الحدث – القاهرة
للأمم تاريخ من الأحداث يمثل محطات رئيسة في مسيرتها السياسية وحياة شعوبها، وهذا ما تعيشه فنزويلا في الأسبوع الأخير من شهر يوليو الجارى وتحديدا في 28 يوليو 2024، حيث يحتفل الفنزويليون بالذكرى السبعين لميلاد قائدهم هوجو تشافيز، والذى يمثل رمزا وطنيا لعب دورا رئيسا في تغيير المجتمع الفنزويلي، وفى ذات اليوم يعيش الشعب الفنزويلي لحظة حاسمة في تاريخه المعاصر وهو يوم الانتخابات الرئاسية التي يخوض فيها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو استحقاقا رئاسيا، يشارك فيه عشرة (10) مرشحين بعد انسحاب ثلاثة مرشحين لصالح مرشحين آخرين، كما يشارك فيه سبعة وثلاثين (37) حزبًا سياسيًا، يمثلون الطيف الوطني بأكمله أيديولوجيا وسياسيا.
وبعيدا عن حالة الجدل التي يحاول البعض ان يثيرها بشأن النظام الانتخابي الفنزويلي، يجدر تسجيل ملاحظتين مهمتين:
الأولى، تتعلق بالضوابط الدستورية والقانونية الناظمة للعملية الانتخابية، بدءا مما نص عليه الدستور الصادر عام 1999، والذي اقر أن يكون “انتخاب الرئيس بالاقتراع العام المباشر والسري، وفقا للقانون”. مع الالتزام بالإطار القانوني المرسوم وفقا لاتفاقية بربادوس، وهي نتاج الحوار الذي رعته الحكومة البوليفارية مع ما يسمى بمنصة الوحدة المعارضة الفنزويلية. حيث تم في 17 أكتوبر 2023، توقيع الطرفان في بربادوس على الاتفاق الجزئي بشأن تعزيز الحقوق السياسية والضمانات الانتخابية للجميع، والذي ينص على إجراء التصويت في النصف الثاني من العام، وتحديث السجل الانتخابي، وإجراء كافة عمليات التدقيق المقررة في النظام الانتخابي الفنزويلي والمراقبة الدولية وفقا للقانون ومبادئ الحياد وعدم التدخل. هذا إلى جانب الالتزام بما ورد في الاتفاق الموقع في 20 يونيو 2024، بين أغلبية المرشحين على “اتفاق الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية يوم 28 يوليو 2024″، الذي رعاه المجلس الانتخابي الوطني، مع الالتزام الصارم بالدستور والقانون الأساسي للسلطة الانتخابية، والقانون الأساسي للعمليات الانتخابية وغيرها من القوانين التي تحكم الانتخابات المقررة، والتي التزم فيها الموقعون على التنافس في مناخ يسوده الاحترام والسلام والمشاركة الديمقراطية، حتى لا يتم التدخل في إرادة الشعب الفنزويلي أو تجاهلها بارتكاب اعمال عنف خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والأيام التالية لها، وذلك وفقًا لأحكام اتفاقيتي بربادوس وكراكاس؛ وفي الوقت نفسه طالبوا حكومات العالم احترام سيادة الدولة وحقها في تقرير مصيرها.
أما الملاحظة الثانية تتعلق بالواقع التي تعيشه فنزويلا اليوم وما يشعر به المواطن الفنزويلي من خلال اللقاءات المباشرة معهم، حيث عبروا عن رؤيتهم بشأن المشاركة في هذا الاستحقاق من خلال نظرتهم لأوضاعهم الاقتصادية التي شهدت تحسنا ملحوظا وفقا للنتائج التي حققها برنامج الانتعاش الاقتصادي الذي كان قد طرحه الرئيس نيكولاس مادورور في أغسطس 2018، ذلك البرنامج الذي ارتكز على أربعة منطلقات رئيسة: توسيع تحصيل الضرائب، تحفيز الإنتاج الوطنى، تعزيز الصادرات غير التقليدية، دعم رواد الاعمال.
واليوم مع انطلاق الانتخابات الرئاسية التي يخوضها الرئيس مادورو تحت شعار “فنزويلا تتعافى”، يشير الواقع إلى ان فنزويلا تشهد بالفعل تعافى كبير في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات: سياسيا، فاليوم يخوض الاستحقاق الرئاسي 10 مرشحين لديهم كامل الحرية في الحركة وعقد اللقاءات والمناقشات وطرح البدائل مما يمثل مسارا ديمقراطيا حقيقيا تعيشه فنزويلا اليوم. اقتصاديا، فقد حققت فنزويلا خلال الربع الأول من هذا العام 2024 اعلى معدل نمو في المنطقة مسجلة 7%، كما تراجع معدل التضخم ليسجل في يونيو الماضى 2024 ما يقرب من 1% وهو اقل معدل تضخم تحقق منذ 39 عاما الامر الذى من شأنه تعزيز دخول المواطنين وزيادة قدرتهم الاستهلاكية، كما شهدت العملة الوطنية استقرارا في قيمتها، إلى جانب نجاح الدولة في تشجيع رجال الاعمال والبالغ عددهم اليوم أكثر من مليون رجل اعمال إلى جانب وجود أكثر من 60 ألف علامة تجارية جديدة بما يعزز من تنوع المنتجات امام المواطنين، ويظل النجاح الأكبر هو ما حققته فنزويلا في مجال السيادة الغذائية حيث تعتمد على الإنتاج الوطنى بنسبة 96% من المواد الغذائية. اما على المستوى الاجتماعى، فقد نجحت الدولة بفضل تلك العوائد المحققة أن تزيد من دعم وحماية الاسر الفنزويلية وتوفير الاحتياجات الأساسية لها ولابناءها، فضلا عن زيادة معدلات فرص العمل بفضل فتح المجال امام رجال الاعمال.
نهاية القول إن الاستحقاق الرئاسي المزمع اجراؤه في 28 يوليو القادم رغم تنافسية المرشحين وشدة الحملات الانتخابية، إلا أن القراءة الأولية تؤكد على ان الفوز سيكون من نصيب الرئيس نيكولاس مادورو لأسباب بعضها يتعلق بالواقع الفنزويلي وما تحقق كما سبق الإشارة، وبعضها الاخر يتعلق بضعف مستوى المرشحين وخبراتهم أمام خبرة الرئيس مادورو، وأهم هذه الأسباب الثقة السياسية التي يتمتع بها الرئيس مادور لدى مختلف أبناء الشعب الفنزويلي بما يجعل هذه الثقة هي مفتاح النجاح للرئيس مادور للفوز في هذه الانتخابات التي تمثل نقطة تاريخية مهمة في مسيرة الدولة الفنزويلية.