الأحد 24 نوفمبر 2024
القاهرة °C

المرأة وفاتورة النزوح

هيفيدار خالد

ظاهرة النزوح التي تفاقمت بكثرة مؤخراً في العالم كافةً نتيجة الحرب المؤلمة والدائرة رحاها بين العديد من الأطراف المتصارعة فيما بينها، ألقت بظلالها على حياة العديد من النساء اللواتي أصبحن الضحية الأولى والأخيرة للنزوح القسري بعد أن اضطررن إلى ترك ديارهن.

المرأة النازحة أو التي شُرِّدَت من ديارها قسراً تتعرض اليوم كما نرى، لشتى أنواع الانتهاكات اللاإنسانية في مخيمات النزوح التي تقطنها. فالمرأة في مثل هذه الظروف الصعبة تتعرض لكافة أنواع الاستغلال، كالاستغلال الاقتصادي والجنسي من اعتداء وتحرّش واغتصاب وسوء المعاملة، بالإضافة إلى زيادة مخاطر العنف بحقها والزواج بالإكراه أو الزواج في سنٍّ مبكر.

نرى اليوم في العديد من الدول العربية كسوريا والعراق واليمن وليبيا والأردن ولبنان التي تتواجد فيها عشرات مخيمات النزوح واللجوء، كيف تعيش المرأة؟ وبأي طرق وأساليب تحصل على قوتِها اليوميّ وتلبّي متطلبات حياتها وحياة أفراد عائلتها؟ كما أننا نحصل على معلومات من خلال التقارير والتحقيقات الصحافية التي تُظهِرُ وتوضح لنا حجم المعاناة التي تتعرض لها تلك النساء اللواتي أجبرتّهنَّ آلةُ الحرب والنزاعات على النزوح وترك منازلهن، واضطررن للعيش في هذه المخيمات التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة في كثير من الأحيان.

تتعرض النساء النازحات في كل دقيقة وبشكل يومي لعنف نفسي بحيث يطرأ على حياتهن تغيرات كبيرة تسهم بتغيير أدوارهن بالحياة، بحيث تصبح المرأة النازحة هي المعيل الوحيدة للأسرة والجهة المسؤولة لحماية أطفالها وإدارة شؤونهم لوحدها، الأمر الذي يؤدي إلى خلق مشاكل جديدة أيضاً للمرأة وخاصةً أنها يجب أن تتعامل مع وسط جديد ومحيط وبيئة جديدة وثقافة جديدة لا تشبه ثقافة بلدها ودولتها الأم، وأنها أمام ثقافة جديدة يجب عليها الاندماج فيها والتأقلم معها. بالطبع كل هذا يتطلب من المرأة مجهوداً كبيراً لكي تستطيع تقديم المزيد لمن هم من حولها في هذا الوسط الحديث بالنسبة لها.

فهي التي تصبح الأب والأم والمعيل والوصيّ لعائلتها وسط ظروف قاسية تفرض عليها الكثير من المتاعب وتخلق لها في الكثير من الأحيان مشاكل لا نهاية لها.

كما أن النساء في المخيمات يواجهن قيوداً صارمة من حيث توفير الخدمات الصحية الأساسية لهن، في حين أنّ الملاجئ لا تملك القدرة الكافية على استيعاب جميع الضحايا من النساء اللواتي يحتجن إلى الحماية بفعل العنف المنزلي الذي يتعرضن له، وكما نعلم أنه يتم الإبلاغ عن حالات قتل النساء بوتيرة تبعث على القلق لدى الجميع في معظم الأوقات.

الجهات المعنية والمختصة بقضايا المرأة مسؤولة عن كل ما تتعرض له المرأة النازحة في المخيمات، لهذا على جميع الجهات المعنية الحقوقية المختصة إيجاد حلول جذرية لقضية المرأة النازحة التي تتعرض لمعاناة ممنهجة وبشكل يومي، وكذلك القيام بتوفير فرص العمل لها بالإضافة إلى تلبية أبسط الحقوق من متطلبات ومقومات الحياة التي هي بأمسِّ الحاجة لها من خلال تطوير مشاريع توعوية واقتصادية تساهم في سدّ جزء من متطلبات النساء اليومية المادية منها والمعنوية.

to top