عامٌ آخر يُضاف إلى المأساة السوريّة، إضافةً لما شهدته سوريا كسائر البلدان في العالم نتيجة انتشار جائحة كورونا، مما زاد الواقع السوري تأزيماً، لم تظهر أيّة جهود حقيقية من قبل الأطراف في سوريا ناهيكم عن حجم اللامسؤولية الأخلاقية والوطنية لدى الكثير ممن يدّعون ليل نهار حرصهم الوطني على سوريا وشعبها.
غياب هذه المسؤوليات بحد ذاته إعاقة غير محدودة لجهود إنهاء هذه المأساة، كما أن النظر إلى سوريا من قبل البعض على إنها ملك لفئة دون أخرى من السوريين سبب آخر للحكم المسبق على أن تكون سوريا نقطة صراع وبؤرة فوضى، وعلى ما يبدو أن ما يجري على الساحة السورية يحقق لهم غاياتهم ومآربهم، لذا يفعلون كل شيء من أجل الحفاظ على الوضع القائم، وهنا يأتي النظام بشكله وفكره وتوجهه ليكون الأمثل في تمثيل هذه الحالة، حيث لازال يسرد في وادي الخطابات والذهنية التي لم تجلب لسوريا سوى ما هي عليه الآن منذ عقود وحتى اللحظة.
وجود الاحتلال التركي وجه آخر من أوجه إطالة هذه الأزمة لا بل فرض وقائع لا تتناسب مع سوريا وطبيعتها المجتمعية، الصمت حيال دور الاحتلال المذكور وتجاهل ممارساته وما يفعله في المناطق التي يتواجد فيها طيلة العام الفائت أدى إلى دعم توجهاته وزاد من عنجهيته، كما أن التعامل مع المساحات التي تحتلها تركيا أو التي تريد احتلالها من سوريا بشكل يمكن وصفه وكأن تلك المناطق غير سوريّة رؤية خاطئة، ولا تنم عن النوايا الوطنية، طبعاً ظهرت هذه الملامح بقوة خلال العام الفائت ولدى جهات وقوى كانت صاحبة هذه الرؤيا السلبية.
عملياً كنا أمام عام سيء لسوريا وللسوريين عموماً، ولم تكن بوادر الأمل فيه موجودة، الاستمرارية بهذا النهج هي خيار علني نحو تدمير سوريا وشعبها، بالأساس تم ممارسة هذا الدور التدميري ولكن يبدو هناك إلحاح عليه، من قبل جهات أخرى، حيث كان لإنكار آراء السوريين والرؤى الديمقراطية انعكاس سلبي آخر على الوضع السوري، وأيضاً ظهر طيلة العام الماضي وكحالة امتداد للأعوام السابقة تعامل لا واقعي ولا منطقي ولا حتى سوري مسؤول مع التجربة والمحاولات الموجودة في شمال وشرق سوريا، وكان هناك تسويق مشاريع الانقسام والعنف والاحتلال وتغيير الهوية الديموغرافية على إنها سبل للنجاة بالسوريين، مقابل تشويه الحقائق في الجهة المقابلة والتي تدعم كل ما يتم من خلاله الحفاظ على سوريا ووحدتها شعباً وجغرافيّاً، وهنا نقصد شمال وشرق سوريا كل هذا التشويه يؤكد خبث النوايا وتآمر علني على هذا البلد.
جانب آخر يحاول الآخرون عبره تمرير ما هو غير ملبي لحاجة السوريين، وهو شكل الإعداد للحل، كما الحال في لجنة الدستور والتي تشتكي من الغرابة في تفاصيلها وإشارات الاستفهام حول أعضائها، عقلية غريبة تحاول إعداد دستور لكل السوريين بسبب خروج السوريين من أجل التغيير وتأزم وضع بلادهم، وفي نفس الوقت هناك إنكار وإقصاء لجزء كبير ومهم من السوريين! حيث هذا الجزء هو الأكثر جاهزية للاتفاق والتوافق في سوريا خاصة عبر المشاركة في اللجنة الدستورية المذكورة والمفاوضات حول ذلك وما يتبعها من إجراءات.
بالشكل الموجود عليه سوريا الآن، لا أمل لا بوادر ولا حتى نوايا صادقة، لا بد من تطور الأمور نحو الإيجابية من خلال تجاوز هذه النواقص والتحرر من التبعيات التي لا روابط بينها وبين الحاجة السوريّة، أيضاً تشخيص مواطن الخلل بقوة، عام جديد وتحديات كبيرة، كل ما هو موجود يشير إلى مصاعب كبيرة وتحديات صعبة للغاية، الوضع يحتاج لمواقف أخلاقية قبل أداء الواجبات الواجبة.
سوريّاً نأمل ألا تستمر المشاهد الغربية التي طغت على المشهد السوري في العام القادم، بحيث يتطور الحل الديمقراطي في سوريا وتسود أجواء الاتفاق والتفاهم والحوار، والتخلص من معاناة شعبنا المهجر وعموم الشعب السوري الذي يعيش خارج دياره، بحيث تتحرر المناطق المحتلة، التي تم تهجير أهلها منها ويعود الجميع إلى ديارهم، ونحن مقتنعون بألا حل دون تحرير هذه المناطق المحتلة من قبل تركيا ومرتزقتها، وعفرين، سري كانيه/ رأس العين وكري سبي / تل أبيض من أولوياتنا.
الأمل كبير دون شك في زوال كل الإشكالات والتوجهات الغريبة والدخيلة على الداخل السوري، ومنها سمة العمل المأجور ضد سوريا وشعبها والارتزاق الذي بات يتميز به دعاة الحرية والثورة في سوريا، وباتوا في خندق الأعداء ضد أبناء جلدتهم.
كذلك تطوير مشروع الأمة الديمقراطية والذي يمكن من خلاله الوصول لحلول من شأنها ضمان وحدة الشعوب وتكاتفها من الضرورات الواجب تطويرها في العام الجديد، حيث يمثل هذا المشروع بوابة فعلية نحو الحل الديمقراطي في منطقتنا وعموم سوريا والمنطقة.
أما على الصعيد الكردي الخاص كل الأمل في أن يكون العام الجديد عاماً للحل والاتفاق والتوافق بين القوى الكردية ويكون عاماً لوحدة هذه القوى، حيث أن الوحدة حاجة ماسّة لشعبنا وسبيلاً نحو الاستحقاقات الوطنية.