الإثنين 25 نوفمبر 2024
القاهرة °C

قطع المياه… خطر محدق ينافي القيم والأخلاق الإنسانية

رفيق إبراهيم –

الماء سر الوجود والحياة، ومن دون وجود الماء لا يمكن أن يعيش أي كائن حي، وعندما تفقد الماء تُفقد مقومات الحياة، والأوضاع التي تمر بها منطقتنا وبخاصة أهلنا في تل تمر والحسكة هذه الأيام لا تسر صديقاً ولا عدواً. فمنذ احتلال تركيا ومرتزقتها مدينة سري كانيه (رأس العين) سيطرت معها على مصدر المياه محطة علوك التي تبعد عن المدينة حوالي ثلاثين كيلو متراً، المحطة التي تمد تلك المدن بالماء، حيث كانت تغذي تل تمر والحسكة، ولم تتعرض هذه المنطقة إلى هذه الموجة القاتلة من فقدان المياه منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.

والآن نحن في فصل الصيف حيث وصلت درجة الحرارة إلى أعلى مستوياتها فيما كانت الحسكة من بين المدن الأعلى درجةً عالمياً، وقطع المياه من قبل المجموعات المرتزقة الموالية لتركيا لم يأتِ من فراغ، بل كان بأوامر مباشرة من أسيادهم في أنقرة، وهناك أكثر من 1200000 شخص يواجهون الموت البطيء، في سابقة خطيرة لم تحصل من قبل في أي مكان من العالم، وحتى هتلر وهولاكو لم يقوما بمثل هذا العمل الدنيء، البعيد عن الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية، في محاولة لإرضاخ شعوب المنطقة والإدارة الذاتية، للقبول بالشروط التي تُفرض عليهم لتنفيذها، تحقيقاً لأجنداتها ومصالحها التي جاءت من أجلها، ولن ندخل في تفاصيل أهدافها لأنها باتت معروفة للقاصي والداني.

دولة الاحتلال التركية ترتكب جريمة حرب كبرى بقطعها المياه عن شعوب شمال وشرق سوريا، وهي بذلك تنافي جميع المواثيق والقرارات والعهود الدولية، ليس هذا فحسب بل تقوم بقطع مياه نهر الفرات أيضاً عن السدود التي تغذي معظم المناطق بالكهرباء، ما يؤدي إلى نزول منسوبها بشكل كبير، فتؤثر على إيصال الكهرباء إلى شمال وشرق سوريا بشكل منتظم، وهذه حرب أخرى يقوم بها الاحتلال التركي لمحاربة شعوب المنطقة والإدارة الذاتية، كي تخلق البلبلة بين الناس وتحمل الإدارة مسؤولية ما يجري من انقطاع الماء والكهرباء في المنطقة، فتقوم بتحريض الناس للوقوف في وجه الإدارة الذاتية التي قدمت وتقدم كل ما تستطيع، حسب الإمكانات المتوفرة لديها، لشعوبها، لذلك تحاول تركيا من خلال هذا العمل اللاأخلاقي المشين، التأثير على عمل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بشتى الوسائل الممكنة، حتى ولو أصبحت حياة الملايين من الناس في خطر، ومع كل أسف تدّعي الإسلام وقيادة المسلمين في العالم، وهي بعيدة كل البعد عن قيم الإسلام ومبادئه، فالإسلام يدعو إلى العدالة وسمو الأخلاق والسلام، وما تقوم به دولة الاحتلال التركية عكس ذلك تماماً.

حيث يحاول نمرود العصر أردوغان السيطرة على خيرات المنطقة من خلال احتلالها والتمدد فيها، مستخدماً كافة الأسلحة المحرمة والممكنة، وكان آخرها المياه، وما يثير الاستغراب والدهشة صمت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية والأمم المتحدة، حول ما يجري في شمال وشرق سوريا، فحياة أكثر من مليون شخص بالإضافة إلى مساحات شاسعة من المزروعات في خطر، ولازال العنوان الأبرز هو الصمت، ثم الصمت، يليه الصمت، على تلك الأعمال الإجرامية لأردوغان ومرتزقته، فعلى المجتمع الدولي العمل بشكل جاد على إعادة ضخ المياه وبأسرع وقت ممكن.

-روناهي

to top