الحدث – الرياض – وكالات
صدر حديثا عن مكتبة المتنبى بالمملكة العربية السعودية ترجمة لرواية فتاة مكتب البريد” لـ الكتاب النمساوى “ستيفان زفايج” عاش في الفترة (1881-1942) ترجمة يوسف نبيل.
وكتب “يوسف نبيل فى مقدمة الرواية: فتاة مكتب البريد: جوهرة زفايج المنقوصة!
لم يكتب زفايج روايات كبيرة الحجم سوى روايتين تقريبًا: احذر من الشفقة، وهذه الرواية التى لم تُنشر إبان حياته، ووجدوها وسط بقايا أوراقه ومخطوطاته الأدبية بعد انتحاره، ولم تنشر فى ألمانيا إلا بحلول عام 1982 بعنوان: “نشوة التحول”، ولم تترجم إلى الإنجليزية إلا فى عام 2002.
تتناول هذه الرواية الفريدة التأثيرات الاجتماعية للحرب العالمية الأولى، وفترة بين الحربين؛ هذه الفترة التى أنتجت لنا أعمالا أوروبية شهيرة عديدة، وعلى رأسها هذا العمل.
ينقلب العالم رأسًا على عقب، وتسود أوروبا فى تلك الفترة انقلابات اجتماعية عنيفة، حيث تظهر طبقات وأجيال تود تعويض ما فاتها من نشوة هذا العالم إبان فترة الحرب. يحدث ذلك مع استمرار اتساع الهوة المادية بين الطبقات.
بطلة رواياتنا فتاة قروية نمساوية فقيرة تتعرض لتغييرات عنيفة، يعرض فيها زفايج بانورما أوروبية لفترة ما بين الحربين، ويتابع عالم بطلته الداخلى بأقصى درجات الدقة والحنكة حتى تصل الأمور إلى مفاجآت غير متوقعة.
يعرض لنا زفايج – كاره الحرب الأبدى – ما تُحدثه الحرب فى المجتمعات، حين تنتهى وتبدأ نتائجها المادية فى الظهور بوضوح، لكنه يركز فى عرضه على نفسية بطلته الفقيرة، وما تتعرض له من صدمة تلو الأخرى.
ما يزيد من فتنة هذا العمل هو أن مؤلفه قد اختبر حياة الهروب واليأس. لقد هرب من موطنه النمسا إلى لندن فى البداية ثم إلى البرازيل حيث انتهى الأمر به وبزوجته بالانتحار هناك فى عام 1942. ربما يبدو قرار بطلة العمل فى نهايته اشبه بالانتحار، ولكن تبقى أمام القاريء احتمالية حياة أخرى؛ حياة قائمة على الجريمة.
حال انتحار زفايج دون الانتهاء من هذه الرواية، ولكن رغم أنه يترك لنا الأحداث فى ذروتها دون أن تكتمل، إلا أن ذلك قد يعد أحد أسباب فتنة هذا العمل؛ حيث يلتهم القاريء السطور ويجد نفسه فى النهاية فى انتظار دقات القدر تعلن عن مصير بطلة العمل المجهول… ولكن يطول الانتظار.