يعد القلق بمختلف درجاته من المشاكل الاجتماعية الخطيرة التي يعاني منها كافة المجتمعات، وقد تركت هذه الظاهرة تأثيرات سلبية واضحة على صحة الفرد ومعاناته اليومية، وإنتاجيته وتخوفه من المستقبل، والنساء في المراحل العمرية المختلفة هنّ الأكثر عرضة بين الجنسين إلى الإصابة بالاضطرابات النفسية والسلوكية والقلق، وهذا ينعكس سلباً على قدراتهن وطاقاتهن، وشعورهن بانعدام الأمن والاستقرار والضياع.
يعتبر القلق ردّة فعلٍ طبيعية نتيجة الضغط، وهو ملازم للإنسان خصوصاً في وقتنا الحاضر، والأسباب كثيرة منها العبثية والفوضى التي يجد بها ذاته، والتغيرات الجذرية في كافة نواحي الحياة، فالإنسان هو الكائن الأكثر شقاءً وألماً على الأرض، يستجيب إلى الأحداث المؤلمة في مسيرة حياته، يحللها ويخزنها في ذاكرته ويستحضرها من حين لآخر، وهذا التفكير يتسبب بمأساة وجودية في الكون.
تخلق نوبات القلق ورهبة الاضطراب والتوتر أزمات كثيرة من تفكك في العلاقات العائلية، والإصابة بضغوط نفسية جسيمة، وتزيد من خطر الإقبال على الانتحار.
بما أن القلق يستحوذ بدرجات أكبر على النساء وهذا يعتبر أساساً لقلق مستقبل المجتمعات، لأنهن يقمن بتربية الأجيال وتنقلن آثارهن إليهم حيث يتعذر على الأم التي تعاني من القلق التكيف القويم في التعامل مع الآخرين؛ ولهذا تلح الضرورة لمساعدة هذه الشريحة المهمة في المجتمع وتخفيف حدّة هذه الظاهرة، لتتمكن من التعامل مع الأوضاع الصعبة وبالتالي دعمها ومنعها من الانخراط في السلوكيات السلبية المحتملة، والتأكيد على دورها المهم في مواجهة تحديات القلق، ومعالجتها من المخاطر المتوقعة فهنّ يتحملن مسؤولية النهوض بالمجتمع.
لا بدّ من توضيح أن الشخص القلق هو الشخص الذي لم يتمكن من تحقيق حاجاته الأساسية، وبالتالي لم يتوصل لهدفه النهائي المتمثل بتحقيق الذات، لذلك يعاني من القلق والخوف، كما أن التوتر العصبي ليس منتشرا بين الأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة فحسب، وإنما يصيب أي شخص يتمتع بصحة جيدة، بغض النظر عن عوامل العرق والثقافة والمنطقة، فجميع المجتمعات تعاني منه.
بما أن القلق يجعل الحياة صعبة جداً، ويؤدي إلى الكثير من العواقب السيئة؛ لا بدّ من التصدي لهذه المشكلة والتكفل لأجل العلاج النفسي للشخص المبتلى، وتخليصه من المواقف التي أثارت حالة القلق لديه؛ يمكننا القول إنه من الممكن أن يتسامى الإنسان على ألمه، ويواجه شقائه في مرحلة من حياته؛ ليرسم دربه في الحياة.