الحدث – القاهرة
تحديات المياه بين العراق وتركيا: سياسات الحرمان والتعاون في خضم الصراعات الإقليمية“
تعاني العراق منذ سنوات طويلة من مشكلة ندرة المياه، حيث يتعرض البلد لنقص حاد في المياه العذبة اللازمة للاستخدامات المختلفة، مثل الزراعة والشرب والصناعة. وتزداد هذه المشكلة سوءاً بسبب التغيرات المناخية والزيادة السكانية والنمو الاقتصادي.
ومن بين العوامل التي تؤثر على كمية المياه المتاحة في العراق هو تدفق النهرين دجلة والفرات اللذين يعتبران مصدر المياه الرئيسي للبلاد، حيث تم تشييد سدود ومشاريع ري في تركيا وسوريا على نهري الفرات والدجلة، مما أدى إلى تقليل كمية المياه المتدفقة إلى العراق.
ويتعرض العراق أيضاً لتداعيات سياسية واقتصادية بسبب هذه المشكلة، حيث تتصاعد التوترات بين العراق وتركيا حول مشاريع بناء سدود على نهر الفرات، مما يؤثر على حصة العراق من المياه، ويتسبب في زيادة الجفاف وتدهور الوضع الزراعي والاقتصادي في البلاد.
وتتزايد التوترات بين الجانبين بشأن هذه المسألة، حيث يتهم العراق تركيا بتقليل حصته من المياه، فيما ترد تركيا بأنها تحتفظ بحصتها العادلة وفقاً للاتفاقيات الدولية. وتحاول الحكومة العراقية إيجاد حلول للحفاظ على حصتها من المياه وتحسين الوضع الزراعي والاقتصادي في البلاد، إلا أن الأمر يبقى تحدياً كبيراً في ظل تعقيد المشكلة وتداعياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
هناك اتفاقيات واتفاقات عدة تم توقيعها بين تركيا والعراق فيما يتعلق بالمياه، ومنها
الاتفاقية البريطانية الفرنسية عام 1920بغد انتهاء الخرب العالمية الاولى
و ايضا اتفاقية لوزان 1923 التي تحوي المادة 109 فيما يتعلق بمياه الانهار.
معاهدة الصداقة وحسن الجوار عام ١٩٤٦ تضمنت هذه المعاهدة بروتوكولا ملحقا بها يتعلق بتنظيم جريان مياه مهري دجلة والفرات والتزام تركيا بتزويد العراق بمناسيب النهرين بصورة دورية وبانتظام.
في عام 1965 عقد في بغداد اجتماع ثلاثي (عراقي- سوري- تركي) رفض فيه الجانب التركي مناقشة الموضوع الرئيسي المتعلق ببحث الحقوق المائية ولم يوافق الاتراك على تغيير خطتهم في املاء سد كيبان لتخفيف الاضرار على دول اسفل النهر.
محضر اجتماع لجنة العلاقات الاقتصادية و الفنية بين العراق و تركياعام 1971 اشارت المادة الثالثة من المحضر المذكور الى ان الجانبين التركي و العراقي اتفقوا على موضوع جريان مياه النهرين .
محضر اجتماع لجنة العلاقات الاقتصادية و الفنية بين العراق و تركياعام 1980.
بروتوكول عام 1987بين سوريا وتركيا حيث اتفق الطرفان على قاعدة ال500 م3.ثا
بروتوكول نيسان عام 1989حيث تضمن البروتوكول ان تكون حصة العراق 58% عند الحدود السورية-التركية وتكون حصة سوريا 42%.
كما ان تركيا لم تصادق على اتفاقية الامم المتحدة لعام 1997 وعارضتها بشدة المتعلقة باستخدام مياه المجاري المائية الدولية. وهناك المزيد من اللقاءات و الاتفاقيات الاخرى التي لم نذكر تفاصيلها في هذا البحث.
ومن الواضح أن هناك اعتراضات من العراق بشأن بناء تركيا لسدود على أنهار ينبع منها المياه التي تغذي العراق، وهذا يتسبب في تقليل كمية المياه المتدفقة إلى العراق. وقد أدى هذا الأمر إلى خلافات وتصعيد للتوتر بين البلدين و الخلافات المستمرة بين البلدين تجعل من الصعب تقييم مدى التزام تركيا بشكل دقيق.
لقد راهنت تركيا ولا تزال تراهن على اطالة زمن المفاوضات بحجج واهية لغرض انجاز مشاريعها التخزينية. من هذه الحجج وجود عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، ولكن اذا قرأنا تاريخ هذه الاتفاقيات نلاحظ بان هذه الاتفاقيات ابرمت قبل نشوء حزب العمال الكردستاني. وتركيا لم تكن تلتزم بهذه الاتفاقيات منذ الحرب العالمية الاولى و الى الان. لابد للعراق ايجاد حلول بديلة للمفاوضات وايضا استعمال مبدأ( وداويها بالتي كانت هيي داء) و بامكان العراق عكس هذه الحجج لتجعلها ورقة ضغط في المفاوضات المتعلقة بالمياه. فدائما في المفاوضات على الاطراف التمتع باوراق ضغط لكي تستطيع المفاوضة وان لم تكن لديك قوة او ورقة ضغط لايمكن لك التفاوض و النتيجة واضحة قبل ان تبدأ.
وتحاول الحكومة العراقية العمل على حل هذه المشكلة من خلال البحث عن حلول بديلة لتلبية احتياجات المياه، مثل إنشاء محطات تحلية المياه البحرية وتحسين استخدام المياه الجوفية وزيادة كفاءة استخدام المياه في الزراعة والصناعة، وكذلك تعزيز التعاون مع دول المنطقة لإيجاد حلول مشتركة لمشكلة ندرة المياه. يمكن للمجتمع الدولي بشكل عام تقديم الدعم والمساعدة للدول المتنازعة على الموارد المائية، وذلك من خلال توفير المساعدات الفنية والمالية لتحسين إدارة الموارد المائية وتشجيع التعاون بين الدول المتنازعة. كما يمكن للمجتمع الدولي تشجيع الحوار والتفاوض بين الدول المتنازعة والمساعدة في إيجاد حلول متفق عليها للخلافات المائية.
ومن الجدير بالذكر أن هناك مؤسسات دولية تعمل على تعزيز التعاون المائي بين الدول، مثل اللجنة الدولية للأنهار ومنظمة اليونسكو، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية وحماية البيئة المائية.
ولكن يجب الإشارة إلى أن أي حلول للخلافات المائية بين الدول يجب أن تكون قائمة على مبادئ العدالة والمساواة والمصلحة المشتركة، ويجب أن يتم تنفيذها بطريقة شفافة ومتوازنة لتحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف المتنازعة.
المصادر