الأربعاء 25 ديسمبر 2024
القاهرة °C

كخيار استراتيجي وليس مرحلي”.. ممثلة مسد في مصر تشدد على أهمية الحوار الكردي – العربي

الحدث – القاهرة

شددت ليلى موسى، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، على أهمية تبني حوار استراتيجي بين الكرد والعرب لما له من حضور فعلي ومحوري في معالجة القضايا والأزمات التي تعاني منها المنطقة، وأكدت أن التحالف بينهما هو “سبيل لتقليل حجم فجوة التناقضات التي طالما استخدمتها دول الخارج لتمرير أجنداتها ومشاريعها الاحتلالية”.

في الوقت الذي تعاني فيه منطقة الشرق الأوسط من تدخلات إقليمية وسياسات استعمارية من قبل الدول الرأسمالية، بات التحالف الكردي- العربي ضرورة ملحة.

ومنذ أعوام تعقد ندوات ومؤتمرات حوارية بين الكرد والعرب تهدف إلى حماية المنطقة وكيفية ردع الاستعمارات ومنع التدخلات الخارجية، إلى جانب إرساء التآخي بين الشعبين للحفاظ على النسيج الاجتماعي، والتشديد على أهمية تأسيس تحالف كردي – عربي يقف في وجه الأطماع الاحتلالية. وفي هذا الصدد أجرت وكالتنا حواراً مع ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر ليلى موسى.

وفيما يلي نص الحوار:

*ما أهمية الحوار الكردي- العربي في ضوء التحديات المختلفة التي تواجه الشرق الأوسط من تدخلات خارجية وإرهاب؟

في خضم الأحداث التي تشهدها المنطقة عموماً وما تواجهها من تحديات، وفي ظل وضع الاستراتيجيات ورسم الخرائط الجديدة للمنطقة مفروضة من الخارج مستغلة تناقضات تعانيها غالبية دول المنطقة مع تغييب تام لإرادة شعوبها، في كثير من الأحيان تكون هذه الاستراتيجيات ورسم الخرائط متناقضة لتطلعاتهم ومناهضة لحريتهم وإرادتهم وطموحاتهم، بل وأكثر من ذلك تحولت غالبية دول المنطقة في ظل الحرب العالمية التي تعيشها إلى مستنقعات وتعاني من كوارث وأزمات مستعصية على الحل، لكون غالبية الحلول لا تنم عن معالجة الأسباب التي انتفضت من أجلها المجتمعات، لذا حتى يكون لشعوب المنطقة حضور فعلي ومحوري في معالجة قضاياه والخروج من الأزمات التي يعاني منها ووضع دساتير وسياسات لإدارة مناطقهم يتطلب تبني الحوار بين شعوب ومكونات المنطقة كخيار استراتيجي وليس تكتيكي أو مرحلي، لأن أي تحالف بين شعوب المنطقة وتكاتفهم يكون السبيل لتقليل حجم فجوة التناقضات التي تعاني منها المنطقة والتي طالما تغذى الخارج منها لتمرير أجنداته ومشاريعه التوسعية الاحتلالية.

وهذا الخيار ليس بالصعب أو المستحيل بل على العكس تماماً هناك تجربة معاشة وحققت قدراً كبيراً مما نتحدث عنه ألا وهي تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية وكيف لعب التحالف العربي – الكردي إلى جانب بقية مكونات الشعب السوري، الدور في الحفاظ على السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي والعيش المشترك ومحاربة الإرهاب ودحره والوقوف في وجه العديد من المشاريع الإقليمية ذات الأطماع التوسعية الاحتلالية وفي مقدمتها المشروع الأردوغاني العثماني والهلال الشيعي الإيراني، فمناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بفضل هذا التحالف تدار وفق مشروع وطني وبإدارة أبنائها ومن جميع الاثنيات والمعتقدات على عكس باقي المناطق السورية التي تتعرض لعمليات التتريك والتشيّع بشكل ممنهج.

لذا على الشعبين العربي والكردي انتهاز الفرصة والوقوف يداً بيد وتشكيل تحالف استراتيجي يسهم في ضمان بقائهما إلى جانب بقية أخوتهم من مكونات الشعب السوري بإدارة بلدهم وفق مشروع وطني يحافظ على مبادئ الثورة ويضمن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحياة كريمة ومواطنة حقيقية.

وعندما اتحدث عن التجربة السورية فإنني لا أحصر العلاقة بين الشعبين الكردي والعربي داخل النطاق الوطني السوري فقط بل أشمل الشعبين العربي والكردي عموماً، لأن الخطر ليس على سوريا وحدها بل على المنطقة برمتها، والدول الإقليمية وحتى الدولية مشاريعها وطموحاتها تشمل المنطقة برمتها فنجاح تجربتهم في سوريا يفتح المجال لتعميم تجاربهم في بقية بلدان المنطقة والعكس صحيح، وحفظ الأمن الوطني والقومي لأي شعب مرهون بحفظ الأمن القومي والوطني للشعب الآخر.

*كيف تقيّمون العلاقات الكردية – العربية في الوقت الراهن وما هي الركيزة المشتركة بين الشعبين؟

العلاقات بين الشعبين تاريخيّاً وحتى في الوقت الراهن موجودة ويسودها التآخي والاحترام وحسن الجوار وقاتلوا في خندق واحد في مواجهة القوى الغاصبة والمحتلة لأوطانهم، لكونهما يشتركان في وحدة المصير والتاريخ والعدو والتهديد، وأمنهما القومي والوطني مرهون ببعضهما البعض وهما من الشعوب الأصيلة التي بقيت على أرضها التاريخية.

ولكن هذه العلاقة ومع الأسف باقية على وتيرة محددة ولم تتطور إلى خيار استراتيجي بسبب بعض الساسة وزعامات المنطقة والتي غلبت مصالحها الشخصية على المصلحة العامة، كما أن بعض الأنظمة ذات الصبغة القومية والدينية صنيعة الخارج لعبت في الكثير من الأحيان على الوتر العقائدي والقومي مستغلة الحاجات المادية والأطماع والمصالح الشخصية الضيقة لبعض زعامات ورؤساء القبائل والعشائر لضرب الشعوب ببعضها البعض وأسهمت إلى جانب تقسيم البلدان وفق اتفاقية سايكس بيكو وغيرها من الاتفاقيات إلى إحداث قطيعة بين شعوب المنطقة عبر ممارسة سياسة التجويع الممنهجة وحصر تفكير شعوب المنطقة بتأمين لقمة العيش والهاءهم بحاجاتهم المادية، ونجحت في الكثير من الأحيان ولكن بقيت نجاحاتها ضمن أطر ضيقة ولم تتمكن من إحداث شرخ في العلاقات التاريخية التي تضرب جذورها في عمق التاريخ والقائمة على أسس إنسانية وأخلاقية بالدرجة الأولى.

*ما هي العوائق التي تقف في طريق الحوار الكردي – العربي؟

باعتقادي يوجد العديد من العراقيل والصعوبات، بالإضافة إلى تحديات جمّة تحاول منع حدوث أي تقارب كردي – عربي بل وتعمل بشكل حثيث على محو التحالفات والعلاقات التي كانت تجمع بين الشعبين من ذاكرة الشعوب، وتعمل على تقديم تلك التحالفات بصورة مشوهة ومفرغة من جوهرها وحقيقتها.

ومن العراقيل والتحديات على سبيل المثال:

استمرارية وجود الحدود المصطنعة المفروضة على المنطقة وانعكاساتها على الحالة الذهنية والروحية وإسهاماتها في إحداث قطيعة وعزلة بين الشعبين.

تجاهل غالبية الشعبين حقيقة وتاريخ بعضهما البعض، لأسباب عديدة إما بسبب تفشي الأمية وجهل لحقائق تاريخية أو المناهج الدراسية البعيدة عن حقيقة وتاريخ المنطقة، وحملات التشويه التي يتعرض لها الشعبان من قبل أعداء المنطقة وتصويرهما على أنهما انفصاليين تارة أو همج وغيرها من النعوت البعيدة كل البعد عن الحقيقة، أو تقديم تاريخ المنطقة بشكل مغلوط ومحرف.

بالإضافة إلى طبيعة الأنظمة التي تدير المنطقة سواء تلك التي تمتاز بالصبغة الدينية أو القومية الرافضة للآخر المختلف بل وتجد أن ضمان أمنها الوجودي يمر عبر القضاء على الآخر.

إلى جانب انشغال كل شعب بمشاكله الداخلية، وتأمين احتياجاته الأساسية، وجهله بالتاريخ واستنباط الدروس والعبر منه وافتقاده إلى قراءة وتحليل الحاضر،  ووضع الخطط والمشاريع والاستراتيجيات المستقبلية لإدارة بلدانه.

ولا ننسى الكم الهائل من حملات التشويه المستمرة التي يتعرض لها كلا الشعبين، وسياسات القوى والدول والتنظيمات والجهات ذات الأطماع الاحتلالية التوسعية والمشاريع الاقتصادية والتي طالما تتغذى على التناقضات والفجوة بين شعوب المنطقة فإنها تعمل وبشكل حثيث على خلق عداوات وشرخ بين الشعبين العربي والكردي.

*كيف يمكن تحقيق الوحدة الكردية العربية على نحو فعّال على أرض الواقع؟

باعتقادي مادامت الأسباب باتت معروفة فالحلول ليست بالمستحيلة، وكما هو معلوم منطقياً اكتشاف المشكلة نصف الحل.

فنحن بحاجة وبالدرجة الأولى إلى إعادة كتابة تاريخ المنطقة وإزالة جميع الشوائب والتحريفات التي تعتريها.

العمل الحثيث على رفع المستوى المعرفي لدى الشعبين بتاريخهما وحاضرهما عبر إجراء حوار حقيقي وجدّي مبني على رغبة حقيقية وجادة من الشعبين عبر التكثيف من الفعاليات الحوارية والثقافية، والبرامج الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني الهادفة إلى التقريب بين الشعبين عبر تعزيز المشتركات والعمل معاً على تجاوز المسائل الخلافية والعالقة.

بالإضافة إلى مشاركة حقيقية وفعلية من الشعبين إلى جانب بقية الشعوب التي تجمعهم وحدة المصير والتاريخ والهدف بوضع استراتيجيات وخطط ومشاريع لإدارة بلدانهم بما يتناسب مع طبيعة وخصائص وخصوصية مجتمعاتهم.

إجراء حوار حقيقي للتباحث حول التهديدات والتحديات التي تواجه الشعبين، والخروج بمشاريع واستراتيجيات طويلة المدى وتكتيكات مرحلية لتجاوزها والقضاء عليها.

والأهم من كل ذلك عدم حصر الحوار الكردي – العربي ضمن إطار العراق وسوريا وحدهما فالعلاقة بين الشعبين أشمل وأعمق وأوسع.

*ماذا يتطلب من الشخصيات المؤثرة من كلا الطرفين لإبراز القضية الكردية للعالم كافة؟

بداية تعريف القضية الكردية بكافة جوانبها وأبعادها للشعب، وعدم حصرها ضمن أطر والنخب السياسية والأكاديمية، لكون غالبية الشعب العربي يجهل تاريخ وحقيقة وقضية الشعب الكردي وإن كان يمتلك بعض المعلومات فهي بغالبها تكون مشوهة ومحرفة ومغلوطة لهول وحجم الحرب الإعلامية والخاصة التي يمارسها أعداء ومغتصبي كردستان والقوى المستفيدة من تسعير العداء والصراعات بين شعوب المنطقة لإبقائها هشة وضعيفة.

تعريف الشعبين بالعلاقة الديالكتيكية فيما يخص الأمن الوجودي والقومي والهوياتي وتأثيراتهما ببعضهما ببعض.

إبراز وتسليط الضوء على أهمية وضرورة العلاقة بين الشعبين في هذه المرحلة التاريخية والمصيرية التي يمر بها الشعبان ودور هذه العلاقة بالوصول إلى بر الأمان، وما يمكن أن تفرزها من تداعيات على مستقبل ومصير الشعبين في حال تلاشي هذه العلاقة.

نحن في أمس الحاجة إلى أسلوب وخطاب بناء يدعو إلى التآخي والعيش المشترك.

to top