تحاول السلطة الفلسطينية منذ مدة الدفع في طريق تقريب وجهات النظربين الفرقاء السياسيين داخل الساحة الفلسطينية في خطوة تهدف أساسا الى توحيد الصف الفلسطيني على كلمة سواء في خصوص مشروع الضم الذي تسعى دولة اسرائيل من خلاله الى ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة الى سيادتها .
و قد اثارت محاولات انقرة الحثيثة للتوسط في خصوص ملف المصالحة العديدة من التسؤلات حول النوايا الحقيقية لاردوغان لاسيما و ان تركيا تحاول منذ سنوات استعطاف الجمهور العربي عبر سيل من التصريحات الشعبوية التي يعلم القاصي و الداني انها مجرد شعارات لن تطبق .
حركة حماس الإسلامية المقربة من تركيا رحبت بالوساطة التركية لحل نزاعها مع حركة التحرير الفلسطيني فتح حيث تحدثت العديد من المصادر الحمساوية عن ارتياح القيادات لموافقة تركيا على عقد اجتماعات بين الفصائل الفلسطينية على أراضيها .
و قد علّق مسؤول داخل حركة حماس مقيم في غزّة على المسار الذي أخذه ملفّ المصالحة بين حركتيْ فتح وحماس، خاصّة بعد اللقاء الأخير الذي جمع وفدًا من كلا الطّرفين في العاصمة التركيّة أنقرة. لم يكن هذا القياديّ – على خلاف التوجّه العام في حماس – مطمئنًّا لما يحدث بين الحركتيْن، نظرًا لاعتبارات كثيرة، أهمّها البوْن الشاسع بين حماس وفتح على مستوى الخيارات الاستراتيجية.
قبل أسابيع، انعقد لقاء افتراضيّ جمع القياديّ بحركة حماس صالح العاروري بقياديّ من حركة فتح جبريل الرجوب، واعتُبر ذلك اللقاء نقطة فاصلة وتحوّلا تاريخيًّا في مسار العلاقات بين الحركتيْن لتليه سلسلة من الاتصالات والنقاشات انتهت بعقد لقاء أنقرة الأخير.
وقد نشرت بعض المواقع الإعلاميّة الفلسطينية موقف هذا القياديّ بحركة حماس، والذي اشترط عدم ذكر اسمه. حذّر هذا السياسيّ من مغبّة الانسياق وراء العاطفة، وعدم مناقشة أصل الخلاف بين فتح وحماس، ويقصد بذلك خيارات المقاومة المبدئيّة، إذ من المعلوم أنّ نهج فتح سلميّ يؤمن بالمقاومة الشعبية لسلطة الاحتلال، في حين أنّ حماس متمسّكة بالمقاومة المسلّحة كخيار أساسيّ.
وبالنسبة إلى العاروري وتمثيله حماس في جلسات الحوار بين الحركتيْن، لم يكن هذا القياديّ مرحّبًا بالخطّ السياسيّ للعاروري، معتبرًا أنّه يجرّ الحركة لتبنّي موقف فتح والتخلّي عن خيار المقاومة المسلحة في مواجهة العدوان الإسرائيلي. كما اعتبر هذا الأخير أنّ إعلان العاروري صفقة الإفراج عن معتقلي حماس في سجون الضفة الغربيّة يندرج ضمن حملته الانتخابية المبكّرة.
تحرز النقاشات الجارية حاليا بين فتح وحماس تقدّما ملحوظًا، لكنّ المعطيات الحاليّة تشير إلى وجود خلافات عميقة بين فتح وحماس، لذلك من المهمّ أن نطرح السؤال التالي: هل تتجاهل الحركتان اختلاف وجهات النظر بينهما أم تعملان على إيجاد منطقة في الوسط تُرضي الطّرفين وتخدم المصلحة الفلسطينية الوطنية ؟