أكد الملا ياسين رؤوف مسؤول مكتب الاتحاد الوطنى الكردستانى بالقاهرة، إن حتمية التقارب العربي الكردي تمثل ضرورة واجبة في ما يواجهه الطرفين من تحديات.
وقال رؤوف “يجب على الكرد أن يدركوا أن عمق أمنهم القومي والوطني مرتبط بالعرب بالدرجة الأولى، وأن القضايا المشتركة بينهما وبين العرب كشعوب أكبر بكثير من نقاط الخلاف”.
وفيما يلي نص المقال، المنشور بمعهد اوتاوا لدراسات الشرق الأدنى:
حتمية التقارب الكردي العربي
أولا يمكن أن يسأل القاريء لماذا عنونت المقال بحتمية التقارب الكردي العربي بدلا من كتابة (فرص التقارب الكردي العربي)؟.. لأني اعتقد أن حتمية التقارب واجبة على الطرفين وأيضا البحث عن إيجاد فرص لهذا التقارب واجبة على الطرفين أيضا، وسأبدأ بشرح هذه الفرص.
حكم الجيرة بين الشعبين العربي والكردي حكم رباني وقدر إلهي وموقع جغرافي ليس بيد أحدهما اختيار موقعه الجغرافي، لذلك يتحتم عليهما إدامة العيش بسلام ودون العداء والكراهية لكي تستمر الحياة والجيرة لا أكثر.
الجيرة بين الشعبين العربى والكردي حكم ربانى والقواسم المشتركة بينهما أكثر بكثير من نقاط الاختلاف
ويجب أن لاننسى أن نقاط التقارب والقواسم المشتركة بينهما أكبر بكثير من نقاط الاختلاف، وذلك من خلال التقارب الديني والمذهبي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي بشكل رئيسي ، فضلا عن وجود مصالح مشتركة ومنافع متبادلة بينهما، كما أن لهما أعداء مشتركة يجب الحذر منهم، ومن هنا نبدأ بالبحث عن حتمية هذا التقارب وخصوصا في إطار مواجهة كل التحديات المشتركة، التي تواجهها وسوف أركز على موضوع هذه الحتمية لأن التعايش والجيرة والمصالح والقواسم المشتركة في كل المجالات لاتحتم علينا التقارب فقط بل تفرض التحالف الدائم إن لم يكن أبدا.
كما يجب على الكرد أن يدركوا أن عمق أمنهم القومي والوطني مرتبط بالعرب بالدرجة الأولى، وأن القضايا المشتركة بينهما وبين العرب كشعوب أكبر بكثير من نقاط الخلاف، ومن هنا يجب أن ننوه بشيء للعرب أيضا بأن كل الحروب والدمار والخسائر، التي حصلت منذ عقود كثيرة بيننا وبين الأنظمة العربية كانت ردود أفعال في مقابل ما ارتكبته الأنظمة العنصرية والمستبدة العربية على رقاب شعوبهم العربية أولا ثم الكردية ثانيا، وهنا أقول الأنظمة وليس الشعوب العربية وكانت حروبنا ونضالنا من أجل الحصول على أقل الحقوق الإنسانية المسلوبة منا ورد فعل لما كانت تقترفها الأنظمة تجاه حقوقنا واغتصاب أراضينا و حرماننا من لغتنا وثقافتنا وحتى وجودنا كإنسان هذه نقطة مهمة.
لذلك أعود وأقول إنه يجب على الشعب العربي أن يدرك بأن ليس هنالك أي حقد أو ضغينة أو عداء للعرب كشعوب ولا حتى كدول، ومن هنا يتطلب مرة أخرى بأن نذكر الطرفين بحتمية التقارب الكردي العربي وعلى الشعب الكردي أن يدرك أهمية عمقها العربي لكي يبحث عن حتمية التقارب والتعاون المشترك ضد أي عدو أخر وهنا سوف أركز على الإرهاب الذي لادين له ولا مذهب ولاحدود وهذا العدو لنا وللعرب سواء.
نحن الكرد أول من اكتوينا بنارهم إذ دمروا مدنننا وقرانا وقتلوا الأطفال والنساء منا قبل الرجال وسبوا نساءنا وبناتنا قبل أن تطول يدهم البلاد العربية، ومن هنا يجب أن نعرف أأن الذي اقترفه الإرهاب تحت مسمى الإسلام وهو منه براء،
كما لا يخفى أن الكرد ومنذ صدر الإسلام أكثر القوميات تمسكا بالدين الحنيف وأكثر القوميات خدمة لأجله ولأجل نشره كما هو الحال الآن، ويجب على العربي أيضا ادراك أن الشعب الكردي يعتبر العرب جاره الأول وحامل هذا الدين الإسلامي الذي افنى له الكرد بكل ما استطاع، وأن الإرهاب عدو مشترك لنا وللعرب، واننا أول من تصدينا ضده والمعارك شاهدة سواء في كردستان العراق أو في سوريا ويجب أن نعرف كلينا أن الكرد للعرب سند وعضد وشريكه الأول في الأرض والعرض والثقافة والدين والاقتصاد والمصير والمستقبل المشترك.
كل ما أسلفنا من ناحية الشعبين العربي والكردي، والآن نأتي للحديث عن الأنظمة السياسية العربية والسلطة الاقليمية الكردية أو الأحزاب الكردية المتنفذة على الساحة.
أولاً يجب على الأحزاب السياسية في إقليم كردستان العراق وبشكل عام كل الأحزاب أن تدرك جيدا وأن تضع في الاعتبار ضمن أهدافها المستقبلية وطموحاتها في الحياة الجديدة بأن مركزها الأول لحل مشاكلها ومراجعة كل حساباتها التفاوضية موقعها ومركزها هي بغداد عاصمتها العراقية وهذا ما يجب حسم الأمر إليه.
هذا من الناحية المحلية والذي هو بيننا وبين دولتنا الفيدرالية ومن الناحية العامة فيما بيننا وبين العرب أنظمة وشعوبا نحن نرى بأن هناك ترويكا عربية الآن تقود العالم العربي بشكل أو بآخر، وهي بقيادة مصر باعتبارها صاحبة أعرق حضارة وأكثر كثافة سكانية نشطة وحيوية وحركة وصاحبة أكبر كتلة إعلامية نشطة وحضورعالمي في الفن وباعتبارها أكثر الدول العربية ثباتا سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وباعتبارها أكبر كتلة بشرية نشطة أيضا لذلك هذا الترويكا الذي تشارك فيه المملكة العربية السعودية باعتبارها أكبر اقتصاد في المنطقة وأحد أقوى عشرين اقتصادا عالميا وتحتضن الحرمين الشريفين اللذين هما قبلة المسلمين وأقدس الأماكن على المعمورة وهي بالذات عند الكرد ميزة مهمة جدا ولها جاذبية غير طبيعية.
الثالث هي الإمارات العربية باعتبارها صاحبة أكبر وفرة مالية وتمتعها بالاستقرار السياسي والتقدم التكنولوجي وخصوصا بعدما استطاعت أن تنزل مسبار الأمل على سطح المريخ قبل مدة، هؤلاء الدول الثلاث بيدهم قيادة العرب دولا وأنظمة وشعوبا ولهم باع طويل في العلاقات الدولية وتأثيرهم كبير على السياسات العامة في العالم.
لذلك نحن الكرد ندرك أهمية ما أسلفت ذكره، ويجب علينا أن نبحث ومن جميع الاتجاهات على إيجاد قواسم مشتركة أكثر أو إنعاش هذه القواسم وتنشيطها من أجل مصالحنا المتبادلة بيننا وبين هؤلاء الدول، وبالمقابل نرى بأن الخصمين الآخرين وهما تركيا وإيران من جهة أخرى في الصراع، وفي عالم آخر حيث أن تركيا الآن وبسبب سياسياتها العنترية أو العقلية السلطانية التركية القديمة جعل من نظامها منبوذا أوروبيا ومكروها أمريكيا وعدائي عربيا وإقليميا، وأكاد أجزم بأن النظام التركى الحالي منعزل تماما في العالم بسبب سياساته الطائشة وأطماعه التي ليس لها حدود بشكل لا عقلاني سواء في العراق وإعادة ولاية الموصل كما يحلم أو في سوريا وقسم الجزء الشرقي والشمالي منها أو في المتوسط بسبب تحرشاته في البحر لليونان وقبرص أو تحركاته الصبيانية في المغرب العربي وأطماعه في ليبيا، والأخيرة اعتقد انها القشة التي ستقصم ظهر أنقرة.
الخلاصة
ومن هنا نحن نرى بأن المصالح المشتركة والمخاطر المحدقة بنا نحن كرد وأيضا عرب يتحتم علينا أن نوفق أراءنا، ونتفق على جعل مصالحنا واحدة لأن المخاطر علينا واحدة وهي الأطماع التي بدأت تطال أرضنا وشعبنا ووجودنا في المنطقة، ونحن ندرك لو استطاع صاحب هذه الأطماع أن يمحينا فسوف يمحينا من على الأرض، لذا نحن نرى أيضا بأن على العرب أن يلتفتوا لجارهم الكردي وأن يحاولوا وبشتى الطرق المتاحة توثيق العلاقة وتطورها في كل المجالات العلمية والعسكرية والاقتصادية والتجارية والأمنية حتى، لأن عدونا واحد سواء الإرهاب المنبثق تحت عباءة جارتينا غير العربيتين أو سياساتهما التي لا تؤدي إلا للدمار والخراب في منطقتنا ونحن على أرضنا ولنا قوتنا وقواتنا وسياستنا الصحيحة وواضحة تجاه شعبنا وغيرنا من الجيران وقضيتنا عادلة تمام العدل ومن يكون يحمل على اكتافه القضية العادلة سيكون هو الرابح في النهاية.
وكل العرب يدركون أن أكثرية الدول الأوروبية وكذلك الأسيوية مجملها معنا وتوافق رؤانا وسياساتنا تجاه جارتينا الشرقية والشمالية وسياساتهما العدوانية، وأيضا هناك نقطة مهمة وجوهرية وهي إننا لانعادي الشعب التركي أبدا بل ندافع عن وجودنا فقط ونعادي من يعادينا، لكن مع إخواننا العرب لانعادي شعوبهم ولا أنظمتهم لأننا نعتبر الأنظمة صديقا لنا وشعوبهم جار وصديق وشريك في الدين والمذهب والثقافة.
ويجب أن ننوه أيضا أن الشعب الكردي بطبعه مقبل على كل جديد وينسجم مع كل إبداع وهذه نقطة قوة لنا ولإخواننا العرب في كل المجالات العلمية والثقافية والتجارية وأن أرضنا مليئة بالخيرات، حيث نحن وجارنا العربي أولى بها من غيرنا من الإيرانيين أو الأتراك سواء في سوريا أو العراق أرضنا ملاصقة لأرض العرب وخيراتها مشاركة مع أرض العرب واعتقد المزاج العالمي العام واستراتيجيات المستقبلية سواء أوروبيا أو أمريكيا منسجمة مع توجهاتنا أكثر مما تقترفه أردوغان أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أنتم ترون الحصار المفروض على إيران وأثاره المدمرة وكذلك وجه أردوغان وسياساته الرعناء وكما ترون ليونة القيادات الكردية وتوافقاتها مع السياسات العالمية.
لذلك أقول إن التقارب العربي الكردي حتمي وواجب على الطرفين لمصلحة الطرفين وخصوصا في الوقت الحالي، وأن الوقت قد حان للقيادات العربية وأنظمتها أن تمد يد التصالح والتقارب في كافة الأصعدة مع أخيه الكردي قيادة وشعبا، وأرى أن ليس هنالك أي ضغينة أو كره أو حقد بيننا وبين الشعوب العربية كافة من أقصى مغربها إلى أقرب مشرقها لنا.