وانطلق التحقيق من تساؤل رئيسي حول طبيعة حكم العثمانيين للمنطقة العربية بداية من الشام ومصر (الدولة المملوكية) على يد السلطان العثماني، سليم الأول في عام 1517م، وذلك بعدما رصد بدايات نشأة تلك “الإمبراطورية” على يد عثمان بن أرطغرل (عثمان الأول) عام 1299م، مشيرا إلى أن العرب يرون أنها كانت “فترة دموية كاحلة الظلمة، استنزفت لقرون ثروات العرب وأفقرت شعوبهم”.
واستند تحقيق “اندبندنت عربية” إلى ما دونه المؤرخين والمفكرين الذين عاصروا تلك الفترة، بالاضافة إلى آراء المؤرخين المعاصرين والباحثين في التاريخ الحديث، مشيرا إلى مقولة أبن خلدون الشهيرة، حين تحدث للسلطان المملوكي برقوق في نهاية القرن الرابع عشر الميلادي مردداً عبارته الشهيرة، “لا تخشوا على ملك مصر إلا من أولاد عثمان”، في إشارة إلى مؤسس الدولة العثمانية.
وذكر التحقيق أن بداية حكم العثمانيين بدأت بمشاهد دموية لازالت حية في الذاكرة حتى اليوم، وفي تساؤله عن اذا كانت السلطنة العثمانية خلافة كما يزعم الاسلاميين أم غزو كما تذكر معظم المصادر والوثائق التاريخية، اجاب المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقي بالقول: “العثمانيين ليسوا سوى غزاة ومستعمرين احتلوا بلاد العرب لمدة أربعة قرون، مثلهم مثل الاستعمار الفرنسي والبريطاني، واستنزفوا ثروات العرب وأورثوهم الضعف والتخلف”. نافياً عنهم صفة “الفاتحين”، إذ يقول “لا يمكن اعتبار دخول شعب مسلم لأرض شعب مسلم آخر فتحاً، هذا مناف للعلم والتاريخ. ومن يتحدث عن الفتح العثماني فإن حديثه قائم على العاطفة والحماسة الدينية بحجة أن الدولة العثمانية حمت الدول العربية من التغلغل الشيعي، عبر تصديها للدولة الصفوية في إيران”.
وبحسب أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، فإن “توسع الدولة العثمانية كان محض صراع سياسي مصلحي بين القوى القائمة منتصف القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، وليس له أي علاقة بالدين أو الخلافة، وتوصيف ما حدث تاريخياً أنه غزو وليس فتحاً”.
أضاف، “في عام 1453م، حيث دخول العثمانيين القسطنطينية وإسقاط الدولة البيزنطية، كانت هناك ثلاث قوى متنافسة في المنطقة، تمثلت في قوى الصفويين في إيران وهم شيعة، وقوى المماليك في مصر والشام، والعثمانيين القادمين من آسيا الصغرى وبيزنطة. وحدث الصراع بينها، القوى الأقدم تمثل الصفويين والمماليك، والأحدث تمثل العثمانيين، وبدأ الصراع على منطقة لا تزال موضع خلاف حتى الآن وهي منطقة الكرد شمالي العراق وسوريا وإيران وجنوب شرقي الدولة العثمانية، حيث كانت هناك وقتها إمارات كردية مستقلة، وفي عام 1514م هزم العثمانيون الصفويين في موقعة شال ديران أو كالديران، قبل نحو عامين من تلقي دولة المماليك الهزيمة الأولى لها في معركة (مرج دابق) السورية في 24 أغسطس (آب) عام 1516، حيث خسروا سوريا، ثم موقعة (خان يونس) في 28 أكتوبر (تشرين الأول) 1516 في فلسطين، وفي 22 يناير (كانون الثاني) 1517، وقعت معركة الريدانية قُرب منطقة العباسية (وسط القاهرة اليوم) وكانت خارج العاصمة المصرية وقتذاك، وهزم الجيش المصري أمام نظيره العثماني قبل أن يدخل سليم الأول القاهرة في 26 يناير 1517 لتسقط دولة المماليك، وانتقلت للمرة الأولى عاصمة العالم الإسلامي خارج العالم العربي”.
يتابع “السلطان العثماني كان إمبراطوراً استعمارياً، والبلاد العربية في عهده عانت التبعية لمركز استعماري، ولم تشهد أي معالم نهضة أو حضارة”. مضيفاً “الخلافة الإسلامية بالأساس مركزها مكة المكرمة في قبيلة قريش، وبالأخص في بني هاشم وهي خلافة عربية، ولهذا كان الخلفاء الراشدون من قريش والأمويين والعباسيين، وكمثال على إبعاد صفة الخلافة فإن صلاح الدين عندما قضى على الخلافة الفاطمية لم يسم نفسه الخليفة، وإنما سُمي بالسلطان لأنه كان كُردياً”.
“العثمانيين ليسوا سوى غزاة ومستعمرين احتلوا بلاد العرب لمدة أربعة قرون، مثلهم مثل الاستعمار الفرنسي والبريطاني، واستنزفوا ثروات العرب وأورثوهم الضعف والتخلف”. نافياً عنهم صفة “الفاتحين”، إذ يقول “لا يمكن اعتبار دخول شعب مسلم لأرض شعب مسلم آخر فتحاً، هذا مناف للعلم والتاريخ. ومن يتحدث عن الفتح العثماني فإن حديثه قائم على العاطفة والحماسة الدينية بحجة أن الدولة العثمانية حمت الدول العربية من التغلغل الشيعي، عبر تصديها للدولة الصفوية في إيران”.