بين القصر والقبر والصبر اصبح أشهر كاتب “نبذة عن دميرتاش”
103
4 سنوات مضت
محمود حسن برازي
من بائع الماء البارد في شوارع دياربكر (امد) العاصمة المعنوية لدى أغلبية الكرد، شق الولد الشقي طريقه ليصبح قائدا ذكيا ينافس رجب طيب اردوغان أسد السنة وأشهر رؤساء الجمهورية التركية بعد اتاتورك الأب الروحي للدولة التركية ، واقوى شخصية بين الأتراك في الوقت الحالي وصاحب أكبر واقوى حزب في تاريخ تركية الحديثة ومن أشهر رجال السياسة في الشرق الأوسط، انه القائد و صاحب اقوى ثاني حزب معارض لسياسة اردوغان و الفنان المحبوب بأغانيه الحزينة و رسام واقعي بلوحاته المعبرة ومؤلف ثلاثة أعمال متتالية
في الأونة الأخيرة وأصبح من أشهر كتاب الكرد باللغة التركية انه صلاح الدين دميرتاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطي.
كنت اظن ان سبب بيع وترويج مؤلفات السيد دميرتاش هو بحكم موقعه في السجن وباعتباره قائد شاب من الكرد ومعارض لسياسة الدولة لذلك طبع أغلبية اعماله أكثر من عدة مرات في تركيا وتم بيعها بالآلاف وتم ترجمة بعض من مؤلفاته إلى غير لغات، ولكن في الحقيقة أن السيد صلاح الدين دميرتاش لغته بسيطة لسرد القصص بأسلوب جميل ومميز و سهل على عامة الناس ويتمتع بحس قوي تجاه أحداث حصلت في السنين الأخيرة في شمال الوطن وتركية عامة كان السبب الأساسي لإقبال الناس على هكذا كتب.
فأغلبية القصص الموجودة في مؤلفات دميرتاش وخاصة في كتابين باسم دوران (DEWRAN)و سحر (SEHER) قصص واقعية عاش المؤلف نفسه بتلك الحقبة ويعرف التفاصيل والخيوط الخفية لتلك القصص بشكل أفضل، هذا ما جعل مؤلفاته محل اعجاب لدى أغلبية الناس وتم شراؤه بشكل لم يسبق له مثيل في تركيا.
لا اعرف بالضبط تم بيع كم نسخة من كل كتاب ولكن هناك روايات تتحدث عن الكتابين الأولين ان كل كتاب تم طبعه عدة مرات وبيع حوالي ثلاثة مئة إلى أربعة مئة ألف نسخة، بهذا الحجم من البيع نستطيع أن نقول أن سيد دميرتاش اصبح أشهر كاتب بين الكتاب الكرد من حيث بيع مؤلفاته ويعتبر الأول بدون منافس.
فكتابه باسم دوران وفيها نفس قصة بذاك الاسم تتحدث عن قصة شاب كردي من مدينة ارزروم كان راعيا لقطعان الماشية في إحدى قرى جبلية و في إحدى حملات تمشيط للجيش التركي يتم إطلاق النار عليه عمدا وزج به إلى السجن واتهامه انه كان من كريلا امام الصحافة ليفقد روحه تحت التعذيب بعد ثلاثة أيام داخل السجن ، والقاضي سليم بيك كان قاضيا في المدينة ويحقق مع ذلك الشاب من داخل السجن وهو يعرف جيدا أن ليس له علاقة بتلك التهمة ومع ذلك يوقع في ادعاء انه مجرم ولكن بعد أكثر من خمسة وعشرون عاما و على أثر حادث سير لولده الوحيد وكاد أن يفقد ولده ويحس في ضميره ماذا فعل بذلك الشاب ويحاسب ضميره بعد أن شاهد بنفسه حنان الوالد تجاه الولد يرجع إلى المدينة الذي كان فيها قاضيا و يحاول أن يتعذر لأهل دوران، فعندما يحل ضيفا على اهل الفقيد ويرى كرم ضيافتهم وحسن أخلاقهم ويرى صورة لدوران وهو ينظر إلى القاضي بدون ان يتفوه حتى بكلمة واحدة ينظر سليم بيك ان دوران هو القاضي و سليم هو المتهم والمذنب.
وفي طريق العودة من القرية عندما يأخذ سليم بيك معه كافة الوثائق من والد دوران يقف إلى جانب الطريق و ينظر إليه وإلى ما كتب عنه وإلى توقيعه قبل أكثر من عقدين ونيف من الزمن وإلى صورة دوران الصغير حتى يفقد توازنه من الإحساس بالجريمة فعندما يحرك السيارة مجددا في الطريق الجبلي يفقد سيطرته على القيادة ويتدحرج ككتلة الثلج نحو الوادي العميق وهو ينظر إلى صورة دوران.
اما في كتابه سحر SEHER و بالذات قصة سحر يسرد فيها السيد دميرتاش حياة المجتمع الكردي في مدن التركية وروابط العشائرية السائدة حتى في المدن و أزمة العمل و اخذ بثأر تحت اسم جريمة الشرف ووو، كأنك امام فيلم سينمائي عن حياة المجتمع الكردي من جميع النواحي و بكافة تفاصيله.
اما كتابه الثالث باسم ليلان( LEYLAN ) أي السراب اظن انه كتب قصة حياته عندما كان شاب في إحدى حارات بضواحي مدينة دياربكر وقصة عشقه الأولى والظروف السياسية والاجتماعية والنفسية السائدة في مرحلة الدراسة و يشرح فيها التناقضات الاجتماعية بين فئات المجتمع دينيا وطائفيا وقوميا من كافة الجوانب و يحلل بشكل واضح الأزمة الموجودة في تلك الحقبة من الزمن.
يتطرق فيها إلى روح صداقة الطفولة وظروف العمل والعلاقات الأسرية بلغة سلسة وبسيطة قريب إلى المشاعر الإنسانية.
هكذا دخل القائد الشاب السيد صلاح الدين دميرتاش إلى حلبة المنافسة الأدبية مع بقية الأدباء في تركيا بينما كان منافسا سياسيا وقائدا ذكيا مع أكبر شخصية في تاريخ تركيا الحديث رجب طيب اردوغان.