السبت 16 أغسطس 2025
القاهرة °C
آخر الأخبار

المفكر الكردي الكبير محمد أرسلان يكتب : دبلوماسية الوقت الضائع لدول جوار سوريا (الجولاني)

الحدث – بغداد

تشير الزيادة الأخيرة في الانخراطات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي تشمل سوريا والأردن والعراق والولايات المتحدة وتركيا إلى إعادة معايرة عميقة للديناميكيات الإقليمية. هذا التحول مدفوع بشكل أساسي بالانتقال السياسي الداخلي في سوريا والضرورات الاقتصادية والأمنية الملحة التي تواجه جيرانها. إن الحدث المحوري الذي يدعم هذه التطورات هو سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 وتأسيس إدارة سورية انتقالية جديدة. هذا التغيير، إلى جانب رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية في مايو 2025، قد فتح آفاقًا غير مسبوقة لإعادة الانخراط مع دمشق.

يتمثل الرابط الحاسم بين هذه الزيارات في السعي لتحقيق أمن الطاقة وتنويعها (سعي العراق لخيارات بديلة عن جيهان عبر بانياس)، إلى جانب الرغبة الإقليمية المشتركة في الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا، وإعادة تنظيم معقد لأولويات الأمن (التقارب التركي مع الإدارة السورية الجديدة، جزئياً لمواجهة القوات الكردية). تلعب الولايات المتحدة دورًا دقيقًا، حيث تنتقل من سياسة العزلة إلى الانخراط المشروط، وتعزز الحلول الإقليمية بينما تتنقل في تحالفاتها ومصالحها المعقدة.

يشهد الشرق الأوسط حاليًا تعاقبًا سريعًا لمبادرات دبلوماسية واقتصادية رفيعة المستوى تتمحور حول سوريا. سنحلل في هذا المقال ثلاثة أحداث محورية متقاربة زمنيًا: الاجتماع الثلاثي في عمان، وزيارة وزير الطاقة السوري إلى العراق، وزيارة الوفد السوري رفيع المستوى إلى تركيا.

من الضروري التأكيد في البداية أن هذه الأنشطة الدبلوماسية المتسارعة تحدث في أعقاب تحول سياسي جوهري في سوريا: سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 وتأسيس إدارة سورية انتقالية جديدة تحت قيادة الجولاني (أحمد الشرع). هذا التطور المحوري، إلى جانب رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية في مايو 2025، يعيد تعريف معايير الانخراط الإقليمي والدولي مع دمشق بشكل جذري.

السؤال التحليلي المركزي الذي يوجه هذا المقال هو الكشف عن الروابط الأساسية والدوافع الاستراتيجية والآثار الأوسع التي تربط هذه الأحداث التي تبدو متباينة، ولكنها متشابكة بعمق. الاجتماع الثلاثي في عمان: استقرار جنوب سوريا وإعادة الانخراط الأمريكي. ففي 12 أغسطس 2025، استضافت العاصمة الأردنية عمان اجتماعًا ثلاثيًا ضم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ومسؤول الشؤون الخارجية السورية أسعد الشيباني، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، إلى جانب ممثلين عن المؤسسات المعنية.

شملت الأهداف المعلنة الأساسية على الأقل حتى الآن، مناقشة الوضع العام في سوريا، ودعم جهود إعادة إعمارها، والبناء على المناقشات السابقة التي جرت في 19 يوليو 2025 لترسيخ وقف إطلاق النار وحل الأزمة المستمرة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا. أكد بيان مشترك أن السويداء جزء لا يتجزأ من الجمهورية العربية السورية، ورحب بالتزام السلطات السورية الجديدة بإجراء تحقيقات كاملة، وضمان المساءلة عن الجرائم والانتهاكات، والتعاون مع هيئات الأمم المتحدة المعنية، وزيادة وصول المساعدات الإنسانية، وتعزيز المصالحات المجتمعية. كان من النتائج الرئيسية الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل ثلاثية (سورية-أردنية-أمريكية) مكلفة على وجه التحديد بدعم وقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة في السويداء.

يشير الانخراط الأمريكي، الذي يسره المبعوث الخاص باراك (الذي يشغل أيضًا منصب السفير الأمريكي لدى تركيا)، إلى تحول براغماتي عن سياستها السابقة المتمثلة في عزل نظام الأسد. تهدف واشنطن إلى استقرار سوريا من خلال تقديم حوافز، بما في ذلك إمكانية تشكيل تحالف دولي “لأصدقاء سوريا” لدعم التعافي وإعادة الإعمار، مقابل تنازلات في السياسة الداخلية مثل إنشاء حكومة شاملة وإصلاحات داخل الجهاز الأمني.

يرتبط التركيز الصريح للولايات المتحدة والأردن على أزمة السويداء ارتباطًا مباشرًا بالتصعيد في العنف الطائفي بالمحافظة بعد سقوط نظام الأسد. يُنظر إلى هذا عدم الاستقرار على أنه تهديد كبير للاستقرار السوري الأوسع والأمن الإقليمي، بما في ذلك انتشار تهريب المخدرات إلى الأردن. كانت السويداء، وهي محافظة ذات غالبية درزية، قد حافظت على درجة من الحياد خلال الصراع، لكنها دخلت مرحلة جديدة من الاشتباكات الداخلية والتدخلات الإقليمية منذ ديسمبر 2024. هذا الصراع الداخلي، إلى جانب مشكلة تهريب المخدرات الموثقة من سوريا إلى الأردن، يجعل استقرار السويداء أولوية قصوى لكل من عمان وواشنطن. من خلال إشراك الإدارة السورية الجديدة في هذا الصراع المحلي المحدد، يهدفان إلى احتواء تصعيد محتمل أوسع يمكن أن يزيد من زعزعة استقرار المنطقة بأكملها ويقوض جهود إعادة الإعمار.

ولعل التوجس الأردني في مكانه نوعاً ما وخاصة بعدما تم حل جماعة الاخوان المسلمين في الأردن والتي من المؤكد أنها بنت شبكة علاقات مع من هم في سوريا. وهو ما يشكل قنبلة موقوتة في خاصرة الأردن سيتم استخدامها وقت اللزوم، لنشر الفوضى في الأردن. طبعاً ليس بدافع من السلطة المؤقتة في سوريا، بقدر ما سيكون دور أداتي تقوم به السلطة المؤقتة تنفيذاً لتعليمات مشغليها الأساسيين.

أما بصدد زيارة وزير الطاقة السوري إلى العراق والاتفاق وفق ما تسرب في الإعلام عن نية الطرفين في اصلاح خط أنبوب النفط الذي يصل من كركوك إلى بانياس، بعدما أعلنت تركيا عن انتهاء الاتفاق حول أنبوب كركوك جيهان. وربما تأتي هذه الزيارة كرسالة عراقية إلى تركيا مفادها، أنه لا يمكن لتركيا أن تلوي أذرعنا وعندنا البديل وهو انبوب كركوك بانياس. ولكن مالا تدركه الدبلوماسية العراقية، هو أن الدبلوماسية السورية تأخذ تعليماتها من تركيا والتي تعتبر هي الحاكم الحقيقي في سوريا وما نراهم على شاشات التلفزة ما هم سوى بيادق أو كراكوزات سنية سورية، تنفذ ما يُطلب منها فقط.  

حيث أعلنت تركيا رسميًا إنهاء اتفاقها الذي استمر 52 عامًا لنقل النفط العراقي عبر ميناء جيهان، حيث نُشر القرار في الجريدة الرسمية ودخل حيز التنفيذ في يوليو 2026. ووصفت هذه الخطوة بأنها رغبة في “مرحلة جديدة وحيوية” في علاقات الطاقة.

لقد أدى توقف وإنهاء خط أنابيب جيهان الوشيك إلى ضرورة استراتيجية ملحة للعراق لتنويع طرق تصدير النفط. في هذا السياق، وصل وزير الطاقة السوري محمد البشير إلى بغداد في 12 أغسطس 2025، لإجراء مباحثات حول إعادة تأهيل وتشغيل خط أنابيب النفط كركوك-بانياس، الذي توقف عن العمل وتضرر منذ 22 عامًا.

ينظر العراق إلى خط كركوك-بانياس كبديل استراتيجي حيوي، يوفر طريقًا “أقل تكلفة وأسرع” لنفطه الخام للوصول إلى الأسواق الأوروبية، وبالتالي يقلل من اعتماده على خط أنابيب جيهان الحساس جيوسياسيًا. كما ناقش العراق مشروعًا أكبر، وهو خط أنابيب البصرة-حديثة، والذي سيؤمن كميات التصدير عبر الخط السوري.

تواجه سوريا عجزًا حادًا في الطاقة وهي في أمس الحاجة لتقليل فاتورة استيرادها الكبيرة. يوفر إعادة تفعيل خط أنابيب كركوك-بانياس المحتمل شريان حياة اقتصاديًا حاسمًا، حيث يوفر ليس فقط رسوم العبور ولكن أيضًا إمدادًا مستقرًا محتملاً من النفط الخام لمصفاة جديدة مخططة، والتي تهدف إلى تحويل سوريا إلى دولة مصدرة للمشتقات النفطية.

خط أنابيب كركوك-بانياس، الذي تم إنشاؤه في الخمسينيات، تبلغ طاقته التصميمية 300 ألف برميل يوميًا ويمتد حوالي 800 كيلومتر من حقول كركوك النفطية في شمال العراق إلى ميناء بانياس على الساحل السوري للبحر الأبيض المتوسط. تقدر تكلفة إعادة تأهيله ما بين 300 مليون و600 مليون دولار.

يمثل الإحياء المحتمل لخط أنابيب كركوك-بانياس إعادة توجيه للبنية التحتية الإقليمية للطاقة بعيدًا عن الطرق التركية التقليدية نحو ممر جنوبي أكثر تحكمًا عربيًا. يمكن أن يعزز هذا بشكل كبير مكانة سوريا الجيوسياسية ويوفر للعراق استقلالية استراتيجية أكبر في صادراته النفطية، مما يقلل من تعرضه للتحولات السياسية التركية أو الاضطرابات في طرق الشحن في البحر الأحمر. هذا يوضح بقوة كيف يمكن للضغوط الاقتصادية الحادة أن تدفع إلى إعادة تنظيم دبلوماسي غير متوقع وسريع.

وأما عن الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية السوري ووزير الدفاع ورئيس الاستخبارات لتركيا التي كانت في 13 أغسطس 2025، ووصل الوفد السوري والذي ضم وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني، ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز المخابرات حسين سلامة، إلى أنقرة. هدفت الزيارة إلى إجراء محادثات رسمية مع الجانب التركي حول عدد من الملفات المشتركة. هذه الزيارة جاءت بعد رحلة سابقة قام بها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق الخميس الماضي، حيث التقى بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع ووزير الخارجية الشيباني. حيث تعمل تركيا بنشاط على تعزيز علاقاتها مع “الإدارة السورية الجديدة” (التي تولت السلطة بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024) على مختلف الأصعدة، بما في ذلك الجوانب الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية.

وتناولت المناقشات بشكل صريح القضايا الأمنية، بما في ذلك مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية لسيادة سوريا ووحدتها السياسية. تعهدت تركيا بتقديم الأسلحة والمعدات العسكرية والدعم اللوجستي، ومشاركة الخبرات في التدريب والاستشارات العسكرية لتعزيز القدرات الدفاعية لسوريا. يمكن أن يشمل هذا التعاون إنشاء تركيا لقواعد جوية واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية.

والنقطة الأهم التي تم النقاش عليها وفق ما فُهم من المؤتمر الصحفي لوزيري الخارجية هو مواجهة القوات الكردية (قسد).وظهر جانب مهم وصريح من هذا التعاون المتنامي هو الموقف المشترك ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة داعش. حيث حذر وزير الخارجية التركي فيدان علنًا كلاً من إسرائيل والمقاتلين الكرد من وقف الأعمال التي تهدد استقرار سوريا، واتهم على وجه التحديد قسد بتأخير تنفيذ اتفاق تم التوصل إليه في مارس لدمجها في الجيش الوطني. في الوقت نفسه، أدانت الحكومة السورية الجديدة مؤتمرًا عقد مؤخرًا في مدينة الحسكة التي تسيطر عليها قسد، والذي دعا إلى دولة لا مركزية، واعتبرته “طموحات انفصالية”، وانسحبت لاحقًا من محادثات باريس المخطط لها مع قسد.

لقد مكّن سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 تركيا من التحول من دعم جماعات المعارضة ضد الأسد إلى الانخراط النشط مع الإدارة السورية الجديدة وتشكيلها. هذا التحول مدفوع بشكل أساسي برغبة تركيا في تأمين حدودها الجنوبية، ومواجهة التهديدات الكردية المتصورة، وتعزيز نفوذها الإقليمي في سوريا ما بعد الصراع. لأكثر من عقد من الزمان، كانت سياسة تركيا تجاه سوريا تُعرّف إلى حد كبير بمعارضتها لنظام الأسد ودعمها لمختلف الفصائل المتمردة. مع رحيل الأسد، أصبح لدى أنقرة الآن مسار مباشر للتأثير على الحكومة الجديدة، التي كان العديد من أعضائها مدعومين سابقًا من تركيا. يسمح هذا لتركيا بمتابعة مصالحها الأمنية الأساسية (مكافحة الإرهاب، أمن الحدود، منع الادارة الذاتية الكردية) بشكل مباشر أكثر من خلال التعاون بين الدول، بدلاً من الاعتماد على الجماعات الوكيلة، وبالتالي تهدف إلى بيئة حدودية أكثر استقرارًا وقابلية للتنبؤ.

يشير هذا التقارب السريع إلى إمكانية وجود شراكة استراتيجية بين تركيا والدولة السورية الجديدة، مما قد يضع تركيا كقوة خارجية مهيمنة في دمشق، وهو دور كانت إيران تتنافس عليه سابقًا. هذا الاصطفاف الجديد، لا سيما بعده الواضح ضد قوات سوريا الديمقراطية، يخلق احتكاكًا كبيرًا مع الولايات المتحدة، التي دعمت تاريخيًا قوات سوريا الديمقراطية. هذا يسلط الضوء على الطبيعة المعقدة والمتعددة الأقطاب للنظام الإقليمي الناشئ، حيث يمكن أن تكون مصالح الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية متناقضة. علاوة على ذلك، فإن النفوذ التركي المتزايد وطبيعة الحكومة السورية الجديدة تثير قلق إسرائيل، التي ترى في هذه التطورات تهديدات محتملة.

تظهر هذه الزيارات السريعة استعدادًا واضحًا من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الرئيسية (الأردن والعراق وتركيا والولايات المتحدة) للانخراط مع الواقع السوري الجديد. هذا الانخراط مدفوع بمزيج من الضرورة، والفرصة الاستراتيجية، والرغبة الجماعية في تشكيل مستقبل سوريا بدلاً من تركها كفراغ مزعزع للاستقرار.

تتنقل الولايات المتحدة في مشهد سياسي خارجي معقد. فهي تدعم في الوقت نفسه استقرار وإعادة إعمار الإدارة السورية الجديدة (كما يتضح من اجتماع عمان ورفع العقوبات) بينما تستمر في دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تعتبرها الحكومة السورية الجديدة وحليفتها الجديدة، تركيا، تهديدًا كبيرًا. هذا يخلق موقفًا سياسيًا خارجيًا دقيقًا وقد يكون متناقضًا لواشنطن. لقد استثمرت الولايات المتحدة تاريخيًا في قسد كشريك حاسم في مكافحة داعش وللحفاظ على الاستقرار في شمال شرق سوريا. ومع ذلك، فإن الحكومة السورية الجديدة، بدعم تركي قوي، تنظر إلى تطلعات قسد الى اللامركزية على أنها تحدٍ مباشر لسيادتها ووحدتها. هذا يجبر الولايات المتحدة على الموازنة بين أهدافها في مكافحة الإرهاب وأهدافها الأوسع للاستقرار الإقليمي ورغبتها المعلنة في رؤية دولة سورية شاملة. يمكن أن يصبح التوتر الذي لم يحل حول قسد عقبة رئيسية أمام التقارب الكامل بين الولايات المتحدة وسوريا والاستقرار الإقليمي الأوسع.

على الرغم من الزخم الإيجابي الحالي، لا تزال هناك تحديات كبيرة يمكن أن تعيق التطبيع الكامل وإعادة الإعمار المستدامة. وتشمل هذه التحديات التعقيدات السياسية الداخلية المتأصلة في “الإدارة السورية الجديدة”، لا سيما قدرتها على تعزيز الشمولية الحقيقية ومعالجة مظالم جميع المجتمعات (بما في ذلك الكرد والدروز والعلويين والمسيحيين)، وهو أمر حاسم للاستقرار على المدى الطويل.

يعتمد النجاح النهائي لإعادة دمج سوريا في المجتمع الإقليمي والدولي بشكل حاسم على قدرتها على تحقيق استقرار داخلي حقيقي وتنفيذ إصلاحات سياسية ذات مغزى. قد يؤدي الفشل في ذلك إلى استمرار التجزئة، وعودة الصراعات الداخلية، وتجدد الحروب بالوكالة.

يشكل التقاطع بين أمن الطاقة (المدفوع بضرورة إحياء خط أنابيب كركوك-بانياس)، والانتعاش الاقتصادي العاجل، والمخاوف الأمنية المشتركة (مثل استقرار السويداء، وتأمين الحدود، ومعالجة قضية قوات سوريا الديمقراطية) الأساس لهذه الانخراطات الدبلوماسية البراغماتية والمفاجئة في كثير من الأحيان.

ولربما يكمن الحل من وجهة نظر أخرى والتي لم ينتبه إليها معظم هذه الأطراف الفاعلة ما عدا الغربية منها. فلما لا يقوم العراق أو الأردن وحتى تركيا بشكل وضاح وصريح بتسيير دبلوماسية منفتحة مع مجلس سوريا الديمقراطية والذي يمثل شعوب المنطقة، والتي زفق منطق دول الجوار تؤرق مضجعهم ولا يريدون نجاح تجربة كردية أخرى بالقرب منهم. والمشكلة هي أن هذه الأطراف تقدم التنازلات لبعضها البعض تحت مسمى المصالح العليا الوطنية، لكنها لا تقدم أي تنازل لتلتقي مجلس سوريا الديمقراطية بشكل مباشر بعيداً عن التعامل الأمني الذي لم يجلب معه أي حل حتى الآن على الأقل، وتحويله إلى لقاءات سياسية معلنة ويتم التباحث عن كيفية حل المشاكل في سوريا عامة والتي لن تكون من دون الدور الكردي.

الكرد الذين يمتلكون مشروعهم الخاص لحل قضايا ومشاكل سورياوفق فلسفة المجتمع الديمقراطي التي يطبقونها في مناطقهم، لربما يمكن الاستفادة منها لتطبيقها في مناطق أخرى، بعيداً عن الحلول الجاهزة والماضوية المعتمدة على المركزية الفظة للعقلية القومجيةواللاسلاموية المتطرفة.

to top