القوة المهيمنة بعناية فائقة، وحددت ملامحها، وصيرتها نظاماً طيلة أربعة قرون؛ فاعتبارها بأنها الدولة الأكثر وطنية وإنها دولة المواطنة المطلوبة، إنما يعبر عن التضليل و الجهل المطبق والفاقع بالحروب والصراعات الكبيرة لقوة الهيمنة للنظام الرأسمالي العالمي. و من المستحيل الإبقاء على دولة قومية واحدة صامدة لفترة قصيرة، في حال عدم اعتراف القوى المركزية لنظام الهيمنة بها في الخارج أو ما يسميه البعض من باحثي مراكز البحث والدراسات والجامعات التابعة للهيمنة العالمية بالمجتمع الدولي . وسبب ذلك يكمن في منطق النظام الرأسمالي العالمي. إذ لا يمكن لوجود أية دولة قومية أن يدوم دون رضى القوى المحورية في نظام الهيمنة العالمي وقبولهم بها . فجميع الدول القومية هي فصول وأبواب مكتوبة في كتاب المهيمن العالمي. ومن يخرج أو يشذ عن القاعدة يتعرض لعاقبة صدام أو حسني مبارك أو زين الدين عابدين أو عمران خان، أو يطاح به بعد تعريضه للإفلاس بالحصار والعقوبات الاقتصادية والفوضى الخلاقة. هذا ويفترض سلفاً أن كل دولة قومية تعلم علم اليقين أنه يستحيل تكريس وجودها دون إذن من القوة المركزية العالمية، سواء سمح لها بذلك أثناء تشييدها أم بعده. وكما أن روسيا والصين ليستا خارج إطار هذه القاعدة وهم أعضاء في نظام القطب الواحد والحروب بينهم تفيد بصرعات داخل النظام الواحد ولا غير رغم إدعاء الكثيرين ورغبتهم بنظام تعدد قطبي وأكثر عدالة والحرب الأوكرانية نموذج لصراعات القوى داخل نفس النظام العالمي.
إن الدولة القومية ليست كباقي أشكال السلطة والحكم والهيمنة. إنها شكل الدولة الذي تطور مقتفياً أثر الفاشية والسلطوية الحادة. فالهيمنة التي أسستها الاحتكارية الرأسمالية على الاقتصاد غير ممكنة، إلا بتوسيع سلطة الدولة لنفسها وتنظيمها لذاتها على مستوى المجتمع والتغلغل فيه. وتعبر الفاشية عن المرحلة التي يبلغها شكل الدولة عند دخولها حالة حرب تجاه الشرائح والفئات الاجتماعية المسحوقة والمستغلة والكادحة في الداخل، وتجاه القوى المنافسة لها في الخارج. والفرق بينهما شبيه بالفرق بين مرحلتي الحرب والسلم. وفي كلتيهما يصفى أمر الكيانات والبنى السياسية المتباينة، ويتم تنميط السلطة في هذه الحالة كما المجتمع. أي أنه تتم إطالة عمر تبعية المجتمع المنمط المتجانس على شكل سلطة متجانسة يتحد معها. وعليه، فحياة كل التراكم على مدار التاريخ الاجتماعي من ثقافات وأثنيات ولغات وكيانات سياسية وأفكار وعقائد مختلفة وعلاقات، تصبح مهددة بالخطر في سياق الدولة القومية. فكلما تطورت رغبة هذه الكيانات والبنى في الحياة والوجود بمقاوماتها وتبايناتها الفكرية والعقائدية وخصوصياتها، كلما ظهر الوجه الفاشي للدولة القومية. ذلك أن كل دولة أو حركة أو حزب يتصدى بهذا النمط إزاء التنوع والاختلاف المجتمعي، لا مفر من تحوله إلى فاشي، حتى لو عكس ذاته كاشتراكي. والدولة القومية إما أنها تنشأ على يد هكذا حركات وأحزاب، أو أنها بذاتها تنشئ أحزاباً وحركات كهذه. كما أن الليبرالية البورجوازية تتخبط في مقاربات الخداع المحض، مهما تبنت مفهوم الدولة الليبرالية تحت شعارات مناهضة الفاشية والشيوعية. حيث أن الليبرالية بالذات هي تجسيد صارغ ومعبر بحرفية عن الدولة القومية. والدولة القومية هي شكل الدولة الأمثل بالنسبة لليبرالية، سواء في نشوئها أم نضوجها فهي التي تقمع المجتمع وتقيد حريته وتجعل الأنانية والفردية هي السائدة لإضعاف وتهديم أي قوى وصيغ طبيعية للحياة الحرة والديمقراطية. فلا شك أن الحرية الفردية من دون الهوية المجتمعية وحريتها غير ممكنة وبذلك تفتح الطريق لتحكم الفاشية وتقويتها.
والدولة الفاشية تعبر عن الوحدة القسرية و القصوى بين المجتمع النمطي المتجانس والدولة. وشعارها الأساسي يتلخص بالأحادية الإنكارية والإقصائية مثل: لغة واحدة، وطن واحد، ثقافة واحدة، علم واحد، وأمة واحدة. ودين واحد ومذهب واحد، ومن الواضح أن هذه البنية والماهية تنتج المشاكل بنسبة كبيرة وليس الحل بالنسبة لواقع يبسط تعقيداً شائكاً وتنوعاً وتعدداً وفيراً كالطبيعة الاجتماعية. إنها المرحلة المسماة بالتسرطن الاجتماعي المتأزم.
وهكذا نجد أنه من عظيم الأهمية تقييم الدولة القومية والقوموية بصفتهما مصدر المشاكل الاجتماعية، وهذا هو الحكم التاريخي للحقيقة الاجتماعية والرؤية الصحيحة، مهما عرضتا نفسيهما على أنهما مركز الجذب وقوة الحل وإطار الديمقراطية والحرية لكافة القضايا الاجتماعية. فأهم وظيفة للعلوم وعلى رأسهم لعلم الاجتماع على صعيد التغيير والبناء الصحيح، تتجسد في إنهاء و تصفية قوة التحريف والتعمية والتزييف والكذب المسلطة على الحقيقة الاجتماعية. كما أن بناء العلاقات الصحيحة والمتينة والاستراتيجية بين المجتمعات والشعوب ودول المنطقة لابد أن تتجاوز هذه المفاهيم وتفهمها بالشكل المناسب والكافي. لذا، فالتنور الحقيقي والنهضة الفكرية المطلوبة في الشرق الأوسط والمنطقة يمر من تحليل وتجاوز ظاهرتي حداثة النظام العالمي المهيمن الوضعيتين القوموية والدولة القومية تلك، بعد إدراكاتهما بالشكل الكافي و كذلك العمل لبناء إرادة جمعية حرة للمنطقة وذهنية تشاركية ديمقراطية وبنى وتركيبات مجتمعية لتشكيل سياقات مجتمعية ديمقراطية وحرة بديلة عن الدولة القومية والقوموية وتقسيماتهما وتفتيتهما للمنطقة وتبعيتهما للخارج ولراعيتهم العالمية النظام الرأسمالي ، كما هو مشروع الأمة الديمقراطية والفيدرالية الديمقراطية والكونفدرالية الديمقراطية للشرق الأوسط وأممها الديمقراطية المستندة لأخوة الشعوب و حرية المرأة وريادتها مع الشباب لسياق وجهود تحقيق الديمقراطية والتحول الديمقراطي في دول المنطقة.