الأحد 24 نوفمبر 2024
القاهرة °C

الانتصار على كورونا يبدأ من الذات

منى زيدو

 

ما زال فيروس كورونا يحتل صدارة الاحداث في العالم برمته ليزيح بذلك ما كنا نؤمن به ونتلقاه على الآن الحرب أو المداخلة على المنطقة منذ ثلاثين عاماً هي أهم الأجندات التي نحللها وندرسها ونكتب عنها المئات أو آلاف المقالات والكتب، وخاصة في العقد الأخير وما حلَّ في المنطقة من حروب ودمار وقتل وتهجير تحت مسمى “الربيع العربي”.

أكثر من عقد ونحن نلهث وراء الحرب المدمرة في منطقتنا ونتائجها التي كانت وما زالت حيث الساعة في أي شيء نعمله أو نخطط له للحاضر وكذلك للمستقبل، معتمدين على تحليل تاريخ القوى المهيمنة إن كانت أمريكا واوروبا وروسيا وغيرها من الدول التي لها مصالح ومطامع مباشرة فيما يحدث. كل ذلك كان تحليلا صائباً وفي مكانه. ولأننا ننتمي لمنطقة تعيش على ما يبث لها من أخبار سريعة ونتأثر بها مباشرة، نرى أننا ننسى أو نتناسى ما نعيشه لندخل عالماً آخراً من الحرب الاعلامية والنفسية أو كما تُسمى “بالحرب الخاصة” على المجتمعات والشعوب، لإدارة الأزمة الجديدة وإلهاء الشعوب والنظم بما يُحقن لهم من أحداث جديدة بأسلوب تجعلنا نغير نمط وأسلوب حياتنا مباشرة وعلى كافة الصُعد.

لم ننتهي من حرب سوريا والعراق وليبيا واليمن وما تفعله تركيا وإيران في المنطقة لنشر مشروعيمها العثماني والفارسي في المنطقة، حتى أدخلتنا الآلة الاعلامية الغربية في نفق مُظلم وحرب جديدة على فيروس كورونا الذي لا تختلف نتائجه كثيراً عما كان في الحرب المستمرة منذ عقد في المنطقة.

هل ثمة فرق كبير فيما يحصده فيروس كورونا من أرواح للبشر عن ما حصدته حرب أو تدخل أردوغان في المنطقة. أو لنسأل السؤال بأسلوب آخر؛ ما الفرق بين كورونا وأردوغان فيما ينشرانه من حالات رعب وترهيب وقتل وتهجير للمجتمعات والشعوب في العالم؟ حين البحث في نتائج كِلا الفيروسين نرى أنه هناك فروقاً قليلة جداً وإن كانت من حيث المظهر والشكل فقط، لكن من حيث المضمون والجوهر هو هو، لا فرق مطلقاً. فما حصده كورونا في أربعة أشهر أقل بكثير مما حصدته عقلية أردوغان الفاشية في المنطقة. حيث مئات الآلاف من المدنيين تم تهجيرهم من بيوتهم ودُمرت المئات من البلدات والقرى وحتى المدن في سوريا والعراق وليبيا جراء انتشار فيروسات أردوغان فيها من (النصرة والقاعدة وداعش وفصائل المرتزقة الأخرى بكافة مسمياتها)، حيث نشرت كل الترهيب وبنفس أسلوب انتشار كورونا ونفس الأدوات، ألا وهي الاعلام الموجهة بكل دقة ولمناطق واسعة من العالم. حتى قالت عنه جموع القطيع أن هذه الفيروسات الاردوغانية ما هي سوى “جندٌ من جنود الله سلطها على المجتمعات الكافرة وأن الخليفة ينفذ ما يأمره الله به لنشر الدين الحنيف”. وهاهم نفس الشريحة من اعلاميو السلطان يقولون نفس الشيء عن كورونا على أنه (جندٌ من جنود الله أرسله ليتعظ الأخرين وليرجعوا لنهج الرسول والقران وأن هذا الفيروس سيقربنا من الله والحل هو قراءة القرآن وبعض الأدعية الموجهة).

حالة الجهل التي يريدون نشرها بين المجتمعات والبشر هي نفسها التي نشروها أثناء حربهم في بلدان المنطقة والهدف هو واحد “نشر الفوضى”. وانتظار الحل أو الدواء من الملك-الإله-ترامب، والذي سيكون هو المخلص من هذا الفيروس وهكذا ستنتصر الرأسمالية بأدواتها في المنطقة وهم (الاخوان المسلمين-اردوغان- الاعلام الموجهة).

على ما اعتقد أن الانتصار على هذا الفيروس يبدأ من داخل الانسان بحد ذاته وليس انتظار الحل من القوى المسببة لهذا الفيروس أو غيره من الفيروسات الآدمية مثل أردوغان وغيره الذين طغوا وعاثوا فساداً في المنطقة. الانتصار على الجهل والانصياع والخنوع للاعلام والحرب الخاصة التي يروجونها وكذلك للشائعات وما أكثر، يمكن عَدَّه الخطوة الأولى نحو الخلاص من هذا الفيروس. وطبعاً هذا يلزمه الوعي بالدرجة الأولى وكذلك الإرادة الفولاذية التي أساسها الثقة بالشعب وبالنفس على أننا لسنا ضعفاء لهذه الدرجة حتى ننخدع بما يقوله السفهاء منَّا وما أكثرهم.

تنظيم المجتمع أهم بكثير مما يُقال على أنَّ القضاء والقدر هو الحل والذي يعني فيما يعنيه الاستسلام والانتظار لِما سيعطونه لنا من لقاحات مُسَكِنة كما يَدّعون فنها ستكون في أبريل وينتهي تأثير الفيروس. ولكن ما بعد أبريل ماذا يخطط من أنتج هذا الفيروس هو ما يجب علينا توقعه من الآن واتخاذ التدابير له، وذلك بالوعي والتنظيم لا أكثر.

to top