حول المبادرة
حنان عثمان
احتفى العالم عموماً والنساء خصوصاً في بداية شهر كانون الأول الجاري باليوم العالمي لحقوق الإنسان، آملين في الحفاظ على المبادئ المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لكافة الشعوب؛ والتمسّك بالمبادئ الكونيّة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً، دون أي شكل من أشكال التمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين، وخاصة في ظل ما تعانيه المنطقة من حروب وويلات وانتهاكات فاضحة في الحقوق والحريات، بالإضافة إلى الأزمة الخانقة التي يمر بها النظام العالمي من كافة الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية؛ سيما وأننا نعيش في محيط تصاعدت فيه حدة العنف الممنهج ضد الشعوب عامةً والنساء خاصة لدرجةٍ يمكن القول فيها أن هذا العنف وصل حدّ الإبادة حيث القتل والتهجير والاغتصاب والاغتيالات السياسية التي تطال النساء من كافة الشعوب.
ومن أجل تسليط الضوء على هذه الممارسات الوحشية التي تنافي كافة المبادئ والمواثيق والدولية، انطلقت مبادرة نسوية، في يوم 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، والذي يصادف الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الأمين العام لحزب سوريا المستقبل، الشهيدة هفرين خلف، وذلك تحت اسم “مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام” مستندةً على الإرث النضالي النسائي المشترك ومركِّزةً على ضرورة استرداد الحريات والحقوق المسلوبة، والتي تهدف الى استتباب الأمن والاستقرار وتكريس السلام.
وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز وتوسيع رقعة التكافل والتعاون والتضامن النسائي إقليمياً بنحوٍ عابرٍ لكل الحدود والقوميات، بصورةٍ تعتمد القيم النسويّة النضالية أساساً في خطّ مسارها ورسم استراتيجيتها وتحديد أهدافها ضمن هذا الإطار.
كما أن هذه المبادرة التي تضم منظمات نسائية فاعلة في عدة دول من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (العراق، سوريا، لبنان، تونس، مصر، ليبيا وتركيا) تهدف إلى رصد وتوثيق كافة الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال التركي بحق النساء تحت غطاء الإسلام السياسي وتنظيماته التكفيرية والسلفية، وتعمل على فضح تلك الممارسات ونشرها إلى الرأي العام، وإيصالها إلى المؤسسات الدولية المعنية ومطالبتها بالخروج عن صمتها وبمحاسبة المسؤولين ومحاكمتهم وفق القوانين والتشريعات الدولية ذات الصلة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
كما كان لهذه المبادرة صدىً إيجابي كبير، حيث بات عدد المنظمات والشخصيات النسائية المنتسبة لهذه المبادرة في تزايد ملحوظ خلال هذه الفترة القصيرة من عمرها، لا سيما بعد الأنشطة العديدة التي قامت بها المبادرة تحت شعار “العنف ضد المرأة جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية”، وتوجيهها العديد من الرسائل التي ناشدت فيها المنظمات والشخصيات النسائية الفاعلة والمؤثرة في المنطقة إلى صب كل الانشطة النسائية في بوتقة واحدة كسبيل وحيد للعب دور ريادي نافذ وقادر على الحد من إبادة النساء وردع كافة أشكال الاحتلال الغاشم.
وفي الختام كلنا أمل وثقة بأن هذه المبادرة ستوحد الصفوف والأصوات والأنشطة النسائية، وأنها سوف تقوم بدور المرشد لكافة الجهود النسائية في المنطقة عامة، بل وإنها ستصبح آلية ملموسة وفعالة لتحالف نسائي إقليمي شامل قد يؤدي دوراً بارزاً في التغلب على نقاط الخلل التي تعاني منها الحركات النسائية؛ وفي التحدي والتصدي لكافة مؤسسات وأجهزة وأدوات وأشكال الذهنية البطريركية الطائشة، وقد تتجسد من خلالها المقولة الشهيرة: “سيَكون القرن الحادي والعشرين عصرَ حرية المرأة”.