السبت 30 نوفمبر 2024
القاهرة °C

المجتمع المنظم هو المجتمع الأفضل

الحدث – وكالات

الإدارات الحالية ليست مفروضة على هذه الأرض وهذه الشعوب، إذا ما نظم الشعب نفسه وعلم نفسه، عندها هو سيحدد مصيره بنفسه، وسيتحرر من الإنكار والفقر والظلم بالديمقراطية والتنظيم والنضال.

مرت عدة أسابيع منذ وقوع الزلزال، ولكن ما تزال كافة فئات المجتمع والجهات الإعلامية تناقش وتتحدث عن الزلزال، لان منطقة واسعة قد تضررت وتأثرت بالزلزال ويعاني الناس من مواصلة حياتهم اليومية، لأنه في تركيا، السلطات تعيش حالة من الانهيار في ظل إدارة أردوغان وبخجلي، وهذا ما تسبب في فقدان مئات الآلاف من الناس لحياتهم، وبقاء كل أولئك الناس تحت الأنقاض، ولو تم اتخاذ التدابير اللازمة لما حدث دمار كبير إلى هذا الحد، وأيضاً، وإذا ما جرت عمليات الإغاثة والإنقاذ بسرعه وبشكل منظم، لتم انقاذ عدد كبير من الناس على قيد الحياة، ولأن الإدارة كانت غارقة في حالة من الإهمال والفساد، كان هناك الكثير من الدمار والخسائر.

وعندما يعيش الشعب حالة من التوتر ويواجه الكثير من الصعاب، فمن الطبيعي ألا يناقش ويكتب عن أي موضوع آخر، ولكن حكومة أردوغان وبخجلي قلقة بشأن حماية سلطتها وكأن شيئاً لم يحدث، والوضع لا يختلف كثيراً في سوريا، حيث أن بشار الأسد الذي تدمرت بلاده وشرد الملايين من الناس من شعبه، ولكنه لا يهتم إلا بحماية سلطته حتى في ظل هذه الظروف، وقسم مهم من سوريا، تم احتلاله من قبل تركيا، ودولة الاتراك تدير المناطق المحتلة حسب هواها، تعبث بالتركيبة السكانية وتقوم بتغيير ديمغرافي، وغالبية المناطق التي تضررت جراء الزلزال هي المناطق المحتلة، حيث أن ادلب تسيطر عليها جبهة النصرة والمجموعات المسلحة الأخرى، والمساعدات الآتية من الخارج لا تصل إلى المناطق المنكوبة إلا بموافقة الاتراك، والجماعات المسلحة أيضاً توزع المساعدات التي تصل إلى هناك، لا بحسب احتياجات الناس، بل حسب احتياجاتهم، من جهة، ضرب الزلزال الشعب، ومن جهة أخرى، هذه المجموعات المسلحة وأولئك المرتزقة أيضاً.

إدارة الأسد تحاول ربط كل شيء بنفسها وبناء إدارة مركزية أكثر، وتتصرف وكأنه في سوريا كل شيء اعتيادي، ويتصرفون مع الشعب كما لو أن كل شيء سيستمر كما كان في السابق، ولا ترى نفسها مسؤولة تجاه كل الاحداث التي حصلت، تركوا العمل ولم يفكروا أبداً بتغيير الإدارة، ويتصرفون كما لو أن هذا العالم قد خلق هكذا وسيتسمرون بنفس الشكل، ويستمرون وكأن هذا الشيء هو قانون إلاهي وقانون طبيعي، لا يسمحون للشعب بأن يكون لديه آمال بمستقبله أو أن يفكر بطريقة مختلفة قليلاً، وأولئك الذين يفكرون بطريقة مختلفة، أولئك الذين يطالبون بالحرية والديمقراطية، إما يسافرون إلى الخارج أو يهلكون في المعتقلات والسجون، لا يتيحون الفرصة للمؤسسات المدنية أو لنضال حقوق الإنسان، ويرون من كل شيء خارج عن أمرهم، كخطر عليهم.

المثقفون والمفكرون في البلاد، يظلون تحت تهديد الدولة لأنه ينظر أليهم على أنهم خطرون، والذي تتاح له الفرصة يهرب إلى الخارج، وبهذا الشكل، تحدث هجرة كبيرة للعقول من البلاد، والكثير من الأشخاص الأذكياء وذوي الخبرة يختفون ويفقدون بأيادي الدولة، وتستخدم المدارس الحكومية لتنشئة مسؤولين موالين للدولة، ويتم استهداف الاذكياء واللبقين وذوي الاخلاق العالية، ويصبح كل شيء ملكاً للدولة حتى المجتمع نفسه، والأحزاب لا يمكنها أن تنظيم نفسها وأن تعمل وتتنافس بحرية، المؤسسات والغرف والمنظمات لا يمكنها أن تواصل وجودها خارج نطاق الإدارات والمسؤولين، ويخضع الجميع وكل شيء لممارسات قاسية جداً.

وكان جلياً بأن الدولة لا تسمح بالعيش والحياة، بل تقتل، لا حاجة لأن تكون الدولة منتفخة إلى هذا الحد، المجتمع ينبغي أن يكون منظماً وذو تأثير وفعالية، لأن المجتمع يقوم بالكثير من أعماله بنفسه، وليس بالضرورة أن يتحاج إلى الدولة في جميع الأمور، وإذا ما تم تطوير معيار أقل للدولة، والكثير من الديمقراطية، الإدارات لن يمكنها أن تحل نفسها مكان كل شيء، وإذا ما اختار الشعب إداراته وتبعها، عندها لن تظهر مثل هذه البنية المركزية والدكتاتورية، وفي الوضع الحالي، الشعب يفتقد للتنظيم وللحلول، وهذا العجز قد تم بناءه عمداً، إدارة الأسد تحكم سوريا منذ سنوات طويلة، وأردوغان أيضاً يحكم منذ أكثر من 20 عاماً، وبالرغم من الأوضاع التي حلت ببلادهم بسببهم، إلا إنهم يظهرون وكأنه لا يوجد بدلاء لهم، يفرضون أنفسهم على الشعب ويقولون بأنه توجد بعض المشاكل بالفعل، إلا أنه يمكنهم حلها.

يعيش الملايين من الناس في سوريا وتركيا، لماذا لا يستطيع أشخاص أخرون من أن يديروا البلاد، أو أن يقوموا بالإدارة بشكل أفضل؟ الإدارات الحالية ليست مصير شعبنا وبلادنا، والمشكلة تكمن بمستوى معرفة وتنظيم الشعب، إذا ما نظم الشعب نفسه وأصبح متيقظاً، عندها يمكنه أن يقرر مصيره، ويستطيع حل جميع مشاكله من خلال التنظيمات التي يبنيها بنفسه، والأشياء التي تريد الدولة أن تفعلها أيضاً، يمكن أن يتم القيام بها بيد الأشخاص المنتخبين، والحاجة هي ألا يبقى خوف وركوع أمام الإدارة إذا ما تم القيام بشيء لا يعجبها، ومن أجل ألا تزداد وتكبر المشاكل وألا تظهر إدارات فاشية، الطريقة الأكثر فاعلية هي بناء نظام ديمقراطي، عندما يتم بناء أنظمة ديمقراطية، عندها ستظهر البدائل والحلول المختلفة، وإذا ما بقي الأمر كما هو الآن، فإن المجتمع سيبقى تحت حكم الإدارات الحالية، ومثلما الموت ليس مصيراً محتوماً بالزلزال، فإن الإدارات الفاسدة ليست مصيراً محتوماً أيضاً، والسبيل للتخلص من الإبادة والفقر والظلم، هو الديمقراطية والتنظيم الذاتي والنضال.

المصدر: جريدة روناهي

to top