الحدث – القاهرة
تعيش المرأة في حاضرها أزمة انعدام الأخلاق حيث ابتعدت المجتمعات العربية إلى حد كبير عن تعاليم الدين السامية التي كرمت المرأة وحفظت حقوقها وأصبحت تتبع العادات والتقاليد المتوارثة التي تحرم على المرأة كثيرا من الحقوق التي كرّمها بها الله ،كما تأخذ من الغرب أسوأ العادات الغربية كاهتمام المرأة بمظهرها وحسنها وجمالها أكثر من عقلها ودورها في المجتمع . فتفني عمرها تهتم بجاذبيتها كأنثى ولا تهتم بإنسانيتها ،وتهتم بالشكل ولا تهتم بالجوهر.ومن العجب أن ما توارث من الإرث الفلسفي عند كثير من الفلاسفة مثل أفلاطون وسقراط وأرسطو وفكرتهم المجحفة للمرأة كان أقوى من الفكر الديني كما أن الأفكار السيئة عن المرأة اكتسبت ثوبا دينيا كفكرة خطيئة آدم وخروجه من الجنة كان سببها حواء فهي رمز الغواية والفتنة فالأدوار التي أعطيت لها كان أغلبها شريرا.
عاشت المرأة منذ بدء الخليقة عدا العصر الفرعوني ، مهضومة الحقوق “فلا ينبغي أن ننظر إلى قضيتها على أن الحكم قد صدر فيها مقدما عن طريق الواقع القائم ،أو الرأي العام السائد بل لا بد من فتحه للنقاش على أساس أنها مسألة عدالة”
فالمرأة على مر التاريخ كائن حي كتب عليه أن يستعبد من جراء عادات وتقاليد بالية فوجدت المرأة نفسها في حالة عبودية الرجل وذلك لانحراف فهمه عن قواعد الدين وقيمه الحقيقية التي حددت بوضوح وظيفة كل من الرجل والمرأة معا
عندما حلّت أوضاع الضعف والتخلف في شرايين العالم العربي والإسلامي منذ القرن السادس عشر الميلادي،كانت المرأة أكثر تضررا وأشد تخلفا بسبب حرمانها من التعليم،ووضعها على هامش الحياة العامة فانتشر الجهل وحصر وظيفتها في الإنجاب والتربية والطهي ولا تعتبر هذه الوظائف تقليدية للمرأة أو قليلة الشأن ولكن نشير هنا إلى تمكين المرأة علميا ومهنيا وعدم حرمانها من توعيتها وتثقيفها حتى تقوم بالعمل المنوط لها سواء بالبيت أو خارجه ؛لأن إهمال جانب من الجوانب سيؤدي إلى شل وظيفتها التربوية وإلى تدهور الأسرة والمجتمع،أما عندما تشعر بقيمة نفسها واحترام ذاتها ستثمر جهودها البناءة لمجتمعها.
وبقدر ما أعطي للرجال من حقوق إنسانية وسياسية وفي مجال الحرية والمساواة وفي حق المواطنة للوطن وبمعزل عن الانتماءات الدينية والقومية والعرقية ، كذلك أعطت للمرأة حقوقاً مساوية للرجل في كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية،كفلها لها الدين مثل الرجل تماما ، على الرغم من كل ذلك تعيش المرأة في حاضرها أزمة انعدام الأخلاق كإهانتها من قبل الأب والأخ والزوج ، وسلب حقوقها ،وعدم الاهتمام بتغذية عقلها وفكرها ، فنجد بعض النساء يتنازلن طواعية وبإرادتهن عن حقوقهن التي كفلت لهن، وبسقوط المراة تسقط الأسرة ويتراجع الجوهر الإنساني المشترك ،ويصبح كل البشر أفرادا طبيعيين لكل منهم مصلحته الخاصة التي تصطدم وتتصارع مع مصالح الآخرين. وعندما زادت التوعية من قبل الهيئات المنوطة للدفاع عن حقوق المرأة تقدم كثيرات من النساء تطالبن بحقوقهن في الاشتراك في الانتخابات البرلمانية ،وأن يكون لهن حق الاقتراع أو التصويت ونجحن في تحقيق تلك المطالب وغيرها بفضل مثابراتهن وحرصهن على إعلاء قيم مجتمعهن.
فى المجتمعات الشرقية والعربية ظلت الكثير من حقوقها حبيسة أوراق تمنحها حقوقا لا يقرها المجتمع اذ أن ما تغيرهو القوانين فقط أما عقول وأعراف الناس فتغيرها يبدو بطيئا لأن تغيير القوانين أمر سهل إذا تمت مقارنته بتغيير ثقافة وخاصة بالنسبة لشعب يميل إلى الثقافة الذكورية وهو ما يجعل النقاش في هذا الأمر من المحرمات أو تابو .
في جل التراث السياسي الغربي في مرحلة التنوير، لم تعن المرأة الشيء الكثير، بل ظل الرجل هو محور الفكر والمعرفة،وكأن المرأة لا وجود لها، ومن ثمة قامت حداثة محورها الرجل، وتحدثت كاتبات غربيات عن ما أطلق عليه العمي الذي أصاب الفكر السياسي الغربي بشأن المرأة . استمر السكوت طويلا عن قضية المرأة، حتي تم أخيرا إعادة النظر في مفهوم المواطنة ، وطرح قضية المساواة بين المرأة والرجل علي أجندة المجتمعالديمقراطي . وحينذاك، حصل انقلاب جذري في النظرة للمرأة، ومكانتها، وحقوقها، وشخصيتها، وبرزت حركات قوية ساهمت في يقظة الوعي النسائي وإشاعة خطاب الحرية والمساواة للمرأة في مواجهة الامتيازات الطاغية للرجل. -ألم يأن الوقت أن نكف عن ترديد مقولة :”الأنثى في كل مكان معاداة حتى وإن كانت جمادًا”؟! مصر التي حكمتها حتشبسوت وكليوباترا ومنها السيدة هاجر ودفن بأرضها صفوة نساء آل البيت وخرجت نسائها بقيادة هدى شعراوي وصفية زغلول في ثورة 19 وأسست مي زيادة أول صالون ثقافي لتستقطب القاصي والداني من كل أدباء وشعراء ومثقفي أقطار الوطن العربي ومصر أول بلد عربي يؤسس فيها الهلال الأحمر بتبرعات نسائية وينظم للعمل الأهلي فيها بإنشاء جمعيات خيرية نسائية وأول سيدة في الشرق من مصر تبرعت بجزء من ممتلكاتها لإنشاء أعرق وأقدم جامعة في العالم الأميرة فاطمة إسماعيل التي جعلت قصرها لبناء جامعة القاهرة.
المرأة التي ندفع بها إلى الأمام ونحن مؤمنون بجدواها وخاصة في وطننا العربي ليست المرأة التي تدعو للسفور أو لتجميل وضع شاذ تكون فيه المرأة راغبة في الحرية الجنسية أو على الأقل مبررة لها. أو تكون حارسة للتقاليد فقط ،أو تُكرس مفهوم الضحية بالنسبة للمرأة، أو تؤسلب الرجال بصفاتهم أو تحجمهم بأوصافهم كون الغاية التي نبغي تحقيقها هو زيادة الوعي المجتمعي الذي يحفظ للمرأة حقوقها .بعد مسيرة كفاح على جميع الأصعدة،والمستويات من كل الجهات المنوطة للدفاع عن حقوق المرأة وخاصة محهودات المجلس القومي للمرأة، نقف؛ لنهنئ كل امرأة وخاصة المرأة العربية في كل أرجاء الوطن العربي التي تسعى حكوماته للدفاع عن كرامة المرأة والحفاظ على حقوقها وبدأت مصر في تطبيق عدة إجراءات لصالح المرأة وحقوقها المهضومة،وكان بيان الأزهر الشريف لعام 2021م في مصر عبر إذاعة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب له فتحا مبينا للانتصار للمرأة والذي نصَّ على الآتي:1- يجوز للمرأة تولي الوظائف العليا القضاء،والإفتاء ،2-سفر المرأة دون محرم متى كان آمنا،3-الطلاق التعسفي بغير سبب حرام وجريمة إخلاقية،4-لا وجود لبيت الطاعة في الإسلام. 5- لا يحق للولي منع تزويج المرأة بكفء ترضاه دون سبب مقبول،6- للمرأة أن تحدد نصيبًا من ثروة زوجها في حياته إذا أسهمت في تنميتها وتطويرها.كما حققت المملكة العربية السعودية إنجازا آخر يخص فريضة الحج عند المرأة بأن أتاحت سفر المرأة بدون محرم لها بشرط وجودها مع مجموعة نساء. وما زالت المرأة تحقق إنجازات كثيرة على جميع الأصعدة في ظل تمكينها لأمور كثيرة كانت ممنوعة عنها من قبل ومثلت إعاقة لها. .-فيا كل امرأة في وطني ، أنت لست نصف المجتمع كما وصفوك فأنت الكون كله… فبإبداعك ووعيك وثقافتك وفكرك وجهدك وصبرك وجمال روحك أعطيت الحياة طعمها ووجودها وسر خلودها وديمومتها.