الحدث – القاهرة – وليد الرمالي
يحتفل العالم في العاشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948. ويعد الإعلان، والذي يؤكد على مبادئ وقيم الكرامة الإنسانية والحرية والمساواة، وثيقة فارقة في تاريخ حقوق الإنسان حيث لعب دورًا أساسيًا في صياغة وبلورة القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وبهذه المناسبة تصدر الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان هذا التقرير الذي يتناول الدور النشط لمصر في إطار المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وأهم ملامح الإطار الدستوري لحماية حقوق الإنسان، كما يستعرض البنية المؤسسية لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان ويوضح إطار التخطيط الاستراتيجي للدولة في مختلف موضوعات حقوق الإنسان، ويلقي الضوء كذلك على أبرز الجهود الوطنية لإعمال حقوق الإنسان في سياق مكافحة جائحة “كورونا“.
أولًا: الدور النشط لمصر في إطار المنظومة الدولية لحقوق الإنسان
ساهمت مصر على مدار عقود طويلة في الجهود المبذولة على المستوى متعدد الأطراف لتطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث شاركت في صياغة الإعلان العالمي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وساهمت بفاعلية في المشاورات والأعمال التحضيرية لصياغة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. ولقد انضمت مصر لثمان اتفاقيات دولية أساسية لحقوق الإنسان كما شاركت في جهود تطوير الآليات الدولية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بما فيها مجلس حقوق الإنسان الذي شغلت عضويته عدة مرات، وانتخب العديد من الخبراء المصريين في عضوية هيئات معاهدات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. وعلى المستوى الإقليمي، انضمت مص إلى عدد من الاتفاقيات في إطار المنظومتين العربية والإفريقية لحقوق الإنسان.
وتحرص مصر على تنفيذ التزاماتها الدولية والإقليمية في مجال حقوق الإنسان على خلفية التطور الملحوظ للنظامين الدولي والإقليمي لحماية حقوق الإنسان والتوسع الكبير لنطاقهما وإنشاء آليات رصد ومتابعة متعددة. كما تحرص مصر على تطوير مستوى تعاونها مع الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان وذلك من خلال تقديم التقارير الوطنية الدورية إلى تلك الآليات في التوقيتات المحددة لذلك، ورصد ومتابعة وتقييم تنفيذ ما يصدر عنها من توصيات وذلك على نحو منتظم، والتفاعل مع شبكة الإجراءات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وباللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والرد على كافة المراسلات الواردة إليها من تلك الآليات. وقامت مصر بالفعل مؤخرًا بتقديم عدة تقارير دورية وطنية إلى عدد من اللجان التعاهدية لحقوق الإنسان الإقليمية والدولية، بما في ذلك اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ولجنة حقوق الطفل، ولجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ولجنة حقوق الإنسان، واللجنة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ولجنة مناهضة التعذيب. كما تم وضع خطة زمنية للانتهاء من إعداد باقي التقارير الوطنية للآليات المعنية خلال العام القادم. وفي إطار تعاونها ودعمها لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قبلت مصر 87.37٪ من التوصيات التي تلقتها في إطار الجولة الثالثة لآلية الاستعراض الدوري الشامل التابعة للمجلس. وتجدر الإشارة إلى أنه في ضوء حرص مصر على تنفيذ التوصيات المقدمة لها في إطار الآليات الدولية لحقوق الإنسان والتي تتسق مع التزاماتها الدولية والوطنية، فيتم حاليًا بحث إمكانية تنفيذ منصة إلكترونية وطنية لمتابعة تنفيذ تلك التوصيات.
كما تقوم مصر بدور نشط وفعال في إطار العمل الدوليالمشترك في مجال حقوق الإنسان، حيث تلعب دورًا حيويًا لبناء جسور وتعزيز التنسيق بين مختلف المجموعات الإقليمية داخل الأمم المتحدة من خلال العمل بصورة بناءة مع جميع الأطراف على أساس من الحوار والتعاون. وتنسق مع الدول العربية والإفريقية والإسلامية ودول حركة عدم الانحياز في تناول القضايا ذات اهتمام الدول النامية على الأجندة الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنصرية وكراهية الأجانب والتحديات التي تواجه إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق في التنمية.
كما تقدم مصر العديد من المبادرات المتنوعة في إطار الدبلوماسية متعددة الأطراف لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. ففي مجال حقوق المرأة، قادت مصر مبادرة لطرح قرار أمام الجمعية العامة مع عدد من الدول بشأن “تعزيز الاستجابة الوطنية والدولية السريعة لتأثير كوفيد–19 على النساء والفتيات“. وقد نجحت في حشد الدعم والتأييد في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتماد مشروع القرار وذلك بالإجماع وبتوافق الآراء نهاية شهر أكتوبر 2020. ويلقي القرار الضوء على الاحتياجات الخاصة للمرأة والفتاة أثناء الجائحة، ويتناول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية على حقوقهن خلال الجائحة، ويطرح رؤية عملية لكيفية تعزيز التعامل الوطني والدولي مع تلك التداعيات. كما يهدف القرار إلى تعزيز الجهود الوطنية والدولية الرامية إلى تخفيف تداعيات جائحة “كورونا” على النساء والفتيات والتي تشمل القضاء على العنف ضدهن وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية اللازمة لهن والتمكين الاقتصادي لهن والحرص على استمرار شمولهن في عمليات إعداد الخطط الوطنية والدولية لمواجهة الجائحة.
وفي مجال حماية الأسرة، تقود مصر منذ عام 2014 مبادرة عبر إقليمية في إطار مجلس حقوق الإنسان تتمثل في القرار بعنوان “حماية الأسرة” والذي يهدف إلى التأكيد على أن الأسرة هي النواة الطبيعية والأساسية للمجتمع وتلعب دورًا هامًا في حماية وتعزيز حقوق الإنسان ومن ثم يجب على الدول توفير الحماية والدعم لمؤسسة الأسرة. وقد شهد القرار منذ طرحه لأول مرة تطورًا ملحوظًا من حيث الموضوعات التي تناولها، حيث شدد على إيلاء الاهتمام لحقوق جميع أفراد الأسرة ومسؤولياتهم، مع التأكيد على دور الأسرة في مكافحة الفقر والقضاء على الجوع، وكفالة حياة صحية لجميع أفرادها دون استثناء، وزيادة فرص التعليم، فضلًا عن مساهمتها في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات وضمان تمتع الأطفال بحقوقهم في بيئة أسرية سليمة، وكذا تعزيز تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن تمتعًا كاملًا بجميع حقوق الإنسان وحرياتهم الأساسية في إطار نهج متكامل وشامل للتنمية.
وفي إطار حرص مصر على الاهتمام بقضايا الشباب ووضعها على الأجندة الدولية لحقوق الإنسان، تساهم مصر منذ عام 2016 في تسليط الضوء على دور الشباب في المجتمعات من خلال مشاركتها في طرح القرار الخاص بــ“الشباب وحقوق الإنسان” كل عامين بمجلس حقوق الإنسان، وذلك إيمانًا منها بأن الشباب هم المحرك الأول والمُستفيد الرئيسي من مكتسبات أجندة التنمية المستدامة 2030، وما يتطلبه ذلك من توفير المناخ المواتي الذي يمكن الشباب من التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتجاوز ما يواجهونه من تحديات في هذا الشأن، بما في ذلك في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد شهدت النسخة الأخيرة من القرار عام 2018 إشارة صريحة إلى المساهمات التي قدمها منتدى شباب العالم في نسختيه الأولى والثانية، واللتين عُقدتا في مدينة شرم الشيخ خلال عامي 2017 و2018، باعتباره محفلًا دوليًا لمناقشة القضايا العالمية من منظور الشباب وبما يُعد أول قرار أممي تتم فيه الإشارة إلى إسهامات منتدى شباب العالم الذي جاء بمبادرة مصرية خالصة كمنصة لدعم أفكار الشباب وتوفير مساحة مناسبة وكافية لهم للتعبير عن آرائهم وتبادل وجهات النظر بحرية ودون أية قيود والتوصية بمبادرات لصانعي القرار.
وفي إطار الأولوية التي توليها الحكومة المصرية لجهود مكافحة الإرهاب ولحشد المجتمع الدولي وحثه على اتخاذ موقف صارم في مواجهة الإرهاب وإبراز آثاره على التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، قدمت مصر منذ عام 2018، بالتعاون مع المكسيك، قرار حول الإرهاب وحقوق الإنسان ويتم اعتماده بمجلس حقوق الإنسان بتوافق الآراء. ويدين القرار العمليات الإرهابية بجميع أشكالها وأثرها على التمتع بحقوق الإنسان، ويطالب بالوقف الفوري لكافة أشكال الدعم المقدمة للإرهاب بما في ذلك توفير ملاذ آمن ورعاية المنابر الإعلامية التي تتبنى خطاب الكراهية الذي يحرض على العنف والقتل والتدمير، ويؤكد تضامنه مع ضحايا العمليات الإرهابية وأسرهم، ويشدد على أهمية تعزيز وحماية حقوق الضحايا وكذا تقديم الدعم والمساعدة اللازمة لهم ولأسرهم. واتصالًا بجهود مصر لحماية ورعاية حقوق ضحايا الإرهاب على الصعيد الدولي، فلقد كانت مصر ضمن الدول التي بادرت بإنشاء مجموعة أصدقاء ضحايا الإرهاب بالأمم المتحدة في نيويورك، إلى جانب انضمامها للمجموعة المصغرة المعنية بصياغة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول “تعزيز التعاون الدولي لمساعدة ضحايا الإرهاب” الصادر في 2019.
كما تعاونت مصر مع عدة دول من مختلف قارات العالم في تقديم قرار حول الحق في العمل في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وذلك منذ 2015، ويتناول القرار مختلف جوانب مضمون الحق في العمل فضلًا عن تأثير البيئة الدولية ودور القطاع الخاص وأهمية التدريب المهني والتعليمي والحماية من التمييز والفصل التعسفي وغير القانوني من العمل والتعاون الدولي وبناء القدرات. ويتناول القرار حق المرأة في العمل وتمكينها ودعم حقوقها وضرورة معالجة العقبات التي تحول دون انخراط أكبر للمرأة في سوق العمل.
ثانيًا: الإطار الدستوري لحماية حقوق الإنسان
يحقق الدستور المصري نقلة نوعية كبيرة على مستوى كفالة الحقوق والحريات الأساسية حيث يشتمل على كافة مبادئ حقوق الإنسان ويؤكد على أن النظام السياسي يقوم على احترام حقوق الإنسان وترسيخ قيم المواطنة والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات دون أي تمييز والتكافؤ في الفرص كأسس لبناء المجتمع. ويؤكد على أن التمييز جريمة يعاقب عليها القانون ويحظر إدخال أية تعديلات على النصوص الدستورية المتعلقة بمبدأ المساواة ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات لهذا المبدأ. كما يؤكد الدستور على أن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأي قانون تقييدها بما يمس أصلها وجوهرها. كما يكفل استقلال السلطة القضائية باعتبارها وسيلة الانتصاف الأساسية لضمان الإنفاذ الفعلي لكافة مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. ويوفر الدستور الحماية القضائية لهذه المبادئ عن طريق المحكمة الدستورية العليا المختصة بالنظر في دستورية القوانين. وينص الدستور كذلك على أن القوانين المنظمة لكفالة والتمتع بالحقوق والحريات الواردة فيه تعد من ضمن القوانين المكملة له، ومن ثم يشترط لصدورها موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.
ويتخذ الدستور منحى أكثر تقدمًا في مجال ضمان الوفاء بالالتزامات الدولية لمصر في مجال حقوق الإنسان، فيقرر لأول مرة في المادة (93) منه وضعًا خاصًا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وذلك بالنص على أنه “تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها“، فيجعل التزام الدولة باحترام تلك الاتفاقيات التزامًا دستوريًا، مما يصبغ الحقوق والحريات الأساسية الواردة بها بالحماية المقررة للقاعدة الدستورية. وبموجب هذا النص كذلك، تلتزم السلطة التشريعية بعدم سن أي تشريع يناقض التزامات الدولة المقررة بموجب هذه الاتفاقيات.
وتزخر البنية التشريعية بالعديد من الضمانات اللازمة لتعزيز واحترام حقوق الإنسان، ولقد قطعت مصر شوطًا في سبيل تعزيز الاتساق بين القوانين الوطنية من جانب والمبادئ والضمانات الواردة في الدستور والاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المنضمة لها مصر من جانب آخر. كما يتم بذل جهود مستمرة للبناء على هذا الزخم التشريعي، سواء من خلال إدخال تعديلات على بعض التشريعات القائمة أو استحداث تشريعات جديدة.
ثالثاً: البنية المؤسسية لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان
تمتلك مصر بنية مؤسسية لتعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان متنوعة في مكوناتها. ولقد جاء إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان في نهاية عام 2018 ليشكل إضافة هامة في هذا الشأن وليعكس وجود إرادة سياسية أكيدة لتفعيل الإطارين الدستوري والتشريعي لحماية الحقوق والحريات العامة في مصر ولتعزيز تنفيذ الالتزامات الدولية والإقليمية لمصر في مجال حقوق الإنسان. ولقد بدأت اللجنة العليا في ممارسة مهام عملها خلال عام 2020، وهي تختص بإعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، واقتراح التدابير والإجراءات التشريعية اللازمة ذات الصلة بتعزيز حقوق الإنسان، وإعداد التقارير الوطنية المقدمة إلى الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان ومتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن تلك الآليات، وإعداد الردود الرسمية على المراسلات الواردة من تلك الآليات، ووضع خطة عمل لبناء القدرات الوطنية في مجال حقوق الإنسان. وتضطلع اللجنة العليا بهذه الاختصاصات بالتعاون والتنسيق مع الوحدات والإدارات المختصة بحقوق الإنسان التي تم إنشاؤها في كافة الوزارات والمحافظات والجهات ذات الصلة.
وتسعى اللجنة العليا خلال ممارسة اختصاصاتها المختلفة إلى تعزيز التواصل والتشاور مع المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجتمع المدني بمفهومه الشامل باعتبار أن ذلك يعد ضروريًا لتحقيق التكامل بين كافة الجهود الوطنية المبذولة لتعزيز حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة العليا قد اضطلعت خلال العام الجاري بمهمة الدراسة المدققة لكافة الملاحظات والتوصيات المتضمنة في التقرير السنوي الأخير للمجلس القومي لحقوق الإنسان، والتنسيق مع كافة الجهات الرسمية المعنية بهدف التعقيب على ما ورد به من ملاحظات وتوصيات.
وفي عام 2017 أنشأت النيابة العامة – وهي جهة قضائية مستقلة – إدارة عامة لحقوق الإنسان والتي تختص بتلقي الشكاوى والبلاغات والتقارير المتعلقة بحقوق الإنسان ومتابعة تطبيق القواعد المقررة في الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر فيما يدخل في اختصاصات النيابة العامة، فضلًا عن تلقيها تقارير التفتيش الدوري والمفاجئ على السجون وأماكن الاحتجاز الأخرى الواردة من النيابات ودراستها وإبداء الملاحظات عليها بشأن مدى تطبيق قواعد معاملة السجناء. وأنشأت هيئة القضاء العسكري فرعًا لحقوق الإنسان بإدارة المدعي العام العسكري في عام 2018 يختص بكافة الموضوعات والمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان والواردة بقرار إنشائه والتي تدخل في اختصاص القضاء العسكري.
كما تضم البنية المؤسسية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان كلًا من المجلس القومي لحقوق الإنسان، باعتباره المؤسسة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة. وينص الدستور على استقلالية هذه المجالس وعلى دورها في إبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عملها وأن يؤخذ رأيها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بهم.
كما يوجد بمجلس النواب لجنة لحقوق الإنسان والتي تتولى دراسة وإبداء الرأي في مشروعات القوانين في مجال الحقوق والحريات، والمواثيق الدولية المتصلة بحقوق الإنسان، وتقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان، والجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان في تقارير المجالس القومية والهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، والشكاوى التي تقدم من المواطنين والهيئات فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وتقوم كذلك بزيارة السجون.
رابعًا: التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان
يتم حاليًا إعداد أول استراتيجية وطنية متكاملة لحقوق الإنسان في مصر. وتمثل المبادرة بإعداد هذه الاستراتيجية ترجمة لقناعة وطنية ذاتية بضرورة اعتماد مقاربة شاملة وجديّة لتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهي مقاربة تتسم بوضوح الرؤية والتوجه الاستراتيجي في التخطيط. وستعد الاستراتيجية بمثابة خريطة طريق وطنية طموحة في مجال حقوق الإنسان من خلال تعزيز احترام وحماية كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتضمنة في الدستور والاتفاقيات الدولية والإقليمية المنضمة إليها مصر، وذلك في إطار من المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص وعملًا بسيادة القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن “استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030” ترتكز على إعمال الحقوق الأساسية للإنسان باعتباره محور العملية التنموية، وتسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة من خلال بناء مجتمع عادل يتميز بالمساواة والتوزيع العادل لفوائد التنمية وتحقيق أعلى درجات الاندماج المجتمعي لكافة الفئات وتعزيز مبادئ الحوكمة. وتؤكد هذه الرؤية التنموية على أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب احترام مبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون.
كما تبنت الحكومة عدة استرتيجيات وخطط وطنية تتناول قضايا وموضوعات متنوعة لحقوق الإنسان، وتتضمن العديد من الأهداف والتدابير التنفيذية اللازمة لتحقيقها (سواء تشريعية أو تنفيذية أو مؤسسية) وفق أطر زمنية ومؤشرات أداء محددة، وذلك بهدف إعطاء قوة الدفع اللازمة للنهوض بحقوق الإنسان، ومن ضمنها: “الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030″، و“الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث 2016-2020″، و“الاستراتيجية القومية للحد من الزواج المبكر 2015-2020″، و“الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة 2015-2020″، و“الاستراتيجية القومية للسكان 2015-2030″، و“الاستراتيجية القومية للصحة الإنجابية 2015-2020″، و“الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية 2016-2026″، و“استراتيجية مكافحة الاتجار بالبشر 2016-2021″، و“استراتيجية تأهيل ورعاية وحماية الأشخاص ذوي الإعاقة 2030″، و“الاستراتيجية الوطنية للطفولة والأمومة 2018– 2030″، و“استراتيجية مواجهة التطرف والفكر التكفيري بالجامعات المصرية 2019-2023″، و“الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم قبل الجامعي 2014-2030″، و“استراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي 2030″، و“الاستراتيجية القومية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2030″، و“الخطة الاستراتيجية للتوسع في محطات تحلية مياه البحر لتوفير احتياجات مياه الشرب 2020-2025″.
خامسًا: أبرز الجهود الوطنية لإعمال حقوق الإنسان في سياق مكافحة جائحة “كورونا“
فرض عام 2020 تحديات استثنائية على العالم بأسره على خلفية جائحة “كورونا” والتي كانت لها تداعيات مباشرة على التمتع بحقوق الإنسان الأساسية، ولقد اتخذت الدولة حزمة واسعة من الإجراءات للتعامل مع تلك التداعيات والحد منها كما هو موضح أدناه، وقامت الحكومة بتخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة الأزمة.