الثلاثاء 28 أكتوبر 2025
القاهرة °C
آخر الأخبار

جميل بايك: يجب على الدولة التركية سن قوانين الحرية والاندماج الديمقراطي على الفور

الحدث – وكالات

صرح الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك، بأن تركيا لا تستطيع تحقيق أي شيء بسياسة تفترض فقط أن الحركة الكردية ستلقي سلاحها، وقال: “يجب على الدولة أن تسن على الفور قوانين الحرية والاندماج الديمقراطي”.

المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك بأن البيان الصادر في 26 تشرين الأول بقيادة عضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، صبري أوك، هو الدليل الأبرز على “إصرار حركة التحرر الكردستانية على السلام وبناء مجتمع ديمقراطي”، وأوضح بايك أن هذه الخطوة تهدف إلى تسريع عملية ما بعد الانسحاب وإنهاء الكفاح المسلح، وقال: “لقد تصرفنا وفقاً لأطروحة القائد آبو، تحملنا مسؤولية ضمان عدم عرقلة عملية السلام ومنع الاستفزازات”.

وأشار بايك إلى أن عدم اتخاذ الحكومة أي خطوات سياسية أو قانونية حتى الآن أدى إلى “ضعف توقعات التحول الديمقراطي”.

وأوضح بايك أن العملية التي بدأت بـ “الدعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي” في 27 شباط قد دخلت مرحلتها الثانية، وأكد أنه يجب على الدولة سنّ “قوانين الاندماج الديمقراطي والحرية” دون تأخير، قائلاً: “لقد حلّ حزب العمال الكردستاني هيكلته، وانهى الكفاح المسلح؛ لقد وفينا بمسؤولياتنا، والآن حان دور الدولة للتحرك، يجب الاعتراف بحق الأمل للقائد آبو، وحماية أسس السياسة الديمقراطية قانونياً”.

ذكّر الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك، أنه خلال اللقاءات المحدودة التي عُقدت في إمرالي، أكد القائد آبو أيضاً على ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من العملية. وقال بايك: “أكد القائد آبو بوضوح أن عملية السلام والمجتمع الديمقراطي يجب أن تدخل مرحلة جديدة، وأن أي تأخير سيكون له عواقب وخيمة على شعبنا. وخاصةً بعد حلّ حزب العمال الكردستاني وانهاء الكفاح المسلح، أصبح سنّ القوانين ضرورة تاريخية”، واصفاً الوضع الحالي قائلاً: “لقد اتخذت عملية سلام بمسؤولية ولكنها بقيت أحادية الجانب”.

أجاب الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك، على أسئلة وكالة فرات للأنباء بشأن التطورات التي أعقبت دعوة القائد آبو للسلام والمجتمع الديمقراطي والمرحلة الحالية من العملية.

نشر القائد آبو بياناً تاريخياً بعنوان “دعوة للسلام والمجتمع الديمقراطي” في 27 شباط، كيف ينبغي فهم هذه الدعوة، وكيف استجبتم لها كحركة؟

لقد اعتبرنا هذه الدعوة النتيجة الطبيعية لجدلية التراكم والتغيير والتحول التي أوجدها النضال السياسي الأيديولوجي بين القائد آبو وحزب العمال الكردستاني عبر التاريخ، في عام ١٩٨٨، وفي مقابلة مع محمد علي براند، قال القائد آبو: “فلترسل الدولة أحد مسؤوليها، لنتمكن من مناقشة القضية الكردية”. في عام ١٩٩٣، عندما تبنى أوزال نهجًا أكثر ليونة، وتدخل وسطاء، أُعلن وقف إطلاق نار من جانب واحد. كان الهدف من ذلك إجبار الدولة على اتخاذ إجراء، خطابه وإعلانه وقف إطلاق النار في ١ أيار ١٩٩٨ معروفان جيداً، كما أن إعلان وقف إطلاق النار عام ٢٠٠٧ واللقاءات التي أجريت على هذا الأساس معروفة أيضًا، بعد عام ٢٠٠٧، أجريت لقاءات عديدة في إمرالي ومع حزب العمال الكردستاني في أوسلو، في عامي ١٩٩٩ و٢٠١٣، غادرت قوات الكريلا خارج حدود تركيا، وفي 28 شباط 2015، عُقد اجتماعٌ مُشتركٌ مُقنعٌ للغاية مع مسؤولي الدولة في قصر دولما بهجة، إلا أن هذا الاتفاق رُفضَ لأنه حوّل العملية إلى أداة.

إن دعوة القائد آبو في 27 شباط هي نتيجة سعي دام عقوداً من الزمن قائم على حل ديمقراطي، والموضوع الجديد في هذه الدعوة هو مسألة حلّ حزب العمال الكردستاني. وقد نّفذ وقف الكفاح المسلح ضد تركيا عدة مرات في الماضي، والآن، فإن الموقف والقرار الذي من شأنه القضاء على الكفاح المسلح تمامًا مدرج على جدول الأعمال، وقد طُرح هذا موقفاً وقراراً سياسياً وقانونياً. ففي بلد يتم فيه اتخاذ خطوات سياسية وقانونية، فإن تغيير أسلوب النضال أمر طبيعي، كما أن ظروف الزمن تتغير؛ وفي هذه الظروف، يجب اتخاذ قرارات جديدة، ومع تغير الظروف الداخلية والخارجية لتركيا والمنطقة، دعا القائد آبو إلى التخلي عن استراتيجية الكفاح المسلح والنضال باستراتيجية سياسية ديمقراطية.

أطلق القائد آبو هذه الدعوة انطلاقًا من شعوره بالمسؤولية تجاه جميع شعوب تركيا، من كرد وأتراك وشركس وعرب وعلويين وسنة ومسيحيين. وينبغي اعتبار هذه الدعوة خطوةً تعود بالنفع الكبير على جميع شعوب تركيا، كرداً وأتراكاً، ويهدف القائد إلى تجاوز حالة الحرب والصراع هذه، التي تؤثر سلباً على التطورات الديمقراطية، ليس في تركيا فحسب، بل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وإلى تهيئة بيئة سياسية تسودها الديمقراطية والقانون. في مثل هذه البيئة، ستُتاح الفرصة لمعالجة المشكلات وحلّها على أسس سليمة.

بناءً على هذا الفهم، قررنا الاستجابة للدعوة والقيام بدورنا في دفع عجلة العملية التي أطلقها قائدنا. وهذا هو موقفنا وممارستنا منذ نداء 27 شباط 2023.

بعد عملية حرق الأسلحة التي نفذت في 11 تموز بقيادة الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، بسي هوزات، اتخذتم خطوة تاريخية بإصدار بيان عام بقيادة عضو اللجنة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني، صبري أوك، في 26 تشرين الأول. ما هو هدف هذا البيان؟ كيف ينبغي لجميع الأطراف، وخاصة الشعب الكردي، التعامل مع هذه الخطوة المهمة؟ هل يمكن أن يُسهم هذا البيان في إضفاء بُعد جديد على العملية؟

البيان الذي أدلى به الرفيق صبري في 26 تشرين الأول، إلى جانب المقاتلين المنسحبين مؤخراً من تركيا، يُظهر إرادة حركتنا الراسخة لتحقيق هدفها في السلام والمجتمع الديمقراطي. ويُضيف خطوة جديدة إلى الخطوات التي اتخذناها سابقاً، وقد اتخذنا هذه الخطوة مدركين لاحتمالية قيام بعض الجماعات المعادية للسلام باستفزازات في المناطق التي يُحتمل نشوب صراع فيها، ولا شك أن هذه الخطوة كانت متوافقة مع أطروحات القائد آبو.

على الرغم من هذه الخطوات المهمة، لم تتخذ حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية أي إجراء، باستثناء بعض اللقاءات المحدودة مع القائد آبو، وعلى الرغم من العمل المكثف للجنة البرلمانية، إلا أنها لم تلتقِ بالقائد آبو ولم تتخذ أي خطوات سياسية أو قانونية لضمان حرية الانخراط في السياسة الديمقراطية، وقد أثار الفشل في اتخاذ خطوات لتمهيد الطريق للديمقراطية، على الرغم من توقعات الرأي العام، مخاوف بشأن سبب عدم تقدم العملية، لقد دعونا الدولة إلى سنّ قوانين الاندماج الديمقراطي، ولا سيما تلك التي تتناول حق الأمل والحرية للقائد آبو، ومع ذلك، لم نرَ نهجًا يتناسب مع أهمية العملية. وفي مثل هذه البيئة، سعينا إلى تسريع العملية من خلال اتخاذ هذه الخطوة، وقد دفعتنا مسؤوليتنا تجاه شعبنا إلى اتخاذ هذه الخطوة.

أكد القائد آبو، منذ فترة، خلال اللقاءات التي أجريت في إمرالي، على ضرورة انتقال عملية السلام والمجتمع الديمقراطي إلى مرحلة ثانية، وشدد على أن التأخير قد يكون له عواقب وخيمة على الشعب، ونوه بشكل خاص إلى ضرورة إصدار قانون دون تأخير لحزب العمال الكردستاني، الذي حلّ نفسه وقرر إنهاء الكفاح المسلح، حيث أعلن حزب العمال الكردستاني عن حلّ نفسه وإنهاء الكفاح المسلح، لكن لا تُتخذ أي خطوات تجاه من خاضوا النضال حتى الآن، وخاصةً القائد آبو، كل عاقل يعلم أن هذه العملية لا يمكن أن تستمر على هذا النحو.

باختصار، يجب على الدولة أن تُسنّ فورًا قوانين الحرية والاندماج الديمقراطي، فالسياسات والقوانين التي تُلزم فقط بإلقاء السلاح لن تُجدي نفعاً، لذلك، ذُكرت الدعوة إلى تحقيق المتطلبات السياسية والقانونية الواردة في الدعوة، وقد عبّرت عن هذه النقطة تحديدًا التقييمات التي أجراها الثوري الوطني وناشط السلام سري سريا أوندر، بعد قراءته دعوة 27 شباط  من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي.

نعتقد أن الخطوة التي اتخذناها ستدفع العملية إلى مستوى جديد. ففي هذا السياق، اتُخذت خطواتنا بمسؤولية كبيرة. كل من يتعامل مع هذه القضايا ويفهم حل النزاعات يُقدّر أن خطواتنا خطوات شجاعة، لدينا الإرادة لاتخاذ القرارات وتنفيذها. ونظراً للدعم الشعبي في تركيا ورغبة حزب المعارضة الرئيسي في أن تتقدم العملية نحو السلام والديمقراطية، فمن المتوقع أن تُظهر الحكومة هذه الإرادة أيضاً، في الواقع، لقد أعلنت اللجنة البرلمانية بالفعل عن هدفها المتمثل في الديمقراطية باسمها.

كان بيان الرفيق صبري للرأي العام واضح للغاية، لقد عرض العملية بموضوعية. من الخطأ توقع أن تتخذ الدولة وحدها قراراً بشأن هذه القضية الحاسمة. يجب على قوى الديمقراطية والحرية أن تُظهر إرادتها القوية من خلال النضال المنظم لإجبار الدولة على اتخاذ هذه الخطوة. لا يمكن تحقيق السلام والديمقراطية الحقيقيين إلا بهذه الطريقة.

من أكثر القضايا جدلاً هو مدى انطباق هذه الدعوة على المنظمات والهياكل المبنية على فلسفة القائد آبو، وخاصةً في شمال وشرق سوريا. ما تعليقكم على هذا؟

لم يتطرق القائد آبو قط إلى أي قوات غير قوات الكريلا التي تقاتل ضد تركيا في أيٍّ من تصريحاته أو لقاءاته، وأكد أن حزب العمال الكردستاني قد حُلّ، وأن الكفاح المسلح ضد تركيا قد توقف. لا توجد أي حرب تشنها أي قوى تقاتل ضد تركيا في أي منطقة سوى شمال كردستان، إن وجود أي تنظيمات أو قوات مسلحة خارج تركيا، إن وُجدت، هو موضع اهتمام حكومات وشعوب تلك الدول.

من ناحية أخرى، يطالبون القائد آبو بفعل شيء ما للمناطق خارج حدود تركيا، ولا يوفرون له ظروف للعيش والعمل بحرية. وهذا تناقض خطير بوضوح. لا شك أن تأثير القائد آبو هائل في جميع أنحاء كردستان الأربعة وبين الكرد في الخارج، إذ يُتابعون القائد آبو ويُستمعون إليه، الكرد والعرب والآشوريون وشعوب أخرى في شمال شرق سوريا، على وجه الخصوص، يتبعون خطى القائد آبو ويستمعون إليه، في الواقع، يعتبر شعب شمال شرق سوريا القائد آبو قائد أيديولوجي، شعارات القائد آبو ترتفع بقوة هناك أيضاً، بالتأكيد يتم أخذ آراء القائد آبو في الاعتبار هناك، ومع ذلك، فإن النظام المستقل في شمال شرق سوريا له إدارته الخاصة، علاوة على ذلك، لا يمكن لهذه الإدارة أن تتصرف ضد إرادة الشعب، يوجد واقع مجتمع ديمقراطي هناك. وفي هذا الصدد، فإن للشعب هناك أيضًا إرادة.

لقد قدّم شعب شمال شرق سوريا عشرين ألف شهيد، نصفهم تقريبًا من العرب. وهناك أيضًا آلاف من جرحى الحرب من الشعب العربي، إن مطالبة شعبٍ لديه عشرين ألف شهيد وعشرات الآلاف من جرحى الحرب بإلقاء السلاح قبل أن ينعم بالعيش بحرية وديمقراطية يُعدّ إهانةً جسيمة لهذا الشعب.

تُصرّ الدولة التركية على ضرورة إلقاء قوات سوريا الديمقراطية سلاحها. وبينما تتجلى أفعال هيئة تحرير الشام ضد العلويين والدروز، فإن مطالبة سكان شمال شرق سوريا بإلقاء السلاح تعني دعوتهم للاستعداد للمجازر، عندما هاجمت هيئة تحرير الشام والعصابات الأخرى مناطق الدروز، زعموا أن شمال شرق سوريا هو التالي. لو أجبروا الدروز على الخضوع، لحوّلوا أنظارهم إلى شمال شرق سوريا. إن مطالبة شمال شرق سوريا بإلقاء السلاح، مع أن هذا الواقع جليّ، يُعدّ عداءً واضحًا لسكان شمال شرق سوريا، وخاصةً للكرد.

يتساءل دولت بهجلي: “لماذا تُلقي حماس سلاحها في غزة؟ إنهم مُهددون من إسرائيل؟”. لا يعتقد بهجلي أن من حق حماس إلقاء سلاحها. ويقول إنه لا يُمكنهم فعل ذلك إلا في حال وجود حل الدولتين. لكنه يُصرّ على أن تُلقي قوات سوريا الديمقراطية سلاحها، وعلى الكرد في كل مكان إلقاء سلاحهم. هل في هذا أي عدل؟

لا شك أن السلام مع تركيا قيد النقاش. وفي هذا الصدد، تتعلق قراراتنا وتقييماتنا، نحن والقائد آبو، بتركيا.

لاقت الدعوة التاريخية للقائد آبو وبيان حزب العمال الكردستاني صدىً واسعاً في الساحة الدولية، وأصدر الاتحاد الأوروبي وعدة دول أخرى بيانات دعم، وكما حظي بتغطية إعلامية واسعة النطاق في وسائل الإعلام العالمية، وأشارت بعض الدول، مثل ألمانيا، إلى التزامات تركيا تجاه الكرد، وإلى الأنظمة القانونية، كيف تُقيّمون هذه ردود الأفعال والدعم من المجتمع الدولي؟ ألا ينبغي أن تتجاوز المطالب على الرغبات والتوقعات؟ ما نوع الدعم الذي ينبغي أن يُقدّم لنجاح هذه العملية؟

بالطبع، نعتبر دعوات الدعم من دول الاتحاد الأوروبي وألمانيا على المستوى الدولي مهمة، طالبت ألمانيا ودول أخرى تركيا باتخاذ خطوات قانونية اتجاه الكرد، وكما شددوا على حق الكرد في الإدارة الذاتية واستخدامهم لغة الأم، ولكن هذه الدول نفسها لا تستطيع التصريح بأيّ شيء في مسألة حل حزب العمال الكردستاني وإنهاء الصراع المسلح، بل هي نفسها من أدرجت حزب العمال الكردستاني على قائمة “المنظمات الإرهابية” وكذلك مقاتلي الكريلا، لذا، فإنَّ نهجها تجاه الدعوة التاريخية للقائد آبو يفهم في سياق معين، ومع ذلك، فإنَّ التصريحات الإيجابية وحدها لا تكفي، بل يجب أن تتجاوز مجرد التصريحات، بل يجب التحرك بشكل فعلي وإظهار مواقف ملموسة.

أعلن القائد آبو عملية وقف إطلاق النار من جانب واحد في الأول من أيلول عام 1998، قبل المؤامرة، وفي آب عام 1999،  ثم دعا إلى انسحاب القوات المسلحة من تركيا، وباستثناء بعض المجموعات الصغيرة، انسحبت جميع قوات مقاتلي الكريلا تقريباً إلى خارج الحدود التركية، خلال فترة الانسحاب هذه، استشهد ما يقارب 500 مقاتل في كمائن للدولة، في خضم هذه العملية، أدرج  الاتحاد الأوربي حزب العمال الكردستاني على قائمة الإرهاب!، نحن نعلن عملية وقف إطلاق النار من جانب واحد، ونوقف الكفاح المسلح، وننسحب إلى خارج الحدود تركيا، يدرج حركتنا التحررية على لائحة الإرهاب!، وعندما نُقيّم دعمنا للدعوة التاريخية في 27 شباط 2025 “السلام والمجتمع الديمقراطي”، يجب علينا أيضاً مراعاة هذه الحقائق التاريخية.

 

إذا كانوا يدعمون هذه العملية، فعليهم اتخاذ موقف واضح ضد سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية تجاه الكرد، ولكي تكون هذه المواقف والدعم متماسكاً ومتسقاً، يجب عليهم المطالبة بالحرية الجسدية للقائد آبو، لأنَّ قانون “الحق في الأمل ” مُقر ضمن قوانينها، فتركيا عضو في مجلس أوروبا، وقد طالبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بتطبيق هذا الحق، إلا أنَّ الدولة التركية لم تُنفذ قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان منذ عشر سنوات، في الواقع، أنَّ القوانين والالتزامات الدولية أعلى من دستور تركيا وقوانينها، لذا، فإنَّ تصريح وزير العدل في حزب العدالة والتنمية “ليس لدينا قانون الحق في الأمل” لا معنى له.

إذا لم ينفذ قانون “الحق في الأمل” للقائد آبو، فإنَّ أحد الأسباب المهمة هو أنَّ لجنة وزراء الاتحاد الأوروبي لم تتخذ قراراً واضحاً بشأن تركيا، بل يقومون بتأجيله عاماً في كل مرة، إذا كانت الحرية الجسدية للقائد آبو هي المفتاح الرئيسي لحل القضية الكردية، وإذا لم يتحرك الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى اتجاه مسؤولياته، فلن يؤدي الدعم الذي يقدمونه إلى أيّة نتائج فعلية.

إذا كانت القوى الدولية والاتحاد الأوروبي تريدون فعلاً إيجاد حل للقضية الكردية، فعليها اتخاذ موقف ضد الأنظمة والحكومات الاستبدادية المناهضة للديمقراطية، ليس فقط في تركيا، بل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ولكن، عندما يتعلق الأمر بالكرد، فإنَّهم يتخلون عن مبادئهم ويقدمون مصالح الدولة أولاً، وقد شجعت هذه السياسة الدولة التركية على مدى 100 عام، إذا كانوا صادقين أو أرادوا التخلي عن هذه السياسة، فعليهم مخاطبة القائد آبو وحركة التحرر الكردستانية، وأن يطالبوا تركيا بالتعامل بالمثل مع القائد آبو بوصفه طرفاً في الحل، إذ لم يخاطبوا القيادة وأن يعمل بحرية، فلن تكون هناك إرادة حقيقية لإيجاد حل، إنَّ معيار صدق القوى الأوروبية والدولية هو في تعاملها مع القائد آبو.

ما يثير الاهتمام هنا هو كيف ستستمر حركة الحرية في نضالها من هذه اللحظة فصاعداً، في البيان الصادر عن حزب العمال الكردستاني، تم التأكيد على أن “هذه ليست النهاية، بل بداية جديدة”، هذه العبارة تشير إلى بداية مرحلة جديدة في مسار النضال، في نفس البيان، تم الإعلان أيضاً أن “الأطر التي أنشأها حزب العمال الكردستاني، تمنح القوة لشعبنا لكي يستمر في نضاله من خلال سياسة ديمقراطية”، كيف تُعرف هذه المرحلة الجديدة من النضال؟ ما هي الأساليب والاستراتيجيات التي ستعتمدها؟ من سيكون الرائد في هذا التحول؟ وما هو الفرق بينها وبين المرحلة السابقة؟

 

أنًّ حل حزب العمال الكردستاني, يعني حل للهيكلية التنظيمية, لا يعني بالضرورة التخلي عن أهدافه المتعلقة بالحرية والديمقراطية، لماذا قرر الحزب حلّ نفسه؟ ولماذا تم اتخاذ قرار إنهاء حرب الكفاح المسلح؟ في الأسئلة التي طرحت سابقاً، كان الحوار مفتوحاً على هذا الموضوع، تم تحديد السياسة الديمقراطية كاستراتيجية أساسية، مع التأكيد على أن حماية الحقوق ستتم وفقًا للقوانين الدولية والديمقراطية دون إقصاء، ولتحقيق هذا الهدف، يجب أخذ مواقف الأطراف السياسية والقانونية، كما أشار سرّي ثريا أوندر في نهاية بيانه، بعين الاعتبار، في هذا السياق، يجب أن تكون السياسة والنضال في تركيا وشمال كردستان واضحة من خلال سن قوانين ذات صلة بشكل واضح، وفي إطار مناقشة حقوق الإنسان والحريات، من الواضح أنه لا يمكن حماية الديمقراطية والحرية إلا من خلال ضمان حق التنظيم والنضال السياسي.

سيستمر نضال الحركة الآبوجية والشعب الكردي في جميع الظروف، في عام 2004، قدم القائد آبو في مرافعته “حماية شعب” نموذجاً جديداً للنضال، كان هذا يتطلب تغييرات وتحولات هامة، في هذا الصدد، كان لا بد من تغيير الاستراتيجيات، حيث كان من الضروري الانتقال من المقاومة المسلحة إلى السياسة، لهذا السبب، أصبح نضالنا الجديد قائماً على نموذج المجتمع الديمقراطي والبيئي وحرية المرأة، ومن خلال مانفيستو “المجتمع الديمقراطي” الذي طرحه القائد آبو، أصبح هذا النموذج أكثر وضوحاً وأكثر عمقاً وأحدث تجديداً في النضال، من خلال هذا التوجه، ستستمر التنظيمات والنضالات الجديدة ضمن هذا الإطار، النموذج الجديد يمثل بداية جديدة في مسار النضال، بينما تتغير الاستراتيجيات القديمة وفقاً لهذا النموذج الجديد.

أنَّ النموذج الجديد والمرحلة الجديدة للنضال تعني أنَّ المجتمع يجب أن يشارك بشكل أكثر نشاطًا في هذا النضال، لقد أصبح الشعب الكردي، بعد 50 عامًا من نضاله، أحد أكثر الشعوب نشاطًا في العالم سياسياً، رغم أنه لا يمكن أن يتجاوز بعض الحدود العائلية أو العشائرية الضيقة، وإن لم تكن ثورته الديمقراطية قد اكتملت بعد، إلا أنه وصل إلى مرحلة تسمح له بمواصلة نضاله الديمقراطي المنظم، لقد أصبحت تجاربهم وتقاليدهم التنظيمية أكثر تطورًا مقارنة بما كانت عليه قبل 50 عامًا. كما قال موسى عنتر، “لقد نقلنا من تحت الصفر إلى الصفر”، فمع القائد آبو وحزب العمال الكردستاني تم إحراز تقدم كبير لم يُشهد في تاريخ الشعوب، على مدار السنوات، تم تمرير نضال سياسي ديمقراطي في ظل ضغوط كبيرة، وبُنيت تجارب هامة واكتسبت معارف هامة تم استثمارها في المسار الجديد. إذا تم تفعيل الظروف السياسية والقانونية، فإن الشعب الكردي سيحقق تقدماً سياسياً كبيراً. تجارب حزب العمال الكردستاني ستستمر وتساهم في تشكيل الوعي الديمقراطي في كل من كردستان وتركيا.

وباختصار، سوف تتطور مرحلة النضال الجديدة على أسس تراكم تاريخي كبير، بذلك، لن يكون الشعب الكردي وحده من يحقق المكاسب، بل في الوقت نفسه، جميع الشعوب في تركيا والشرق الأوسط.

نريد أن نسأل حول دور ومهمة حركة الحرية في المرحلة الجديدة، في الواقع، حزب العمال الكردستاني حركةٌ شهد تغييراً وتحولاً منذ نشأته وحتى اليوم، نحن في عملية تغيير وتحول، أو يمكننا القول إنها بدأت بمبادرة من القائد آبو، كيف ستتطور هذه العملية؟ وبأي ديناميكيات ستُدار؟ ما هو دور ومهمة الحركة الآبوجية ومقاتليها في العصر الجديدة؟

ستُغيّر حركتنا التحررية نظامها التنظيمي وأدوات نضالها في المرحلة الجديدة بما يتوافق مع النموذج الجديد، أولاً، ستتحرر من آثار الاشتراكية المشيدة، وستتجاوز عيوب الاشتراكية الكلاسيكية والماركسية من حيث الواقع الأيديولوجي والنظري والتنظيمي والعملي، وستنظم نفسها وتناضل في المجالات الأيديولوجية والنظرية وفقًا لاشتراكية المجتمع الديمقراطي. فيما يتعلق بحرية المرأة ستتخلى عن جميع المفاهيم والمواقف السلطوية والدولتية.

إنَّ مصدر العقلية السلطوية والدولتية هي عقلية الهيمنة الذكورية، إذا لم نتخلى عن هذا، أي إذا لم نقضِ تمامًا على الذكورة في أنفسنا، فلن نتمكن من تحرير أنفسنا من جينات وآثار السلطوية والدولتيةن لذلك، في نضالنا، ستبرز قضية حرية المرأة أكثر من أي مرحلة أخرىن سنبدأ أساس التغيير من هنا وننشره من الحركة إلى المجتمع بأسره، سيكون للثورية والنضال والوطنية هذا المعنى أيضاً، لا يمكننا أن نكون وطنيين إلا إذا فهمنا حقيقة ومعنى أهمية حرية المرأة، وجسّدنا ذلك في حياتنا، ناهيك عن أن نتوقف عن كوننا كوادر ومناضلين.

ستقود المرأة والشبيبة عملية التغيير والتحول التي بدأها القائد آبو، وبهذا سيكتسب نضال الطبقة العاملة وجميع القوى الديمقراطية معناه الحقيقي ويصل إلى هدفه، إنَّ أخطر ما يهدد الإنسانية اليوم هو تفكك المجتمع وانهيار الاشتراكية التي تمثل جوهر الوجود الإنساني. ومن هذا المنطلق، فإنَّ جوهر هذا النضال هو مواجهة الرأسمالية، على مرّ التاريخ، واجه الشعب الكردي كل أشكال الهجمات مستندًا إلى قوة الاشتراكية التي عاشها بعمق، أما اليوم، فإنَّ الرأسمالية التي دخلت في كردستان تعمل على تدمير هذه الاشتراكية التاريخية وتجريد الشعب الكردي من قوته، لذلك، فإنَّ ضرورة المرحلة تفرض على الشعب الكردي أن يبني اشتراكيته الخاصة، أي اشتراكيته المنظمة، حفاظًا على وجوده واستمراريته.

لقد فَقد الشعب الكردي اليوم مقوماته الاقتصادية الأساسية في ظل الهيمنة الاستعمارية ونظام الإبادة الجماعية، مما جعله يواجه انهياراً اقتصادياً حاداً ويعيش على هامش بقايا النظام الرأسمالي الذي يزدهر فقط في تركيا، تم إقصاء الكرد من عملية الإنتاج وتحويلهم إلى قوة عاملة رخيصة منتشرة في أصقاع العالم، وفي تركيا، يُعدّ الشعب الكردي من أكثر الفئات استغلالًا بعد اللاجئين، إذ يُستنزف جهده في ظروف عمل قاسية، وبرغم ذلك، يتميز الكرد بكدّه واجتهاده. ومن هذا المنطلق، يُشكّل الشعب الكردي، بقيادة المرأة والشبيبة، قوةً محورية في النضال من أجل الحرية والديمقراطية، سواء في كردستان أو في تركيا.

اليوم، تُشكّل المرأة والشبيبة الكردية طليعة الثورة وديناميكيتها الحية. فرغم ما يتعرضون له من قمعٍ وسجونٍ ومحاولاتٍ لكسر إرادتهم، لم تُخمَد فيهم الروح الثورية ولا الطاقة الديمقراطية. إن ما يميزهم هو شغفهم العميق، وحماسهم المتقد، وإصرارهم على الحفاظ على دورهم القيادي في مسيرة التغيير وبناء العصر الجديد.

في هذا العصر الجديد، تكمن المهمة الأساسية للنضال في بناء الكومينات (الكومونات) في كل مكان، كي يتمكن المجتمع المتفكك من إعادة لُحمته وتعزيز ذاته على أسس جماعية، فالكومين هي النواة التي تُعيد للمجتمع تماسكه وتمنحه قوته الحقيقية. وكلما ازداد التنظيم الاجتماعي، ازدادت قوة المجتمع وتأثيره. ومن هذا المنطلق، فإن المرحلة القادمة تتطلب توسيع حركة الكومينات وتطويرها على نطاق واسع.

المهمة الرئيسية للحركة الآبوجية ومناضليها هي بناء أتحاد الكومينات (الكومونات) الديمقراطية في كل مكان، وبهذه الطريقة، سيحقق المجتمع حكمًا ذاتيًا في كل مكان. وحدة الحكم الذاتي في المجتمع هو الكومين ووحدتها. ستُنظّم الكومينات في كل مكان، وتُقام على أساس الكونفدرالية الديمقراطية، لتصبح اتحادًا للكومينات الديمقراطية، إن عمل الكوموينات هو إعادة بناء المجتمع المنهار؛ لذا، فهو عمل مقدس، على مر التاريخ، سعت جميع الأعمال المقدسة إلى بناء المجتمع وحمايته. وترتبط بهذا أيضًا المهام المقدسة للأديان والأنبياء. وقد منحت البشرية أيضًا قدسية لهذه الأعمال.

اليوم، تُدمّر الرأسمالية البشرية، لذا، يُعدّ بناء الكومينات مهمة لحماية المجتمع من هذا النظام وهي مهمة مقدسة، والشكل الجديد لإنقاذ البشرية تكمن في إنشاء الكومينات واتحادها لتشكيل المجتمع وحمايته.

 

to top