المرأة في عالم القراءة
هيفيدار خالد
“عندما تتوقف النساء عن القراءة ستموت الرواية”… تبدو للوهلة الأولى قصيرة لك هذه العبارة وأنت تقرؤها، إلا أنه إذا توقفت عندها سترى بأنها تحوي بين طياتها معاني ودلالات كثيرة، هذه العبارة تعبر عن الدور الذي تلعبه النساء في القراءة والكتابة في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، وكيف يغلب الطابع الذكوري على كافة مجالات عالم الأدب والكتابة. ورغم أن المرأة تحقق نجاحات كبيرة في مجال الكتابة إلا أن الذهنية الذكورية التي تتحكم بكل شيء في مجتمعنا تحول دون ظهور دور المرأة الفعال في هذا المجال الذي تستطيع المرأة من خلاله التعبير عن ذاتها وكيانها ودورها في الحياة.
منذ بداية فجر تاريخ الإنسانية وحتى يومنا هذا برزت العديد من الشخصيات النسائية كنازك العابد التي اشتهرت بكتابة المقالات وكانت مقالاتها تَصدر دورياً بين مقالات الشخصيات البارزة، ومي زيادة التي كان لها دور بارز في نهضة المرأة العربية بزمانها وغادة السمان التي لعبت دوراً مميزاً في مجال الكتابة الأدبية. هذه الشخصيات التي تمكنت بصرير أقلامها من إبراز دورها في الكتابة وخاصة الروايات ووصلت في بعض مراحل التاريخ إلى الذروة بالجهود الذاتية والإبداعات الشخصية حيث تمكّنَّ من تغيير مسار التاريخ إذ أسهمنَ في إغناء الأدب في مجالات تتجاوز بكثير حدود المنطقة، وظهرت شخصيات أدت خبرتهن علامة مميزة في مجالات الكتابة والرواية، ووضعن الأثر الكبير في مسار التاريخ الثقافي والتنويري لمجتمعاتهن، إلا أن بعض العوائق كما ذكرت آنفاً التي تظهر أمام المرأة في كل مرة تحد من تطورها بشكل أكبر وبالتالي لا تستطيع أن تصبح صاحبة شأن أو يكون لها الدور البارز في المجتمع.
ويمكننا أيضاً رؤية قوة النساء الكاتبات في وقتنا الراهن، وسعيهن الدؤوب لجعل مطالب النساء واعتباراتهن في مقدمة الاهتمامات وخاصة ما يتعلق بحصولهنَّ على الحقوق والكرامة والحرية، إلا أنه في ظل وجود الآلاف من الكتّاب الرجال، تضيع مؤلفات النساء في ازدحام ما يكتبه الرجال، فضلاً عن أنه قد لا يَلقَينَ قَبولاً لدى معظم النّقّاد، ما يجعل نصيبهن من الشهرة قليلاً في معظم الأوقات، ويؤثر ذلك بشكل كبير على مبيعات الكتب من مؤلفاتهن. لذا وكي لا تموت الرواية يجب ألا تتوقف النساء عن القراءة والكتابة، بل يجب أن يحاولن جاهدات متابعة المسيرة في هذا الخصوص. لأنه كما أسلفت سابقاً عندما تتوقف النساء عن القراءة ستموت الرواية لذا يجب بذل المجهود في هذا الشأن كي لا تموت روح الاطلاع والقراءة لدى النساء، لأننا لا نقبل بموت الرواية ولا اندثارها أبداً، بل نسعى دائماً إلى التألق فيها كنساء أبدعن في جلِّ مؤلفاتهن طوال مسيرتهن الثقافية. ولذا من الواجب على النساء تطوير ذواتهن في هذا المجال لأن المرأة المبدعة في الكتابة هي الوحيدة القادرة على التعبير عن آلام ومعاناة المرأة في مجتمع ذكوري يعادي المرأة المبدعة وأفكارها وأصالتها وحقيقتها التاريخية، ولا بد من أن نسمع الحقائق من قلم المرأة الحرة. والقضاء على مفهوم التهميش مع كتابات المرأة وجعلها حديث الساعة ومحور الجذب لدى الجميع.