في المرحلة التي نمر بها؛ نكون أمام تطورات جديدة على الدوام؛ فالغايات والأهداف بشكل عام لم تعد تنحصر بشكل واحد من الأشكال من أجل أن يتم تحقيقها؛ فالفبركة الإعلامية وتضليل الرأي العام إحدى المهام التي يتم التركيز عليها واتباع الدهاء والمكر في تحقيقها؛ هذه الأساليب في أغلبها تتم ضد المجتمعات التي لها رأي مختلف عن الآراء المهيمنة بحيث أن الدعاية أو الدعم للتوجه والرأي الخاطئ؛ يتم لدرجة وكأن أي رأي صحيح يظهر مقابل هذه الأخطاء يعدونه جريمة والخطأ الأكبر بذاته؛ يتم ممارسة هذه الأساليب بحنكة وهذه الممارسات تعيق وتشتت التركيز بشكل كبير على الأهداف التي يناضل من أجلها المجتمع. لذا؛ ما السبل لأن نتجاوزها؟!
لو قمنا بتسليط الضوء من خلال هذا الكلام بشكل عملي على واقعنا الموجود في شمال وشرق سوريا وروج آفا بالتحديد؛ حينما تكون شعوب هذه المنطقة واضحة وصريحة في كل ما تفعله وما تريده من أجل سوريا والمنطقة وتطرح من خلال مشروعها كل ما يمكن أن يحقق تماسك وقوة المجتمع وتنبذ هذه التوجهات الكراهية والعنصرية وتدعم العيش المشترك والأخوّة والتوجه نحو الديمقراطية الفعلية؛ فعلى من تشكل خطر هذه التوجهات والأفكار؟ بالمقابل حينما يكون هناك من لا يفرق بين كل ما تم ذكره ويسعى لعكس ما تم طرحه بالعلن ويُقدم على خلق الصراعات والنعرات لا، بل وتشويه حقيقة نضال هذه الشعوب السورية في شمال وشرق سوريا على أنه خطر فذلك لمصلحة من؟ وعلى من يشكل الخطر؟ علينا أن نتساءل أمام هذه التطورات التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي والقدرة على دخول كل عقل والغرس فيه خاصة الأفكار التي تشوه سعي الشعوب نحو الحقيقة علينا ألا نكون مستسلمين وألا نتّبع كل ما يُقال؛ علينا أن نخلق مقارنات ونتعمق في التفكير لماذا تحصل هذه الأمور؟ الآن شعوب شمال وشرق سوريا بتنوعهم لا زالوا يقاومون من أجل الديمقراطية ومحاربة التطرف مع ذلك لا زال هناك من يبسط هذا النضال التاريخي ويحاول الدفاع عن إن من يحتل عفرين أو سري كانيه/ رأس العين أو كري سبي/ تل أبيض أو حتى في عموم سوريا من المرتزقة والأتراك هم موجودين لتحقيق حلم السوريين في الأمان والاستقرار! هم ينشرون الفوضى ويهددون مستقبل السوريين وهناك من يراهم عكس ذلك؛ أفعالهم العلنية توضح توجهاتهم وهناك من يدافع ويحاول التبرير في أنهم على صواب! أي درجة من التحكم والقيادة للعقول هذه؟!
الحرب الإعلامية صنف من أبشع أنواع الصنوف التي يتم مهاجمة الشعوب فيها؛ يتم مهاجمة العقل والقلب لتسهيل قيادته نحو تحقيق مصالح معينة لا علاقة للفرد أو المجتمع المُقاد بها؛ يستغلون التقنيات والتكنولوجيا ليجردوا الإنسان من خصوصيته والمجتمع من رأيه؛ ثقافته، تفكيره واحتياجاته. المرحلة التي نمّر بها في الحقيقة مرحلة هامة وحساسة وما تم بناؤه وتحقيقه لم يكن بالسهل؛ كما أن الهجوم المتعدد والمتنوع لم يقف، بل وصلنا اليوم إلى تصعيد غير مسبوق للحرب الإعلامية بحيث باتت ساحة مواجهة وحشد واستنفار؛ مجرد ظهور أي حدث سرعان ما يعملون على توجيه الأمور نحو ما يخدم مصالحهم؛ ففي حادثة مقتل شاب كردي في تركيا بيد الشوفينيين؛ فإن هناك من يبرّر بأسلوب من الأساليب ومن العمق الكردي لما حدث من فعل شنيع؛ بحيث يتم صرف النظر عن الجوهر وبالتالي جعل ما حدث عبارة عن حدث عابر؛ ذات الشيء بالنسبة لما يتم من جهود من أجل الوحدة الوطنية الكردية؛ هناك من يدعي الحرص والنجاح وبالمقابل يحاول بألا تكون هذه الجهود ناجحة؛ نحتاج لأن نتعمق في كل الأمور، نحتاج لأن يكون هناك يقظة؛ لأن الهجوم الذي يتم عبر هذه المنصات والأساليب المتبعة هي ذاتها المعمول والمعروف عنها بأنها من واقع المجتمع على سبيل المثال الأسماء، الصفحات، الشعارات، وكذلك المصطلحات؛ يتم مهاجمة المجتمع بسلاحه وذخيرته.
اليقظة مطلوبة وعلينا أن نقارن كل ما يتم نشره أو الحديث عنه في الشارع أو حتى على المنصات المذكورة بالواقع والتوجه الموجود؛ يجب أن يكون للجميع دور في المجتمع؛ دون تمييز؛ دون تفريق، ساحة حرب حقيقة تتطلب منها التسلح بالوعي واليقظة والإدراك والقدرة على المقارنات والتحليل وأن نكون أصحاب القرار في الحكم الذي تطلقه عقولنا. يجب أن يتم حماية الحقيقة والدفاع عنها من خلال الواجبات والمسؤوليات التي تتحتم علينا في أن نكون كمجتمع يبحث ويناضل من أجل الديمقراطية بشكل يتمثل فيه الوعي بحضور قوي وكبير.