الإثنين 25 نوفمبر 2024
القاهرة °C

في ظل كورونا ما الذي يفعله أردوغان؟

كثيرة هي المستجدات الطارئة والسريعة في المنطقة والتي بعضها لا يُلفت انتباهنا بسبب انشغالنا أو إشغالنا بتداعيات كورونا وحصيلة الموتى المرتفعة في بعض الدول مقارنة بغيرها. هذا الفيروس الذي طلَّ علينا فجأة ومن دون سابق إنذار راح ينشر الفوضى بكل ما للكملة من معنى في كل مكان وكأننا رجعنا لسنوات ظهور داعش وتمددها في العراق وسوريا، وكذلك إعلان بعض الفصائل المتناثرة في سيناء ومالي والنيجر وغيرها، مبايعتها لداعش. حينها كتنت كل الأنظار تراقب هذه البيانات وكذلك تحركات داعش في المنطقة وسرعة تمددها في بعض المدن التي سقطت بلحظة وغفلة من الزمن كما حدث في الموصل والرقة ودير الزور.

طبعًا، كانت الآلة الإعلامية الغربية وشبكات التواصل الاجتماعية كلها في خدمة ظهور وتشكل وتمدد وجرائم داعش، حتى اصابتنا حالة من الفزع والخوف بمجرد ذِكر هذا التنظيم الإرهابي. لكن رأينا أن هذه التيارات الإرهابية ما هي إلا تضخيم ممنهج قامت به بعض الأطراف خدمةً لمصالحها وأجنداتها في المنطقة ونَخُصُ هنا أردوغان، الذي عرف كيف يستفيد من هذه الفوضى بمعية أسياده الغربيين الذين أوكلوه بهذه المهمة.

الآن نفس السيناريو يتكرر تقريبًا وبنفس الطريقة مع تغير الأداة فقط من داعش إلى كورونا، مع بعض التدابير الاحترازية المختلفة التي تم فرضها على العالم من حجر وتضييق لتحركات البشر. لكن الآلة الإعلامية بقيت كما هي تُهَوّل في الأمر ويتم نشر المئات من المعلومات المتشابكة والمختلفة وحتى المتناقضة كي يتم التشويش على فكر الانسان حتى يصب لمرحلة لا يعرف فيها ماذا يفعل ومن يُصَدّق، وتكون الفوضى. وكذلك تمددها بهذه السرعة في العالم يوحي أنَّ ثمة أطراف لها أجنداتها ومستفيدة من هذا الوضع لفرض هيمنتها في النهاية على الجميع وكذلك الخنوع وقبول الأمر الواقع.

كُلُ دول العالم اتخذت تدابيرها لمحاربة هذا الفيروس الذي ينتشر بسرعة وذلك بفرض الحجر والبقاء في المنازل وإيقاف العمل في بعض القطاعات وخاصة التعليمية والخدمية وحتى السفر والتنقل أيضًا تم إيقافه على مستوى الدول. إنها تدابير احترازية تقوم بها الدول حفاظًا على مجتمعاتها وحياة شعوبها من هذا الداء الخبيث، لأن تكلفة التدابير هذه هي أكثر بكثير من تكلفة علاج الإصابة إن هي انتشرت في مكان بشكل واسع.

في كل مكان يتم التعامل مع كورونا بكل جدية، إلا عند أردوغان تركيا الذي يعمل على الاستثمار بهذا الفيروس كما كان يستثمر في داعش، ويسعى لنشر الهلع والفوضى في كل مكان عبر هذه الأداة الفيروسية الجديدة القديمة. إنه لا يعير أي جدية ومسؤولية في مجابهة هذا الفيروس بقدر ما يهتم للقضاء على خصومه وكل من يقول له “لا”. فكل من يعارض أردوغان أينما كان فهو بالنسبة لأردوغان أخطر من داعش وكورونا ويعلم بكل ما يمتلك من سُلطات على محاربته.

في ظِلِ كورنا ماذا يفعل أردوغان؟ سؤال يختلج مخيلتنا في هذه الفوضى التي تضرب كل نواحي حياتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية والمجتمعية. سؤال ينبغي التوقف عنده بتمعن والبحث فيما يسعى إليه أردوغان ولماذا يتصرف بهذه العنجهية غير المسؤولة بتاتًا.

في سوريا ومنذ وقف اطلاق النار في إدلب أدخل أردوغان أكثر من ثلاثة ألاف آلية مدرعة عسكرية وأكثر من عشرين ألف عسكري تركي، مع وجود أكثر من خمسون ألف إرهابي ومرتزق بالأساس في مدينة إدلب. كذلك محاولته عبر المرتزقة باحتلال بعض المدن في سمال شرقي الفرات وقصفة للمدن والقرى الذي لم يتوقف حتى الآن، وكذلك قطعه للمياه عن أكثر من مليون انسان في محافظة الحسكة مستعملًا المياه كسلاح لنشر كورونا في المنطقة. أما في العراق فإنه أدخل عدد كبير من عناصر جيشه إلى شمالي العراق تحت أنظار سلطات الإقليم هناك وبصمت كافة الأطراف مع قصفه لمخيم مخمور الذي يسكن فيه الهاربين من إرهاب أردوغان منذ أكثر من خمسة وعشرون عامًا مما أدى لوفاة ثلاثة نساء جراء قصفه. وكذلك تحركات بعض الأطراف المرتبطة بالاستخبارات التركية واستقدامها لعناصرها للقرب من مناطق ميديا الدفاعية في جبال قنديل على الحدود العراقية – الإيرانية.

أما في ليبيا فحدث ولا حرج حيث يقوم أردوغان ومن دون توقف بنقل المئات من الإرهابيين والمرتزقة السوريين ومن مختلف الجنسيات من سوريا إلى ليبيا وزجهم في حروب ومعارك عبثية وقتل أبناء الشعب الليبي خدمة لأردوغان، بعد أن قام هؤلاء المرتزقة ببيع الثورة السورية وتحولهم إلى جامعي الثروة ونشر القتل والدمار أينما حَلَّوا. وأخيرًا وليس آخرًا ما حدق في أحد أحياء القاهرة في عملية القضاء على مجموعة من الإرهابيين المرتبطين بأردوغان مباشرة ومحاولته ضرب الاستقرار في مصر تحت ظل اهتمام الدولة والشعب في محاربة كورونا. ورأينا كذلك الفضائيات التي تبث من تركيا والمدعومة من الاستخبارات التركية مباشرة كيف أنها تُحرض زبانيتها على نشر فيروس كورونا وكيف يترحموا على الإرهابيين الذي تم قتلهم والتخلص منهم.  وحتى في تركيا ما يفعله لا يقل خطرًا عن اناشر كورونا بشكل واسع فيه.

لعمري، ما يفعله أردوغان في ظِلِ كورونا هو أخطر بكثير من تداعيات فيروس كورونا. وعلى المعنيين أن يعلموا جيدًا أن القضاء على أردوغان بنفس الوقت وهم يحاربون كورونا يُعتبر من أولوياتنا جميعًا. وعلينا التشهير بأردوغان في كل لحظة وتضييق الخناق عليه حتى يتم الانتهاء والقضاء عليهما الأثنين كورونا وأردوغان، حينها سينعم الشعب وكذلك المجتمعات بالاستقرار والطمأنينة. وإلا ما فائدة القضاء على كورونا وأردوغان ما زال بيننا يعيث فسادًا في الأرض ويقتل ويهجر ويستغل كل شيء في سبيل تنفيذ ما هو مطلوب منه عالميًا وكذلك لمشروع الخاص في عثمنة المنطقة من جديد.

to top