رغم أن صلاح الدين دميرتاش” يقبع خلف قضبان السجن منذ عام 2016، بتهمة إهانة “أردوغان”، إلا أنه يمثل أحد أبرز الشخصيات السياسية على مدار السنوات الماضية ذات التأثير في الشارع التركي، وخلفه كتلة تصويتية تضع رقبة أردوغان في يده، وفق مراقبين.
انضمام رفاق دميرتاش للمعارضة دفعة قوية
وكالة “بلومبرج” أعدت تقريراً يوم 15 آذار حول موقف حزب الشعوب الديمقراطي، وقالت وفق مصادر إن الحزب يستعد للإلقاء بثقله خلف تحالف المعارضة الذي يريد الإطاحة بالرئيس التركي الحالي للبلاد.
وتقول الوكالة إن الحزب الكردي كان عاملاً مهماً في الانتخابات السابقة، وسيكون قراره بالانضمام للتحالف المعارض لـ”أردوغان” بمثابة دفعة كبيرة للمعارضة التي تكافح عبر حملة فعالة لهزيمة “أردوغان” الذي يدير البلاد منذ عام 2002 سواءً في منصب رئيس الوزراء عندما كان النظام برلمانياً، أو عندما أصبح رئيساً بعد تحويل البلاد إلى نظام رئاسي.
هذا هو أكثر ما يخيف “أردوغان”
في هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي التركي ياووز أجار، في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء، إن احتمالية انضمام حزب الشعوب الديمقراطي الكردي إلى الطاولة السداسية للمعارضة تشكل أكبر مخاوف أردوغان.
ويضيف “أجار” متحدثاً عن سيناريو صعب في مشهد الانتخابات التركية وهو تنفيذ هجمات إرهابية منسوبة للكرد، بهدف شيطنة حزب الشعوب الديمقراطي ومنع المعارضة من أي تحالف معه، إذ يمثل الكرد خاصرة المعارضة التركية وفرصتها في آن واحد.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي التركي إلى أن حزب العمال الكردستاني أعلن أنه لن ينفذ أي هجمات مسلحة في فترة الانتخابات التركية، معتبراً أن هذا التصريح قطع الطريق أمام أردوغان من تكرار سيناريو عام 2015 الذي وظّف فيه الإرهاب لاستعادة الحكومة المنفردة بعدما فقدها بدخول 80 برلمانياً كردياً إلى البرلمان.
وشدد “اجار” على أن هذا التصريح يعني أن أي هجوم مسلح قد يحدث في تركيا وينسب إلى العمال الكردستاني، على الفور يجب أن نعلم أن ميليشيات أردوغان المسلحة تقف وراءه للإيقاع بين المعارضة والكرد بهدف حصد أصوات القوميين الأتراك”.
قوة تصويتية للكرد تصل إلى 8 ملايين ناخب
وعقب تحديد موعد الانتخابات، نشر الحساب الرسمي عبر تويتر لـ”دميرتاش”، حيث كتب تغريدة حماسية يقول فيها: “نحن مستعدون، إذا كان الجميع مستعدون، فإننا ننطلق، اربطوا أحزمة الأمان، نحن في طريقنا للتغيير”.
في هذا السياق، يقول الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء، إن انضمام حزب الشعوب الديمقراطي إلى المعارضة أمر مهم للغاية، لأن الحزب قوة تصويتية تقدر بحوالي 8 ملايين صوت”.
لكن “عبد الفتاح” يرى أن المشكلة الأساسية التي تواجه المعارضة خلال هذه الانتخابات أنها ربما تكون غير قادرة على حشد أكبر عدد من الأصوات، نتيجة تركيبتها والخلافات السياسية فيما بينها، وأيضا شخصية كمال كليجدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية.
ولفت الخبير في الشأن التركي إلى أن التصويت ربما يكون ضد أردوغان شخصياً رغبة في الإطاحة به، ولكن هناك خوف من البديل ومن قدرة المعارضة على تقديم البديل المناسب.
“الشعوب الديمقراطي” يربك حسابات أردوغان
ويرى الدكتور بشير عبد الفتاح أن انضمام حزب الشعوب الديمقراطي إلى تحالف المعارضة سيربك أردوغان كثيراً، وربما يضطره للدخول في جولة إعادة، علماً أن هناك بعض الأحزاب داخل تحالف المعارضة مثل حزب الجيد يرفض التعاون مع حزب الشعوب الديمقراطي، لأنه حزب منشق عن حزب الحركة القومية المناهض للكرد.
ويضيف “عبد الفتاح” أن حزب الشعوب الديمقراطي يمكن أن يجبر “أردوغان” إلى الدخول في جولة إعادة مع كمال كليجدار أوغلو، وحينها سيعيد الشعب التركي ترتيب حساباته، وربما يفوز “أردوغان” في الجولة الثانية.
المعارضة الكردية تهدد أغلبية حزب أردوغان في البرلمان
ويجمع كثير من المراقبين للشأن التركي على أن المعارضة لن تستطيع كسر حصة تحالف أردوغان في الانتخابات البرلمانية دون المعارضة الكردية، أو دون انضمام الكتلة الكردية إليها، ومن ثم حرمان أردوغان وتحالفه من الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة.
وهو الأمر الذي يؤكده الدكتور بشير عبد الفتاح والذي يقول إن حزب الشعوب الديمقراطي يمكنه مساعدة أحزاب المعارضة هنا، من خلال الحصول على أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان.
صحيفة أمريكية تكشف حيلة أردوغان “الفاشلة” لتفتيت الصوت الكردي
صحيفة “واشنطن إكزامينر” الأمريكية بدورها أعدت تقريراً عن الأصوات الكردية في الانتخابات التركية المقبلة، وقالت الصحيفة إن “أردوغان” سيكون أمام مشكلة كبيرة حال اختيار حزب الشعوب الديمقراطي التصويت لصالح المرشح كمال كليجدار أوغلو، مشيرةً إلى أن الحزب الكردي لا يزال خارج تحالف المعارضة حتى الآن.
وكشفت الصحيفة عن توسيع “أردوغان” تحالفه بهدف جذب الأصوات الكردية له عبر ضم حزب “هدى بار” الكردي اليميني المتطرف، والذي يؤمن بتطبيق الشريعة الإسلامية، لكن الصحيفة ترى أن هذا الأمر ربما يمنح الرئيس التركي بعض الأصوات الكردية، إلا أنه يعد خيار محفوف بالمخاطر.
وتوضح “واشنطن إكزامينر” أسباب ذلك، فتقول إن حزب “هدى بار” أو حزب الهدى يريد أن تحل الشريعة الإسلامية محل النظام العلماني الذي يدير تركيا، وهذا أمر يرفضه غالبية الشعب التركي، كما أن الحزب بالنسبة للقوة التصويتية الكردية حزب هامشي يفتقر إلى أصوات عامة الكرد مقارنة بحزب الشعوب الديمقراطي.
ويبدو أن “أردوغان” لم ينسى بعد هزيمة مرشح حزب العدالة والتنمية في انتخابات رئاسة بلدية “إسطنبول” عام 2019 أمام مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو، إذ أن الأخير حسم الانتخابات لصالحه بفضل تصويت الكرد له.
بينما لا تزال خسارة “إسطنبول” تشكل هاجساً كبيراً لدى الرئيس التركي، كونه هو شخصياً لديه قناعة تامة بأن من يخسر “إسطنبول” يخسر الانتخابات، ويخسر حكم تركيا.