الأحد 24 نوفمبر 2024
القاهرة °C

رجل أربعيني

هيثم رفعت

بعد الأربعين و بضع حرائق
ستكبر فيروز
و تكتمل حدائقها
و تتدفق كل أنهارها
حتى تشرب من ضحكتها
كلّمَا قتلكَ الظمأ
أي رجل أربعيني اتسعت مجرات حزنه
بحاجة إلى فراشة آتية من الفردوس
لها طلة الله
.. .. ..
بعد الأربعين وبضع حرائق
سيغزوكَ الهدوء بلا رحمة
ستشتاق لحماقاتكَ القديمة
و لتلك الفوضى
التي تبعثر بها الريح
حين تختار لقدميكَ طريقاً آخر
غير الذي يبحث عنكَ
لتصطدم بنجمةٍ فاتنة
تسير في اتجاه حنينكَ
ظهرت من قبل في نص ما !
.. .. ..
بعد الأربعين و بضع حرائق
ستحتاج لكَ الكثير من الجرائد والفراغ
الجرائد … كي تقرأ ما لم تقرأهُ
عن شياطين السياسية وعن ملائكة الصبر
كي تسخر من الأخبار العاجلة
و من حظكَ هذا المساء
ومن انتقال ” مو صلاح ” للزمالك المصري
الفراغ … لتكتشف أن كلَّ أخباركِ المصيرية
و كل ما كنت تنتظره
ليس إلا هوامش للبكاء !
لتكتشف أن مدينة قلبكَ الريفية
سيجرفونها بعدما جف فيها النّيِل
و رحل عنها صباح الأمنيات
.. .. ..
بعد الأربعين وبضع حرائق
ستزوركَ الآم المسيح
و تقلبكَ على جمر التأمل
حينها ستبحث عن رداء آخر
غير رداء جسدكَ ،
سيخف وزنكَ
كي تتحرر من أغلال الجاذبية
لن يزعجكَ أن تخسر أكثر
و أن تهلك كل خيول أحلامكَ
في صحراء الانتظار
.. .. ..
بعد الأربعين و بضع حرائق
لحظات الصمت
لحظات حرجة
ستكتب المزيد من المرثيات
عن الوطن الذي ما عاد
يتسع لكل هذا الأنين
عن الحب الذي يتسول في شوارع صماء
عن المرأة التي ستفارقكَ
قبل أن تلتقي بها
.. .. ..
بعد الأربعين وبضع حرائق
ستكتب فيها مرثية أخيرة
لنورسٍ عاشق ارتطم بنافذة المستحيل
لِيَغرق أكثر فأكثر ……
بعدما خذلته سفن الحب القادمة
وكي تجلس قصائده على الشاطئ
تجمع ما تبقى منه
رمال الشاطئ

ماهي إلا رفاة لشاعرٍ حيّ !

to top