حالاتْ “الانتحار” والعنف ضد المرأة تجرّ المُجتمع نحوَ الهاويَّة
140
4 سنوات مضت
في الآونة الأخيرة ارتكبت عدة جرائم بحق المرأة، وظهرت العديد من حالات “انتحار” أو “مقتل” النساء بصمت على مرأى ومسمع من المجتمع، في عدة مناطق بشمال وشرق سوريا، فما هي الأسباب والدوافع وراءها؟
تعددت حالات “الانتحار” أو القتل والعنف بحق النساء في الآونة الأخيرة، وأصبحت هذه الجرائم تطفو إلى السطح، ولكن تبقى أصابع الاتهام أو المسبب لهذه الجرائم مخفي لكونها تُرتكب بعد ممارسة ضغوطات أسرية، وتعود أغلب الأسباب بحسب المعنيين إلى العقلية الذكورية “المتسلطة المهيمنة” في مجتمعاتنا، ويضاف إليها عقلية المجتمع المُبررة لهذه لحوادث والجرائم المرتكبة دون وجود استهجان وإدانة واضحة من قبله، إلى جانب العقليَّة المريضة التي تقلل من شأن المرأة والتي لازالت سائدة في أغلب مجتمعاتنا الشرقية.
للوقوف على أسباب ودوافع وصول المرأة إلى حد الانتحار، والجرائم الأخرى التي تكون هي ضحيَّة العقليَّة المُتسلطة المُهيمنة سواءً من قبل المُجتمع أو الرجل، أجرت صحيفتنا لقاءاً مع بعض النسوة اللاتي استنكرن بدورهن العنف ضد المرأة وشددن على ضرورة وضع حد لهذه الظاهرة.
أسباب متعددة والضحية واحدة
وحول هذا الموضوع تقول المواطنة راما بعاج بمخيم مهجري كري سبي/ تل أبيض بأن هنالك ممارسات عنف وضغوطات تتعرض لها المرأة بشكلٍ دائمٍ، سواءً في البيت أو في الخارج توصلها إلى تبني أفكار سلبيّة، وقد تنعكس هذه الأفكار على الأسرة أيضاً، وتابعت: “فمثلاً ما أن يفرغ الزوج من تعنيف زوجته حتى تكون هنالك ردة فعل من قبل المرأة على الأطفال، وهذا الأمر يهدد الأسرة ويجعلها تبدأ بالانهيار رويداً رويداً، وأغلب النساء لا يتعمدنَّ ارتكاب هذه الأفعال بحق أطفالهنَّ، لذلك تبقى هذه الأفكار مُختزنة في نفس المرأة، وقد تصلُ عواقبها إلى حدِ “الانتحار” للخلاص من هذه الضغوطات المُمارسة بحقها”.
منوهةً بأن هنالك عوامل أخرى أيضاً قد تجعل المرأة تتجه إلى التفكير بسلبية كالأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها المنطقة ككل، وانعكاسات هذا العامل المُهم على الأسرة، وشعور الرجل بعدم القدرة على تلبيَّة متطلبات الأسرة، يؤدي إلى العنف الأسري وتحمل عواقبه المرأة التي تصبح لا حول لها ولا قوة، إما التزام الصمت من أجل أطفالها، أو لعدم تعميّق الخلاف والتسبب بطلاقها، بالتالي تُصبح “منبوذة” في نظر مجتمعها، بحسب راما.
وأشارتْ راما بعاج إلى ضرورة فضح هذه الجرائم، ومعالجة كافة الأسباب المؤديَّة إلى الانتحار، وعدم التستر على جرائم يرتكبها الرجل بحق المرأة، والتي يسندها في إطارِ جرائم “الشرف”.
تثقيف المجتمع هو الحل..
بدورها أكدت العضوة بمؤتمر ستار بمخيم مهجري كري سبي ناديَّة محمد بأنَّه نتيجة العادات البالية التي أدت إلى ضعف شخصية المرأة بمجتمعاتنا بشكل عام، وجهلها بحقوقها، يجعل منها ضحيّة للممارسات العنيفة من قبل الشخصيَّة الذكوريَّة المُتسلطة، ويبدد كافة الخيارات أمامها، ويصبح التفكير في الانتحار بالرغم من خطره طريقها للخلاص من “المعاناة”، في حين أن المُجتمع يمهد لهذا الأمر من خلال عدم وجود إدانة واضحة من قبله، واستساغة الجرائم وحوادث الانتحار باتجاه المرأة لسببٍ بسيط وهو الجهل بمكانةِ المرأة، والتقليل من شأنها.
وأضافت ناديّة بالقول: “هدفنا كمؤتمر ستار هو تثقيف المجتمع وتعريفه بمكانة المرأة، وتمكين المرأة مجتمعياً، وجعلها تأخذ مكانتها ودورها الفعَّال في بناء المجتمع، والكف عن التصغير من شأنها، للنهوض بالمجتمع، لأننا نعتقد بأنَّ المجتمع لا يُمكن النهوض به من دون أن تأخذ المرأة دورها، وهذا الأمر يتطلب الكثير من الجهد والعمل للوصول إلى هذه الأهداف”.
وبيَّنت العضوة بمؤتمر ستار بمخيم مهجري كري سبي ناديّة محمد بأنه على المرأة في مجتمعاتنا أن تلعب دورها بشكلٍ كاملٍ من دون انتقاص مهما كلف الأمر، واستنكرت الجرائم المُمارسة بحق النساء، ونددت بمجرد التفكير بالوصول إلى الانتحار والموت لأي سببٍ كان، حرصاً على عدم تكرار هذه الجرائم المرتكبة بحق المجتمع بالمقام الأول، وأكدت: “المرأة من دون مبالغة هي أساس المجتمع، ومن دونها سينهار”.
واستهجنت كل من نادية محمد، وراما بعاج حوادث قتل النساء أو “انتحار المرأة” داعياتٍ إلى ضرورة تثقيف المُجتمع بكافةِ شرائحه لمكانة المرأة، والكف عن التقليل من شأنها أو اعتبار مسألة قتلها هي مسألة قليلة الأهميَّة، وشددتا على أنَّ قتلها وخسارتها مهما كانت الأسباب هي خسارة للمجتمع برمته، وتكرار هذه الحوادث هو مؤشر خطيّر يُسبب انهيار المجتمع، لأنه “بالمرأة يحيا المجتمع وبخسارتها يُهدم”، بحسب تعبيرهما.