الأحد 29 ديسمبر 2024
القاهرة °C

تركيا أردوغان إلى أين

الحدث – القاهرة

شهدت السنوات الأخيرة ازدياد الدور التركي في منطقة الشرق الأسط خاصة بعد ظهور ما يسمى بالربيع العربي وسقوط بعض الأنظمة المتجذّرة والتي حكمت لعقود بقبضة من حديد, وإرساء سياسة إسلاموية “الإسلام السياسي” وإظهار أردوغان كسلطان وحامي المسلمين، والتدخل في شؤون دول المنطقة بذرائع شتى بالاعتماد على تنظيم الإخوان والذي أصبح الحزب الحاكم في مصر بفوز مرشحه محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية 2012، إلا أن سقوط حكم الإخوان في مصر واستلام عبد الفتاح السيسي الحكم ظهرت خلافات تركية مصرية، وقد زادت حدة التوتر بين البلدين إثر اصطفاف تركيا لجانب قطر ووقوف مصر مع الدول الخليجية إثر الخلاف القطري الخليجي.

إن السياسة التي اتبعها أردوغان تجاه بعض الدول الاقليمية قد حقّقت بعضاً من أطماعه العثمانية من خلال عقد اتفاقيات مع بعض الأطراف “حكومة السراج” في ليبيا، وإنشاء قواعد عسكرية لها في المنطقة “قطر وليبيا والصومال ” وفي باشور كردستان والشمال السوري، والحصول على تمويل من أطراف خارجية “قطر” لدعم تنظيم الإخوان والتنظيمات الأصولية، إلا أن هذه السياسة التي اتبعها أردوغان زادت من حدة الخلافات مع الدول العربية وجعلتها دولة معزولة عن محيطها الإقليمي العربي مما اضطرت تركيا لفتح قنوات جديدة للاتصال مع مصر والسعودية والإمارات، وإرسال رسائل أكثر فاعلية إلى القاهرة بهدف إعادة التموضع من جديد، بعد أن أجبرتها السياسة المصرية في شرق المتوسط والتقارب مع اليونان وقبرص بما يخص ترسيم الحدود البحرية ومشاريع الغاز لتغيير سياستها، إلى جانب الموقف المصري الحازم في الأزمة الليبية، لتدرك تركيا أن سياستها في زعزعة الأمن القومي المصري والسعودي والإماراتي هي سياسة عدوانية جعلتها تتخبط في الساحة العربية.

لذا باتت السياسة الخارجية التركية التي انتهجها أردوغان تعاني من الانسداد ولها تأثيرات على الداخل التركي وخاصة في البعدين السياسي والاقتصادي، ونتيجة لذلك يتجه النظام التركي نحو إعادة العلاقات مع مصر، حيث قام أردوغان باتخاذ بعض الإجراءات لإثبات حسن نيته للتقارب مع مصر، ومن بينها تحجيم دور قنوات المعارضة ضد الحكومة المصرية التي تبث العداء والفتنة من أراضيها، وإمكانية تسليم بعض القيادات الإخوانية للمخابرات المصرية أو طردهم من أراضيها، وتقديم معلومات عن تحركات التنظيم الإخواني في الداخل المصري.

ويعود أسباب التقارب التركي مع مصر إلى:

العزلة الإقليمية التي تعاني منها تركيا ” بسبب سياسة أردوغان الخارجية وتدخله في شؤون دول المنطقة فالتقارب التركي المصري يسهل التقارب مع السعودية والإمارات العربية بحكم العلاقات القوية التي تربط مصر مع تلك الدول.
التغيرات السياسية في المنطقة “تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل والتقارب الحاصل في العلاقات القطرية الخليجية ومن المحتمل حصول انفراج في العلاقات السورية الخليجية”
التفاهمات الشرق أوسطية التي تجري بين ” لبنان، إسرائيل، مصر، قبرص، اليونان” حول ترسيم الحدود البحرية والاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين هذه الدول “منتدى غاز شرق المتوسط “، وهذا ما يجعل النفوذ التركي في المتوسط يتراجع أمام هذه التفاهمات الجارية.
الوضع الاقتصادي المتأزم في تركيا وخشية أردوغان من أن يؤثر سلباً على شعبيته، فحكومة أردوغان ترغب من خلال عودة العلاقات التركية مع مصر ودول الخليج تحسين الوضع الاقتصادي التركي لصالح حكومته.
بالإضافة إلى تلك العوامل والأسباب، فإنَّ السبب الرئيسي يكمن في فشل أردوغان في تحقيق أهدافه في التحكم بالقرار السياسي لبعض الدول الاقليمية في الشرق الأوسط.
وفي نهابة المطاف بدأ أردوغان يدرك تماماً فشل سياسته الخارجية تجاه مصر ودول الخليج, لذا يحاول إعادة العلاقات التركية مع هذه الدول ومن الممكن أن يتجه أردوغان للتخلي عن بعض الأدوات التي يستخدمها ضد دول المنطقة ومن بين هذه الأدوات تنظيم الإخوان “مؤقّتاً” كون أردوغان يعتمد على التنظيم لمدّ نفوذه الخارجي وترسيخه في بعض البلاد العربية والإسلامية، وسحب مرتزقتها من ليبيا، والوصول إلى تفاهمات لترسيم الحدود البحرية مع مصر.

to top