منذ بدايات الألفية الجديدة وقبلها أيضاً؛ تتحكم تركيا بالمنطقة وتريد أن تُعيد رسم معالم المنطقة بخطط ومكائد ومخططات تستهدف فيها الشعوب وقضاياهم وكل ما يتعلق بهم وتجهد في ألا يكون مجرى الأمور إلا لصالحها.
من الخطأ أن يعتقد البعض بأن القضية الكردية هي المعضلة الوحيدة لها، من الخطأ كذلك أن يرى البعض بأن تركيا هي عدوة الكرد فقط، تركيا كل من يعارض توجهاتها ومخططاتها هم أعداء له؛ وما يحدث اليوم في المنطقة من تدخّل تركي مباشر وغير مباشر ومحاولة لإحياء دورها في كل مكان لا صلة له بالقضية الكردية في جميع تدخلاتها. كما الحال في العالم العربي برمته وفي القارة الأوروبية وحوض المتوسط وحتى في إفريقيا ومؤخراً في دول الاتحاد السوفياتي سابقاً وإماراتها العثمانية القديمة أرمينيا وأذربيجان وغيرهم.
ما حدث في عام 1998 وبالتحديد في التاسع من تشرين الأول من العام ذاته وسعي تركيا آنذاك لاحتلال سوريا بحجة وجود القائد عبد الله أوجلان الذي اختار طريق الخروج من سوريا مقابل ألا يكون هناك حجة لتركيا وموضحاً حقيقة سعي وأطماع ومشاريع تركيا آنذاك. لنكون اليوم أمام حقائق وتطورات؛ تؤكد ما كان يتحدث عنه القائد أوجلان ألا وهي أن المؤامرة على المنطقة كبيرة ولا تختصر في استهداف شخصه.
تركيا اليوم تتحرك في المنطقة والعالم ولا يكترث بما ينتج عن ممارستها من دمار وفوضى وحرب، هذا اللا اكتراث يفيد بأنها تتخذ من القضية الكردية التي لطالما أقنعت المحيط بها بأنها الخطر الأكبر شماعة لتحقيق أهدافها ومخططاتها في المنطقة. دلائل هذه الاعتبارات لا تكاد تكون نظرية على الإطلاق؛ لنجد اليوم وتحت الحجج المذكورة تركيا في سوريا تمارس الاحتلال وكل ما يقوي دورها لا، بل يحقق أهدافها في أن تستعبد الشعوب وتتحكم بالجغرافيات. الحال ذاته في العراق وفي كل المناطق التي تتواجد فيها مؤكدة بأنها تمثل دولة تسعى لضبط الاستقرار وفق أهداف محددة. ولكن؛ في الحقيقية تحقق ما تريده هي دون أي اهتمام آخر.
علينا أن نرى الحقائق كما هي، مشكلة تركيا ليست القضية الكردية بالوصف الذي تقدمه هي. ببساطة المشكلة هي في أنها تعارض كل من يعارض توجهاتها في المنطقة ومشكلتها مع من يريد أن تكون القضية الكردية محافظة على أسسها ومعاييرها التاريخية والجغرافية أيضاً. نحن لا نتحدث عن العوامل التي تهدد المنطقة كما تتحدث عنها تركيا لا، بل الرؤى التي تحقق الحل للقضية الكردية والقضايا الأخرى. تركيا اليوم تعادي بممارستها كل الشعوب بما فيها العرب، وإحياؤها للمعضلات المتجذرة والتي تم حل البعض منها كما الحال في الصراع المفترض التركي بين أذربيجان وأرمينيا هو محاولة لكي يتناسى العالم الماضي المليء بالمجازر التركية وينشغل بالحاضر المعقد. لكن؛ عملياً تركيا أهدافها واضحة.
بكل أسف تتأثر بعض الرؤى (الكردية) في بعض من زواياها بالطرح التركي ليقدم البعض من الكرد تحليلات عن واقع الحال في المنطقة وعن القضية الكردية بلغة هي محققة لأهداف تركيا وكأنهم يريدون القول بأن تركيا لا تجيد التعبير الصح في هذا الإطار؛ فلنعبر نحن عن الحقيقة بلغتنا ومواقفنا الكردية.
يتحدثون عن أمور وأطروحات تتناسب مع الرؤى التركية على سبيل المثال: اليوم حزب العمال الكردستاني يقود نضال ضد تركيا لعقود وقد تم التعرف خلال هذا النضال على كل المخططات التي تريد تركيا أن تمررها على المنطقة حينما تتناول هذه الحركة ضرورات التصدي والافشال حكماً تكون بنظر تركيا جهة غير مرغوب بها وخطيرة. لكن؛ لو تمعنا في حجم الخطر الذي يتم منعه من أن يكون؛ ندرك بأن حقيقة تركيا هي إيجاد وحشد المواقف داخل الكرد أنفسهم ضد مواقف وجهود تبحث في تحقيق الحقوق الكردية ومنع تركيا من أن تحقق أهدافها المعادية ضد شعبنا.
وحدة الرؤية في تحديد دور تركيا ومساعيها في المنطقة لم يعد يقتصر على مواقف الكرد، الكثيرون باتوا يرون اليوم ويتحدثون عن هذا الدور السلبي وإن تأخروا في هذا التبني فلا بأس، الأهم هناك حتى إجماع عربي، كذلك مواقف جديدة تظهر من أوروبا تتفق مع المواقف العامة التي تظهر حقيقة تركيا. هذا تطور جديد ويؤكد صوابية الرؤية الكردية المقاومة في وصف وتحليل خطر تركيا الإقليمي وحتى الدولي. لذا؛ من الضروري وفي ظل هذه التطورات أن يتم عزل تركيا والحد من دورها الذي يبث الخراب والفتن والحروب.
كل من يوضح حقيقة تركيا وأطماعها ومخططاتها في المنطقة؛ يجب أن يكون موضع دعم وترحيب ومساندة ومن الشعوب كافة؛ لأن هدف تركيا هو إبادة كل الشعوب دون تمييز. يجب أن يقف العالم مع حركة حرية كردستان ومع المقاومة التي يبديها القائد أوجلان. عليهم أن يقدموا هذا الدعم؛ كون القائد أوجلان والحركة يبحثان في آليات بناء إرادة الشعوب ويمنعون تركيا من أن تمسها. هذا النضال هو ملك وميراث للعالم أجمع ولكل من يجب ألا يكون تحت وطأة الاحتلال التركي وهنا الاحتلال ليس فقط باحتلال جغرافية ما، لا بل هناك من تحتلهم تركيا بعقولهم وثقافاتهم ومواقفهم ورؤيتهم هم محتلون وتمارس تركيا الاحتلال والهيمنة عليهم وهم لا يشعرون ويتحدثون ويصفون الأخطار بمناظير تركية ولا ينظرون ولو مرة لأنفسهم ليسألوا من هم وماذا يريدون؟ يجب أن يتم دعم تحرير القائد أوجلان ودعم حركة الحرية الكردستانية؛ بغية إفشال المخططات التركية في المنطقة.
تركيا لا تعتمد إلا على هذه العقول وهذه المواقف وإلا؛ فإن الوصول لدلائل مخططاتها الخبيثة والسيئة في المنطقة ليست صعبة لطالما هي بنفسها تتحرك هنا وهناك وتفصح عن أهدافها علناً في حين هناك من يريد أن يقدم هذه الأهداف التي تقول تركيا عنها بنفسها بأنها أهداف إبادة، البعض يريد أن يقدموها وكأنها سبل النجاة.