الحدث – وكالات
لم أكن أعلم أن العمر سوف يسرقني، ويمر بهذه السرعة، بالأمس القريب كنت ألهو وألعب الكرة بالشارع، وكنت أجول وأصول في الشوارع المجاورة، حتى ذاع صيتي بالمنطقة كلها.
ولم أكن حينئذ أفكر في شيء غير اللعب، وكنت لا أحمل على ظهري أي مسئولية ولا أفكر في مستقبل ولا حاضر، وفجأة وبدون مقدمات انحنى ظهري خلف همومي، التي احملها فوق ظهري ونظرت في المرآة هذا الصباح، فوجدت شخصاً لا أعرفه فقد نحت الدهر وجهي و اشتعلت رأسي شيبا، و تساقط شعر الرأس، فأصبحت بعد عز وصحة ولهو وغدو و لهاء، رجل في خريف عمره.
أشعر بآلام في ظهري ومفاصلي، ولم تعد هناك ألعاب تناسبني، وكل ما أفكر فيه كيف أحل تلك المشاكل والهموم لمن حولي، ومن هم في رقبتي من أهلي وأصحابي ومعارفي، وجدت شخصاً لم أكن أتوقع يوماً أنه أنا أو إني سأكون كذلك في يوماً ما.
جلست مع فنجان قهوتي وسجائري التى أصبحت أكبر عدو لي أفكر هل ما أنا عليه الآن واقع أم أنني في حلم أصبح كالكابوس، نظرت من نافذة شرفتي فوجدت على مرمى البصر شباب يلعبوا الكرة فى أحد الملاعب.
شعرت فجأة بأني أريد أن أذهب إليهم وألعب معهم، فتركت فنجان القهوة وأطفأت سيجارتي وغيرت ملابسي وارتديت ثياب لعب الكرة وذهبت مسرعاً كما كنت أفعل وأنا صغير في الشارع.
توقف اللعب ونظرالجميع لى نظرة استغراب وقالوا لي حرفيا «حضرتك عايز تلعب معانا ياعمو»، فرديت «عمو»! اه عايز ألعب معاكم، وتم تقسيم فرقتين كنت أحد لاعبيها وبدأنا اللعب وفي لحظة تحولت كل تلك الهموم وكل هذه الحروب التى تتصارع بداخلي إلى طاقة فاقت أعمار وحتى هؤلاء الشباب، تبدلت نظراتهم بعد ما كانت نظرات تعجب، وصلت لدرجة الاستهكام والاستخفاف، إلى نظرة إعجاب بمهاراتي وقدراتي على مسايرة اللعب والأعمار.
هنا تعطلت كل عقارب الزمن وتحطمت كل حصون اليأس وأصبحت تلك الأكذوبة خدعة، نحن من يصنعها بأيدينا وننهي بها أحلامنا وحياتنا، بغض النظر إني بقالي أسبوع مش قادر أقوم من السرير من التعب ورجلي بتترعش، بس نفسياً وفي أقل من ساعتين لعب كرة قدم أصبحت بن العاشرة من عمري.
الخلاصة والزيتونة
لحد ما يسترد الله وديعته لا تفقد الأمل ولا تترك اليأس يتحكم فيك
“فأنت دائما هذا الطفل الذي يعيش حياته كما يشاء”
رفعت الأقلام وجفت الصحف.