الإثنين 25 نوفمبر 2024
القاهرة °C

العزلة والفاشية والاحتلال

أحمد شيخو.

يسعى السلطة التركية الحالية المشكلة من تحالف الإسلام السياسي( السلطوي) والفاشية والدولة العميقة ( حزب العدالة والتنمية والحركة القومية التركية وأرغنكون) إلى التمسك والبقاء في السلطة بأي ثمن وهي تمارس سياسات داخلية وخارجية لأجل تحقيق ذالك الهدف، مع الحقائق الإنتخابية والأستبيانات التي تظهر في تركيا، وكذالك مع التغيرات والتحالفات وتموضع الأعداء والاصدقاء التي تحصل في المنطقة التي تؤكد أن المنطقة بشكل عام بما فيها تركيا وسلطاتها قادمة إلى تغيرات جذرية، كون متطلبات الهيمنة العالمية وإستمراريتها وأزماتها البنيوية تفرض وقائع وتغيرات أصابت و ستصيب أغلب الشعوب والمجتمعات و دول المنطقة والعالم.
نظراً لأهمية دور تركيا الوظيفي في المنطقة من قبل نظام الهيمنة العالمي بدأ منذ الثمانينات وخصوصاً مع إنقلاب 12 أيلول 1980م في تركيا، التمهيد لإصال الإسلام السياسي إلى الحكم والسلطة في تركيا في نفس الوقت الذي تم إيجاد القاعدة في أفغانستان وكذالك الدفع وتسهيل وصول الملالي وولاية الفيه إلى الحكم في إيران وتحوير وتغيير الثورة الإيرانية إلى غير مسارها الشعبي والمجتمعي إلى ما يخدم مصالح نظام الهيمنة العالمي.
وتم البدء بالحرب العالمية الثالثة في المنطقة من خلال حرب خليج الثانية عام 1990 وتوقيع إتفاقية السلام بين الفلسطينين والإسرائيلين، وصولاً لأعتقال المفكر والمناضل عبدالله أوجلان لتحجيم دور الكرد والتحكم بهم وترويضهم عبر أتباعهم البرزانيين و إيصال أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى الحكم والبدء بإسقاط الدول القومية التي كانت إحدى الأدواة العميلة لنظام الهيمنة العالمي لتقسيم المنطقة وتحطيم إرادة وثقافة وتكامل شعوبها والتي باتت في السنوات الأخيرة، تشكل عقبة ومصدر إزعاج لها. وكل هذا مع إستشعار مركز الهيمنة العالمية والأقليمية أن الشعوب والمجتمعات لابد لها ان تنتفض وتقول كلمتها لذالك كانوا في حالة التحضيرات للأنقضاض على التحركات الشعبية المحقة وإدخال أدواتهم من حركات الإسلام السياسي ورعاتهم الأقليميين تركيا، إيران و إسرائيل.
منذ وصول أردوغان وحزب العدالة والتنمية تم إتفاقهم وتحالفهم مع عدة قوى في الداخل التركي بداية مع فتح الله غولن والخدمة وثم مع من الأوراسيين أحد أقطاب الدولة العميقة التركية ثم مع الحركة القومية التركية بعد خسارة داعش في معركة كوباني وأنتخابات 7 حزيران 2015 التي خسر أردوغان فيه الأغلبية ولم يستطع حزبه تشكيل حكومة بمفرده لحصول حزب الشعوب الديمقراطي بزعامة صلاح الدين دميرتاش حينها على حولي 80 نائب وتجاوز نسبة 10% أول مرة في تاريخ الحركة الكردية في تركيا.
السلطة التركية الحالية والتي تسمى في تركيا “حكومة الحرب الخاصة” أو “حكومة الحرب” وخصوصاً بعد محاولة الأنقلاب في 15 تموز 2016 والتي كان أردوغان على علم بها وتركها تسير للإستفادة منها. تقوم هذه السلطة بما لم تقم به كل الحكومات التركية السابقة من من ممارسة الأرهاب الممنهج كدولة تجاه شعوب تركيا والمنطقة وخاصة تجاه الشعب الكردي والعربي وغيرهم وكذالك دعم الأرهابيين وتجاوز القوانين والحقوق وسيادة الدول وتهديد استقرار وأمن وسلامة شعوب تركيا ودول الجوار وكذالك المنطقة والعالم .
لدى السياسة التركية الأردوغانية ثلاث مرتكزات مهمة:
1_العزلة: حيث أن تركيا وبمؤسساتها العسكرية والأمنية والاستخباراتية والأعلامية والدبلوماسية وبأنكشاريها المرتزقة تفرض العزلة على الشعوب والمناطق المستهدفة حتى تكون ماتصدره هي السائدة وهي المتوفرة فقط وبل تحلول قلب الحقائق وإظهار الحق باطلاً والباطل حقاً.
ولعل ما شاهده وتعرض له الشعب الكردي ومن ثم سمع به العالم حول حرق تركيا لحولي 150 شاب حياً في مدينة جزيرة في باكور كردستان( جنوب شرق تركيا) عام 2016 وكذالك تهديمه للمدن الكردية مثل سور ونصيبين وشرناخ وكفر وغيرها وحصاره لتلك المدن أثناء تلك الافعال والممارسات الأرهابية للدولة التركية بأوامر مباشرة من أردوغان حسب قول أحمد داؤد أوغلو وغيره، وكذالك ما يفرضه من العزلة والحصار على مناطق الأحتلال في شمالي سوريا والعراق وغرب ليبيا وعدم سماحه لأية وسيلة أعلام محلي أو عالمي إلى الدخول إلى تلك المناطق هو لفرض العزلة والحصار ولاخفاء جرائمه وجرائم انكشاريه من الأخوان والقاعدة وداعش.
كما أن فرض تركيا للعزلة على المفكر والمناضل عبدالله اوجلان المسجون منذ عام 1999 م في سجن إمرالي، وعدم السماح للمحامين أو لعائلته برؤيته منذ سنين هو تجاوز للحقوق الإنسانية والشخصية وكذالك للقوانين التركية بحد ذاته بالأضافة إلى عدم التزام تركيا بالقوانين الدولية والمحكمة الأوربية. وهذه العزلة هي على الشعب الكردي الساعين للحرية في شخص قائدها وكذالك على شعوب المنطقة وقواها المنادية بالحرية والديمقراطية والعدل.2_الفاشية: يتميز الدولة التركية وسلطاتها منذ وصول الأتحاد والترقي والفكر القومي الفاشي إلى الحكم في تركيا بفاشية قل نظيرها في العالم حتى هتلر أخذها مدرسة ومثل له ، وما حصل أعوام 1915 وكذالك 1925 وصدورقوانين التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي وتهجير ملايين الناس من القوميات الأخرى ومنع الثقافة و اللغة الكردية كانت البداية ، وصولاً لأعوام التسعينات التي مارست رئيسة الوزراء حينها “تانسو تشلر” فاشية مضاعفة بحق القرى الكردية بحرقها في إقليم بوطان المحاذي للحدود العراقية في جنوب شرق تركيا. واليوم أردوغان وبهجلي يجسدون الفاشية وبل يعمقونها ويتخذونها وسيلة للبقاء في الحكم والحصول على الاصوات في الأنتخابات . فكيف نفسر قتل الشاب الكردي بارش جاكان فقط لأستماعه لاغنية كردية في تركيا بل كيف نفسر أرسال الدولة التركية لعظام شاب كردي “عكيد إيبك” بعد قتله في صندوق لأمه ومطالبتها بدفع 45.20 ليرة تركية ثمن البريد، وأستشهاد المطربة هيلين بولوك وكذالك المحامية أبرو تيمتك بعد الاضراب عن الطعام للمطالبة بمحكمة عادلة بعد صدورقرارت اسجنهم لسنوات طويلة لأسباب واهية وحجج زائفة.
3_الأحتلال: مع أردوغان وحاشيته أصبح الاحتلال وتوسيع الحدود وتمزيق الخرائط وسيلة لبقاء الحكم والسلطنة الأردوغانية وكذالك أعادة مناطق الميثاق الملي الذي يضمن نصف سوريا ونصف العراق، بالإضافة لأحتلال مناطق غرب ليبيا والكلام الأردوغاني واعلامه وخرائط نوابه عن بلغارية وصربيا وقبرص وجزر اليونان واجزاء من أرمينيا يبين أنه يعيش شخصية السلاطين العثمانية ومعجب بها وربما بشخصية اولاد عمومته من التتار والمغول مثل ” تيمورلنك” و”هولاكو” و مساعده “كيتا ا” الذين اراد القضاء على الأمة الأسلامية ودينها الحنيف. وعندما صعد خطيب أردوغان رئيس مايسمى ” المؤسسة الدينية” في تركيا إلى المنبر في كنيسة ايا صوفيا التي أغتصبها أردوغان السلطان العثماني بتحوليها لجامع وهو يلوح بسيفه العثماني وكانه يقول للمنطقة وشعوبها إننا لانفهم ولا نريد أن نتعامل معكم سوى بالسيف والقتل والنهب والأحتلال.

في خضم صراعاتنا كشعوب ودول المنطقة والعالم مع السلطات التركية وسياستها التي تستند إلى العزل والفاشية والأحتلال علينا معرفة ماهية الدولة و السلطة التركية وكذلك سياساتها الداخلية كون هذه السياسات والتمددات والتوسعات الخارجية وكذلك التهديدات التي تشكلها هي أستمرار وتكملة لسياستها الداخلية للبقاء في الحكم و لتجاوز أزماتها الاقتصادية الناتجة عن حروبها مع الكرد والعرب وشعوب المنطقة ودعمها المرتزقة والإرهابيين.
تخوض تركيا ثلاث صراعات رئيسية مع الشعب الكردي ضمن تركيا وفي شمال سوريا وشمالي العراق وبالتوازي مع إيران كون أيران فيها حوالي 17 مليون كردي. وتخوض تركيا صراعاً ضد الشعب العربي ودوله من ليبيا و لبنان وشمال سوريا والعراق وكذالك من الصومال وموريتانيا وتونس وقطرعبر أحتلالها وقواعدها العسكرية وأدواتها الأخوانية. وكذالك تخوض تركيا صراعاً مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط ومن ورائها مع الاتحاد الأوربي وخصوصا فرنسا ودول جنوب اوربا السبعة، وتسعى تركيا في هذه الصراعات الثلاثة إلى النهب والسرقة والهيمنة والسيطرة والأحتلال .
والوقوف في وجه هذه السياسة السافرة والهدامة كما وصفها الجامعة العربية ووزارة الخارجية المصرية يتطلب سياسة موحدة ورادعة، وأن تركيا لم تعد شريكة ويتطلب مواقف حازمة كما قال رئيس فرنسا. نستطيع القول أن المواقف العربية والأوربية والموقف والحملة ضد تركيا وفاشيتها وأحتلالاتها بعنوان “كفى للعزلة، الفاشية، للاحتلال ، حات وقت وقت الحرية”، التي ستنطلق في 12 سبتمبر( أيلول) الحالي في مناطق تواجد الكرد في تركيا وسوريا والعراق وأوربا وغيرها الذي صدر من أكبر التنظيمات الكردية السياسية والأجتماعية منظومة المجتمع الكردستاني، هم مواقف يكملون بعضهم ومن الصحيح أن يزداد تحالف وتضامن وتكامل شعوب ودول المنطقة والعالم مستندة إلى دهنيات ديمقراطية وحرة للوقوف أمام تركيا الاستعمارية وغطرستها وإرجاعها ألى رشدها وحماية شعوبنا من إرهاب الدولة التركية وسلطاتها الفاشية.

to top