بخصوص المواقف التركية وما تقوم بها من احتلالات لعدد من البلدان والمناطق منها سوريا والعراق وليبيا ومؤخراً قيام محكمة تركيا بالحكم على تحويل كنيسة آيا صوفيا” لجامع هناك الكثير من الآراء التي تقول؛ بأن ذلك ليست إلا مسرحية بين أردوغان وأسياده في أمريكا وأوربا وإسرائيل وإلى ما هنالك من آراء والتي كلها تذكرنا بنظريات المؤامرة التي روجت لها كثيراً في العالم العربي بخصوص موضوع الصراع الفلطسيني الإسرائيلي والتي ترسخت في الذهنية الشرقية عموماً، لكنني شخصياً لا أتفق مع تلك القراءات، بل بقناعتي أن أردوغان يحاول القيام بتحشيد شعبوي إسلامي في الداخل التركي أولاً وأيضاً في العالم الإسلامي عموماً وذلك بعد أن باتت شعبيته تنخفض وخاصة في الداخل حيث وجدنا كيف خسر الكثير من البلديات أمام المعارضة ةهو بذلك يمهد لحزبه بأن ينشط مجدداً في وسط الراديكاليين الإسلاميين، أما النقطة الأخرى فهو -أي أردوغان- ومن خلال هذه الخطوة يحاول إرسال رسالة للعالم المسيحي؛ بأن لدي من النقاط والرعاع للافلات عليهم لإن لم يوافقوا على دوره (المعتدل)، لربما يقدموا له بعض التنازلات.
لكن بقناعتي السبب الأهم في مواقف تركيا إجمالاً هو غرور وعنجهية شخصية أردوغان -كاريزميته- وذلك مثل أي طاغية؛ هتلر، صدام .. حيث لدى هؤلاء الطغاة فكرة أن يمكن لهم أن يرتكبوا ما يشاؤون من أفعال وأعمال وجرائم ومن دون أن يجرأ أحد على محاسبتهم، لكن وفي غفلة منهم تتجمع القوى المحبة للحرية والديمقراطية ويتم محاصرتهم وإسقاطهم ومعاقبتهم أيضاً وبقناعتي تركيا الأردوغانية بدأت فعلاً في مسار العد التنازلي ولن يكون مصيرها بأفضل من مصير من سبق أردوغان في هذا المسار التصعيدي حيث باتت تركيا منبوذة من الجميع تقريباً؛ فعربياً ليس هناك غير مشيخة قطر إلى جانبها وأوربياً حتى حليفتها التقليدية ألمانية بدأت تتذمر من تصرفات تركيا، ناهيك عن اللاعبين الأساسيين ونقصد الأمريكان والروس حيث الأخيرة ورغم تقاطع المصالح، إلا إنها لن تكون صديقة لتركيا بأي حال من الأحوال ولأسباب عديدة جيوسياسية تاريخية وكذلك عقائدياً سياسياً!
أما الأمريكان وبعد أن رأوا عنجهية الأتراك ومنذ إمتناع الأخيرة عن المشاركة في اسقاط ديكتاتور العراق (صدام) ومنع القوات الأمريكية من استخدام أجوائها في ضرب النظام البائد، فعلاقاتهما متدهورة وقد وصلت لمرحلة أن وضع الأمريكان عدو تركيا الأساسي بالمنطقة -ونقصد الكرد- في المقابل المتوازن معها، إن لم نقل تم تفضيلهم عليها وخاصةً في قضية محاربة الإرهاب، مما شكل انعطافاً في العلاقات التركية الأمريكية وذلك بالرغم من سمسارية ترامب وصهره مع أردوغان وعائلته ولذلك فلا أعتقد أن تركيا تقوم بكل ذلك بموافقة الأسياد، بل هي تحاول أن تعيد (أمجاد) الدولة العثمانية وذلك من خلال المشروع الإخواني، كما أراد هتلر بإعادة أمجاد الإمبراطورية البروسية التي تم اسقاطها نهائياً على يد الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية وهكذا سيأتي الوقت الذي يتم فيه إسقاط العثمانية أيضاً -“الجديدة”، كما القديمة- وذلك بالقضاء على المشروع الأردوغاني الأخواني الإسلامي.