الأحد 24 نوفمبر 2024
القاهرة °C

حزب العمال الكردستاني على عكس الجيش التركي، تقيد باتفاقية جنيف لمعاملة الأسرى على مر تاريخه

الحدث – وكالات

رتكبت الدولة التركية خلال الـ 40 سنة الأخيرة من صراعها مع حزب العمال الكردستاني، عشرات المجازر والإعدامات الميدانية والجرائم دون التفريق بين عسكري ومدني؛ وفي الجهة المقابلة حرص حزب العمال الكردستاني كثيراً على عودة أسرى الدولة التركية إلى عائلاتهم.

قصف جيش الاحتلال التركي معسكر الأسرى في منطقة كارى والذي كان يضم عدداً من الجنود وضباط الشرطة والمخابرات التركية الأسرى، وتسبب بمقتل الأسرى الثلاثة عشر؛ وسارع مسؤولو الدولة التركية ووسائلها الإعلامية إلى تبرئة الحكومة وإلقاء التهمة على حزب العمال الكردستاني في حادثة مقتل الأسرى، ولكن المتابع للشأن الكردستاني وكذلك الصراع القائم على مدار أربعين سنة ما بين حركة التحرر الوطني الكردستاني بقيادة حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، سيدرك تماماً كذب وافتراءات الجانب التركي ويعلم أن الحزب لطالما حافظ على حياة الأسرى واهتم بقضية تسليمهم إلى عائلاتهم.

بينما كانت الدولة التركية على مر حكوماتها المتعاقبة ترتكب المجازر والإعدامات الميدانية بحق كوادر ومؤيدي حركة التحرر الوطني الكردستاني لدرجة وصلت إلى مستوى جرائم حرب، التزم حزب العمال الكردستاني الذي يمثل الطرف الآخر من الصراع المسلح، باتفاقية جنيف الثالثة لمعاملة الأسرى انطلاقاً من إيمانه وتقيده بمبادئ حقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية في الصراعات.

على امتداد أربعين سنة من الصراع الدامي، جسد حزب العمال الكردستاني صوراً في التعامل الإنساني والقانوني في مواجهة الحرب القذرة التي كانت دولة الاحتلال التركي تشنها على كل ما يتعلق بحركة التحرر الوطني الكردستاني؛ لقد قام حزب العمال الكردستاني عدة مرات في السابق بضمان عودة الجنود أو رجالات الشرطة الأسرى إلى عائلاتهم عبر جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان أو المؤسسات الوسطية ذات الصلة.

منذ تسعينيات القرن الماضي، تمكنت قوات الكريلا من أسر واعتقال عشرات الجنود والشرطة، وبحسب بيانات جمعية حقوق الانسان/ دياربكر، بلغ عدد الأشخاص الذين اعتقلتهم قوات الكريلا في ظروف متعددة ولأسباب مختلفة 335 شخصاً خلال 110 عملية منفصلة ما بين عامي 1990-2012 منهم: 67 شرطي،32 حراس القرى، 145 موظف دولة، 15 رجل سياسي، 38 سائح، 2 صحفي، 36 مدني، وجميع هؤلاء الأسرى دون استثناء جرى تسليمهم وضمان عودتهم إلى عائلاتهم عن طريق برلمانيين أو جمعيات حقوق الإنسان أو ومنظمات المجتمع المدني؛ إلا أن تعامل دولة الاحتلال التركي وممارساتها على العكس من ذلك تماماً؛ وإليكم بعض الأمثلة:

عملية الأسر الأولى

جرت عملية الأسر الأولى يوم الـ10 من تشرين الأول 1992، حينما وضعت قوات الكريلا نقطة تفتيش مؤقتة في منطقة شابور على طريق وان- تطوان، وألقت القبض حينها على صف ضابط وجندي من الجيش التركي، وكلاهما عادا بأمان إلى عائلاتهما بعد فترة وجيزة.

وفي الـ 20 من آب 1993، تمكن مقاتلي حزب العمال الكردستاني من أسر (13) عسكرياً من الجيش التركي في منطقة كوزلوك التابعة لولاية باتمان الكردستانية، كانوا يستقلون حافلة صغيرة، وجرت عملية إعادتهم إلى عائلاتهم وهم بصحة جيدة.

 عاد بعد سنتين من الأسر

في أيلول 1994 حدثت اشتباكات ما بين جيش الاحتلال التركي ومقاتلي الكريلا في ناحية أولودره التابعة لولاية هكاري، حيث وقع الجندي التركي ابراهيم يايلالي أسيراً لدى قوات الكريلا بعد إصابته، حيث سارع قوات الكريلا إلى حمله للنقطة الطبية ومعالجة إصابته، وبقي ابراهيم يايلالي أسيراً لدى حزب العمال الكردستاني لمدة سنتين وثلاثة اشهر، حيث جرى تسليمه إلى وفد ضم نواب من حزب الرفاه الإسلامي ومنظمات غير حكومية.

مؤتمر صحفي لثمانية جنود

وفي شهر تموز من العام 1996، داهمت قوات الكريلا مخفر في منطقة شمزينان التابعة لولاية هكاري، حيث تم أسر ثمانية جنود خلال العملية، وتمت عملية تسليم الأسرى فيما بعد بوساطة وفد مؤلف فتح الله أرباش النائب عن حزب الرفاه الإسلامي وآكين بيردال رئيس جمعية حقوق الإنسان- تركيا والرئيس الحالي لجمعية حقوق الانسان والتضامن مع المضطهدين والنائب عن حزب العدالة والتنمية إحسان أرسلان، خلال مؤتمر صحفي حضره الجنود الثمانية جرى عقده في مخيم زليه.

عاد الأسرى جميعهم من الجنود والشرطة

وفي الثامن عشر من تموز 2005 حيث أصبح لحزب العدالة والتنمية ثلاثة أعوام في السلطة، تمكنت قوات الكريلا من اعتقال أحد عناصر قوات الكوماندوس التركي، المدعو جوشكون كراندي أثناء قطع طريق أرضروم السريع ووضع نقطة تفتيش مؤقتة، والذي كان مسافراً من آديمان إلى مسقط رأسه طرابزون. وجرت عملية إعادته وتسليمه في يوم الرابع من آب 2005 في منطقة قرية كولج في ريف ديرسم، بوساطة وفد مؤلف من ممثل جمعية حقوق الإنسان مهدي برينجك ورئيس جمعية حقوق الإنسان-دياربكر صلاح الدين دميرتاش والفنان فرهاد تونج.

عناق الكريلا والجنود

في أعقاب الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين الجيش التركي ومقاتلي الكريلا في قوات الدفاع الشعبي (HPG) يوم الـ 22 من تشرين الأول 2007 في أورامار الواقعة في المنطقة الحدودية لجنوب كردستان، أسرت قوات الكريلا ثمانية جنود من جيش الاحتلال التركي، وجرت عملية تسليم أولئك الجنود الأسرى أيضاً في منطقة جمجو الواقع في الزاب إلى وفد ضم  نواب حزب المجتمع الديمقراطي، كل من آيسل توغلوك وعثمان أوزجليك وفاطمة كورتلان إضافة إلى وزير داخلية إقليم جنوب كردستان، حاج محمود عثمان ورئيس جمعية التسامح الدولي كريم سنجاري، ولفتت حينها مشاهد العناق ما بين قوات الكريلا والجنود الأسرى الترك في مراسم الوداع، انتباه وسائل الإعلام والراي العام التركي.

الدولة التركية اعتقلت أسراها

تسببت مشاهد العناق تلك بإقدام الدولة التركية على اعتقال جنودها الأسرى، ولم تكتفي بذلك، بل سارعت إلى فتح دعوى قضائية بحق الوفد الوسيط.

مرة أخرى أرادت الدولة التركية القضاء على أسراها

وفي العاشر من أيلول 2011، أسرت قوات الكريلا اثنان من الرقباء الأوائل في الجيش التركي، هما عبدالله سوبجلر و زهني كوج وفني الصحة آيتكين تورهان، وظهر الأسرى للمرة الأولى على شاشة قناة (Roj TV) الفضائية، في مقابلات أعربوا خلالها أنهم بصحة جيدة وأوضاعهم حسنة بشكل عام، كما طالبوا منظمات حقوق الإنسان بالعمل من أجل عودتهم إلى عائلاتهم، وقالوا: “نتلقى معاملة جيدة منذ اليوم الأول في الأسر، ولم نتعرض لأية ممارسات سيئة، يسمحون لنا الاستفادة من الإمكانيات المتاحة بقدر ما هم يستفيدون منها، وقد وعدونا بأنهم سيفعلون ما بوسعهم لتأمين عودتنا إلى عائلاتنا مرة أخرى”.

وفي المقابل، قامت الدولة التركية بعمليات تمشيط واسعة ونفذت غارات جوية وعمليات قصف مكثفة استهدفت مناطق الكريلا، مشابهة للعملية التي نفذتها مؤخراً في منطقة كارى، حيث حاولت الحكومة التركية آنذاك القضاء على جنودها الأسرى واتهام قوات الكريلا بـ “قتل الرهائن والأسرى”، وبعد قترة وجيزة قامت قوات الكريلا بتسليم الجنود الأسرى إلى وفد مشكل من المنظمات المدنية، وباتت حياتهم فيما بعد معرضة للخطر على يد الدولة التركية.

الاستجابة الفورية لنداء القائد أوجلان

وجه القائد عبد الله أوجلان في العام 2013 نداءً إلى قوات الدفاع الشعبي (HPG) كجزء من “عملية الحوار” طالب فيه بالإفراج عن الأسرى، واستجابت قوات الكريلا على الفور لهذا النداء، وقامت بإطلاق سراح ثمانية جنود ورجال شرطة أسرى من بينهم قائممقام، كان قد تم أسرهم في أماكن وأزمنة متفرقة، وجرى إطلاق السراح وتسليم الأسرى  إلى وفدٍ ضم النائب عن حزب الأقاليم الديمقراطي حسام الدين زندري أوغلو و رئيس جمعية حقوق الإنسان أوزتورك تورك دوغان ورئيس جمعية حقوق الإنسان- ديار بكر راجي بيليجي ورئيس جمعية حقوق الإنسان والتضامن مع المضطهدين أحمد فاروق أونسال وصلاح الدين جوبان.

ترك صفوف الجيش التركي بعد فترة الأسر

يقول ينر سويلو وهو ضابط سابق في الجيش التركي، بقي فترة في الأسر لدى حزب العمال الكردستاني وترك صفوف الجيش التركي بعد فترة الأسر: ” هناك حزب العمال الكردستاني لا يمثل “الآناركية” ولا “الإرهاب” ولا القومية البدائية، بل هي حركة كرامة مشبعة بعزيمة وإصرار لا يقهر، تهدف إلى الإنسانية، كنت لأتعلم منهم النضال لأجل لغة المحبة وأسلوب الاحترام ومبادئ المشاركة والروح الرفاقية، ونحن في الجيش التركي لم نكن نرتكز على مادة واحدة من اتفاقية جنيف في معاملتنا لأسرى الكريلا، والدليل هو التعذيب والتنكيل الذي كان يتعرض له مقاتلي الكريلا وإجباره على الاعتراف”.

to top