الإثنين 25 نوفمبر 2024
القاهرة °C

سجن جزيرة إمرالي تقرير التقييم لعام 2023

الحدث – القاهرة

منذ بدايتة، تأسس معتقل إمرالي ليكون سجناً يحتوي على زنزانةٍ واحدة لسجين واحد فقط ، وذلك انطلاقاً من فكرة “العزلة داخل العزلة”. وحتى نوفمبر 2009، كان موكلنا السيد عبد الله أوجالان هو السجين الوحيد في هذا السجن. وفي عام 2009، وبعد إجراء تجديدات لهذا السجن وتزويده بزنازين إضافية، تم نقل سجناء آخرين إليه. وقد تعرض السجنان للممارسات أشد قسوة مقارن بما واجهوه في السجون التي تم جلبهم منها، ذلك أنهم قد تعرضوا لـ “نظام العزل في سجن إمرالي” İmralı Isolation System، الذي تم تصميمه وتنفيذه خصيصًا للسيد أوجلان. وبعد نوفمبر 2009، كان الشيء الوحيد الذي تغير تحول نظام العزل ضد شخص واحد إلى شكل من أشكال العزل الجماعي. وبعد ست سنوات في إمرالي، تم نقل هؤلاء السجناء إلى سجون أخرى. ثم بدأ موكلانا السيد هاميلي يلدريم Hamili Yıldırım، والسيد عمر خيري كونار Ömer Hayri Konar، والسيد فيسي أكتاش Veysi Aktaş، والسيد نصر الله كوران Nasrullah Kuran، والسيد جيتين أركاش Çetin Arkaş، الذين حَلُّوا محل السجناء الآخرين في 16-17 مارس 2015، يتعرضون لنفس ممارسات العزلة المطلقة والاحتجاز بمعزلٍ عن العالم الخارجي المخصصة للسيد أوجلان وذلك اعتبارًا من 5 أبريل 2015. ولم يتم التواصل معهم منذ حوالي ثلاث سنوات.
ثانيا. الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي: حيث لا دليل واحد على الحياة
يقبع السيد عبد الله أوجلان محتجزاً في زنزانةٍ انفراديةٍ في سجن جزيرة إمرالي منذ 15 فبراير 1999. وقد كان هو السجين الوحيد في هذا السجن المكون من زنزانة واحدة خلال السنوات العشر الأول. ورغم إيداع ستة سجناء آخرين في 17 نوفمبر 2009 لهذا السجن، فقد ظل السيد أوجالان رهن الحبس الانفرادي لمدة 23 ساعة يومياً على مدار الاسبوع، و24 ساعة في عطلات نهاية الأسبوع. وخلال الاثنتي عشرة سنة الأولى، كان حقه في رؤية محامٍ يقتصر على ساعة واحدة في اليوم الواحد على مدار الاسبوع وذ لك بشكل غير قانوني، ودائما ما كانت السلطات تقدم ذرائع مثل “سوء الأحوال الجوية” أو “وجود عطلٍ فني للسفينة الساحلية” وذلك حتى يتم منعه من ممارسة هذا الحق المحدود. ومنذ 27 يوليو 2011 وحتى اليوم، لم يتمكن السيد أوجالان من مقابلة محاميه إلا في خمس مناسبات، وقد جرت كافة هذه اللقاءات في الفترة ما بين مايو وأغسطس 2019. وكان آخر هذه اللقاءات الخمس في 7 أغسطس 2019. ومنذ عام 2014، لم يُسمح له إلا بخمس زيارات لأفراد أسرته، وكان آخر لقاء مباشر مع شقيقه في 3 مارس 2020. ومنذ اليوم الأول، لم يُسمح له بالتواصل مع أقاربه عبر الهاتف إلا مرتين، كانت الأولى في 27 أبريل 2020 و25 مارس 2021. وقد انقطعت آخر مكالمة هاتفية في 25 مارس 2021 بعد وقت قصير من بدايتها، وتعذر إعادة الاتصال، ولم يُسمع شيئاً عن السيد أوجلان منذ ذلك اليوم.
تم نقل السيد جيتين أكتاش Çetin Aktaş والسيد نصر الله كوران Nasrullah Kuran، اللذين تم نقلهما إلى إمرالي يومي 16 و17 مارس 2015، إلى “سجن مرمرة” المغلق بغير إرادتهما في 26 ديسمبر 2015، بحيث بَقي ثلاثةُ سجناء خارج السيد أوجلان في سجن إمرالي. ولم يُسمح لموكلنا هاميلي يلدريم بلقاء محاميه ولو مرة واحدة منذ 29 مارس 2015 عندما تم نقله إلى سجن جزيرة إمرالي. وعلى مدار الثماني سنوات الأخيرة، لم يسمح له إلا زيارتين فقط من أفراد العائلة. وكان آخر اتصال مباشر له مع أحد أقاربه قد أُجري في 12 أغسطس 2019. ولم يتم منحه حق الاتصال بعائلته عبر الهاتف إلا مرتين، كانت الأولى في 27 أبريل 2020 و25 مارس 2021 على التوالي، ولم نتلقى منه أي اتصال منذ 25 مارس 2021.
لم يُسمح لموكلنا عمر خيري كونار بلقاء محاميه ولو مرة واحدة منذ 16-17 مارس 2015 حين تم نقله إلى سجن جزيرة إمرالي. ولمدة ثماني سنوات، لم يتمكن من استقبال زيارات من أفراد العائلة إلا في ثلاث مناسبات فقط. وقد كان آخر اتصال مباشر معه قد أجري خلال زيارة عائلية في 3 مارس 2020. ومنذ أن تم إيداعه في سجن إمرالي، لم يتمكن من التواصل مع العالم الخارجي عبر الهاتف إلا مرة واحدة فقط، حيث تم السماح له بمكالمة هاتفية لمرة واحدة في 27 أبريل 2020 وذلك خلال جائحة كوفيد – 19. أما فيما يتعلق بالمكالمة الهاتفية المقرر إجراؤها في 25 مارس 2021، فقد أَبلغَ مكتب المدعي العام العائلة أن السيد كونار رفض الحضور لإجراء المكالمة الهاتفية احتجاجًا على ظروف احتجازه. ولم يجري أي اتصال منذ 27 أبريل 2020.
لم يتم السماح لموكلنا فيسي أكتاش بلقاء محاميه إلا مرة واحدة منذ 16-17 مارس 2015 حين تم إحضاره إلى سجن إمرالي. ولمدة ثماني سنوات، لم يتمكن من استقبال زيارات لأفراد العائلة إلا في ثلاث مناسبات فقط. أما آخر اتصال مباشر معه فقد أُجري خلال زيارة عائلية في 3 مارس 2020. ومنذ أن تم إحضاره إلى سجن إمرالي، لم يتمكن من التواصل مع العالم الخارجي عبر الهاتف إلا لمرة واحدة فقط، وكانت بتاريخ 27 أبريل 2020 بسبب جائحة كوفيد-19. أما فيما يتعلق بالمكالمة الهاتفية المقرر إجراؤها في 25 مارس 2021، فقد أبلغ مكتب المدعي العام العائلة أن السيد أكتاش رفض الحضور المكالمة الهاتفية احتجاجًا على ظروف احتجازه، ولم يجري أي اتصال منذ 27 أبريل 2020.
ثالثا. الطلبات والشكاوى والقيود المستمرة على الحق في التواصل والزيارة لعملائنا
يتم تقديم الطلبات بانتظام كل أسبوع من قِبَل أفراد العائلة والمحامين إلى مكتب المدعي العام الرئيسي في مدينة “بورصة”، وهو المسؤول عن سجن جزيرة إمرالي، وإلى مديرية مؤسسة إمرالي العقابية ذات الحراسة والقيود المشددة من الفئة F. وخلال عام 2023، تم تقديم ما مجموعه 110 طلبات لزيارة المحامين و59 طلبًا للزيارات العائلية إلى لكافة الجهات المعنية التي تجاهلت جمعيها هذه الطلبات تماماً. ومن بين هؤلاء، تم تقديم 14 محاميًا و10 طلبات عائلية فيما يتعلق بالزلزال الكبير الذي هزَّ تركيا في فبراير 2023، ولكن حتى في ظل هذه الظروف، التي يعلن فيها القانون أن حقوق الزيارة إلزامية، لم تسمح السلطات بأي حق الزيارة للعائلة أو للمحامين.
كما أنه من غير المعلوم ما إذا كان عملاؤنا قد تلقوا الرسائل التي أرسلناها إليهم خلال عام 2023،م حتى أنه لم يصلنا أي رسالة مكتوبة من العملاء. بالإضافة لذلك، فقد استمر منع عملائنا من ممارسة حقهم في التواصل عبر الهاتف طوال عام 2023، حتى وإن كان القانون ينص على ذلك الحق باعتباره إلزاميًا، في حالات مثل وقوع زلزال.
لقد تسببت الزلازل الذي وقع 6 فبراير 2023 وتوابعها، والذي كان مركزه في محافظة “كرمان مرعش”، في خسائر كبيرة ودمار في عشر محافظات في جنوب شرق تركيا هي (كرمان مرعش، أديامان، هاتاي، عثمانية، أضنة، أورفا، غازي عنتاب، ألازيغ وملاطية وديار بكر). وقد كان بعض أفراد أسرة صاحبَي البلاغ يقيمون في هذه المناطق، حيث تأثروا بشكل مباشر بن هذا الزلازل. وحتى يتمكن عملاؤنا من الحصول على معلومات سليمة حول وضع أقاربهم، قدمنا 12 طلبًا لزيارة المحامين و9 طلبات للزيارات العائلية بشكل يومي بداية من 6 فبراير إلى 17 فبراير إلى مكتب المدعي العام في بورصة ومديرية سجن إمرالي . ومع ذلك، لم يتم لم نتلق أي ردٍ على أي من هذه الطلبات. كما لم يتم السماح للسجناء بالاتصال بأسرهم عبر الهاتف أو الرسائل أو حتى الفاكس، كما يُتَطَّلب في مثل هذه الحالات بموجب القانون رقم 5275. وقد قدَّمنا بالفعل شكوى إلى محكمة التنفيذ في بورصة، حيث قمنا بتذكير المحكمة بهذه الظروف الخاصة. لكن محكمة التنفيذ لجأت إلى مبرراتها الروتينية لرفض طلباتنا، وقالت إن “العقوبة التأديبية ومنع زيارة المحامين لا تزال سارية”، وكانت تقوم بذلك وكأن الزلزال لم يحدث بالأساس. وبعد أن تم رفض الطعون التي قدمناها ضد هذه القرارات غير القانونية أيضًا، قمنا برفع القضية إلى المحكمة الدستورية حيث لا تزال قيد النظر.
بعد الزلزال المزدوج الذي وقع بتاريخ 6 فبراير، فقد أصبح الاحتمال الكبير لحدوث زلزال كبير في بحر مرمرة موضوعاً رئيسياً في الأخبار وبين الجمهور. وقد ظهر الخبراء علناً لتقديم آرائهم وتقاريرهم. ووسط هذه المناقشات، وقع زلزال بقوة 5.1 درجة في منطقة “خليج جمليك” في الرابع من ديسمبر 2023. وقد ذكرنا هذا الظرف العاجل في طلباتنا المقدمة إلى مكتب المدعي العام الرئيسي في بورصة ومديرية سجن إمرالي في أيام 5 و7 و8 ديسمبر 2023. ومع ذلك، لم نتلق أي ردٍ على طلباتنا بعقد اجتماعٍ فوريٍ مع عملائنا للاطمئنان على سلامتهم وتفقد أحوالهم. وبعد ذلك مباشرة، وقع زلزال آخر بقوة 3.0 درجة، كما وقع مؤخرًا، (في 17 ديسمبر)، زلزالٌ بقوة 4.1 درجة في منطقة “جينارجيك يالوفا”. في ضوء المعلومات المتاحة للجمهور بعد هذه الزلازل، فقد أصبح من الضروري النظر في وضع الموقع الجغرافي لسجن إمرالي من حيث مدى تعرضه لمخاطر الزلازل.
لقد استمر منع الزيارات العائلية على أساس العقوبات التأديبية، والتي يتم فرضها لأسباب واهمة وتتكرر كل ثلاثة أشهر، دون انقطاع في عام 2023. وبما أن السلطات توقفت عن الإشارة إلى تاريخ وعدد العقوبات التأديبية، فقد أصبح من الممكن تنفيذها لفترة أطول يمكن مراقبتها وأصبحت مجرد مسألة تخمين. فعلى مدار العام، ورغم كافة الطلبات التي تقدمنا بها، إلا أنه تم تنفيذ الإجراءات التأديبية وتنفيذ العقوبات التأديبية سرًا عنَّا نحن المحامين، أما بالنسبة لطلباتنا بتخصيص الملفات ذات الصلة في نظام القضاء الإلكتروني والوصول إلى الأدلة والمنطق فقد تم رفض هذه الوثائق. بالإضافة لذلك، وللحيلولة دون الحصول على الحقوق الدستورية لعملائنا كالحق في الاستئناف واللجوء إلى سُبُل الإنصاف القانونية، فقد تم سحب كافة الإجراءات من أي رقابة قانونية. وعندما تزامنت اعتراضاتنا مع فترات الاعتراض بالصدفة، فإن السلطات لم تعالجها أو تتعامل معها وأبقتها قيد الانتظار. وهكذا، فقد تم إنها الإجراءات بشكل غير قانوني من خلال عملائنا الذين انقطعوا عن جميع العلاقات مع العالم الخارجي ولم يتمكنوا من الحصول على الدعم القانوني. وبالتحايل على القانون، أقاموا نظاماً عقابياً متعدد خبيث ومتعدد المستويات. وعبر تقديم تفسيرات ومبررات غير ذي صلة بغرض تقييد الزيارات العائلية (مثل المشاركة في الأنشطة الرياضية)، حيث فرضت السلطات حظرا يفتقر إلى أي أساسٍ قانونيٍ أومادي. وفي حين أنه بالإمكان أن يتم تقييد المشاركة في الأنشطة الرياضية في حالة وجود “خرق للانضباط” أثناء النشاط الرياضي، إلا أنه من غير القانوني أن يتم استخدام ذلك كمبرر لتقييد الزيارات العائلية وزيارات المحاميين، التي لا علاقة لها بهذا الأمر. إضافة إلى ذلك، ورغم من العائق المطلق الذي تفرضه الفقرة 3 من المادة 43 من القانون رقم 5275 والتي تنص على أنه “لا يطبق حكم هذه المادة في الاجتماعات مع الجهات الرسمية والمختصة والمحامين والممثلين القانونيين”. وقد تم تطبيق الحكم بما يشمل الممثل القانوني أي الوصي عليه. ومن خلال هذا النوع من الإجراءات، قام المسؤولون في السلطات الإدارية والقضائية بدور المشرعين. وفي هذا قمنا بتقديم طلب إلى المحكمة الدستورية للاحتجاج ضد الأشكال الممنهجة للتعذيب والانتهاكات للحقوق التي تنطوي عليها هذه العقوبات التأديبية.
لقد استمر الحظر على زيارات المحاميين لمدة ستة أشهر، حيث فرضه قاضي التنفيذ في بورصة في عام 2022 في عام 2023. وفي 27 أبريل 2023، تم تقديم طلب إلى قاضي التنفيذ في منطقة بورصة من أجل زيارة موكلينا في إمرالي بمجرد انتهاء هذا الحظر. ومع ذلك، فقد علمنا أنه قد تم فرض حظرٍ جديدٍ لمدة ستة أشهر على زيارات المحامين في اليوم السابق. وعلى ذلك قمنا بتقديم طلبٍ جديدٍ إلى المحكمة بشأن زيارات المحامين بتاريخ 30 أكتوبر 2023. وفي هذه المرة، تم إبلاغنا بفرض حظر جديد على زيارات المحامين لمدة ستة أشهر على موكلينا في اليوم التالي لطلبنا أمام محكمة التنفيذ في بورصة. وفي كلا الطلبين، فقد قدمنا دفعاً بأن إدارة السجن ومكتب المدعي العام لم يستجيبوا أبدًا لطلبات الزيارة التي قدمناها، وأن أوامر الحظر قد انتهت، بل أن الحظر المذكور وغيره من ظروف احتجاز موكلينا إنما تتعارض مع قوانين حظر التعذيب والانتهاكات، لذا ينبغي السماح لهم فوراً بالاتصال بمحاميهم. وبجانب هذه الطلبات والشكاوى، فقد طالبنا بأن يقدموا لنا الأساس الذي قام عليه الحظر وأسبابه، وتخصيص الملفات ذات الصلة لنا في النظام القضائي الالكتروني، لكن هذه الطلبات قد تم رفضها أيضاً. ثم تقدمنا بعد ذلك بطلب إلى المحكمة الدستورية ضد الحظر المفروض على زيارات المحامين، لكن تم رفضها بغير أي سند أو أسسٍ قانونية، لكنها استندت فقط على دواعٍ أمنية عامة ومجردة وغير متوقعة، حيث يتم تنفيذها سراً، ويمنع عنها أية مراجعة قانونية، الأمر الذي يجعل ظروف الاحتجاز غير إنسانية.
منذ عام 2015، قدمنا نيابة عن موكلينا عشرات الطلبات إلى المحكمة الدستورية. وقد أدت المماطلة إلى تحييد أية آثار محتملة لجميع هذه الطلبات. كما تم تقديم العشرات من الطلبات خصيصًا من أجل وضع حَدٍّ للحبس الانفرادي الذي يخضع موكلونا، مثل الطلبات المتعلقة بمنع الزيارة والعقوبات التأديبية التي لا أساس لها من الناحية المادية والقانونية، بالإضافة إلى حظر الهاتف، والتي لا تزال معلقة لأكثر من تسع سنوات، ولم تصدر المحكمة الدستورية على 23 وعشرين من هذه الطلبات بعد. وفي هذه الأثناء، ففي نهاية شهر مارس وبداية أبريل، أي خلال فترة قصيرة، تم إخطارنا ببيانات وزارة العدل المعارضة بخصوص هذه الطلبات. ففي الظروف العادية، فإن ثمة فترة للاستجابة مدتها 15 يومًا لأي حزب للتعليق على رأي الوزارة في الطلبات المقدمة إلى المحكمة الدستورية. وقد أرسلت لنا المحكمة الدستورية ملاحظات الوزارة بشأن 23 قضية منفصلة في نفس الوقت تقريبًا، على أساس أن نرد عليها في غضون اسبوعين إلى ثلاثة اسابيع. ورغم أن المحكمة الدستورية لم تمنحنا الوقت الكافي، إلا أننا تمكنا من تقديم ملاحظاتنا على ملاحظات الوزارة.
رابعا. الطلبات والشكاوى الأخرى
بالإضافة إلى الطلبات المقدمة على المستوى المحلي، فقد تم تقديم ثمانية طلبات إلى المحكمة الدستورية بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بسجن إمرالي في عام 2023. ويتعلق أحد هذه الطلبات بحرمان موكلينا من حقوقهم في الزيارة والتواصل بعد الزلزال رغم المتطلبات القانونية الصريحة في هذا الصدد. في حين تتعلق أربعةٌ منها بالحرمان من الزيارات العائلية، وتعلق اثنان منهم بمنع زيارات المحامين. وأخيرًا، ففي 6 سبتمبر 2022، ذكّرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تركيا “بالسماح لها بالاتصال الفوري وغير المقيد بمحام يتم اختياره من جانبهم”. وبما أن الطلبات المقدمة إلى الإدارة والمحكمة لتنفيذ هذا الطلب ظلت دون جدوى، فقد تم تقديم طلب إلى المحكمة الدستورية بسبب عدم تنفيذ طلب التدابير المؤقتة.
بالتوازي مع طلبات لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فقد طالبنا قاضي التنفيذ في بورصة بوضع حدٍ للاحتجاز الانفرادي لموكلينا والسماح لهم بالاتصال الفوري وغير المقيد بمحام من اختيارهم. ومع ذلك، ردت المحكمة على تأكيد لجنة الأمم المتحدة على الوصول “غير المقيد” بالإشارة إلى القرار الخاص بـ “تقييد حق السجناء في رؤية محاميهم لمدة ستة أشهر”. وبعبارة أخرى، فقد أعلنت الهيئة القضائية أن تقييد لقاءات المحامين بموكليهم سيستمر، متجاهلة تمامًا طلب اللجنة. وبالتالي، فإنه يعتبر متفوقًا على معاهدات الأمم المتحدة، المعترف بها في الدستور، وهو أمرٌ تقييدي ليس له أي أساس مادي أو قانوني، ويفرض على موكلينا بناءً على دواعٍ أمنية عامة ومجردة. وقد تقدمنا بطلبٍ إلى المحكمة الدستورية للطعن على هذه العوائق التي ادعى بها القضاء، متوقعين كيف سوف تحكم المحكمة في هذه القضية في ضوء المادة 90 من الدستور. لكن على الرغم من أن طلبنا الفردي، والذي يشكل أساس الطلب الذي قدمته لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أجل اتخاذ تدابير مؤقتة، ظل معروضًا على المحكمة الدستورية لأكثر من عامين، إلا أن المحكمة الدستورية لم تَبِت بعد في موضوع الطلب. في 19 يناير 2023، جدد المجلس طلباته، على أمل أن تمتثل الحكومة له. لقد رفضت المحكمة الدستورية التدخل، بل وأرجأت حكمها بشأن الأسس الموضوعية لطلبنا وهو ما يمثل دليلاً على المأزق القانوني المحيط بسجن إمرالي، كما أن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قد طلبت من تركيا إستعادة الاتصال بين موكلينا بمحامفيهم على الفور. لكن المحاكم المحلية لم تأمر بأية إجراءات مؤقتة، وقد كان علينا في النهاية تقديم طلبٍ ثانٍ إلى المحكمة الدستورية لوضع حد للانتهاكات المستمرة.
في 6 يناير 2023، قدمنا شكوى إلى اتحاد نقابات المحامين التركية بشأن منعنا من زيارة موكلينا في سجن إمرالي ومن القيام بأنشطتنا المهنية بشكل عام. وفي الشكوى، طالبنا النقابة بمتابعة الطلبات والمبادرات اللازمة لرفع الحظر لمدة 11 عامًا على زيارات المحامين فيما يتعلق بموكلينا في سجن إمرالي، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد ومتابعة ومنع الممارسات في المتابعة، أي متابعة العمليات القانونية المتعلقة بتمثيل المحامين التي تخالف القانون وتمنع المحامين من ممارسة مهنتهم. ومع ذلك، فقد فشل اتحاد نقابات المحامين في تركيا في اتخاذ إجراءات فعالة فيما يتعلق بممارسة مهنة المحاماة وإنهاء ظروف التعذيب في إمرالي.
إن ظروف العزلة المطلقة والحبس الانفرادي لا تنشأ عن لوائح قانونية ودستورية. ففي رسالة تم إرسالها إلى وزير العدل بتاريخ 14 مارس 2023، تم التنبيه لحقيقة أن سجن جزيرة إمرالي يقع خارج النظام القانوني، وقد تم تذكير الوزارة بمسؤوليتها عن هذا الوضع غير القانوني. كما طالبنا الوزارة بالتأكد من تطبيق سيادة القانون واستيفاء المتطلبات القانونية. ومع ذلك، لم يحدث أي تغيير في الواقع. فمن الواضح أن القرارات والممارسات الإدارية و”القضائية”، التي تنطوي على انتهاكات التشريعية المحلية والتي توفر غطاءً للحبس الانفرادي لموكلينا (تصل في هذه المرحلة إلى ثلاث سنوات تقريبًا)، بما يمثل شكلاً من أشكال إساءة استخدام السلطة والواجب.
لا يوجد في الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الجمهورية التركية، ولا حتى في التشريعات الوطنية أي لوائح تبرر احتجاز موكلينا بمعزل عن العالم الخارجي. ذلك أن القائمين على تنفيذ هذا الوضع المخالف لكافة الالتزامات الدولية السلبية والإيجابية وكذلك اللوائح الدستورية والقانونية، إنما يرتكبون جرائم “إساءة استخدام الواجب”، و”منع ممارسة الحقوق”، و”انتهاك حظر التعذيب”. إلا أن الشكاوى التي قدمناها إلى المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين ضد المسؤولين لم يتم النظر فيها، كما رُفِضَت الطلبات والاحتجاجات التي قدمناها من أجل إعادة النظر في هذا القرار في عام 2023.
أعلنت اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب CPT أنها أعدت تقريرها عن زيارتها لسجن جزيرة إمرالي في 22 سبتمبر 2022 وقدمته إلى الحكومة في 20 مارس 2023. لكن من غير المعروف ما إذا كانت تركيا قد استجاب لتقرير اللجنة أم لم تستجب حتى اليوم، ولم تصدر اللجنة أي بيان بشأن ذلك الأمر. وفي عام 2023، قدمنا أربع رسائل منفصلة إلى اللجنة الأوروبية وهي المسؤولة عن منع التعذيب ومناهضة المعاملة اللاإنسانية وسوء المعاملة والكشف عنها والقضاء عليها داخل حدود مجلس أوروبا. وفي هذه الرسائل، قدمنا معلومات مفصلة تسلط الضوء على أن ظروف الاحتجاز في سجن جزيرة إمرالي تتجاوز سوء المعاملة، وأن الممارسات التي يتم ارتكابها في ظل نظام السجن المؤبد (المشدد)، والذي ينتهك حظر التعذيب وحظر التمييز قد استمرت بشكلٍ منهجي، وأننا لم يصلنا أي اتصال من موكلينا منذ 25 مارس 2021، كما لا يزال احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي مستمراً، وأن تركيا لم تمتثل لأيٍ من توصيات وطلبات اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب السابقة، حيث كانت الظروف في سجن إمرالي آخذة في التدهور بشكل متواصل بدلاً من أن تتحسن، بالإضافة إلى أن سلامة المباني في سجن إمرالي ينبغي أن تكون عند مستويات أفضل من خلال الكشف عنها وفحصها نظرا لموقعها على خطوط التضدع. ولهذه الأسباب، فقد طلبنا من اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب إصدار بيان عام بشأن الأوضاع في سجن إمرالي، واستدعاء المادة 10/2 من الاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب، وإجراء زيارة فعلية إلى سجن جزيرة إمرالي لمراقبة أوضاع موكلينا في الواقع، وإنهاء الإجراءات ذات الصلة من أجل اتخاذ الإجراءات القسرية سعياً لرفع منع الزيارة وتحسين ظروف الاحتجاز. ومع ذلك، فقد دخل عام 2023 باعتباره عامًا آخر امتنعت فيه اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب عن اتخاذ أي إجراء قسري لمواجهة نظام العزل في إمرالي وظلَّت غير فعالة.
خامساً: عدم تنفيذ حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن أوجلان والإشراف عليها
إن نظام السجن المؤبد (المشدد)، الذي تم فرضه خصيصًا للسيد أوجلان، تنظمه المادتان 25 و107 من القانون رقم 5275. وبناءً عليه، تستمر عقوبة السجن طوال حياة المحكوم عليه ولا تنقطع بأي حال من الأحوال. وفي حكمها رقم 2 الذي أصدرته بشأن أوجالان بتاريخ 18 مارس 2014، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن هذه اللوائح القانونية تنتهك حظر التعذيب، كما نبهت لضرورة تعديل التشريع حتى يكون متوافقاً مع المبادئ القانونية. ثم تم تقديم طلبات تنفيذ هذا الحكم مع طلب التقدم إلى المحكمة الدستورية لإلغاء المادة 107/16 من القانون رقم 5275 والمادة 17/4 من القانون رقم 3713، اللتين تمنعان الإفراج المشروط بسبب عدم دستوريتهم. وفي النهاية، وكما قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكمها، فقد تم احتجاز السيد أوجلان في ظروف تتعارض مع حظر التعذيب لمدة 25 عامًا. ولذلك، طلبنا إعادة النظر في الحكم الصادر بحقه من الناحية الاجتماعية والسياسية والقانونية دون مزيد من التأخير، وإتاحة فرصة حقيقية للإفراج عنه. ومع ذلك، تجاهل قاضي التنفيذ النتائج والتقييمات التي توصلت إليها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن انتهاك الاتفاقية ورفض الطلب، كما تم رفض الاستئناف على هذا القرار. وبعد ذلك، تم تقديم طلبٍ بشأن الطلبات إلى المحكمة الدستورية نفسها، والتي لا يزال قيد النظر.
في أعقاب حكمها رقم 2 في قضية أوجلان، والتي رأت فيها أن عقوبة السجن المؤبد (المشدد) التي تعني سجن المدانين مدى الحياة تنتهك حظر التعذيب، وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن ثمة انتهاكات مماثلة في قضية “كايتان” ضد تركيا، و”جوربان” ضد تركيا، و”بولتان” ضد تركيا. حيث أُدْرِجَت هذه القضايا الأربع في الإجراءات الإشرافية للجنة وزراء مجلس أوروبا، لكن لم يتم إدراجها على جدول أعمال اللجنة لمدة ثماني سنوات، وذلك رغم عدم امتثال تركيا للأحكام. في عام 2021، قدمت إدارة الحرب الخاصة ÖHD ومؤسسة حقوق الإنسان في تركيا IHD والمكتب التمثيلي لمؤسسة حقوق الإنسان في تركيا TIHV ومؤسسة أبحاث المجتمع والقانون في تركيا TOHAV بلاغًا إلى اللجنة وفقًا للقاعدة 9.2 من النظام الداخلي على أساس أن تركيا قد فشلت في تنفيذ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبالمثل، فقد تم تقديم البلاغات نيابة عن السيد أوجلان في الأعوام 2016 و2017 و2018 و2019 و2022 ويناير 2023 وذلك فقاً للمادة 9.1 من النظام الداخلي للجنة الوزراء. وقد تضمنت هذه الرسائل ملاحظات ونتائج وتفسيرات مفصلة بشأن فشل تركيا في اتخاذ تدابير فردية وعامة بما يتماشى مع حكم المحكمة. وبعد تقديم كلٍ من القاعدة 9.1 والقاعدة 9.2، قرَّرت اللجنة إدراج جميع الأحكام الأربعة في جدول أعمالها.
21. في قراراتها المؤقتة لاجتماعها المنعقد في الفترة من 30 نوفمبر إلى 2 ديسمبر 2021، أكدت لجنة وزراء مجلس أوروبا، المكلفة بضمان وقف الانتهاكات الواردة في الحكم المَعْنِي، من جديد أن انتهاك حظر واستمر التعذيب، وأن أحكام السجن المؤبد الصادرة على مُقدمي الطلبات لا تزال غير قابلة للتخفيض, وذلك على الرغم من التوصيات الواردة من المحكمة، وأن تركيا لم تشارك المعلومات المتاحة بشأن هذا الموضوع، وأنها أيضاً لم تمتثل لمتطلبات الحكم. وعلى هذا، فقد أعلنت اللجنة – أيضاً – أنه ينبغي اتخاذ التدابير التشريعية وغيرها من التدابير المناسبة دون تأخير لضمان إنشاء آلية لإعادة النظر في عقوبة السجن المؤبد المشددة بعد فترة قصيرة محددة والسماح بالإفراج عن المدانين لأسباب جزائية، وقد طلبت من تركيا تقديم معلومات عن عدد السجناء المدانين والأشخاص المحتجزون الذين يقضون حالياً أحكاماً بالسجن مدى الحياة غير قابلة للتخفيض وغير قابلة للمراجعة. كما تم تشجيع تركيا على الاستفادة من الأمثلة الجيدة للإصلاحات المعتمدة في الدول الأعضاء الأخرى. وفي ضوء هذه القرارات، طُلب من تركيا اتخاذ الخطوات اللازمة على الفور وإبلاغ اللجنة بهذه الخطوات بحلول سبتمبر 2022.
دافعت تركيا بوضوح عن نظام السجن المؤبد (المشدد) في خطط عملها السابقة وفي رسائلها لعام 2022، وقد أظهرت عزمها على عدم تغيير التشريعات، مما يعني أن الظروف التي تنتهك حظر التعذيب سوف تستمر. في حين لم تقدم أي رد بخصوص الطلبات الأخرى التي كان مطلوبا منها الرد عليها. ومع دخول “عملية الإشراف” للجنة الوزراء التابعة لمجلس أوروبا عامها العاشر، فإن تركيا لا تزال بعيدة عن متابعة الالتزامات التي تعهدت بها بموجب المادة 46 من الاتفاقية.
في 26 يناير 2023، قدمنا رسالة أخرى إلى اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا، ندعو فيها اللجنة إلى متابعة القرارات المؤقتة التي تم اعتمادها في اجتماع نوفمبر – ديسمبر 2021، لإعلان قرارات مؤقتة أكثر حسماً بشأن الإجراءات اللازمة والتدابير الهيكلية، وذلك لحث الحكومة على اتخاذ تدابير عامة تشمل تدابير فردية على الفور، ومطالبة الحكومة بتقديم خطة عمل جديدة مناسبة لمعالجة الانتهاك الموجود في حكم المحكمة بشكلٍ حقيقي، وإطلاق إجراء انتهاك ضد تركيا بما يتماشى مع المادة 46 (4) من الاتفاقية لفشلها في اتخاذ أي خطوات نحو اعتماد تدابير عامة على مدى تسع سنوات. ومع ذلك، وخلافًا لروح حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فقد تجاهل مجلس الوزراء طلباتنا طوال العام.
من ناحية أخرى، وطوال عام 2023، كانت هناك حركات احتجاجية وحملات توقيع ومسيرات مختلفة بما في ذلك “مسيرة جيمليك” بالإضافة إلى بيانات صحفية وحلقات نقاش ومؤتمرات وورش عمل، ومؤخرًا إضرابات عن الطعام ووقفات احتجاجية من أجل العدالة لمعارضة الظروف في إمرالي والسياسات التي تعم البلاد والتي تجد أصلها في السجن. وفي الوقت الراهن، تتواصل الإضرابات عن الطعام والوقفات الاحتجاجية المطالبة بـ “الحرية لعبد الله أوجلان والحل الديمقراطي للمسألة الكردية”.
في الأوقات التي تنقلب فيها الحقيقة رأساً على عقب، فإنه من الأهمية بمكان أن نحدد مصدر وآليات العقلية التي تفضل الجمود السياسي المطول في المسألة الكردية بشكل صحيح، وأن نفهم إلى أي الاتجاهات يمكن أن ندير رؤوسنا من أجل مستقبل حر وديمقراطي. ومنذ عام 1993، بذل السيد أوجلان جهداً كبيراً وعمل على حل المسألة الكردية من خلال الوسائل الديمقراطية. وعلى مدى 25 عاماً في إمرالي، حافظ السيد أوجالان على إرادته وتصميمه على ضمان الحل الديمقراطي للمسألة الكردية على أساس القانون الدولي. وعند أي فرصة متاحة، كان يدعو الجمهور ويقدم مقترحاته ويعلن استعداده للحل الديمقراطي. كما أنه اختار الحوار والتفاوض لحل القضية الكردية والمشاكل الاجتماعية المرتبطة بها عبر الطرق السلمية والديمقراطية. لكن رغم ذلك، تواصلت سياسات الجمود التي تنتهجها الحكومة، بل وأصبحت أكثر وضوحا.
الخلاصات والنتائج
أولا. يُحكم سجن إمرالي بنظامٍ استثنائي في ظل ظروف استثنائية. حيث يتم تعليق الحقوق والحريات الأساسية باستمرار في سياق انعدام الإشراف القانوني على الإطلاق. كما لم يعد ثمة أي ضمان أو أمن قانوني أو إمكانية التنبؤ. حيث يتم قطع كافة اتصالات السجناء بالعالم، وتتصرف الهيئات القضائية دون حياد أواستقلالية، كما يتم التستر على الإفلات من العقاب الإجراءات والقرارات والتصرفات الجنائية، وتُمْنَع زيارات المحامين والعائلة بشكلٍ غير مسبوق في جميع أنحاء العالم، وكذا الحال بالنسبة للإجراءات ذات الصلة بهذا المنع، حيث تتم هذه الاجراءات بشكلٍ سري، ويُمنَع المحامون من ممارسة وظيفتهم، إذ لم نتمكن من التواصل مع موكلينا منذ ثلاث سنوات، ولا حتى في سياق المبادرات القانونية والإنسانية.
ثانيا. أثبت حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أوجلان رقم 2 بتاريخ 18 مارس 2014 أن نظام السجن المشدد مدى الحياة ينتهك حظر التعذيب منذ لحظة تنفيذه. وفي الحكم نفسه، اعتبرت المحكمة أن عزل أوجلان في سجن إمرالي إنما ينتهك أيضاً حظر التعذيب، حيث أوصت المحكمة السلطات التركية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين ظروف احتجاز أوجلان. وفي المقابل، نجد أن ظروف العزلة قد ازدادت سوءاً حتى وصلت إلى مستوى العزلة المطلقة منذ عام 2015. وهكذا يتعرض موكلنا السيد عبد الله أوجلان لأشد أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية منذ 25 عاماً. كما ينطبق الأمر نسه على موكلينا السيد كونار والسيد أكتاش والسيد يلدريم، الذين تعرضوا لهذه الإجراءات على مدار تسع سنوات منذ مارس 2015، حينما تم إحضارهم إلى السجن.
ثالثا. في تقريرها الصادر بتاريخ 5 أغسطس 2020، اعتبرت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب أن موكلينا محتجزون بمعزلٍ عن العالم الخارجي، مشيرة إلى أن هذا الوضع غير مقبول ويتعارض بشكلٍ واضح مع القانون والمعايير الدولية (أنظر الفقرة 48)، ونصحت السلطات التركية بوضع حدٍ لهذه الظروف. كما وجدت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب أن العقوبات التأديبية المفروضة لتقييد حق السجناء في تلقي زيارات من أفراد العائلة كانت مبنية على أسباب غير مقنعة ومُضَلَّلَة إلى حد ما (أنظر الفقرة 49). حيث كانت اللجنة في السابق قد وجدت بالفعل أن الحرمان من زيارات المحامين منذ 27 يوليو 2011 – باستثناء خمس زيارات استثنائية – إنما كان قرارًا سياسيًا وتدبيرًا مخالفًا للقانون الدولي والمحلي (أنظر: تقرير اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب لعام 2013، الفقرة 18).
رابعا. أخيرًا، وكما يتبين من طلب لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة باتخاذ تدابير مؤقتة في 6 سبتمبر 2022، والذي ذكّرت الحكومة به بعد ذلك في 19 يناير 2023، فإن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لموكلينا في سجن إمرالي ينطوي على شكلٍ من أشكال التعذيب. إن هذه شروط غير مقبولة ويجب إنهاؤها فوراً.
خامسا. رغم أن كل الطلبات التي قدمنا للالتزام بتوصيات اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب وطلبات الأمم المتحدة لاتخاذ التدابير، إلا أنه لم يكن ثمة أي تغيير في الممارسة طوال عام 2023، حيث استمر احتجاز موكلينا بمعزل عن العالم الخارجي دون انقطاع حتى في الحالات التي يتطلب فيها القانون ذلك مثل الزلازل. لذلك، كان عام 2023 عامًا آخر من الحبس الانفرادي المطلق، حيث لم نتمكن من تلقي أية إشارة واحدة على الحياة من جانب عملائنا.
سادساً. إن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لموكلينا على مدار ثلاث سنوات تقريبًا إنما يعد انتهاكًا صارخًا لحظر التعذيب الذي تفرضه المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. بالإضافة لذلك، فقد كانت هناك انتهاكات ممنهجة ومستمرة للحق في محاكمة عادلة بموجب المادة 6، والحق في احترام الحياة العائلة والخاصة، والحق في الاتصال بموجب المادة 8، والحق في سبيل الإنصاف الفعال الذي تتضمنه المادتان 13، و 18، واللتين تحظران التقييد غير المبرر للحقوق والحريات.
سابعاً. إن منع الزيارات العائلية وزيارة المحامين الذي يتم تجديده كل ثلاثة أشهر طوال العام 2023، وكذلك منع زيارة المحامي والتواصل عبر الهاتف والذي يتم تجديده كل ستة أشهر، لا أساس لها من الصحة، وليس لها أي أساس مادي وقانوني. ذلك أنها في الظاهر تمثل “قرارات محكمة أو عقوبات تأديبية”، لكنها في جوهرها ومضمونها تستند إلى المنطق السياسي للحكومة. وباعتبارها ذات قرارات سياسية “غير قانونية”، فإنها لا تستطيع إضفاء الشرعية على الحبس الانفرادي. لكن بخلاف ذلك، فإن حقيقة تنفيذ هذه القرارات معًا وبطريقة تمنع حتى الحد الأدنى من الاتصال بالعالم الخارجي، ما هي إلا دليل على احتجاز موكلينا بمعزل عن العالم الخارجي، حيث تنطوي على آلية غير قانونية وسرية بحكم الأمر الواقع خاصة باعتقال موكلينا في سجن إمرالي بناء على التعاون السري بين الحكومة والسلطات والقضاء.
ثامنا. إن العُزْلةَ المطلقة والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي الذي يتعرض له عملائنا لا يتعارض مع المعايير القانونية الدولية فحسب، بل يتعارض أيضًا مع اللوائح القانونية والدستورية القائمة. حيث لا يوجد في الاتفاقيات الدولية التي تعد جمهورية تركيا طرفًا فيها ولا في التشريعات الوطنية للجمهورية التركية أي لائحة تبرر احتجاز عملائنا في ظل ظروف يتم فيها قطعهم تمامًا عن أي اتصال مع الخارج عالم. إن أولئك المتورطون في تنفيذ والحفاظ على نظام العزل في سجن إمرالي والاحتجاز الانفرادي المصاحب لعملائنا، والذي لا يستمد مصدره من الدستور والقوانين وينتهك جميع الالتزامات الدولية السلبية والإيجابية، إنما هم يرتكبون بشكل منهجي جرائم إساءة استخدام الواجب، ويمنعون ممارسة الحقوق والحريات وانتهاك حظر التعذيب.
تاسعا. ليس من الصعب علينا ملاحظة التوازي بين بناء حياة خارج نطاق القانون والديمقراطية في تركيا، والتي تضرب بجذورها في النهج الأمني الصارم الذي يقوم على عدم الرغبة في إيجاد حلٍ سياسي للمسألة الكردية، ونظام العزل المفروض في سجن إمرالي. حيث يتم تجاهل الدستور والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والاتفاقيات القانونية الأخرى. وفي هذا السياق، فقد لطالما أعلن السيد أوجلان، وعلى مدار السنوات الخمس والعشرين التي قضاها في إمرالي، أنه يؤيد الحل الديمقراطي والدستوري والسلمي للقضية الكردية، وقد اتخذ موقفه بناءً على ذلك. وفي مواجهة القوى المعارضة للحوار والحل، استغل السيد أوجالان كل فرصة للمُضي قُدماً بمشروعه الفريد والمتمثل في سياسة الحل الديمقراطي والسلام والبقاء على قيد الحياة.
عاشراً: ونحن ننظر إلى خمسة وعشرين عاماً من العزلة، فبعد التحول نحو العزلة المطلقة في عام 2015، لجأت السلطات إلى سياسات وممارسات الحبس الانفرادي المطلق الذي تم تطبيقه في عام 2021، ثم شددته السلطات في عامي 2022 و2023. وهو ما يعني أن الحكومة قد اختارت تعطيل الوسائل القانونية والسياسية والاعتماد على القوة والعنف والسياسات الأمنية بدلا من ذلك. وهو ما يعد سياسة خاصة بكل من يعارض الديمقراطية والحل الديمقراطي والحوار والتفاوض من أجل السلام، ويستغل الجمود السياسي والصراع والاستقطاب والريع. وقد أدت النتائج السلبية لهذه السياسات إلى جَرِّ البلاد والمنطقة إلى أزمات متعددة لا يمكن السيطرة عليها، بما أدى إلى استغلال كافة موارد الشعب والمنطقة من قبل الجماعات الحاكمة.
حادي عشر. إن كافة المؤشرات والدلائل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية الراهنة توضح أنه لابد من فتح أبواب سجن إمرالي، وأن يحصل السيد أوجلان على دوره المركزي بالكامل في ضمان الحل الديمقراطي والسلام. وبشكل عاجل، ينبغي اعتماد سياسة الحوار والتفاوض التي يتم من خلالها تأمين الحالة الصحية للسيد عبد الله أوجلان وسلامته وحريته حتى يكون موقفه المتمثل في الحل الديمقراطي والسلام في صالح الجميع، وهو ما يعني اختيار الوسائل القانونية والسياسية.
ثاني عشر. إنه لمن قبيل الحاجة التاريخية والضرورة أن يحصل السيد عبد الله اوجالان، عام 2024، على حريته، واتصالاً بذلك، فإن حل المسألة الكردية في سياق الانتقال إلى دستور ديمقراطي ودولة قانون ديمقراطية، إنما يتكيف مع اتفاقيات الأمم المتحدة الدولية والاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، والتي تضمن ثلاثة أجيال من حقوق الإنسان والحريات.
ASRIN LAW OFFICE
مكتب اسرين للمحاماة

to top