الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
القاهرة °C

تقرير الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10ديسمبر)

الحدث – القاهرة – وليد الرمالي

يحتفل العالم في العاشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948. ويعد الإعلان، والذي يؤكد على مبادئ وقيم الكرامة الإنسانية والحرية والمساواة، وثيقة فارقة في تاريخ حقوق الإنسان حيث لعب دورًا أساسيًا في صياغة وبلورة القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وبهذه المناسبة تصدر الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان هذا التقرير الذي يتناول الدور النشط لمصر في إطار المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وأهم ملامح الإطار الدستوري لحماية حقوق الإنسان، كما يستعرض البنية المؤسسية لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان ويوضح إطار التخطيط الاستراتيجي للدولة في مختلف موضوعات حقوق الإنسان، ويلقي الضوء كذلك على أبرز الجهود الوطنية لإعمال حقوق الإنسان في سياق مكافحة جائحة كورونا“.

أولًا: الدور النشط لمصر في إطار المنظومة الدولية لحقوق الإنسان

ساهمت مصر على مدار عقود طويلة في الجهود المبذولة على المستوى متعدد الأطراف لتطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث شاركت في صياغة الإعلان العالمي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وساهمت بفاعلية في المشاورات والأعمال التحضيرية لصياغة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. ولقد انضمت مصر لثمان اتفاقيات دولية أساسية لحقوق الإنسان كما شاركت في جهود تطوير الآليات الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بما فيها مجلس حقوق الإنسان الذي شغلت عضويته عدة مرات، وانتخب العديد من الخبراء المصريين في عضوية هيئات معاهدات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. وعلى المستوى الإقليمي، انضمت مص إلى عدد من الاتفاقيات في إطار المنظومتين العربية والإفريقية لحقوق الإنسان.

وتحرص مصر على تنفيذ التزاماتها الدولية والإقليمية في مجال حقوق الإنسان على خلفية التطور الملحوظ للنظامين الدولي والإقليمي لحماية حقوق الإنسان والتوسع الكبير لنطاقهما وإنشاء آليات رصد ومتابعة متعددة. كما تحرص مصر على تطوير مستوى تعاونها مع الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان وذلك من خلال تقديم التقارير الوطنية الدورية إلى تلك الآليات في التوقيتات المحددة لذلك، ورصد ومتابعة وتقييم تنفيذ ما يصدر عنها من توصيات وذلك على نحو منتظم، والتفاعل مع شبكة الإجراءات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وباللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والرد على كافة المراسلات الواردة إليها من تلك الآليات. وقامت مصر بالفعل مؤخرًا بتقديم عدة تقارير دورية وطنية إلى عدد من اللجان التعاهدية لحقوق الإنسان الإقليمية والدولية، بما في ذلك اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ولجنة حقوق الطفل، ولجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ولجنة حقوق الإنسان، واللجنة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ولجنة مناهضة التعذيب. كما تم وضع خطة زمنية للانتهاء من إعداد باقي التقارير الوطنية للآليات المعنية خلال العام القادم. وفي إطار تعاونها ودعمها لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قبلت مصر 87.37٪ من التوصيات التي تلقتها في إطار الجولة الثالثة لآلية الاستعراض الدوري الشامل التابعة للمجلس. وتجدر الإشارة إلى أنه في ضوء حرص مصر على تنفيذ التوصيات المقدمة لها في إطار الآليات الدولية لحقوق الإنسان والتي تتسق مع التزاماتها الدولية والوطنية، فيتم حاليًا بحث إمكانية تنفيذ منصة إلكترونية وطنية لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات.

كما تقوم مصر بدور نشط وفعال في إطار العمل الدوليالمشترك في مجال حقوق الإنسان، حيث تلعب دورًا حيويًا لبناء جسور وتعزيز التنسيق بين مختلف المجموعات الإقليمية داخل الأمم المتحدة من خلال العمل بصورة بناءة مع جميع الأطراف على أساس من الحوار والتعاون. وتنسق مع الدول العربية والإفريقية والإسلامية ودول حركة عدم الانحياز في تناول القضايا ذات اهتمام الدول النامية على الأجندة الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنصرية وكراهية الأجانب والتحديات التي تواجه إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق في التنمية.

كما تقدم مصر العديد من المبادرات المتنوعة في إطار الدبلوماسية متعددة الأطراف لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. ففي مجال حقوق المرأة، قادت مصر مبادرة لطرح قرار أمام الجمعية العامة مع عدد من الدول بشأن تعزيز الاستجابة الوطنية والدولية السريعة لتأثير كوفيد19 على النساء والفتيات“. وقد نجحت في حشد الدعم والتأييد في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتماد مشروع القرار وذلك بالإجماع وبتوافق الآراء نهاية شهر أكتوبر 2020. ويلقي القرار الضوء على الاحتياجات الخاصة للمرأة والفتاة أثناء الجائحة، ويتناول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية على حقوقهن خلال الجائحة، ويطرح رؤية عملية لكيفية تعزيز التعامل الوطني والدولي مع تلك التداعيات. كما يهدف القرار إلى تعزيز الجهود الوطنية والدولية الرامية إلى تخفيف تداعيات جائحة كوروناعلى النساء والفتيات والتي تشمل القضاء على العنف ضدهن وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية اللازمة لهن والتمكين الاقتصادي لهن والحرص على استمرار شمولهن في عمليات إعداد الخطط الوطنية والدولية لمواجهة الجائحة.

وفي مجال حماية الأسرة، تقود مصر منذ عام 2014 مبادرة عبر إقليمية في إطار مجلس حقوق الإنسان تتمثل في القرار بعنوان حماية الأسرةوالذي يهدف إلى التأكيد على أن الأسرة هي النواة الطبيعية والأساسية للمجتمع وتلعب دورًا هامًا في حماية وتعزيز حقوق الإنسان ومن ثم يجب على الدول توفير الحماية والدعم لمؤسسة الأسرة. وقد شهد القرار منذ طرحه لأول مرة تطورًا ملحوظًا من حيث الموضوعات التي تناولها، حيث شدد على إيلاء الاهتمام لحقوق جميع أفراد الأسرة ومسؤولياتهم، مع التأكيد على دور الأسرة في مكافحة الفقر والقضاء على الجوع، وكفالة حياة صحية لجميع أفرادها دون استثناء، وزيادة فرص التعليم، فضلًا عن مساهمتها في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات وضمان تمتع الأطفال بحقوقهم في بيئة أسرية سليمة، وكذا تعزيز تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن تمتعًا كاملًا بجميع حقوق الإنسان وحرياتهم الأساسية في إطار نهج متكامل وشامل للتنمية.

وفي إطار حرص مصر على الاهتمام بقضايا الشباب ووضعها على الأجندة الدولية لحقوق الإنسان، تساهم مصر منذ عام 2016 في تسليط الضوء على دور الشباب في المجتمعات من خلال مشاركتها في طرح القرار الخاص بــالشباب وحقوق الإنسانكل عامين بمجلس حقوق الإنسان، وذلك إيمانًا منها بأن الشباب هم المحرك الأول والمُستفيد الرئيسي من مكتسبات أجندة التنمية المستدامة 2030، وما يتطلبه ذلك من توفير المناخ المواتي الذي يمكن الشباب من التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتجاوز ما يواجهونه من تحديات في هذا الشأن، بما في ذلك في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد شهدت النسخة الأخيرة من القرار عام 2018 إشارة صريحة إلى المساهمات التي قدمها منتدى شباب العالم في نسختيه الأولى والثانية، واللتين عُقدتا في مدينة شرم الشيخ خلال عامي 2017 و2018، باعتباره محفلًا دوليًا لمناقشة القضايا العالمية من منظور الشباب وبما يُعد أول قرار أممي تتم فيه الإشارة إلى إسهامات منتدى شباب العالم الذي جاء بمبادرة مصرية خالصة كمنصة لدعم أفكار الشباب وتوفير مساحة مناسبة وكافية لهم للتعبير عن آرائهم وتبادل وجهات النظر بحرية ودون أية قيود والتوصية بمبادرات لصانعي القرار.

وفي إطار الأولوية التي توليها الحكومة المصرية لجهود مكافحة الإرهاب ولحشد المجتمع الدولي وحثه على اتخاذ موقف صارم في مواجهة الإرهاب وإبراز آثاره على التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، قدمت مصر منذ عام 2018، بالتعاون مع المكسيك، قرار حول الإرهاب وحقوق الإنسان ويتم اعتماده بمجلس حقوق الإنسان بتوافق الآراء. ويدين القرار العمليات الإرهابية بجميع أشكالها وأثرها على التمتع بحقوق الإنسان، ويطالب بالوقف الفوري لكافة أشكال الدعم المقدمة للإرهاب بما في ذلك توفير ملاذ آمن ورعاية المنابر الإعلامية التي تتبنى خطاب الكراهية الذي يحرض على العنف والقتل والتدمير، ويؤكد تضامنه مع ضحايا العمليات الإرهابية وأسرهم، ويشدد على أهمية تعزيز وحماية حقوق الضحايا وكذا تقديم الدعم والمساعدة اللازمة لهم ولأسرهم. واتصالًا بجهود مصر لحماية ورعاية حقوق ضحايا الإرهاب على الصعيد الدولي، فلقد كانت مصر ضمن الدول التي بادرت بإنشاء مجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب بالأمم المتحدة في نيويورك، إلى جانب انضمامها للمجموعة المصغرة المعنية بصياغة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول تعزيز التعاون الدولي لمساعدة ضحايا الإرهابالصادر في 2019.

كما تعاونت مصر مع عدة دول من مختلف قارات العالم في تقديم قرار حول الحق في العمل في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وذلك منذ 2015، ويتناول القرار مختلف جوانب مضمون الحق في العمل فضلًا عن تأثير البيئة الدولية ودور القطاع الخاص وأهمية التدريب المهني والتعليمي والحماية من التمييز والفصل التعسفي وغير القانوني من العمل والتعاون الدولي وبناء القدرات. ويتناول القرار حق المرأة في العمل وتمكينها ودعم حقوقها وضرورة معالجة العقبات التي تحول دون انخراط أكبر للمرأة في سوق العمل.

ثانيًا: الإطار الدستوري لحماية حقوق الإنسان

يحقق الدستور المصري نقلة نوعية كبيرة على مستوى كفالة الحقوق والحريات الأساسية حيث يشتمل على كافة مبادئ حقوق الإنسان ويؤكد على أن النظام السياسي يقوم على احترام حقوق الإنسان وترسيخ قيم المواطنة والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات دون أي تمييز والتكافؤ في الفرص كأسس لبناء المجتمع. ويؤكد على أن التمييز جريمة يعاقب عليها القانون ويحظر إدخال أية تعديلات على النصوص الدستورية المتعلقة بمبدأ المساواة ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات لهذا المبدأ. كما يؤكد الدستور على أن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأي قانون تقييدها بما يمس أصلها وجوهرها. كما يكفل استقلال السلطة القضائية باعتبارها وسيلة الانتصاف الأساسية لضمان الإنفاذ الفعلي لكافة مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. ويوفر الدستور الحماية القضائية لهذه المبادئ عن طريق المحكمة الدستورية العليا المختصة بالنظر في دستورية القوانين. وينص الدستور كذلك على أن القوانين المنظمة لكفالة والتمتع بالحقوق والحريات الواردة فيه تعد من ضمن القوانين المكملة له، ومن ثم يشترط لصدورها موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.

ويتخذ الدستور منحى أكثر تقدمًا في مجال ضمان الوفاء بالالتزامات الدولية لمصر في مجال حقوق الإنسان، فيقرر لأول مرة في المادة (93) منه وضعًا خاصًا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وذلك بالنص على أنه تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها، فيجعل التزام الدولة باحترام تلك الاتفاقيات التزامًا دستوريًا، مما يصبغ الحقوق والحريات الأساسية الواردة بها بالحماية المقررة للقاعدة الدستورية. وبموجب هذا النص كذلك، تلتزم السلطة التشريعية بعدم سن أي تشريع يناقض التزامات الدولة المقررة بموجب هذه الاتفاقيات.

وتزخر البنية التشريعية بالعديد من الضمانات اللازمة لتعزيز واحترام حقوق الإنسان، ولقد قطعت مصر شوطًا في سبيل تعزيز الاتساق بين القوانين الوطنية من جانب والمبادئ والضمانات الواردة في الدستور والاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المنضمة لها مصر من جانب آخر. كما يتم بذل جهود مستمرة للبناء على هذا الزخم التشريعي، سواء من خلال إدخال تعديلات على بعض التشريعات القائمة أو استحداث تشريعات جديدة.

ثالثاً: البنية المؤسسية لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان

تمتلك مصر بنية مؤسسية لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان متنوعة في مكوناتها. ولقد جاء إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان في نهاية عام 2018 ليشكل إضافة هامة في هذا الشأن وليعكس وجود إرادة سياسية أكيدة لتفعيل الإطارين الدستوري والتشريعي لحماية الحقوق والحريات العامة في مصر ولتعزيز تنفيذ الالتزامات الدولية والإقليمية لمصر في مجال حقوق الإنسان. ولقد بدأت اللجنة العليا في ممارسة مهام عملها خلال عام 2020، وهي تختص بإعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، واقتراح التدابير والإجراءات التشريعية اللازمة ذات الصلة بتعزيز حقوق الإنسان، وإعداد التقارير الوطنية المقدمة إلى الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان ومتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن تلك الآليات، وإعداد الردود الرسمية على المراسلات الواردة من تلك الآليات، ووضع خطة عمل لبناء القدرات الوطنية في مجال حقوق الإنسان. وتضطلع اللجنة العليا بهذه الاختصاصات بالتعاون والتنسيق مع الوحدات والإدارات المختصة بحقوق الإنسان التي تم إنشاؤها في كافة الوزارات والمحافظات والجهات ذات الصلة.

وتسعى اللجنة العليا خلال ممارسة اختصاصاتها المختلفة إلى تعزيز التواصل والتشاور مع المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجتمع المدني بمفهومه الشامل باعتبار أن ذلك يعد ضروريًا لتحقيق التكامل بين كافة الجهود الوطنية المبذولة لتعزيز حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة العليا قد اضطلعت خلال العام الجاري بمهمة الدراسة المدققة لكافة الملاحظات والتوصيات المتضمنة في التقرير السنوي الأخير للمجلس القومي لحقوق الإنسان، والتنسيق مع كافة الجهات الرسمية المعنية بهدف التعقيب على ما ورد به من ملاحظات وتوصيات.

وفي عام 2017 أنشأت النيابة العامة وهي جهة قضائية مستقلة إدارة عامة لحقوق الإنسان والتي تختص بتلقي الشكاوى والبلاغات والتقارير المتعلقة بحقوق الإنسان ومتابعة تطبيق القواعد المقررة في الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر فيما يدخل في اختصاصات النيابة العامة، فضلًا عن تلقيها تقارير التفتيش الدوري والمفاجئ على السجون وأماكن الاحتجاز الأخرى الواردة من النيابات ودراستها وإبداء الملاحظات عليها بشأن مدى تطبيق قواعد معاملة السجناء. وأنشأت هيئة القضاء العسكري فرعًا لحقوق الإنسان بإدارة المدعي العام العسكري في عام 2018 يختص بكافة الموضوعات والمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان والواردة بقرار إنشائه والتي تدخل في اختصاص القضاء العسكري.

كما تضم البنية المؤسسية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان كلًا من المجلس القومي لحقوق الإنسان، باعتباره المؤسسة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة. وينص الدستور على استقلالية هذه المجالس وعلى دورها في إبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عملها وأن يؤخذ رأيها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بهم.

كما يوجد بمجلس النواب لجنة لحقوق الإنسان والتي تتولى دراسة وإبداء الرأي في مشروعات القوانين في مجال الحقوق والحريات، والمواثيق الدولية المتصلة بحقوق الإنسان، وتقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان، والجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان في تقارير المجالس القومية والهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، والشكاوى التي تقدم من المواطنين والهيئات فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وتقوم كذلك بزيارة السجون.

رابعًا: التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان

يتم حاليًا إعداد أول استراتيجية وطنية متكاملة لحقوق الإنسان في مصر. وتمثل المبادرة بإعداد هذه الاستراتيجية ترجمة لقناعة وطنية ذاتية بضرورة اعتماد مقاربة شاملة وجديّة لتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهي مقاربة تتسم بوضوح الرؤية والتوجه الاستراتيجي في التخطيط. وستعد الاستراتيجية بمثابة خريطة طريق وطنية طموحة في مجال حقوق الإنسان من خلال تعزيز احترام وحماية كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتضمنة في الدستور والاتفاقيات الدولية والإقليمية المنضمة إليها مصر، وذلك في إطار من المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص وعملًا بسيادة القانون.  

وتجدر الإشارة إلى أن استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030ترتكز على إعمال الحقوق الأساسية للإنسان باعتباره محور العملية التنموية، وتسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة من خلال بناء مجتمع عادل يتميز بالمساواة والتوزيع العادل لفوائد التنمية وتحقيق أعلى درجات الاندماج المجتمعي لكافة الفئات وتعزيز مبادئ الحوكمة. وتؤكد هذه الرؤية التنموية على أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب احترام مبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون.

كما تبنت الحكومة عدة استرتيجيات وخطط وطنية تتناول قضايا وموضوعات متنوعة لحقوق الإنسان، وتتضمن العديد من الأهداف والتدابير التنفيذية اللازمة لتحقيقها (سواء تشريعية أو تنفيذية أو مؤسسية) وفق أطر زمنية ومؤشرات أداء محددة، وذلك بهدف إعطاء قوة الدفع اللازمة للنهوض بحقوق الإنسان، ومن ضمنها: “الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030″، والاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث 2016-2020″، والاستراتيجية القومية للحد من الزواج المبكر 2015-2020″، والاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة 2015-2020″، والاستراتيجية القومية للسكان 2015-2030″، والاستراتيجية القومية للصحة الإنجابية 2015-2020″، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية 2016-2026″، واستراتيجية مكافحة الاتجار بالبشر 2016-2021″، واستراتيجية تأهيل ورعاية وحماية الأشخاص ذوي الإعاقة 2030″، والاستراتيجية الوطنية للطفولة والأمومة 2018– 2030″، واستراتيجية مواجهة التطرف والفكر التكفيري بالجامعات المصرية 2019-2023″، والخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم قبل الجامعي 2014-2030″، واستراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي 2030″، والاستراتيجية القومية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2030″، والخطة الاستراتيجية للتوسع في محطات تحلية مياه البحر لتوفير احتياجات مياه الشرب 2020-2025″.

خامسًا: أبرز الجهود الوطنية لإعمال حقوق الإنسان في سياق مكافحة جائحة كورونا

فرض عام 2020 تحديات استثنائية على العالم بأسره على خلفية جائحة كوروناوالتي كانت لها تداعيات مباشرة على التمتع بحقوق الإنسان الأساسية، ولقد اتخذت الدولة حزمة واسعة من الإجراءات للتعامل مع تلك التداعيات والحد منها كما هو موضح أدناه، وقامت الحكومة بتخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة الأزمة.

1. الحق فى الصحة:
ركزت جهود الحكومة خلال المرحلة الأولى (قبل الإعلان عن ظهور أي إصابات في مصر) على التوسع في حملات التوعية بسبل الوقاية من الفيروس والممارسات المجتمعية السليمة، فضلًا عن إجراء اختبارات للعائدين من الدول المصابة بالخارج.
خلال المرحلة الثانية (بداية ظهور الإصابات في مصر) تضمنت الإجراءات الصحية الوقائية تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وتعليق حركة الطيران وغلق أماكن التجمعات العامة وفرض الحظر الجزئي.
خلال المرحلة الثالثة (تزايد أعداد الإصابات) اتخذت وزارة الصحة عدة إجراءات للتعامل مع الأزمة من خلال تخصيص نحو 12 مستشفى مجهزة للعزل موزعة على كافة محافظات الجمهورية، وتجهيز 27 مستشفى جامعي للعزل، فضلًا عن تخصيص مستشفيات الحميات ومستشفيات الصدر لفحص وتحويل الحالات المشتبه فيها، وتجهيز المدن الجامعية كمناطق طبية لعزل الحالات البسيطة على مراحل.
تم اتخاذ مجموعة من المبادرات لدعم الصحة الرقمية في مواجهة الجائحة، منها إطلاق تطبيق صحة مصرويتضمن إرشادات توعوية وخدمة تفاعلية للإبلاغ عن الحالات المشتبه إصابتها بالفيروس، واستحداث منصات إلكترونية متنوعة لخدمات الحجز والكشف وتسليم الأدوية بالمنازل وتقديم الاستشارات والإرشادات الطبية والصحية عن بعد.
تم دعم الأطباء وجميع العاملين في القطاع الطبي عن طريق رفع مكافأة أطباء الامتياز في المستشفيات، وصرف مكافآت تشجيعية للأطقم الطبية والعاملين في منافذ الحجر الصحي ومستشفيات العزل والمعامل المركزية وفروعها وهيئة الإسعاف.
تمت إتاحة جميع الخدمات الصحية والطبية للاجئين على قدم المساواة مع المواطنين ضمن الجهود الوطنية لمواجهة الوباء.
2. في مجال الحماية الاجتماعية:
اهتمت الحكومة بتوجيه الدعم للفئات الأكثر فقرًا والعمالة غير المنتظمة للحد من تداعيات الجائحة على تلك الفئات.
تم رفع قيمة موازنة برامج التحويلات النقدية من 18.5 مليار جنيه إلى 19.3 مليار جنيه.
تمت إضافة 100 ألف أسرة جديدة لبرنامج تكافل وكرامةمن المتضررين من جائحة كورونا“.
قدمت الحكومة بناءً على تكليف من رئيس الجمهورية منح للعمالة غير المنتظمة بقيمة 500 جنيه شهريًا على خلفية الأزمة ويستفيد منها 1.5 مليون عاملًا. وتجدر الإشارة إلى صدور تكليف رئاسي بإنشاء صندوق لدعم العمالة غير المنتظمة ضد المخاطر المختلفة يهدف إلى صرف منحة لهم خلال فترة انقطاع الدخل إعانة لتعويض الدخلنتيجة لظروف اقتصادية طارئة أو أوبئة ومعالجة قصور عدم تغطية العمالة غير المنتظمة وصغار أصحاب الأعمال بتأمين البطالة. كما يستهدف الصندوق الذين لم ينطبق عليهم قواعد استحقاق برامج تكافل وكرامةوتتوافر لدى وزارة التضامن الاجتماعي بيانات تفصيلية عنهم. كما تم إنشاء لجنة وزارية لحماية ورعاية العمالة غير المنتظمة وحصرهم تمهيدًا لإقرار معاش وتأمين اجتماعي وصحي لهم، ووضع رؤية مكتملة لإدماج هذه العمالة في القطاع الرسمي من الاقتصاد.
قام صندوق إعانات الطوارئ للعمال بصرف أجور العمال الذين توقفت أجورهم تأثرًا بالجائحة، وعلى الأخص قطاع السياحة باعتباره القطاع الأكثر تضررًا.
3. رعاية المسجونين والمحتجزين
تم تعليق الزيارات بجميع السجون بتاريخ 10 مارس 2020 بشكل مؤقت حفاظًا على الصحة العامة للنزلاء وأسرهم، مع استمرار السماح بتبادل الخطابات مع الأهالي والسماح بالاتصال التليفوني وفقًا للضوابط والإجراءات.
اتخذت وزارة الداخلية عددًا من الإجراءات لمكافحة انتشار فيروس كوروناالمستجد بين النزلاء والعاملين بالسجون من ضمنها إجراء تعقيم يومي لجميع المنشآت الشرطية وعنابر وغرف إقامة المسجونين وأماكن الاحتجاز، وتوفير أجهزة مسح حراري لجميع السجون وأماكن الاحتجاز للكشف على جميع العاملين بها والمترددين عليها، وتعيين أطباء لفحصهم للتأكد من عدم وجود حالات مرضية بينهم، وتوقيع الكشف الطبي على النزلاء الجدد بكل سجن للتأكد من خلوهم من الأمراض التي قد تؤثر سلبًا على الصحة العامة للنزلاء، وإجراء مسح عشوائي للمسجونين، وتخصيص غرف لعزل الحالات التي يشتبه في إصابتها بأية أعراض للمرض، وتحويل أية حالة اشتباه بالإصابة إلى مستشفى الحميات الكائنة بالنطاق الجغرافي لكل سجن لتوقيع الكشف الطبي اللازم وتشخيصها.
تمت إعادة استئناف الزيارات بجميع السجون العمومية والليمانات بتاريخ 22 أغسطس 2020، مع مراعاة الإجراءات الوقائية والاحترازية والصحية على النحو التالي:
تحديد مواعيد لزيارات جميع نزلاء السجون وفقًا للترتيب الأبجدي لأسمائهم والسعة الاستيعابية لقاعات الزيارات بالسجون وتحقيق المسافة الآمنة بين النزلاء وذويهم.
تجهيز قاعات الزيارات بشكل مناسب لاستقبال ذوي النزلاء وتطهيرها وتعقيمها قبل بدء الزيارات، كما تم وضع آلية لإعادة التطهير والتعقيم لدى كل دفعة زيارات، وتجهيز جميع القاعات بحاجز سلكي لتحقيق المسافات الآمنة بين النزلاء والزائرين.
الإعلان عن أرقام (118) هاتف محمول خاصة بالسجون على موقع وزارة الداخلية بشبكة الإنترنت وتخصيصها للاستعلام عن مواعيد الزيارة بمعرفة أهل النزلاء، على أن يتضمن الاتصال التليفوني بيانات المتصل واسم النزيل ودرجة قرابته.
الإعلان عن عدد (2) هاتف أرضي بقطاع السجون على مدار 24 ساعة لتلقي أية شكاوى أو استفسارات بشأن الزيارات من أهل النزلاء.
تشغيل تطبيق إلكتروني على موقع وزارة الداخلية بشبكة الإنترنت يُتاح من خلاله تلقي طلبات الزيارة من أهل النزلاء وإعلانهم بموعدها.
تركيب بوابات تعقيم ذاتي بمداخل مناطق السجون حرصًا على سلامة النزلاء.
توفير كمامات بكافتيريات انتظار الزائرين لاستخدامها من قبل الزائرين.
على خلفية جائحة كورونا، تضمنت التدابير التي اتخذتها النيابة العامة تفعيل بدائل الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، كما اتخذت مجموعة من التدابير الاحترازية في إطار حماية أطراف الدعوى الجنائية وتتمثل في إنشاء آلية إلكترونية للنظر في أمر تجديد حبس المتهمين عن طريق تواصل عضو النيابة بالمتهم المحبوس احتياطيًا بواسطة الفيديو كونفرانس (videoconference) وإصدار القرار في الأمر عقب الاستماع إلى أقواله، وهو ما يحد من نقل المساجين ويقلل احتكاكهم ببعض. وبالتوازي مع ذلك تم البدء في تنفيذ مشروع النظر عن بعد في أوامر الحبس الاحتياطي الذي يتيح للقاضي الاتصال مباشرة بالمتهم المحبوس احتياطيًا بحضور محاميه، عبر دائرة تليفزيونية مغلقة ومؤمنة، بما يمكن المتهم من إبداء كل أوجه دفاعه عند النظر في أمر إخلاء سبيله أو استمرار حبسه، دون الانتقال إلى المحكمة.
للحيلولة دون انتشار فيروس كوفيد-19″ بالسجون، تم حصر النزلاء من ذوي الأمراض المزمنة وكبار السن والمحكوم عليهم بعقوبات قصيرة المدة (سنة فأقل) واتخاذ إجراءات الإفراج المبكر عنهم سواء من خلال منحهم عفوًا رئاسيًا عن باقي مدة العقوبة أو الإفراج الشرطي عنهم، وذلك لعدد 27091 محكومًا عليه خلال الفترة من مارس إلى منتصف نوفمبر 2020.
4. الحق في التعليم
اتخذت وزارة التربية والتعليم عدة إجراءات للتعامل مع الأزمة، كتطبيق أنماط التعليم عن بعد في المدارس ومؤسسات التعليم العالي، وإتاحة الدخول الإلكتروني على منصات التعليم لطلاب المرحلة الثانوية، وتوفير أنشطة التعلم عن بعد لطلاب التعليم الفني من خلال القنوات التعليمية وقناة التعليم الفني على اليوتيوب، وإتاحة موقع إلكتروني للتواصل بين طلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية والمعلمين خلال فترة تعليق الدراسة.
5. في مجال حقوق المرأة
إن الإجراءات التي اتخذتها مصر لمواجهة فيروس كوروناالمستجد والمستجيبة لاحتياجات المرأة تعكس بشكل كبير توجه الحكومة وفلسفتها نحو توفير سبل الدعم الممكنة لتعزيزتمكين المرأة المصرية.
أصدرت مصر سياسات استجابة سريعة لوضع المرأة ، فلقداتخذت الحكومة نحو 106 سياسة وقرار وإجراء حتىأغسطس 2020 تراعي احتياجات المرأة خلال تفشيفيروس كورونا المستجد. وأخذت هذه الإجراءات والسياسات في اعتبارها فئات المرأة المختلفة مثل النساءذوات الإعاقة والمسنات والحوامل. وتعتبر مصر هي الدولةالأولى على مستوى العالم التي تصدر آلية لرصدالسياسات والإجراءات التي اتخذتها الدولة للاستجابةلاحتياجات المرأة خلال تفشي الجائحة من خلال المجلس القومي للمرأة.

to top