لماذا يستقيل أو يقال صهر الرئيس التركي بعد يوم من هزيمة ترامب في الأنتخابات الرئاسية الأمريكية؟
ما هي حقيقة الأزمة في تركيا وهل الاقتصاد يقع في مركزها ، وماهو مستقبل السلطة التركية؟ هل يتم انتخابات مبكرة؟
من المعلوم أن حزب العدالة والتنمية وصل للحكم في تركيا وفق مشروع شامل للمنطقة، عمل عليه النظام العالمي المهيمن منذ الثمانينات لإدامة هيمنته ولضبط بوصلات القوى المختلفة في المنطقة، وكان تسويق هذا الحزب للداخل التركي على عدة أسس منها الأولى: أنه سيخلص تركيا وأقتصادها من الأزمة الذي وصل في عام 2001 إلى مرحلة الذروة وفقدت حينها العملة 13% من قيمتها وكانت نسبة النمو ناقص 7.5% والعاطلين حوالي 1.6 مليون . والثانية: أنه سيحل القضية الكردية وينهي الحرب المستمرة من سنة 1984م.
وتم عندها دعم الاقتصاد التركي بعد أن وصل العدالة والتنمية إلى الحكم عند طريق صندوق النقد الدولي وعبر العديد من المؤسسات الدولية الاقتصادية و المالية وخاصة الأوربية وكذالك عبر تعزيز العلاقات المختلفة على رأسها الاقتصادية مع العالم العربي مستغلاً و ماراً عبر بوابة الدين الإسلامي وتبادل الاستثمارات والشركات التركية.
لكن مع بدايات ماسمى ثورات الربيع وكأي حركة سياسية إسلاموية ليس لها أرتباطات وطنية و أخلاقية ومجتمعية، غايتها السلطة والنفوذ والحكم وتوسيعها، أوجد أردوغان نفسه متكاملاً، وكما قال في 2006 متعهداً لمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد بمجاميع وأدوات مرتزقة إنكشارية وأرهابية . و ظن أردوغان ومازال أنه يستطيع أن ينفذ مشاريع خاصة به مع حالته الوظيفية وحالة حزبه وإنكشارييه المرتزقة من الإرهابين بأنه يستطيع إعادة الأمبرطورية العثمانية.
والقضية المركزية في تركيا القضية الكردية عندما وصل اردوغان وحزبه أتى إلى أكبر مدينة كردية آمد (دياربكر) في جنوب شرق تركيا مع بعض أدواته من الكرد الجيدين حسب وصفه(التابعين له) ليحصل على أصوات الكرد في الأنتخابات. لكن في 2004 تجدد القتال الذي كان متوقف قبل وصول العدالة والتنمية للحكم وتتالى محاولات وقف إطلاق النار من قبل الطرف الكردي، وتم حتى عقد جلسات في وارسو بين طرف الحكومة والكرد وكان أخر المحاولات في عام 2013 وتم أطلاق مطابقة لحل القضية عبر البرلمان وخطة الطريق التي أعدها وقدمها القائد عبدالله أوجلان الذي مازال معتقلاً منذ 1999 في حالة تجريد وعزلة ، لكن أردوغان وحزبه لم يكن في نيتهم ولا في برنامجهم حل القضية وكان كل غايتهم تصفية القوى الكردية وإبادتهم والقضاء على أي سعي لحل القضية.
وهنا مع رغبة وهدف أردوغان وحزبه في السيطرة والهيمنة والعثمنة تحالف معه أكثر الاحزاب التركية فاشية وقوموية وهو حزب الحركة القومية وتشّكل أتحاد الاسلاموية والقوموية، وبدأ بالحرب ضمن تركيا وفي محيطها حيث أنه في عامي 2015 و2016 تم تهديم أكثر من 20 مدينة وبلدة كردية منها سور آمد وجزيرا وكفر ونصيبين وغيرها وتم قتل وتهجير الملايين في ظل صمت دولي وإقليمي شجع أردوغان إلى التمدد واحتلال شمالي سوريا وأجزاء من شمالي العراق بالأضافة إلى 40 قاعدة عسكرية في أقليم كردستان العراق وعندما سمح له ذالك من قبل القوى المركزية في النظام العالمي تماشياً وتحقيقاً لمصالحهم ذهب أردوغان ومرتزقته الأنشاريين الارهابين إلى ليبيا و أرتساخ( ناغورني قره باخ) واليمن ولبنان وتعزيز تواجه في الدول الأفريقية وعلى رأسها الصومال وفي الكثير من المناطق حتى تنفيذ العمليات الأرهابية داخل أوربا عبر أدواة جديدة.
ومع هذه الأوضاع والحروب ومستلزماتها وأحتياجات المختلفة الاستخباراتية واللوجستية والمادية والعسكرية وجد أردوغان أقتصاده يدخل في أزمة نتيجة هذه الحروب والميزانيات السرية التي يصرفها أردوغان حتى أن ميزانية منظمة الشؤون الدينية التي تستخدمها أردوغان كأداة للتجسس الداخلي والخارجي وكدائرة حرب خاصة وتجنيد تجاوز ميزانية وزارة الداخلية بضعفين، ووبخ أردوغان أيام أنتخابات البلدية بعض مؤيديه وقال “تفكرون بالطماطم والبطاطة ولاتعرفون ثمن الطلقة”.
بعد تحويل أنتخاب الرئيس من البرلمان إلى الاستفتاء وأنتخاب أردوغان في 14 أغسطس(آب) 2014 أصبح هو الحاكم الفعلي لكل شي ولكل مفاصل الحكومة وعندما حصل الأنقلاب المزعوم الذي يقال أن أردوغان كان على علم به وتركهم يجري لأستغلاله في التخلص من كل معارضييه ، أصبح أردوغان هو المسؤول الأول عن كل شي وكل قطاعات الحياة ومراكز القرار في كل المؤسسات الحكومية وحتى الأهلية ومن بعضها شكل الحكومة التي أدخل صهره بيرات البيرق إليها في مشهد تكرر في بعض الدول التوليتارية والفاشية والقوموية الدكتاتورية بأن تكون العائلة هي الحكومة المصغرة .
وكان البيرق ومعه محمد علي يلجنداغ رئيس مجلس الأعمال التركي الأمريكي مع جاريد كوشنير يشكلون وسائل التمكين والتعزيز الاقتصادي لعلاقة ترامب وأردوغان التي حافظت على أردوغان في قضية بنك خلق لتجاوز العقوبات الامريكية عللى إيران وكذالك في مجمل تصرفات اردوغان التي من المؤكد انها كانت خارج الاطر القانونية والمؤسسات الرسمية. ولم يكن يحصل الهجوم التركي وإنهاء المكتسبات التي تحقق على داعش في شمالي سوريا واحتلال سري كانييه( راس العين) و كري سبي( تل أبيض) وقبله عفرين لولا علاقة أردوغان وترامب رغم التواطؤ الروسي والإيراني والنظام السوري.
سقوط أو إسقاط البيرق بعد يومين من إقالة أردوغان لمحافظ البنك المركزي من قبل أردوغان ليس بغريب فكل حلفاء أردوغان ورفاق دربه تخلى أردوغان عنهم حتى عن معلمه نجم الدين أربكان وعن كل من كان معه فتح الله غولن إلى عبدالله غول واحمد داؤؤد اوغلو وعلي يلدرم وليس ببعيد أن يجعل صهره مثلهم أو أن يكون لحماية العائلة فالبيرق لم يكن أن يصبح وزير للمالية رغم قلة خبرته وحيلته وغبائه وحتى خطابه المرتبك لولا أردوغان ومن الصح القول أن المسؤول الأول عن كل الاقتصاد التركي وازماته الذي فقد فيه الليرة التركية حوالي 42% من قيمتها أمام الدولار وتجاوز أعداد العاطلين حوالي 10 ملايين هو أردوغان شخصياً فالمحافظ السابق للبنك المركزي أقله أردوغان لقول أردوغان أنه لاينفذ توصيات أردوغان حول سعر الفائدة.
ومن الممكن أن نقول أن ماحصل مع سليمان صويلو في استقالته وتراجعه عنه وما يحصل مع البيرق يدل على نموذج الحكم الأردوغاني الشخصي والكيفي السلطاني. لكن بعد ذهاب ترامب وقدوم بايدن ووجود كل علاقات وتصرفات أردوغان بالضد من مصالح الأمن القومي الأمريكي ومصالح حلف الناتو وتقربه من روسيا وشرائه س400 ومحاولة القضاء على مكتسبات حرب داعش في سوريا والعراق والمنطقة، يمكننا ان نرى خوف أردوغان وارتباكه في عدم مباركة الرئيس الأمريكي المنتخب وأخذ تدابير حماية علاقته السابقة مع ترامب وحماية سلطته وعائلته على الأقل أو يمكننا ان نرى أنتخابات مبكرة في تركيا وخلط الاوراق، هذا إن لم تتحرك الدولة العميقة في تركيا في التخلي عن أردوغان أو الإطاحة به وحزب العدالة والتنمية في الأشهر أو السنين القادمة كطريق لحل الأزمة الاقتصادية و لإنهاء علاقة أردوغان و روسيا و لوقف تهديد المنطقة والعالم على يد أردوغان ومرتزقته الارهابين من الأخوان والقاعدة وداعش وذئابه الرمادية ومايسمى الجيش الوطني السوري والأئتلاف السوري المعارض.