الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
القاهرة °C

احمد ابراهيم يكتب : معجزة انشاء مصنع للعطور

الحدث – القاهرة – نقلا عن جريدة الوطن

مصر الأولى عالمياً فى صادرات زيت العطر الفاخر، هذا الخبر المفروض أن يُسعد من يقرأه، ولكنه فى الحقيقة هو خبر حزين لى ولكل عشاق تراب هذا البلد، لأننا نصدّره مواد خام تستنزف ثرواتنا، وإجمالى إيراداتنا 45 مليون دولار فقط من تصدير 40% من إنتاج العالم، فى حين لو تم تصنيعه محلياً سوف تقفز الإيرادات إلى مائة ضعف على الأقل، بجانب توفير آلاف فرص العمل وتوطين التكنولوجيا.

الرئيس السيسى خلال زيارته إلى جامعة كفر الشيخ، وجّه بإنشاء مصانع للنباتات الطبية والعطرية وعدم تصدير المواد الخام. ومن جانبه كان السيد القصير، وزير الزراعة، قد عرض على الدكتور هانى قسيس، رجل الصناعة الناجح أن يستثمر فى هذا مجال، وبالفعل التقى «قسيس» الأسبوع الماضى مع مجلس إدارة جمعية منتجى الفل والياسمين بمركز قطور بمحافظة الغربية، وتشرفت أنا وصديقنا الكاتب الصحفى عصام كامل بحضور اللقاء، واستمعنا إلى المشكلة، والحل هو إنشاء مصنع للنباتات الطبية والعطرية، حيث تعتبر قرية «شبرا بلولة» بمركز قطور، أكبر منتج فى العالم للفل والياسمين، والمواد الخام للعطور والأدوية ومكسبات الطعم والرائحة، ويتم تصديرها للخارج فى صورة زيوت وعجينة خام، بسبب عدم وجود مصانع عطور فى مصر، وهذا إهدار لمواردنا وضياع فرص كثيرة فى التشغيل والعملة الصعبة وقيمة مضافة للناتج القومى.

ليس هذا فقط، بل لا يوجد سوى مصنع واحد كبير لاستخلاص الزيوت من المادة الخام يصدّرها للخارج، ثم تستوردها الدولة مستحضرات طبية وعطوراً بمليارات الدولارات، رغم أن إنشاء مصنع فى مصر للعطور ليس إعجازاً أو اختراعاً للذرّة أو يحتاج إلى أموال طائلة؟

المزارعون فضّلوا تخزين الزيت فى منازلهم، بدلاً من بيعه بخسارة رغم حاجتهم الشديدة للمال.

عدد سكان قرية «شبرا بلولة» نحو 50 ألف نسمة، يعمل معظمهم بزراعة وجمع الياسمين واستخلاص الزيت، وكل إنتاج القرية يتم تصديره للخارج، حيث لا توجد له أسواق داخلية ولا مصانع.

مصر لديها ميزة نسبية فى خصوبة أرضها لزراعة النباتات الطبية والعطرية التى تُستخرج منها الخامات الدوائية والتجميلية والغذائية، وسبق وكتبت عن مشروع ضخم ومتكامل تقدّم به اتحاد جمعيات المستثمرين لإنشاء مدينة للنباتات الطبية والعطرية وإنتاج المادة الفعّالة منها، ينقل مصر عالمياً ويجعلها الأولى إقليمياً فى الشرق الأوسط، وتوفير الخامات الفعّالة للأدوية والمكمّلات الغذائية ومستحضرات التجميل، وتشغيل 30 ألف فرصة عمل، المشروع كان على مساحة 50 ألف فدان بمحافظة الأقصر، ولكنه قُتل فى المهد رغم حصوله على جميع الموافقات، واتحاد المستثمرين أجرى دراسة الجدوى الاقتصادية بواسطة أكبر المكاتب الاستشارية المحلية والدولية، التى أكدت أنه نقلة نوعية كبيرة لمصر فى مجال صناعة الدواء والغذاء، بالإضافة إلى إنشاء مراكز أبحاث لتطوير الزراعة والصناعة، وإضافة حقيقية للناتج القومى.

ختاماً.. تصدير المواد الخام خيانة

إن التصنيع قضية حياة أو موت وضرورة وليس رفاهية، وأمن قومى فرضته الظروف الاقتصادية التى تشهدها مصر والعالم، وفى ظل الأزمات والتحديات التى تواجه الوطن يصبح الحل هو الإنتاج المحلى، لأن ما دون ذلك كارثة، ولدينا رجال صناعة ناجحون وفى خدمة بلدهم وجاهزون لحمله على أكتافهم.. ويجب أيضاً أن يحملهم الوطن على أكتافه وتقديم كل الدعم لهم حتى تحيا مصر قوية وناهضة، والله الموفق والمستعان.

to top