الجمعة 22 نوفمبر 2024
القاهرة °C

الباحث السياسي أحمد شيخو يكتب : سوريا والعراق بين التدخلات الاقليمية والدولية والتحالفات الكردية العربية

الحدث – القاهرة

تعاني سوريا والعراق، البلدان ذات التنوع القومي والديني والمذهبي، من تحديات كبيرة نتيجة التدخلات الخارجية وغياب الديمقراطية، ولا بد من تحالف ديمقراطي كردي عربي، ليتم المحافظة على وحدة البلدين وتحرير المناطق المحتلة من قبل تركيا ووقف التدخلات الخارجية.

لأجل تحقيق مصالح ونفوذ وأجندات قوى الهيمنة العالمية المركزية من مبدأ فرق-تسد، تم تقسيم الشرق الأوسط وشعوبها لدويلات قومية(علمانية أو إسلامية) وكذلك رسم الحدود الحالية فيما بينهم وتعزيز وترسيخ ذلك بسيادة ذهنية أحادية وثقافة سياسية واجتماعية وفكرية استشراقية وممارسات سلطوية دولتية لأجهزة ولفئات وطبقات سياسية فاسدة تابعة للخارج، عبر اتفاقيات: سايكس بيكو سازانوف١٩١٦ و القاهرة ١٩٢١ ولوزان ١٩٢٣ وأنقرة ١٩٢١ وأنقرة ١٩٢٦ وغيرهم، وذلك دون أي اعتبار لشعوب المنطقة وجغرافياتها التاريخية وترابطهم الطبيعي وسياقات العيش المشترك وحالة التكامل والاتحادية التي كانت تتميز به منطقتنا، مما أصبحت الشعوب الشرق أوسطية أمام تحديات داخلية وخارجية متعددة.

مع عام ١٩٢٠ وسياقات وتداعيات الفعل الاحتلالي لبريطانيا وفرنسا وبالموافقة والتقاسم مع روسيا والأداء السياسي المرتبط بهم لبعض القوى المحلية التي أريد لها الصعود لتخدم أجندات الخارج، وتكون مقنعة للشعوب في نفس الوقت أو بالأصح مضللة ومخادعة لها كالتيارات القوموية والإسلاموية الأداتية الوظيفية للرأسمالية العالمية أو اليسارية والليبرالية المتشكلة تحت تأثير الفكر الاستشراقي الغربي أيضاً. أصبحنا أمام جملة من المغالطات والأفكار المشوهة والقيم المصطنعة والتزييف والتحديات التي جعلتنا أمام مجموعتين من القوى، منها بعض القوى والسلطات التي تكون تابعة ومعتمدة على الخارج بشكل كبير أو متقوقعة وإنعزالية وتدعي الاعتراض والرفض وهي في الوقت نفسه لا تفرق عن المجموعة الأولى لأنها تمارس النضال والأداء السياسي والعمل المجتمعي بنفس منطقية وحداثة القوى التي تدعي أنها ضدها، وكلا الطرفين لا يثقان ولا يعتمدان على أهم قوة وهي قوة المجتمع الديمقراطي والمرأة الحرة والشباب الواعي المنظم.

غياب الديمقراطية لا تخدم الشعوب العربية والكردية

لقد وضعت قوى الهيمنة في داخل الدويلات التي شكلتها بحدودها السياسية الحالية، ومنها العراق وسوريا جملة من التناقضات المصطنعة والثنائيات المتحاربة والعقليات الدولتية السلطوية والمعادلات الصفرية بين المختلفين، لسد الطريق أمام أية حلول ديمقراطية للمشاكل والقضايا التي تم غرسها لإبقاء حالة الضعف والتوتر ومنع سياقات التعايش المشترك الحر أو الانطلاقة المجتمعية الديمقراطية أو التحالفات الديمقراطية التي تحاول تجاوز التبعية والتدخل الخارجي والإقليمي وحالة غياب الديمقراطية التي لا تخدم الشعبين الكردي والعربي وتخدم فقط قوى السلطة ورعاتهم الدوليين والإقليميين.

العراق وسوريا بلدان يمتازان بالتنوع والتعدد، وفرض اللون الواحد غير مفيد.

العراق وسوريا بلدان يمتازان بالتنوع والتعدد العرقي والديني والمذهبي ووجود تكوينات اجتماعية مختلفة ومتعددة، ومحاولات لصق أو فرض لون واحد قومي أو ديني بشكل قسري على الألوان الطبيعية الأخرى في السبعين السنة الأخيرة، لم يكن في صالح شعوب هذين البلدين واستقرارهم وأمنهم، بل خلق حالة من التوتر والقلق والفوضى والحرب بين مختلف المكونات والأمم الموجودة فيها والسلطات التي حاولت النفخ في هذه المشاكل والفتن والاستفادة منها، وحال البلدين شاهد على فشل السلطات والذهنيات والعقليات التي حكمت بعد ما تم تسميته بالاستقلال الشكلي عن الاستعمار البريطاني والفرنسي.

البعث استغل اسم الشعب العربي وهو بعيد عن قيم وأصالة الشعب العربي

إن مدرسة أو تيار البعث القوموي الشبيه بالكمالية التركية الفاشية المتصدرين للمنطقة من الماسونية والصهيونية العالمية ذات النزعة القومية العنصرية والشوفينية، عمدت لاستغلال الشعب العربي والاعداء بتمثيله لهدفه السلطوي والسيطرة على الحكم والتفرد فيه، والبعيدة كل البعد عن قيم وثقافة وأصالة ومصالح الشعب العربي المتعايش مع الشعوب الأخرى منذ آلاف السنين، ولقد تسبب هذا التيار في حالة من العقم والاقصاء والاستبدادية والفشل في إدارة البلدين وتضرر منه الشعب العربي في سوريا والعراق قبل الشعوب والمكونات الأخرى التي اعتبرتها من درجات أدنى.

البعث لم يكن تياراً وحدوياً بل تقسيمي

كان البعث في سوريا والعراق هما أكثر المتشدقين بالشعارات القومية ووحدة الأمة العربية، ولكنهم فعلياً هم من كانوا أكثر التيارات السياسية ضد الوحدة مع الدول العربية، وبل هم من كانوا أحد العوامل الرئيسية لإفشال الوحدة بين سوريا ومصر  وكذلك رأينا كيف أن البعث العراقي حارب ثماني سنوات وثم تنازل عن الأحواز وكيف اجتاح البعث دولة الكويت دون أي اعتبار لمصالح الشعبين الكويتي والعراقي، ورغم أن البعثيين في سوريا والعراق كانا من منبع ومدرسة واحدة ولكن رغبة الهيمنة وحرب السلطة والزعامة الفردية كانت السبب في عداء غير مبرر استمر فترة طويلة بين صدام وحافظ، وبسبب أنالنظامين أو العقلية البعثية هي متضخمة بالسلطوية والأنا العليا والتفرد والأحادية، لم يستطيعا قراءة الداخل العراقي والسوري والظروف الإقليمية والدولية، وتسببوا في قتل الشعبين العراقي والسوري بشكل مباشر أو غير مباشر بمكوناته المختلفة ومنهم العرب والكرد وغيرهم على مر سنوات حكمهم وحتى بعد إزاحة البعث العراقي، ظل البعث مشكلة للشعب العراقي، وكانوا السبب في فقر وجوع الشعبين رغم كل الموارد المتوفرة في البلدين، لكن النظامين كانوا يعتبرون البلد ملك خاص لهم ولعوائلهم.

البعث فشل في إدارة الدولة والشعب في سوريا والعراق

إن استبدادية وشوفينية البعث وعقليتهم الدولتية والقومية ومركزيتهم الشديدة، فشلت في إدارة الدولة العراقية والدولة السورية ذاتا التعدد الإثني والديني والمذهبي، وحالة العراق وسوريا شاهد على ذلك، فما هو موجود من الفوضى والتوتر والإرهاب والتدخلات الإقليمية والخارجية يتحمل البعث مسؤولية عنه لدرجة كبيرة، لأنه لو كانت الدولتين تستوعب شعوبها وأبنائها وتحقق لهم الانتماء  وتفسح المجال لطاقتهم بالتبلور والتحرك لخدمة البلدين، ربما كان وضع البلدين مختلفاً، لكن النظاميين استعملا الأسلحة المحظورة ضد شعبه كالأسلحة الكيميائية فالبعث العراقي استعمله ضد الكرد في العراق والبعث السوري استعمله ضد المعارضة والمدنيين السوريين في السنوات الأخيرة، مما جعل النظامين يخافون من الشعب السوري والعراقي ويترصدون وينالون منه.

البعث تحول لداعش

ولكن الطامة الكبرى أنه بعد إسقاط صدام حسين ومع حدوث الأزمة في سوريا، نجد أن البعث ليس لديه مشكلة في أن يدعم أو يتحول لداعش أو النصرة أو القاعدة أو أن يتعامل معهم أو يطلق سراح قادتهم، لتحقيق هدفه في الحفاظ على السلطة أو تهيئة الظروف للوصول إليه، ولخلق حالة الفوضى والخوف.

مواقف الحكومة السورية والعراقية الحاليتين باهتة وغير فعالة أمام الاحتلال التركي

وفي السنوات الأخيرة، لو نظرنا للخارطة العراقية والسورية السياسية والعسكرية ومواقف الحكومتين المركزيتين في بغداد ودمشق من مسألة السيادة والتدخلات والاحتلالات الخارجية ومواقفهم الباهتة أو المتواطئة أو اللامسؤولة، سنتأكد أنهما أصبحتا ضمن الأدوات الإقليمية والدولية، فقط لأجل الحفاظ على كرسي الحكم، حتى لو تواطؤ مع المحتلين لأرضهموالمتجاوزين لسيادتهم.

قتلت تركيا ٣٦٦ مدنياً منذ ٢٠١٥ في العراق

في العراق هناك تدخل واحتلال تركي مباشر منذ سنوات ويتواجد حوالي 35 ألف عسكري محتل تركي في حوالي 100 قاعدة وموقع عسكري واستخباراتي تركي بعضها يتجاوز ٨٠ كيلو متر من الحدود التركية العراقية، ولم تتوقف دولة الاحتلال التركي يوماً عن قصف المدنيين والقرى على الحدود وداخل العراق كما في مخمور وشنكال/سنجار ومحافظات السليمانية ودهوك وهولير(أربيل) وقتل المدنيين، وتسبب في قتل ٣٦٦ وإخلاء ١٥٧ قرية منذ ٢٠١٥، إضافة لقطع المياه والتسبب بفقدان الحياة على ضفاف نهري الفرات ودجلة، ولكن المواقف الرسمية أو للقوى السياسية العراقية لا تغني عن جوع ولا ترد أو تمنع تركيا لساعة أو خطوة للوراء، بل أن الحكومات العراقيات لا يشغلها سوى الأمور الاقتصادية والمالية ووجوده في الحكم وصراعات السلطة الموجودة بين التيارات الإيرانية والأمريكية في بغداد، وآخر همهم السيادة والوطن العراقي، إلا ما خلا من بعض القوى الشعبية.

يمكننا القول أن تركيا وخاصة السلطات العثمانوية الطورانية تؤمن أن احتلال سوريا والعراق من حقها وهي خطوة في إعادة تصحيح لوزان، عبر تحقيق الميثاق الملي الذي يشمل احتلال شمالي سوريا وشمالي العراق كخطوة أولى، وخاصة مع حالة التماهي والصمت والتوطؤ أحياناً مع سياسات السلطات التركية بعد التحسن النسبي وتطوير العلاقات الاقتصادية مع بعض دول المنطقة.ة، وسماح تركيا للسويد وفنلندا بالانضمام للناتو.

تحتل تركيا ١٠٪ من مساحة سوريا وتعمل لضم المناطق لتركيا

وكذلك في سوريا، فتركيا تحتل 10٪ من مساحة سوريا، ولديها أكثر من ٣٠ ألف عسكري محتل، وتعمل على التغيير الديموغرافي والتطهير العراقي للسكان المحليين من الكرد والعرب وتتريك المناطق في شمالي سوريا وإسكان التركمان والإخوان وعوائل الإرهابيين وغيرهم، وبذلك تعمل لتأمين الظروف لضم هذه المناطق، إضافة لدعم تركيا لداعش والقاعدة والمجموعات الإرهابية الأخرى، والسماح التركي لتكون تركيا مدخل ومجمع لكل الإرهابيين حول العالم، وقد قتل ثلاثة من خلفاء الدواعش في مناطق الاحتلال التركي، ولكن مواقف الحكومة السورية ما زالت تتراوح بين التواطؤ والصمت أو التصريحات والبيانات الفارغة من الأثر الفعلي الرادع، بل هناك استعداد للتوافق معه على حساب الوطن والشعب السوري.

في سوريا والعراق يوجد الشعب الكردي المتعايش مع الشعب العربي منذ القدوم وخاصة مع دخول الإسلام للمناطق الكردية أو كردستان حوالي ٦٤٢م، وكما أن تقسيمات القوى الغربية جعلت قسمين من كردستان ضمن سوريا والعراق وفي شمالي سوريا وشمالي العراق، تلك المناطق والمدن ذات الكثافة والغالبية الكردية.

لا تريد قوى الاستبداد والهيمنة الاستقرار للعراق

في العراق، كان هناك صراع ونضال للشعب الكردي ضد البعث وممارساته، الذي استعمل السلاح الكيميائي وقتل فيها ٥٠٠٠ ألف كردي، وقاد حملة أنفال ضد الكرد في غضون ٨ سنوات وقتل فيها أكثر من ١٨٥ ألف كردي منذ ١٩٨٨، إضافة لحوادث وعمليات كثيرة، وفي النهاية تدخل البعث للكويت وكان بداية السقوط إلى أن حصل في ٢٠٠٣، وحصل الشعب الكردي في العراق على اعتراف ضمن دستور ونظام اتحادي، حقق مكاسب للعراقيين العرب والكرد وكافة المكونات،  ولكن طبيعة القوى والطبقة السياسية وكذلك التدخلات الإقليمية والخارجية والنزعة الأحادية القومية والدينية المتحكمة، وعدم رغبة دول المنطقة والخارج المهيمن بأن يكون هناك نموذج مختلف عن النماذج الاستبدادية في الشرق الأوسط، جعلت العراق تعاني مشاكل داخلية متعددة ومعاناة اقتصادية كبيرة رغم الموارد الكبيرة للشعب والدولة العراقية، إضافة لحالة الإرهاب الذي توحد معها البعث بعد إزاحتهم من السلطة بعد ٢٠٠٣.

اتفاقية أضنة غير المشروعة تجسد تنازلاً عن السيادة السورية، وعلى السوريين رفضها

وفي سوريا، ظلت العقلية الأحادية والممارسات الشوفينية هي المتبعة تجاه الشعب الكردي وما زال هناك حالة إقصاء شديدة من البعث السوري تجاه الكرد، فقد تم منع مئات الآلاف من الجنسية السورية ومازال، وفي عام ٢٠٠٤ تم ارتكاب مجازر بحق الكرد في المدن الكردية راح ضحيتها حوالي ٤٠ شخصاً، وقبلها في عام ١٩٩٨ حصل اتفاق أضنة بين تركيا والسلطات السورية تم بموجبها التخلي عند لواء إسكندرون وفتح المجال للدولة التركية بتجاوز السيادة والأراضي السورية ، وهذه كانت أحد أهم تواطؤا للبعث مع دولة الاحتلال التركية، وعلى الشعب السوري رفض هذه الاتفاقية، والآن وفي المحافل السياسية والدولية تتخذ تركيا هذه الاتفاقية التي لم يوافق عليها البرلمان السوري ولم تسجل في الأمم المتحدة، كذريعة للتدخل التركي في سوريا واحتلال أراضيها. ولا يخفى على أحد أنه قبل الأحداث في سوريا كان هناك صداقة حميمة وأخوة بين بشار وأردوغان، ولكن الأحداث في سوريا وظهور حقيقة المشروع الأردوغاني العثماني أنهى تلك الصداقة والأخوة. وفي السنوات الأخيرة وخاصة منذ ٢٠١٦ ودخول تركيا لاحتلال جرابلس والمدن الأخرى كعفرين والباب وسري كانية وكري سبي وإدلب، رأينا مواقف الحكومة السورية كانت وفق السياق والخط الايراني الروسي وليس وفق مصلحة الشعب السوري وسيادة الدولة والأراضي السورية، وبل أن حكومة دمشق مازالت تفضل الاحتلال التركي على التوافق مع الكرد ومنظومة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية التي تمثل أهم وأنجح حالة للتحالف الكردي العربي في العصر الحديث والذي لعب الدور الأساسي في هزيمة داعش وحماية سيادة ووحدة الأراضي السورية أمام الاحتلال التركي ومازال، ولكن البعث حتى اليوم يفرض حصاراً غير مبرر وغير مقبول على مناطق الإدارة الذاتية ويحاول تصفية العلاقة الكردية العربية القائمة في منظومة الإدارة الذاتية واتهامها بالانفصال والتبعية للخارج والسرقة، علماً أنه إذا كانت هناك قوى وطنية وتمثل كافة المكونات السورية وتحافظ على ممتلكات السوريين، فهي الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية وليس البعث أو المعارضة الإخوانية، اللذين أصبحوا توابع للعثماني والإيراني.

تعدد الهويات ممكنة وصحيحة ضمن دستور ديمقراطي يحفظ وحدة البلاد وحقوق المكونات

نعتقد أنه من الخطأ أن تنظر الحكومتين العراقية والسورية الحاليتين الى الكرد بأنهم ليسوا سوريين أو عراقيين أو أن عليهم التخلي عن ثقافته ولغتهم وحقوقهم في حماية وإدارة مناطقهم، فتعدد الهويات ممكنة وصحيحة فالهوية الكردية وهوية الدولة السورية والعراقية ممكنة معاً وهو الدي نفضله وليس أية هوية أخرى، ونعتقد أن الهوية الوطنية العليا تستطيع أن تضمن وتحافظ على الهويات الفرعية الأخرى الضرورية التي تعبر عن ذات ووجود الإنسان والمجتمعات، والمشروع السياسي والاجتماعي الكردي الديمقراطي الأكبر لدى الشعب الكردي يتبنى نموذج الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية، الذي يحافظ على وحدة الدولتين في إطار من الوحدة الديمقراطية الطوعية وضمان حقوق الشعب الكردي في دستور ديمقراطي بما يحافظ على وحدة كل دولة وتماسك نسيجها الاجتماعي وجبهتها الداخلية أمام القوى الخارجية وتدخلاتها والاحتلالات الإقليمية.

غياب الديمقراطية مشكلة كبيرة للشعبين الكردي والعربي في سوريا والعراق

كان وجود البعث، ضمن سياق تقسيمي وفتنوي وعرقي وتابعي، جلب مصائب كثيرة للشعبين العربي والكردي في العراق وسوريا. نعتقد أن غياب الديمقراطية في العراق واستمرار التدخلات الخارجية الحالية، جلب وستجلب نفس المصائب والويلات، إما في سوريا فإن إصرار بشار الأسد والبعث في العودة لقبل ٢٠١١ مستحيلة، وستجلب مزيد من الاحتلالات والتدخلات، والحل وفق ما نؤمن به، يكمن في نظام لامركزي ديمقراطي يحافظ على وحدة سوريا وسيادتها ويضع كل الامكانات لتحرير المناطق الشمالية التي تحتلها تركيا وعلى رأسها مدينة عفرين ضمانة وحدة سوريا واستقرارها، وهي المدينة التي ترتكب فيها تركيا ومرتزقتها الإنكشارية واستخباراتها وجيشها كل أنواع الجرائم، وقد فرضت أمريكا قبل أيام عقوبات على المجاميع المرتزقة التركية دون الإشارة للمحتل التركي السبب الأول في هذه الجرائم.

يمكن أن يتحقق دور عربي فعال ومؤثر في سوريا والعراق، بالتفاعل مع الشعب الكردي في البلدين

من الطبيعي أن يكون هناك دور عربي في سوريا والعراق، بل أن ضعف أو غياب الدور العربي يفسح المجال للاحتلال التركي والتدخل الايراني، ولكن المهم ماهية هذا الدور والمقاربة التي تجب أن تكون، فالشرعية المجانية للبعث لن تحلحل القضية والأزمة السورية، بل إنها تزيد من تعنت البعث وشعورهم الفارغ، أنهم انتصروا على الداخل والمحيط العربي وهم غير مطالبين بأي مقاربة سياسية داخلية، أو أية التزامات طلبتها الدولة العربية ولجنة الاتصال العربية، رغم أنه هناك قرار دولي ٢٢٥٤ خاص بالانتقال السياسي والتسوية السياسية، كما أن أي دور في سوريا أو العراق لا يأخذ حقيقة وجود الشعب الكردي في الدولتين والدور الذي لعبه في حماية الدولتين من الاحتلال التركي ومحاربة داعش والقاعدة لن يكتب له النجاح، كون تركيا وإيران لا تريدان أي دور عربي حقيقي في سوريا والعراق، ولكن هذا الدور ممكن بالتعاون مع الكرد، وقد أعلن الجانب الكردي في سوريا والعراق مرات عديدة أنهم على استعداد مع الدول العربية والجامعة العربية لمواجهة التحديات المختلفة في سوريا والعراق وحمايتهما من التدخلات الايرانية والاحتلالات التركية، عبر تحالفات ديمقراطية وعلاقات في مختلف المجالات.

التحالف الديمقراطي الكردي العربي وحرية المرأة والإسلام الديمقراطي مداخل وسبل حتمية لتحقيق الاستقرار والأمن الشرق الأوسط

وعليه، نعتقد أنه كما قال جمال حمدان، المفكر المصري، إن أمن البلدان العربية تبدأ من جبال طوروس وزاغروس أي من كردستان، فإن قضية الأمن والاستقرار هي قضية تكاملية وعامة وليست قطرية أو موضعية، كما أن ضمان دور عربي متوازن وفعال يمكن تحقيقه بالتفاعل مع المكون الكردي في سوريا والعراق وخلق مزيد من فرص التعاون والتنسيق في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، فكما أن الكرد بحاجة لرافعة إقليمية داعمة لهم في كسب حقوقهم ومقاومتهم ضد الاحتلال التي الذي يستهدف الشعبين الكردي والعربي، فإن الشعوب والدول العربية أيضا بحاجة لأن تكون سوريا والعراق بلداناً مستقرة وموحدة، جبهتها الداخلية متينة ومتماسكة وتكون موانع طبيعية ورادعة لانتشار الإرهاب والفوضى والعثمانيةالذي نرى ملامحه على الحدود السورية الأردنية والعراقية الأردنية السعودية وفي ليبيا والصومال واليمن وغيرهم، فالتحالف الكردي العربي هو الضمانة لوقف مشروع العثمانية الجديدة وابتلاع سوريا والعراق من قبل تركيا وإيران ، وإلا في حال تجاوز تركيا للشعب الكردي سنجد مرج دابق وريدانيات جديدة على أبواب العواصم الدول العربية الكبيرة، ومانشهده من تغلل وتسلل الدولة التركية واستخباراتها تحت أسماء مختلفة وكذلك الأذرع الإيرانية إنما هي مؤشرات، تفرض على الشعبين الكردي والعربي وكذلك الدول العربية والقوى الكردية والأطر التنظيمية ونظمه السياسية والاجتماعية الكردية والعربية، مزيد من التعاون والتنسيق والتحالف، وهو الذي أكد عليه الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك في لقائه الأخير وتأكيده على أن التحالف الكردي العربي يستطيع تحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط مع الإشارة لأهمية دور المرأة والإسلام الديمقراطي في الشرق الأوسط.

to top