الأحد 24 نوفمبر 2024
القاهرة °C

الفرار من القتل إلى الانتحار

هيفيدار خالد

تصاعدت نسبة العنف ضد النساء في مدينة كوباني، شمال شرقي سوريا، فقد أقبل في الفترة الأخيرة عددٌ من النساء على إنهاء حياتهنّ هرباً من طبيعة العادات والتقاليد البالية والعنيفة التي مازالت تتحكم في المجتمع، وكذلك البعض منهنّ لقينَ مصرعهنّ على أيدي أقاربهن لأسباب غير مقنعة ولا واضحة.

فضلاً عن تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي لدى الكثير من الأُسَر التي لا تستطيع تلبية أبسط متطلباتها في الحياة.

كما نعلم جميعاً أنه تتعدد أسباب الانتحار في المجتمع، إضافةً لظاهرة قتل النساء في المجتمعات تشبه بعضها البعض، ففي الفترة الأخيرة شهدت مدينة كوباني شمال شرقي سوريا إقدام الكثير من النساء والفتيات على إنهاء حياتهنّ هرباً من الواقع المرير الذي تفرضه العادات والتقاليد عليهن، ناهيك عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والوضع المعيشي الذي تعيشه المدينة لنعلم بعدها عن اليأس الجاثم على صدر الأمل لديهن.

معظم الأسباب التي تؤدي إلى قيام بعض النساء بالانتحار أو التخلص من واقع حياتهن هي ناتجة عن الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرضن لها، وعلى وجه الخصوص ظاهرة زواج القاصرات التي تأتي في مقدمتها، هؤلاء الفتيات القاصرات اللواتي لا يستطعن تحمل تبعات الزواج ومسؤولياته لاسيما مع سوء الوضع الاقتصادي في الفترة الأخيرة بالمنطقة جعلت العديد منهن يقدمن على هذا الفعل.

هيئة المرأة في إقليم الفرات أكدت في تصريحات صحفية عبر وسائل الإعلام، بأنّ امرأتين في كوباني منذ بداية العام الجاري أقدمتا على الانتحار، فيما وقعت إحدى عشرة محاولة انتحار وحالتان للقتل العمد وأخرى للاشتباه بالقتل أو الانتحار. ونوّهت في تصريحات إلى أن مثل هذه الحالات ناتجة من قلة الوعي الكافي للتعامل مع الضغوط التي تتعرض لها المرأة في المجتمع. وأكدت أنّ المجتمع المحلي يعتبر الانتحار في كوباني ظاهرةً جديدة، لكن البعض أكّد أن الظاهرة قديمة، وكان يتم إخفاؤها لعدم وجود مؤسّساتٍ خاصّة بالمرأة، كأسايش المرأة ودار المرأة والمنظمات الحقوقية الخاصة التي تهتم بقضايا المرأة للحفاظ على حقوقها والمناهضة للعنف الممارس ضدها.

تصريحات هيئة المرأة يجب أن تكون في وقتها ومكانها المناسب، ويتطلب من الهيئات التي تُعنى بأمور المرأة أن تكثف جهودها في القيام بتوعية النساء والعمل مع منظمات أخرى من أجل توفير بعض أسباب الحياة الطبيعية وعلى وجه الخصوص الحالة المعيشة التي ربما تكون سبباً في أن تقلل من ظاهرة الانتحار.

ورغم وجود هذه المؤسسات ما يزال الكثير من العنف يمارس ضد النساء من قبل عوائلهن وأزاوجهن، وذلك العنف الذي يزرع الخوف في نفوسهن ويجعلهن يتعرضن للعنف بصمت وهو ما يشكّل عائقاً أمام المؤسّسات من الوصول إلى تلك الأسر من أجل القيام بالدور المنوط بها.

وبوجهة نظري الشخصية أنه للحد من ظاهرة العنف المتفاقمة ليس في مدينة كوباني فحسب بل في الكثير من المناطق يتطلب من جميع النساء بذل جهود كبيرة لمواجهة المفاهيم والعادات التي تحول دون وصول المرأة إلى حقوقها في الحياة، وبالتالي التعرض لشتّى أشكال العنف من القتل والانتحار الذي يعتبراً وباءً صامتاً في المجتمع، وينهي حياة العشرات في مجتمعاتنا.

العمل على توعية النساء هو الخيار الوحيد الذي يمكن من خلاله خلاص النساء من القتل والانتحار والعنف. وعليهن المناشدة والمطالبة بحقوقهن وليس وضع نهاية لحياتهن.

to top