السجن …أفصح مني
مولاي بوشعيب حمدان / المغرب
حارسُ سجنٍ..
أَقفزُ فوق ظِلي،
يُجَنُّ أحياناً …
يُبعثرُ ألواني ..
يمدُّ ساقَيْهِ …لِيتعثَّرَ الضوءُ ،
لاَ أنتمي له …
حتى لا أُنْسى..
لأَِظَلَّ معمداً فوق الألواح الضائِعَة،
وشظايا التَّأويلِ.
لئلَّا أنْسى وجهي …
أُخربشُ جُدرانَ الذكريات ..
بالطَّبشورة ..
بِيَدِي المبثورة …
ظِلي الذي يَستطيلُ خَلْف بقايا أُفولِي.
ذات عام ،
أَخطأنِي حرفُ علةٍ ..
عند اِلتقاءِ ساكنين و ضمةٍ .
يُلوِّحُ لي ما بَقِيَ منِّي ..
أُحرِّرُ سيجارةً من شظايا رغبةٍ بزنزانة مُتْرَعَة،
أُرغمُ روحها الرَّقصَ بِجِوارِي ،
أُكَرِّرُها …
أُعيدها ذاتاً لِمَسرَى الحياة .
أَضعتُ خطواتي بين نُطفِ الثلج،
قَدْ أَرانِي شاعراً يُولدُ من مجازٍ ،
منْ بين شٍفاهِ المزن ..
المبلَّلِ بالحُزن .
في السِّجن ..
كلُّ صراخٍ..
خارِج بَوثقَة الأيام.
مَقطوفةٌ زغارِيدي ..
حين أَخلعُ ضِلعينِ من رحلة الحِراسة،
تُعلقُ الآمال على حبل التَّمنِي ،
أظل أرْقبُ ولادة الغدِ.
صَدَى الماضي..
فواصِلٌ من نفَّاثاتِ العقد ،
الأماني صاعدةٌ مع الفجر لقُبةِ المنتهى..
أَسْتَلُّها من الأحلام…
المُتْرعَة بِبلاغة الرُّؤى،
الفجر الآتي يعَمِّدُ مِنْسَأَتَه .
السجن.. أفصح مني،
علَّمَني كيف..
أُفَخِّخُ كل الأصوات ..
التي تَتَسَكَّعُ خارج مجرى التاريخ،
أُقيمُ الحَدَّ على كل النظرات الموْبوءَة ،
أحْشُو كل ثُقَبِ الغِيابِ…
بِحِبق الحياة ..
خِلسةً …عن كل واشٍ .
في السجن ..
كل النوافذ تُطِل..
على صُورٍ قديمة ،
أذْبلها النسيان ..
كمرأةٍ تَلُفُّ جسدها الجاف …
بقُشْعريرَة .
بالسجن ..
مازالت أحلامي تَنزِف..
أُرتِّق عينَيْ ليلِي..
ليظل مستيقظا..
لئلا تَتعانَق دُموعنا.
لطالما كان
مَقاسُ حِذائي…
يعاكسُ الرَّغبات ،
يُشاغبني ..
فَتأتي التحِيَّة العسكريةُ ناقصةُ عقل و دين،
مرارا..
تَأبىَ دَفَّتِي مِشْوار الألفِ ميل .
كُلَّ من صادَفنِي
كعنوانٍ ،
كنكْهةٍ…
لا وقتَ لديْها لتَصِير لوناً،
يعلمُ أني منْذ خمسٍ و عشرينَ عاماً…
أحملُ نَعشِي ،
و أَوراقِي الثُّبوثِية.