الحدث – وكالات
كشف التقرير الشهري لـ”مؤشر الإرهاب للشرق الأوسط والمنطقة العربية” عن رصد دخول بعض دول المنطقة لدائرة النشاط الإرهابي، رغم تراجع إجمالي معدل العمليات الإرهابية بنفس الفترة.
وتناول المؤشر أبرز ملامح النشاط الإرهابي وجهود مكافحة الإرهاب، حيث كشف الرصد أيضا عن كثافة الجهود التي بذلتها أطرافا إقليمية ودولية عديدة في إطار عملها على مكافحة الظاهرة والحد من خطورة الكيانات الإرهابية والتي برز من بينها الجهود السياسية الرامية لحلحلة بعض الأزمات الإقليمية المحفزة لتنامي الظاهرة الإرهابية كالأزمة اليمنية والليبية والأفغانية، والجهود الأمنية والعسكرية التي نجحت، ولاسيما عبر اعتمادها على سلاح الجو والدفاعات الجوية، في توجيه ضربات موجعة للتنظيمات الإرهابية وإجهاض العديد من العمليات، وهو الملمح الذي تصدر غلاف العدد الثاني للمؤشر الذي حمل عنوان “ضربات السماء”، وتناول الجهود التي شهدتها المنطقة مقارنة بنفس التقرير الصادر شهر شباط فبراير الماضي عن المركز الوطني للدراسات باللغتين العربية والإنجليزية
وتوضح الملامح الإحصائية للنشاط الإرهابي خلال شهر فبراير الماضي تراجعا واضحا في معدل العمليات الإرهابية التي شهدتها دول الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وبلغ عدد العمليات الإرهابية التي قام “المركز الوطني للدراسات” برصدها على مدار شهر فبراير نحو 83 عملية إرهابية، في مقابل 110 عملية إرهابية خلال شهر يناير، ووقعت غالبيتها العظمى بنطاق الدول التي تعاني من الصراعات الداخلية أو فشل الحكم، وبلغ عددها بتلك البلدان 66 عملية إرهابية، في حين لم يتجاوز عدد العمليات التي وقعت في الدول التي يمكن تصنيفها بـ”المستقرة” حاجز الـ17 عملية.
ويشير التوزيع الجغرافي للعمليات الإرهابية على مدار شهر شباط فبراير، إلى وقوع أفغانستان على رأس قائمة الدول الأكثر عرضة للهجمات الإرهابية، حيث تعرضت إلى 28 عملية، بينما حلت الصومال في المرتبة الثانية من حيث عدد العمليات بنحو 17 عملية، وجاءت باكستان في المركز الثالث وشهدت 10 عمليات، أما العراق فكان نصيبه 8 عمليات، ثم سوريا وترتيبها الخامس بـ6 عمليات، واليمن سادسا لوقوع 4 عمليات مرصودة، ثم ليبيا ومصر التي تعرضت كل منها لثلاث عمليات، وأخيرا تعرضت كل من السعودية ولبنان وتونس وعمان إلى عملية إرهابية وحيدة، لتعود السلطنة إلى دائرة النشاط الإرهابي من جديد بعد ثمانية أعوام لم تتعرض خلالها لأي هجمات إرهابية.
وحدد “المؤشر” ثلاثة أبعاد أساسية لمحددات النشاط الإرهابي خلال شهر فبراير، في مقدمتها استمرار تعقيدات المشهد السياسي الداخلي والصراعات السياسية الداخلية في دول الصراع، وصراعات أجنحة السلطة الذي بلغ مداه في ليبيا على سبيل المثال بقيام مجموعة منتمية لجهاز دعم الاستقرار –التابع للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق- بمحاولة إغتيال وزير الداخلية فتحي باشاغا. وكذلك ارتبط جزء من النشاط الإرهابي بمحاولة بعض التنظيمات الإرهابية فرض أفكارها بالقوة، كما هو الحال في العراق وباكستان، وكذلك بالدوافع الثأرية لبعض التنظيمات وعلى رأسها جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) –المدعومة من إيران- التي عمدت خلال هذا الضشهر إلى تكثيف استهداف العمق السعودي، ردا على العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات السعودية –ضمن قوات التحالف العربي- ضد الجماعة في اليمن.
وأوضح المؤشر أنه لا يمكن إغفال قيام بعض الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع دولة إسرائيل كمحدد لإقدام –أطراف مجهولة حتى الآن- على تنفيذ بعض الأنشطة الإرهابية التي استهدفت الإضرار بمصالح الطرفين على السواء، ولم ينجح منها سوى عملية التفجير التي استهدفت سفينة الشحن “إم في هيليوس راي” المملوكة لشركة “راي شيبينج ليميتيد” الاسرائيلية خلال مرورها ببحر عمان، كما تناول المؤشر بقية العمليات والمحاولات الإرهابية الفاشلة.
وتحت عنوان: حركة “تحرير الأمة الإسلامية من الحكام.. راية جهادية جديدة في شرق السودان”، قدم بروفايل العدد، تحليلا حول دلالات ظهور مقطع مصور لخمس رجال سودانيين –مكشوفي الأوجه- خلال قيامهم بحمل رايات “جهادية” بمنطقة القضارف الحدودية، حيث أختبر البروفايل فرضيات عدة مستندة إلى أدلة ومعلومات خاصة لتحليل مضمون ورموز المقطع الغامض فقير الجودة الذي لم يعلن عن “رسالة” واضحة، منبها من خطورة إحتمالية ارتباط المقطع بتنظيم “جهادي” جديد في تلك المنطقة الحدودية التي تشهد سياقا داخليا وإقليميا محفزا على النشاط الإرهابي.
وفي السياق ذاته؛ ألقى مؤشر الإرهاب الضوء على أبرز الجهود التي بذلتها بعض الأطراف الإقليمية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف بالمنطقة؛ وفي المقدمة منها التعديلات التي أجرتها إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن على اتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية حيال بعض الملفات والقضايا الإقليمية بغرض تفكيك البيئات الحاضنة للظاهرة كأفغنستان واليمن وليبيا، وكذلك الجهود المصرية الرامية لتعزيز التعاون الأمني بين الدول العربية في مجال مكافحة الإرهاب والتي تبلورت خلال الشهر ذاته في افتتاح مقر المنتدي العربي الاستخباري، أضف إلى ذلك العمليات الأمنية والعسكرية التي بذلتها دول عديدة في مواجهة هذه التنظيمات والتي انطوت على عدد كبير من الغارات الجوية التي رأي المركز أن كثافاتها والأهداف التي حققتها كفيلة بتصدر غلاف العدد.
وأخيراً؛ فقد رسم المركز ملامح الخطاب الإعلامي والدعائي للتنظيمات الإرهابية عبر تحليل مضمون بياناتهم الرسمية وبعض من إصدراتهم، حيث توصل المركز في هذا السياق إلى أن ثمة تنظيمات قد سعت ـــــ من خلال خطابها الإعلامي ــــــ إلى تبرئة نفسها من تهمة الإرهاب كحزب الله اللبناني الذي سعى لنفي الإتهامات التي وجهت إليه بشأن اغتيال الناشط اللبناني “لقمان سليم”، وتنظيمات أخرى سعت لتقديم نفسها كفاعلين سياسيين ــــــ لا كمنظمات مسلحة أو إرهابية ـــــ كجماعة “أنصار الله” وحركة “طالبان”؛ وذلك من خلال حرصهما على التفاعل السياسي مع الاجراءات التي اتخذتها بعض الدول والحكومات الشرعية بشأن الأزمات الخاصة بهم، وتنظيمات أخرى عمدت من خلال خطابها الإعلامي لإثبات وجودها؛ لاسيما عقب تلقيهم المزيد من الضربات الموجعة؛ كتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي حاول تحقيق ذلك من خلال نشر حزمة من الإجراءات كنشر صور ضحايا بعض العمليات، خاصة في المناطق التي شهدت تراجعاً ملحوظاً في معدل العمليات، أضف إلى ذلك الاحتفاء بالعمليات التي جرى تنفيذها سواء في مناطق نفوذ غيره من التنظيمات كالصومال وباكستان وأفغانستان أو ضد بعض هذه التنظيمات والمليشيات.
جدير بالذكر، أن المركز الوطني للدراسات، وهو مركز تفكير مستقل بالقاهرة، أصدر العدد الأول من مؤشر الإرهاب الشهري للشرق الأوسط والمنطقة العربية خلال شهر يناير، وهو المؤشر الذي يرصد كافة العمليات الإرهابية والأنشطة المرتبطة بها والتفاعلات داخل التنظيمات المتطرفة، واعتمد المؤشر في تتبعه للعمليات الإرهابية على أكثر من منهج بحثي واستقصائي في عمليتي الرصد والتحليل بهدف تحقيق أكبر استفادة ممكنة والخروج بأدق نتائج.