الخميس 28 نوفمبر 2024
القاهرة °C

كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الصحفي بالخرطوم عقب المباحثات مع رئيس مجلس السيادة السوداني

الحدث – القاهرة

السيد الفريق أول ركن/ عبد الفتاح البرهان،

رئيس مجلس السيادة بجمهورية السودان الشقيق

السيدات والسادة،

أود في البداية أن أعرب عن سعادتي البالغة بالتواجد بينكم اليوم في الخرطوم. وأود أن أشكر أخي فخامة الفريق أول ركن “عبد الفتاح البرهان” وشعب السودان الشقيق على حفاوة الاستقبال وكرم وحسن الضيافة المعهود عن بلدي الثاني السودان وتقاليد شعبه العريق، الذي طالما جمعته بمصر روابط وحدة المصير على مدار تاريخ البلدين، وبما يتفق مع ارتباطهما الممتد من جنوب وادي النيل إلى أقصى شماله، ومع تمازج شعبيهما الشقيقين الذي لم ينقطع يوماً، وسوف يستمر ويبقى بإذن الله.

وأود أن أنقل للسودان الشقيق، قيادة وحكومة وشعباً، رسالة أخوة ومساندة من الشعب المصري وحكومته وقيادته، في كل المجالات بلا استثناء، تعبيراً عن خالص دعمنا للجهود الكبيرة التي يقوم بها الأخوة في السودان لإدارة المرحلة الانتقالية الحالية، ومواجهة تحدياتها بشجاعة ورؤية وعزم على المضي قدماً نحو مستقبل أفضل، وهو الجهد الذي يقابله الجميع بالكثير من الاحترام والتقدير، راجين من الله عز وجل أن تسهم الخطوات الجارية في تهيئة الظروف المناسبة لتلبية تطلعات الشعب السوداني الشقيق الذي قدم أغلى التضحيات من أجل حرية ورفعة وازدهار وطنه العظيم.

كما يسعدني تهنئة أشقائنا في السودان بالإنجاز التاريخي المتمثل في توقيع اتفاق السلام الشامل الذي تحقق بعد جهود كبيرة تكللت بالنجاح نتيجة لإخلاص كافة الأطراف السودانية وحرصها على أن تدخل بالوطن السوداني العزيز عصراً جديداً من السلام والتنمية والازدهار يشمل كافة أبناء السودان.

وأود أن أؤكد لكم أن مصر ستظل معكم قلباً وقالباً، داعمة لجهودكم من أجل تنمية واستقرار وازدهار شعب السودان الشقيق، والذي يعد جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار أشقائكم في شمال الوادي.

السيدات والسادة،

لقد شهدت العلاقات الثنائية بين مصر والسودان زخماً يستحق الإشادة على مدار الفترة الماضية، والمتمثل في ارتقاء مستوى التنسيق بين حكومتي البلدين عبر الزيارات المتبادلة والتشاور المكثف والمستمر. وهو الجهد الذي يهدف في مجمله إلى تكثيف التنسيق السياسي بين البلدين، وتنفيذ مشروعات في عدد من المجالات الحيوية من بينها الربط الكهربائي والسكك الحديدية والتبادل التجاري والثقافي والعلمي والتعاون في مجالات الصحة والزراعة والصناعة والتعدين وغيرها من المجالات، بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين، ويستغل الإمكانات الضخمة للبلدين لمصلحة الشعبين الشقيقين.

وقد جاء اجتماعنا اليوم استكمالاً لهذه الجهود، وسعياً لوضع إطار استراتيجي متكامل وتصور مشترك لمختلف أوجه ومجالات التعاون وسبل دفعها، بما يعكس تلاقي إرادتنا السياسية القوية في هذا الشأن، وبما يمهد لمرحلة جديدة من الجهد المشترك المكثف الذي يلبي مصلحة وتطلعات الشعبين الشقيقين.

السيدات والسادة،

لقد تباحثت اليوم مع أخي العزيز فخامة الرئيس عبد الفتاح البرهان حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية، وذلك في إطار الارتباط الوثيق للأمن القومي المصري والسوداني، وسعياً لتوحيد الجهود المشتركة بين بلدينا والرامية لتحقيق الاستقرار على الساحتين العربية والإفريقية.

كما تناولنا كذلك مستجدات مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، وهو الملف الذي يمس صميم المصالح الحيوية لمصر والسودان بوصفهما دولتي المصب في حوض النيل اللذين سيتأثران بشكل مباشر بهذا المشروع الضخم، كما اتفقنا على أهمية الاستمرار في التنسيق الوثيق والتشاور فيما بيننا في هذا الشأن.

وأكدنا على حتمية العودة إلى مفاوضات جادة وفعالة بهدف التوصل، في أقرب فرصة ممكنة وقبل موسم الفيضان المقبل، إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ويعزز من أواصر التعاون والتكامل بين بلادنا وشعوبنا. ولقد تطابقت رؤانا على رفض أي نهج يقوم على السعي لفرض الأمر الواقع وبسط السيطرة على النيل الأزرق من خلال إجراءات أحادية لا تراعي مصالح وحقوق دولتي المصب، وهو ما تجسد في إعلان إثيوبيا عن نيتها تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة حتى إذا لم نتوصل إلى اتفاق ينظم ملء وتشغيل هذا السد، وهو الإجراء الذي قد يهدد بإلحاق أضرار جسيمة بمصالح مصر والسودان.

ومن هنا، فقد بحثنا سبل إعادة إطلاق مسار المفاوضات من خلال تشكيل رباعية دولية تشمل الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بجانب الأمم المتحدة للتوسط في العملية التفاوضية، وهي الآلية التي اقترحها السودان وأيدتها مصر، والتي تهدف إلى دعم جهود الرئيس “فيليكس تشيسيكيدي” رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتعظيم من فرص نجاح مسار المفاوضات، حيث أكدنا على ثقتنا الكاملة في قدرة فخامته على إدارة هذه المفاوضات وتحقيق اختراق فيها من أجل التوصل إلى الاتفاق المنشود.

السيدات والسادة،

أود في الختام أن انتهز هذه المناسبة العزيزة لأعبر مجدداً عن سعادتي البالغة بتواجدي هنا اليوم وسط الأشقاء في السودان، وأن أجدد شكري البالغ على الحفاوة التي لقيتها من جانب فخامتكم، وأن أعرب عن ثقتي الكاملة في أن المرحلة القادمة من العمل المشترك والتعاون بين بلدينا ستتواصل في شتى المجالات، استرشاداً بالرؤية المشتركة والعزم الواضح والإرادة السياسية الصلبة والجهود الصادقة من جانب القاهرة والخرطوم، وستمضي قدماً بإذن الله لمصلحة الشعبين العظيمين، بل شعب وادي النيل الواحد في بلديه مصر والسودان.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

to top