الحدث – القاهرة
كيف نقرأ القلق والتوتر الذي تسبب به نشر بعض مقاطع الفيديو في تركيا ؟
هل يمكننا القول أن إستهداف أعضاء في حكومة أردوغان وحزبه وفضح علاقاتهم مع المافيا وتجاراتهم وعملهم خارج الأطر الشرعية والقانونية هو بداية لنهاية حكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية؟
ما دلالة التوقيت في نشر هذه المعلومات في ظل التغيرات في المقاربات الدولية للشرق الأوسط، وهل تم بطلب قوى إقليمية ودولية أم هي صراع داخلي وسلطوي ومصلحي بين أقطاب العدالة والتنمية؟
ماهي تداعيات نشر هذه المعلومات على المجتمع والناخب التركي؟
من فترة قام أحد الأشخاص ويدعى سادات بيكر بنشر فيديوهات عن عدد من الأعضاء والدائرة المقربة من أردوغان وفي حزب العدالة والتنمية وتم الإشارة فيها لمراحل في تاريخ تركيا تم فيها الكثير من أعمال القتل والإختفاء القسري بالإضافة إلى الأعمال المشبوهة التي حدثت في سنوات العشرة الأخيرة وعلاقة تركيا بداعش وكيفية آلية عملها وعلاقاتها مع المحيط والداخل التركي.
ولإمكانية وضع هذه الفيديوهات في المكان المناسب ولفهم أبعادها وتدعياتها علينا التذكير بعدة أمور:
1_ مكان وتوقيت نشر الفيديوهات والمعلومات له دلالة وإرتباط بالمتغيرات والمحددات الإقليمية والدولية ولاسيما أن هذه الفيدوهات حسب الكثيرين يتم نشرها من دولة الإمارات. في الوقت التي تتحدث السلطة في تركيا عن تطبيع العلاقات مع المحيط ومنها الدول العربية المحورية والمؤثرة.
2_ ترافق هذه الفيديوهات مع تدني شعبية أردوغان وحزب العدالة والتنمية وحالات الإنقسام التي حصلت والتي تتبلور لأحزاب منافسة للعدالة والتنمية أو مقللة لشعبتهاـ وحالة الأزمة الإقتصادية الحادة في تركيا.
3_ تزامن نشرت الفيدوهات مع عمليات الإبادة التي تشنها تركيا على الشعب الكردي وشعوب المنطقة في مناطق الدفاع المشروع في متينا وزاب وآفاشين .
ومن الممكن الإشارة إلى بعض أهم ماورد في الفيدزهات من المعلومات حتى نقرأها بالشكل الحصحيح:
1_ذكر وزير الداخلية في التسعينات وهو محمد أغار في تلك الفترة التي شهدت حرق أكثر من 4000 قرية كردية وكذلك قتل أكثر من 17 ألف من الوطنيين والمثقفين والنخب الكردية ورجال أعمال الكرد، تحت إسم فاعل مجهول. مع ذكر إبن محمد أغار النائب عن العدالة والتنمية في البرلمان الحالي
_ ذكر صراع سليمان صويلو وبيرات البرق صهر أردوغان ووزير ماليته المقال كقطبين متناقضين. مع ذكر مجموعة سرحات البيرق أخ بيران البيرق الإعلامية بليكان المقربة من الحكومة التركية. وكذلك مجموعة البجعة المحيطة بأردوغان و المكونة من رجال الأعمال وبعض الإعلاميين وأخريين.
3_ الإشارة أو الإيحاء إلى العلاقة بين أردوغان وأحد المذيعات دفني ساملي التي كانت أحد ملكات جمال تركيا في وقت ما.تلك العلاقة التي تم الإشارة لها في عام 2015. والتي تم إغلاق أحد المواقع التي اشارت لها بقرار محكمة.
4_ ذكر إركام يلدرم إبن علي يلدرم مرشح أردوغان المهزوم في إنتخابات إسطنبول وعمله في المخدرات مع العلم ان هناك دعوة في أمريكا مرتبط بشركاء إركام وهم الأخوين خليل فاليالي وحسنو فاليالي مرتبط بالمخدرات وغسيل الأموال من سنوات عديدة.
5_ إعطاء سادات بيكر 10 آلاف دولار كرشاوي لسياسيين نافذين من حزب العدالة والتنمية.
6_ ذكر سادات بيكر أن وزير الداخلية محمد أغار وعن طريق مقدم في المخابرات كوركوت أكان طلب منه قتل الصحفي القبرصي كوتلو أدالي عام 1996 وإسناد المهمة لأخيه أتيلا الذي لم ينفذ حسب قول سادات وتنفيذ أحد رجالات كوركوت للمهمة بعد ذلك.
7_ تأمين سليمان صويلو وزير الداخلية الحالية حراثة لسادات بيكير أعوام 2014 في وقت العلاقة المتطورة بين داعش وتركيا وكذلك تأمين خروجه عند البدء في بعض دوائر الدولة البحث عن سادات.
من خلال ماذكر نستطيع الإشارة إلى أن حالة سادت بيكر تعطي صورة عن إئتلاف و مكونات السلطة التركية الحالية والعلاقة بينهم وماهية شبكات علاقات أردوغان وحزب العدالة والتنمية الداخلية والخارجية وبالتالي تعطينا إشارات لكيفية عمل آلية إتخاذ القرار في تركيا وصراعات السلطة الموجودة، وضرورة أخذ المافيا ومصالحها بعين الإعتبار، كما عندما تم اللإفراج في عام 2020 عن علاء الدين تشاكجي أحد زعماء المافية المقرب من دولت بهجلي، وهنا نستطيع القول أن المافيا هي كما كانت جزء أساسي من الدولة والسلطة التركية كتقليد تركي عثماني منذ 1889 كتشكيلات خاصة، و تم تطويره أيام الإتحاد والترقي وإنشائها بشكل مؤسسي من مؤسسات الدولة عام 1911، كضرورة لإنشاء الأمة التركية القومية النمطية والمتجانسة، تلك الدولة التي قامت على الإبادة والتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي بحق شعوب ميزوبوتاميا والأناضول وكل هذا كان للإطر والتنظيمات الخارجة عن القانون والعرف والتقاليد المجتمعية مثل المافيا دور كبير فيه
إن السلطة التركية وبشراكتها مع المافيا أو بالأصح بعقليتها وذهنيتها المافيوية وسلوكها المزعزة للأمن والإستقرار تبين أن مافعلته في داخل تركيا وسوريا والعراق وما تفعله في الدول العربية هي تجسيد لمافيويتها وسرقتها لمقدرات الشعوب وتجاوزها لكل القوانين والأعراف الدولية والتقاليد المجتمعية الأخلاقية ولمبادئ وأحكام الدين الحنيف التي تحاول إستغلاله مع أدواتها تيارات الإسلام السياسي.
مع ورود الكثير من المعلومات في الفيدوهات عن حالات القتل والإغتصاب والإختفاء القسري ودعم داعش بالسلاح وشراء نفط من داعش وغيرها، لكن السلطة القضائية التركية لم تحرك ساكناً، في الوقت نفسه الذي يقضي حوالي 12 ألف من 20 ألف من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي منهم نواب ورؤساء بلديات منتخبون تم إعتقالهم في السجون في حالة غير مقبولة وغير قانونية وبتهم زائفة وبتحركات قضائية فورية بأمر السلطان وساعده الأيمن سليمان صويلو لعدم رضوخهم لأردوغان وحزبه . كما أن حالة العزلة والتجريد اللاقانونية والغير مقبولة مستمرة منذ 5 سنوات على المفكر والقائد عبدالله أوجلان. وهذا إنما يعكس حالة القضاء الأردوغاني وتحكم العقل المافياوي فيه.
بدون شك فيدوهات سادات بيكر وحالة القلق الموافقة لدى السلطة التركية وأردوغان وإحتمالية ظهور معلومات أخطر جعل أردوغان وشركه بخجلي لايستهدفون في دفاعهم عن سليمان صويلو المدعوم من حزب الحركة القومية الخوص في الوحل المافياوي بشكل كبير وترك مجال للتفاهم أو تقليل التأثير إن أمكن وحاولوا ربط الفيدوهات بهجمات على تركيا والوطن. لكن الكل يعلم أن إستهداف سادات بيكر لصويلو وبن علي يلدرم وبيرات البيرق هو إستهداف لأردوغان وخصوصاً في ظل نظام الرئاسة ذو الرجل الواحد أو السلطان أو الخليفة أردوغان الذي بيده كل شي والفرصة التاريخية، حسب بعض أتباع أردوغان الأخوان الإرهابيين الحالمين بإعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية.
ومن الأمور الملفتة تحرك المعارضة الباهت وخصوصاً موقف كمال قليشدار أوغلو و حزب الشعب الجمهوري وكذلك الأحزاب الأخرى، عدا حزب الشعوب الديمقراطي الذي ذهب إلى ضرورة عمل المحاسبة والبدء بها من البرلمان لكن أعضاء حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القوموية عطلوا العمل في البرلمان رغم كلام رئيس مجموعة العدالة والتنمية في البرلمان عن أن كلام سليمان صويلو في الرد على سادات بيكر لم يكن مقنعاً وكأنه يطعي إشارةعن إمكانيةرفع الغطاء عن صويلو إذا تدهورت الأمور، لكن هذا غير ممكن في ظل الترابط الشديد بين صويلو وبهجلي وأردوغان والأعمال المشتركة القذرة بينهم بحق شعوب تركيا والمنطقة.
ومن الصحيح ربط ظهور سادات بيكر وكلامه وفيدوهاته بالحالة الإقليمية والدولية الضاغطة على سلوك تركيا المسبب للتوتر والقلق والفوضى في المنطقة والعالم وربما يكون سادات والمافيا التركية حالة وظيفية كما السابق للوصول إلى حالة توتر وتهيئة الجو والظروف في داخل تركيا وضمن إئتلاف القوى التي جلبت أردوغان وحزبه إلى الحكم للقيام بعمل جديد وبناء إئتلاف قوى جديد يجلب حاكم جديد بديل لأردوغان الساعي للعمل مع روسيا والصين وإيران والمستند لعلاقاته مع الأخوان والقاعدة وداعش والذئاب الرمادية ومرتزقة مايسمى الجيش الوطني السوري والأصح القول أن أردوغان هو زعيم للمافيا بشكل وصيغة رئيس دولة وكل سلوكه وسياساتها مع الداخل والمحيط والعالم تؤكد ذلك لكن دوره ربما قارب الإنتهاء.