الحدث – القاهرة
اعتبرت المرأة منذ فجر الحضارات كائنا ثانويا مُلاما دوما دون الرجل. ثم بدأت التشريعات والأحكام تصدر للمرأة وطورا ضدها ٬ حسب الزمان والمكان الذي لم تختره لتكون فيه.
سيطر قانون القوة أو قانون الغاب بوصفه القاعدة التي كان معترفا بها للسلوك العام طوال القسم الأكبر من تاريخ الجنس البشري فمثلا/الرجل قد مارس قوته البدنية لإشباع حاجاته،ولتحقيق مصالحه، الخاصة،فقد مارسها أيضا مع النساء فكان خطف المرأة يعبر عن شجاعة نادرة ،كما جرت العادة في بعض المجتمعات البدائية، أن يقوم العريس بخطف عروسه لإظهار شجاعته ،رغم أن القبيلة كلها تعلم أنهما في طريقهما للزواج ويرجع ذلك إلى أن التمسك لبعض العادات والتقاليد المغلوطة على مرَّ التاريخ أصبجت السلوك العام في نظرتهم للمرأة.
– المرأة في العصر البدائي / قد اعتمد الإنسان البدائي فيطعامه على الجذور والثمار البرية والديدان ولم يكن يختلفنظام العائلة عندهم عن الحيوانات ٬ فكانت العائلة تتكون منالأُم والأطفال الذين تحميهم إلى أن يتمكنوا من تدبير حياتهمبمفردهم فيمكننا القول إنها كانت عائلة الأُم فقط دون الأب ٬فالعلاقة الجنسية لم تكن أكثر من إشباع الشهوة.حيث كان الاعتقاد أن الأم وحدها هي التي تنجب الأولاد.
-المرأة في حضارة وادي الرافدين/نالت مكانة كبيرة حيث كان هناك . عدد وافر من الآلهة الإناث ٬ وهذا دليل على كون الأنثىرفيعة المستوى وكذلك وجود وظيفة الكهانة للنساء كأنخيدواناابنة سرجون التي كانت عظيمة الكاهنات.
–المرأة في الحضارة السومرية/ لقد أعطى السومريون المرأة بعض الحقوق بالرغم من كون المجتمع أبويًا حيث كان لهاالحق المطلق والقدرة الكاملة لتقوم بالأعمال التجارية والبيعوالش ا رء والتبني وامتلاك العبيد والإماء وإعتاقهم وامتلاكالأراضي والماشية والنقود والتصرف بها على هواها.كما كان بإمكانها رفع دعوى والشهادة في المحاكم والامتناع من الذهابإلى بيت زوجها وحتى رفض العريس المتقدم لخطبتها.
-المرأة في الحضارة البابلية /أحوال المرأة بدأت تتدهور فيالعصر البابلي القديم ٬ فلم يكن لها أي سيادة حتى علىنفسها، فالسيادة تنتقل من أبيها أو أخيها حتى جاء حمورابي الذي حفظت شريعته بعض الحقوق للمرأة منهاإمكانها القيام ببعض الأعمال التجارية وعقد الاتفاقياتالقانونية من بيع وشراء دون وصاية أحد عليها.
-المرأة في الحضارة الأشورية/ لقد بدأت المرأة تعود إلىسومريتها عند الآشوريين فاشتهرت البنت الآشورية بالغنجوالدلال لسحر جمالها فالمرأة الآشورية لها الحق في العمل ٬فبالإضافة إلى وظيفة الكتابة وعقد الصفقات التجارية كان لهاحق امتلاك الأختام الخاصة بها ،كما اعتبرت الكهانة أعظموظيفة للنساء.
-المرأة في الحضارة الفرعونية/تكمن الأهمية التاريخية للحضارة المصرية القديمة فى منظومة القيم والرسالات الإنسانية التى شملت كل نواحى الحياة ، وكونت بمرور ألفيات مصر السبع ، الجذور الحقيقة التى تستمد منها البشرية تراثها الإنسانى فى إجماله ، ومن أهم هذه القيم الإنسانية الإعتراف بأهمية دور المرأة بالمجتمع ،فكانت كملكة توجت عرش الحضارةِ المصريةِ العريقة، والتى اعتبرها البعضُ أكثر حضارات العصور القديمةِ إنصافًا وإجلالًا لوضع المرأة، فكانت الملكة (حتشبسوت) و(كليوباترا) تارة، وكشريكٍ للرجل مؤازرةً له في حياته اليومية على جدران المعابد تارة أخرى .
وتُرجمت هذه القيمة عملياً بصياغة مكانة رفيعة المستوى للمرأة المصرية باعتبارها الشريك الوحيد للرجل فى حياته الدينية والدنيوية طبقاً لنظرية الخلق ونشأة الكون الموجودة فى المبادئ الدينية الفرعونية ، حيث المساواة القانونية الكاملة وارتباط الرجل بالمرأة لأول مرة بالرباط المقدس من خلال عقود الزواج الأبدية .
تعدت المرأة هذه المكانة حتى وصلت لدرجة التقديس فظهرت المعبودات من النساء إلى جانب الآلهة الذكور بل أن آلهة الحكمة كانت فى صورة امرأة ، والآلهة إيزيس كانت رمزاً للوفاء والإخلاص .
كذلك استطاعت المرأة المصرية فى التاريخ الفرعونى الدخول فى العديد من ميادين العمل المختلفة ووصل التقدير العملى لها لدرجة رفعها إلى عرش البلاد فقد تولين المُلك فى عهود قديمة , ومنهن (حتب) أم الملك خوفو، و( خنت) إبنة الفرعون منقرع ، و( اباح حتب) ملكة طيبة ، و( حتشبسوت) إبنة الفرعون آمون ، و(تى) زوجة إخناتون ، و( كليوباترا) وقصتها الشهيرة مع مارك أنطونيو ، والتى حظيت بالإهتمام الأدبى على مستوى العالم أجمع
كما عملت المرأة بالقضاء مثل نبت ( Nepet ) وهى حماة الملك بيبى الأول من الأسرة السادسة ، وتكرر المنصب خلال عهد الأسرة السادسة والعشرين وأيضاً العمل بمجال الطب مثل بثت (Psechet) والتى حملت لقب كبيرة الطبيبات خلال عهد الأسرة الرابعة ، ووصلت الكاتبات منهن لمناصب (مديرة – رئيسة قسم المخازن مراقب المخازن الملكية – سيدة الأعمال – كاهنة ).
” كانت المرأة المصرية تحيى حياة سعيدة فى بلد يبدو أن المساواة بين الجنسين فيه أمر طبيعي ” .. عبارة معبرة لعالمة المصريات الفرنسية “كريستيان دى روس “، تؤكد أن الإنسان المصرى يعتبر أن المساواة أمر فطر عليه ، وكذلك وضعت الحضارة الفرعونية أول التشريعات والقوانين المنظمة لدور المرأة“.
– الحضارة الفارسية/في بلاد الفرس وهم الذين قبضوا علىناصية الحكم في كثير من البلاد وسنوا القوانين والأنظمة ٬ لميكن وضع المرأة عندهم أحسن فقوانين زرادشت ٬ كانت جائرةوظالمة بحق المرأة ٬ فإنها كانت تعاقبها أشد العقوبة إذا صدرعنها أقل خطأ ٬ أو هفوة بعكس الرجل فإنها قدأطلقت له جميعالصلاحيات يسرح ٬ ويمرح ٬ وليس من رقيب عليه فهو لهمطلق الحرية لأنه رجل ولكن الحساب والعقاب لا يكون إلا على المرأة .كما كان أتباع زراردشت يمقتون النساء ٬ وحالما كانتتتجمع لدى الرجل يراهين على عدم إخلاص الزوجة ٬ كان لامفر لها من الانتحار. أما ما يخص الزواج ٬ فكان يحق للرجلمن أتباع أن زراردشت يتزوج من امرأة غير زراد دشتية ٬ بينمالم يكن يحق للمرأة أن تتزوج من رجل غير ذرا داشتي ،كماأُبيح عند الفرس الزواج بالأمهات والأخوات واالعمات والخالاتوبنات الأخ وبنات الأخت ،وكانت تُنفى الأنثى في فترة الطمثإلى مكان بعيد خارج المدينة ٬ ولا يجوز لأحد مخالطتها إلا الخدام الذين يقدمون لها الطعام.
– الحضارة الرومانية/ أقدم شكل من أشكال الزواج الرومانييوحي بأن المرأة كانت تصبح تابع مع كل ما تملك لزوجها ٬وعليها أن تنبذ صلتها بأسرتها كي تصبح عضواً في أسرةزوجتها ومع أنها كانت تهتم بالبيت ولكنها أيضاً كانت تتجولفي المدينة وتحضر الاحتفالات العامة ولكن يجب أن تكونبرعاية زوجها وعند ترملها تصبح برعاية رجل من الأسرة ٬ لأن أمومتها غير معترف بها من لدن القانون وليس لها أي سلطةعلى الأبناء لأنهم يتبعون الأب وكانت الجريمة الكبرى للمرأة هي الزنا ٬وشرب المسك ا رت وتصل العقوبة أحياناً حدالموت.لكن القوانين تبدلت تدريجياً لصالح المرأة حيث مُنع بيعالزوجة أو قتلها بعد أن كان شيئاً اعتيادياً عند الرومان ،فحظيت المرأة باحترام واستقلال وحرية أكبر من الماضي ٬ولكن بحدود سنة 100 قبل الميلاد بدأت الأخلاق تنهار فيالعهد الأمبراطوري فكثرت الفواحش نتيجة التحررالجنسي،فاشترع أغسطس قيصر سنة 17ق.م برنامجا اجتماعيا غرضه الحد من تدهور الأخلاق الرومانية فحُرِّمالزنا،والعزوبية والزيجات التي لا تخلف أولادا.
-في العصور الوسطى وخاصة في أوربا حيث كانت بمثابةرعب للمرأة ٬ اتهمت بالسحر والشعوذة ٬ فقُتلت آلاف النساءلمجرد أنهن نساء لا أكثر ٬ واُستعملت معهنّ أساليب وحشيةفاقت وحشية البدائيين من أُبرٍ طويلة أو إغراق أو حرق، جاءالتحليل النفسي في بداية القرن العشرين ليُعيد المشهد ولكنبأساليب ألطف ٬ مستعملاً العلاج النفسي أو الكرسيالكهربائي معتبرا إياها مخلوقا عُصابيا من طبيعته ٬ لأنهاتشعر بالنقص بسبب الفروق الجنسية أو لسذاجتها أوللحسد المكنون في قلبها ضد الرجال وحضارتهم.
دعونا نقف قليلا عند المرأة في العصور الوسطى في الإسلام حيث تُظهر كثير من الكتابات الاستشراقية والعربية الحديثة المرأة كعنصر مجهول ومهمّش في تاريخ المجتمع المسلم،نجد أن الكثيرين يعتقدون أن النساء المسلمات – خاصة في العصور الوسطى- لم يتركن أي بصمة في التاريخ، نقف عند كتاب(المرأة في العصور الوسطى الإسلامية) للمستشرق غافين هامبلي (1934-2006) يؤكد خطأ هذا التصور، ويسعى إلى توضيح هذا الخطأ عن طريق عرض سلسلة من البحوث والدراسات تتحدث عن المرحلة التي سبقت العصر الحديث للتاريخ الإسلامي. في هذا الكتاب نجد تجارب لنساء عملن في السياسة، وشاعرات، وقائدات، إلى جانب بعض الناس اللواتي تجاوزن الصورة النمطية عن الحياة الخيالية في للنساء في صفحات كل من الأدب العربي والفارسي والتركي حيث يعرض ويركز على دور وإسهامات النساء على العديد من الأصعدة الاجتماعية والثقافية والسياسية؛ استنادًا إلى بحوث ودراسات موسعة اشترك في إعدادها عشرون عالـمًا دوليًا.