دعت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم الإثنين إلى التحقيق في حفرة عميقة تحولت خلال سنوات، وخصوصاً خلال فترة سيطرة تنظيم “داعش”، إلى موقع لرمي الجثث في شمال سوريا. كما اشادت المنظمة بجهود مجلس سوريا الديمقراطية للتحقيق في المسألة ضمن جهوده للتحقيق في مختلف جرائم داعش.
وسيطر التنظيم على المنطقة التي تتواجد فيها الحفرة، وهي بعمق 50 متراً، بين العامين 2013 و2015 في أقصى ريف الرقة الشمالي، قبل أن يطرده منها قوات سوريا الديمقراطية، ثم تسيطر عليها أخيراً قوات تركية وفصائل سورية موالية لها.
تحقيق هيومن رايتس ووتش والرحلة بطائرة بدون طيار إلى أسفل الحفرة أظهرا الحاجة إلى أن تقوم السلطات بتأمين الموقع، واستخراج الرفات البشرية منه، والحفاظ على الأدلة من أجل الإجراءات الجنائية ضد القتلة.
وبدأت المنظمة تحقيقاتها حول الحفرة بعد طرد التنظيم المتطرف من كامل محافظة الرقة في عام 2017 وتبين لها أنه جرى رمي جثث فيها خلال وبعد حكم التنظيم المتطرف.
عٌثِر على أكثر من 20 مقبرة جماعية في أنحاء سوريا فيها آلاف الجثث في مناطق كانت تسيطر عليها الجماعة المسلحة في السابق. تضمن تحقيق هيومن رايتس ووتش بشأن الهوتة مقابلات مع سكان محليين، ومراجعة لمقاطع فيديو سجّلها داعش، وتحليل لصور ملتقطة بالأقمار الصناعية، وتوجيه طائرة بدون طيار إلى الحفرة الذي يبلغ عمقها 50 متر.
قالت سارة كيالي، باحثة سوريا في هيومن رايتس ووتش: “حفرة الهوتة، التي كانت ذات يوم موقعا طبيعيا جميلا، أصبحت مكانا للرعب والاقتصاص. فَضْح ما حدث هناك، وفي المقابر الجماعية الأخرى في سوريا، أمر أساسي لتحديد ما حدث لآلاف الأشخاص الذين أعدمهم داعش ومحاسبة قتلتهم”.
وقالت المنظمة في تقريرها أنه حاليا، يسيطر مرتزقة ما يسمى “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا على المنطقة المحيطة بالهوتة، بينما لا تزال قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تسيطر على مدينة الرقة. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه وأيا كانت الجهة التي تسيطر على المنطقة، فهي ملزمة بالحفاظ على الموقع وتحديد هوية المفقودين والتحقيق في وفاتهم.
كشف استطلاع الهوتة بواسطة طائرة بدون طيار من طراز “باروت أنافي” (ANAFI) عن ست جثث تطفو على سطح المياه في الأسفل. بناء على حالة التحلل، يبدو أن الجثث ألقيت هناك بعد وقت طويل من مغادرة داعش المنطقة. لا تزال هوية هؤلاء الضحايا وأسباب وفاتهم مجهولة.
تشير الخرائط الجيولوجية والنموذج الطبوغرافي ثلاثي الأبعاد للهوتة الذي أعِدّ بحسب صور الطائرات بدون طيار إلى أن الحفرة أعمق مما كانت الطائرة قادرة على رؤيته، لذلك من المرجح وجود المزيد من الرفات البشرية تحت سطح المياه.
وتابع التقرير: “الجهود المبذولة لاستخراج الجثث من القبور الجماعية لداعش كانت متعّثرة وغير كاملة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الوضع الأمني المتقلب.
وأجرت مجموعات محلية ذات الموارد المحدودة والتي لا تحظَ سوى بدعم خارجي محدود، مثل “فريق الاستجابة الأولية” في الرقة، عمليات جزئية لاستخراج الجثث، لكن المواقع لا تزال غير محمية ولم تُفتَش بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية. حاليا، لا تعمل أي فرقة في الهوتة أو أي من مواقع المقابر الجماعية الظاهرة التي تخضع حاليا للسيطرة التركية”.
وفي 5 أبريل/نيسان، وفي خطوة إيجابية، أعلن مجلس سوريا الديمقراطية، عن إنشاء فريق عمل جديد للمساعدة في تحديد مصير المفقودين والمختطفين من قبل داعش، واشار التقرير إلى أن مجلس سوريا الديمقراطية بقيادة الكرد “لن يتمكّن على الأرجح من الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا والفصائل المدعومة منها”.