الحدث – القاهرة – بقلم المفكر الكردي الكبير احمد شيخو
منذ حوالي مئة عام والدولة التركية الفاشية لم تقبل بوجود الكرد على أرضهم التاريخية (كردستان) على الأقل منذ 12 ألف سنة وخيارها الوحيد هو التعامل العسكري والأمني مع قضية شعب رفض ماتم فرضه عليه من تقسيم أراضيه بين أربع دول وإبقائه بدون أية حقوق كبوئرة للتوتر وساحة صراع وأداة للتحكم بالدول الأربعة والمنطقة من القوى المركزية في نظام الهيمنة العالمية عند اللزوم.
هذا الإنكار من قبل الدولة التركية وسلطاتها المتعاقبة رافقها عمليات الإبادة و التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي بحق الشعب الكردي والقسم الأكبر من كردستان التي ظلت ضمن تركيا وخصوصاً في المناطق الكردية غرب الفرات في تركيا في المحافظات والمدن وأريافها منها كركم(مرعش) وديلوك(عنتاب) وآلعزيز وأديمان و سامسور وملطية وكلس وبعض مناطق ديرسم(تونجلي) وعلى اثرها قتل وهجر بشكل قسير وإلى أوربا وغيرها وتم مع هذه السياسات والعمليات الذهاب التركيز المناطق الواقعة في شرق الفرات وصولاً للحدود الدولية المرسومة مع أرمينيا وإيران ومتابعة الإبادة والتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي وممارسة الصهر والذوبان للكرد المهجرين قسرياً إلى الداخل التركي والمدن الكبيرة بغية إنصهارهم وعدم رجوعهم لوطنهم الأم.
وهكذا وضع وممارسات إرهابية ,إجرامية من قبل الدولة التركية الفاشية كان لابد أن يقول الشعب الكردي كلمته ويعلن النضال والمقاومة للحفاظ على وجوده وهويته على أرضه التاريخية. فكانت الثورات والإنتفاضات الكردية منذ 1919 وثورة كوجري وحتى 1938 وإعدام السيد رزا قائد إنتفاضة ديرسم ومابينهما العديد من الإنتفاضات والثورات المتجاوزة لأكثر من 20 ثورة وإنتفاضة والممارسات الإهابية والعقابية والمشددة والخارجة عن كل قانون وعرف وأخلاق بحق أبناء الشعب الكردي وطبيعية كردستان حتى أن أحد الطيارين الأتراك المشاركين في قصف القرى الكردية قال أنه جائهم الأمر بقصف كل شي حي وكل شي يتحرك حتى الاشجار والحيوانات الكردية
ومنذ 1938 وحتى 1973 ظلت الحالات الإعتراضية والمقاومة الكردية مجزئة وغير فعالة بالحد الكافي الذي يحمي المجتمع الكردي من الإنصار و الذوبان وعمليات
لكن منذ 1976 تقريبا ودخول الطلبة الأبوجيين (نسبة إلى القائد عبدالله أوجلان ولقبه أبو) إلى المناطق الكردية بعد تشكل المجموعة في أنقرة ورغبتها في الوصول والإنتشار بين الشعب الكردي أصبح للشعب الكردي رياديين وسياسسين نذروا أنفسهم في الدفاع وحماية الشعب الكردي وخوض مسيرة الوصول إلى الحرية والإنعتاق من عبودية الدولة التركية وتعاظم العمل بعد تأسيس حركة حرية كردستان في 1978 وبعد إنطلاق المستويات المتقدمة من الدفاع عن النفس في 15 آب عام 1984 .
وأصبح هذه المسيرة مقاربة لخمسين سنة لملاحم المقاومة والدفاع عن الوجود في وجه الإنكار والإبادة وأصبحت لها مجتمعها المقاوم والمنظم والواعي والمحافظ على ثقافته وكينونته والمدرك لحقيقة العدو والصديق وأهمية التلاقي والتضامن والتحالف والعيش المشترك مع شعوب المنطقة على رغم مايفعله كل السلطات التي تتستر باسماء قوميات وأثنيات المنطقة وهي في واقع الأمر مجرد وكلاء أو عملاء للقوى العالمية المهيمنة تحاول إستغلال أسماء ومجتمعات شعوب المنطقة في نظم غير مستندة لثقافة المنطقة وقيمها الأخلاقية والمجتمعية الديمقراطية .
في مسيرة مقاومة الشعب الكردي في نيل حريته منذ 50 سنة الأخيرة ظلت الدولة التركية المستحدثة والأداة والمشرعنة لمصالح هيمنة عالمية على المنطقة وشعوبها في حالة عداء فاشي إرهابي تجاه حقوق الشعب الكردي وأرادت القضاء عليه وإنهاء كل شي كردي وتتريكه وإلحاقه بالقومية التركية كما طبقتها مع كثير من شعوب الأصيلة في الأناضول وميزوبوتاميا التي ذابت بين فكي الكماشة التركية الطورانية.
وكانت القوى الدولية في نظام الهيمنة العالمية من المساندين والداعمين لتركيا منذ 1923 وتشكيلها وحتى اليوم لأسباب عديدة تتعلق بالمصالح والمطامح والهيمنة على المنطقة ولم يكونوا في أي مرحلة في غير هذا الموقف المشين واللاأخلاقي في دعم الدولة التركية في تجاوزها لكل القوانين حتى التي وضعوها هم في النظام الدولي.
للحروب قوانينها وأخلاقها لكن الدولة التركية لم تلتزم بأية قوانيين وأخلاق وماتنفذه داعش حاليا من قطع رؤوس المدنيين والمختلفين معها نفذتها الدولة التركية بحق أبناء الشعب الكردي في مراحل عديدة في التسعينات وأحرقت ما يتجاوز 4 آلاف قرية في أعوام 1994_1995 في إقليم بوطان المحازي للحدود العراقية والسورية والتركية. بالإضافة إلى قتل الدولة التركية مايتجاوز 17 ألف مدني ومثقف ووطني كردي تحت إسم و حجة فاعل مجهول.
وكانت الدولة التركية وجيشها خلال هذه المدة من أكثر الأمثلة سلبية في التعامل مع الأسر والجرحى وهناك الآلاف من الأمثلة على قتل تركيا للأسرى والجرحى المعتقلين والتجاوز على كرامتهم الإنسانية حتى لوكانوا نساء كرديات.
وبقى الجانب الكردي وقواتها الفعالة وحتى اليوم من أكثر الأمثلة في ثورات العالم التي تحترم الأسرى والمعتقلين من الجانب الآخر.
ومن عام 1990 وحتى 2010 تم إطلاق سراح 355 من الأسرى من الجنود والضباط الأتراك وهم سالمين ووصلوا لعند عوائلهم ، لكن الدولة التركية ومنذ خمسين سنة وحتى اليوم لم تتطلق سراح كردي واحد دافع من أجل حرية شعبه أو حتى متعاطف مع من يدافع عن حرية شعبه. وكمثال وليس للحصر مجزرة باسايا عام 1996 في ناحية باسايا في ولاية شرناخ والتي راح ضحيتها 11 قروي تم قتلهم بالرصاص وحرقهم في السيارة التي كانت تقلهم للعمل في الحقول. وقتل 38 قروي بقصف للطائرات الحربية في عام 1994، ومجزرة روبوسكي وقتل الطائرات التركية 34 شاباً مدنياً على الحدود بين العراق وتركيا عام 2011، ومجازر عام 2015 و 2016 في جزيرا ونصيبين وسور وشرناخ و… وهذه غيظ من فيض ، نفطة من بحر الإرهاب ووحشية الدولة التركية.
ولم تكتفي الدولة التركية الفاشية بمحاربة الكرد في تركيا بل ذهبت واحتلت المناطق الكردية في شمالي سوريا وشمالي العراق كأمتداد لعدائها وفاشيتها تجاه الشعب الكردي أينما وجد في العالم و حاولت منع حتى دورة بلغة كردية في اليابان وسعت لمسح خريطة وضعتها غوغل للمناطق الكردية وغيرها الكثير من الأمثلة لنتأكد أن تركيا ترى وتعتقد أن فنائها تكون بحصول الكرد على حقوقهم في اي مكان في العالم لأنها بذلك لن تستطيع القضاء على المجتمع الكردي في تركيا وتتريكهم وصهرهم في البوتقة التركية.
وقد إستعملت تركيا الأسلحة الكيماوية في عديد المرات التي كانت لاتستطيع الصمود أمام مقاومي ومقاتلي حرية الشعب الكردي من قوات الكريلا. وهناك العديد من الأمثلة آخرها إستعمال الأسلحة الكيماوية والمحرمة دوليا في هجومهاعلى معسكر الأسرى في كارى والتي تحاول تركيا التستر على فعلتها بإتهام غامض غير مقبول وغير مفهوم لأغلب العالم للطرف الكردي الذي حافظ على حياة الأسرى من سنوات عديدة دون أن تخطوا الدولة التركية أي خطوة لإطلاق سراحهم رغم مطالبة أهالي الجنود والضباط الأسرى.
بدون أي شك من قتل الجنود الأسرى في جبال كارى هي الدولة التركية الفاشية وجيشها وهذه من طبيعية الذهنيات والسلطات الفاشية والتي لايهمها سوى البقاء في الحكم والسلطة حتى لو تم التضحية بجنودها وأزلامها وتوابعها. وحتى أن الدول الفاشية تستطيع التخلص حتى من سلطاتها لتجديد نفسها وإستمرارها في البقاء .
ومن المؤكد أن إنتصار الشعب الكردي وشعوب المنطقة في مقاومة كارى وهزيمة الجيش التركي رغم كل الأسلحة وحتى الكيمائية والتقنيات التركية والطائرات المسيرة والحربية ، الذي كان يريد السيطرة واحتلال جنوب كرستان( إقليم كردستان العراق) كمرحلة أولية ومن بعدها الذهاب إلى المناطق العربية والكردية الأخرى ومرافقتها مع هجمات تركيا في شمالي سوريا ضد كل مكوناتها وكذلك هجماتها في العديد من دول المنطقة. هذه الهزيمة لتركيا الفاشية وسلطتها الأردوغانية_البهجلية ستكون نفطة إنعاطف كبيرة وربما تكون بداية إنهيار الفاشية في تركيا. وكلام صويلو وأردوغان بعد الهزيمة يؤكد كم الهزمية مرة و حتى تصيب صاحبها بالهستيريا والجنون ليقول صويلو سأقطع إنسان آخر مئة قطعة، وهذا أي أوضح تعبير عن حقيقة التعامل التركي الفاشي مع الشعب الكردي وشعوب المنطقة، لكن إنتصار قوات الدفاع الشعبي في كارى كممثل لشعوب المنطقة، سيمهد الطريق للحل وللأخوة والسلام والعيش المشترك والأخوة والأخوات بين الشعوب في المنطقة وسينهي الإستعمار التركي الفاشي للمنطقة.
أسبوعين مضت
4 أسابيع مضت