الخميس 16 يناير 2025
القاهرة °C

كلمة معالي السيد أحمد أبو الغيط  الأمين العام لجامعة الدول العربية في  افتتاح أعمال المنتدى العربي للتنمية المستدامة 2022

الحدث – القاهرة

السيدة أمينة محمد
نائب الأمين العام للأمم المتحدة
السيدة د. رولا دشتي
الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا -الإسكوا-
معالي السيد ناصر الشريدة
وزير التخطيط والتعاون الدولي بالمملكة الأردنية الهاشمية
رئيس الدورة الثامنة للمنتدى العربي للتنمية المستدامة
السيدات والسادة،
يطيب لي أن أكون بينكم اليوم، لإطلاق أعمال النسخة الثامنة من المنتدى العربي للتنمية المستدامة… هنا في مقر الإسكوا الذي تحتضنه مدينة بيروت… بيروت التي يعلمنا تاريخها العريق كيف نهضت في كل مرة وتجددت باستمرار… لنستكمل نقاشنا حول موضوع “التعافي و المنعة” لإعادة بعث مسار التنمية، واسمحوا لي في مستهل حديثي أن أتوجه بالشكر إلى الدكتورة رولا دشتي، لحرصها الدائم على تعزيز التعاون مع الجامعة، و لجهودها المقدرة لجمعنا في هذا المحفل الكريم، و الشكر موصول لكل من ساهم في الإعداد الجيد لأعمال هذه الدورة… وكما تعلمون، إننا في جامعة الدول العربية نولي اهتماماً خاصاً لتنظيم هذا الحدث و المشاركة في إثراء محاوره، ترسيخا لروح التعاون والعمل المشترك التي تجمع الجامعة العربية بالإسكوا.
السيدات والسادة،
إستكمالا لمسار التنمية الدولية، إلتزم قادة العالم في عام 2015 بتنفيذ أجندة التنمية المستدامة لعام2030… وها نحن اليوم بحلول عام 2022… نكون قد اقتربنا من منتصف الطريق… وربما يكون هذا هو الوقت المناسب لكي نقف وقفة تأمل لننظر في التقدم المحرز في تحقيق هذه الأهداف، وأيضاً في العقبات التي تواجهنا… والحقيقة أن الدول العربية انخرطت بجدية في تنفيذ هذه الأجندة، وبذلت جهوداً ملموسة لتنفيذها بالرغم من الأزمات التي حلت ببعضها خلال العقد الماضي، وهي أزمات أطال أمدها تنافس القوى الكبرى، وتكالب دول الجوار لتحقيق مغانم على حساب الحقوق العربية.
إن الآثار الوخيمة لهذه الاضطرابات على جهود التنمية المستدامة في دولنا كانت واضحة حتى قبل وباء كورونا، وزادتها الجائحة حدة وتعقيداً… والمؤسف أن يرافق هذا التدهور في الأوضاع الإنسانية والاجتماعية بالأساس، احتدام أزمة سياسية عالمية، هي الحرب في أوكرانيا، ربما تشغل العالم لسنوات قادمة، وتسحب من رصيد الاهتمام والعمل من أجل التنمية المستدامة… وخير شاهد على ما أقول ما يجري اليوم في دول الجوار السوري هنا في لبنان وفي الأردن أيضا، إذ لا تزال هذه البلدان تحتضن ملايين اللاجئين السوريين في ظروف نعلم ونقدّر جميعا صعوبتها واستثنائيتها، بالرغم مما أصابها بسبب الجائحة، وأغتنم هذه الفرصة للتأكيد على أن اللاجئين جميعاً سواء… ولا فرق بين لاجئ وآخر من حيث المعاناة والألم… ويتعين على العالم أن يتعامل مع مشكلات اللاجئين، القائمة والمستجدة، بذات القدر من الاهتمام والاستعداد للعون والمساعدة.
لقد قوّضت جائحة فيروس كورونا المستجد جهود الدول العربية لتنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030، وتسببت في فقدان العديد من المكاسب، إذ شكّلت عقبة اضافية أمام تحقيق هذه الأهداف، لاسيما فيما يتعلق بتأثيراتها على معدلات الفقر، إذ ارتفع عدد الفقراء في المنطقة العربية في سنة 2020 وحدها… أقول… وحدها… بمعدل 14 مليون… ليبلغ 115 مليون نسمة… أي ما يمثل ربع سكان العالم العربي… دون أن ننسى أن بعض الدول العربية تعاني من ارتفاع معدلات الفقر الشديد كما في الصومال واليمن… ومن المتوقع أيضاً أن تزيد الجائحة من نسب عدم المساواة ومظاهر عدم تكافؤ الفرص بسبب تراجع المداخيل وارتفاع معدلات التضخم.
والحديث عن الفقر يقودنا حتما إلى تناول ملف الجوع والأمن الغذائي، فهما أمران متلازمان… فالجوع أشد مظاهر الفقر، وهو بذلك أكثر مساسا بالكرامة الإنسانية، وكلاهما يهددان استقرار المجتمعات… ونظرا لخطورة الظاهرتين، فقد تناولتهما أجندة التنمية المستدامة 2030 في مطلع اهتماماتها، من خلال الهدفين الأول والثاني المخصصين على التوالي للقضاء على الفقر والقضاء التام على الجوع…
وكما أشرت آنفا، فإن كل المعطيات تفيد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه الأوضاع الضاغطة قد تسببت في تدهور العديد من مؤشرات التنمية لا سيما في مجال الأمن الغذائي، ليس فقط بسبب الجائحة… ولكن أيضا بسبب تصاعد حدة مظاهر التغير المناخي… والمقلق فوق كل هذا في نظري، أنه باندلاع الحرب في أوكرانيا، فإننا مقبلون على مرحلة تنطوي على العديد من المخاطر، التي سيمسّ بعضها المنطقة العربية … وأعني هنا ارتفاع أسعار الحبوب والسلع، وتأثير ذلك على الأمن الغذائي العربي.
وبخصوص موضوع الأمن الغذائي العربي، أود الإشارة إلى أن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري المنعقد نهاية الأسبوع الماضي، قد أصدر قرارا – بناء على مقترح من دولة الكويت- بإعداد دراسة استراتيجية شاملة وتكاملية حوله، تمهيدا لرفعها إلى القمة العربية المقبلة في الجزائر، أو عرضها ضمن ملفات القمة التنموية الخامسة الاقتصادية والاجتماعية التي ستحتضنها موريتانيا مطلع العام القادم.
وفي ذات السياق أيضا، لا تفوتني الإشارة إلى أننا أطلقنا مؤخراً المبادرة العربية للقضاء على الجوع، إذ وقّعت الأمانة العامة للجامعة مذكرة تعاون مع شبكة بنوك الطعام، والتي تضم في عضويتها 19 دولة عربية، من أجل تعزيز جهود القضاء على الجوع في المنطقة العربية.
السيدات والسادة،
ثمة أسئلة ملحة يتعين علينا الإجابة عليها عند إعداد سياسات التعافي من آثار الجائحة، تتعلق بتشخيص أوجه اللامساواة بشكل دقيق، والنظر في السبل المثلى لبناء قدرات المؤسسات، وتشجيع الخيارات الاقتصادية المستدامة، وزيادة الاستثمار في الرأسمال البشري، والتغيير الذكي لأوجه الإنفاق.
وعلى صعيد آخر، أغتنم هذه الفرصة لأتطرق بإيجاز شديد لبعض مستجدات جهود جامعة الدول العربية في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث أطلقنا مؤخراً تقرير تمويل التنمية المستدامة في مصر، بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وهو أول تقرير وطني يتناول موضوع التمويل المستدام، وذلك ضمن أعمال الأسبوع العربي للتنمية المستدامة، ونتطلع في هذا الشأن إلى مساعدة بقية الدول العربية لإعداد تقاريرها الوطنية…كما أطلقنا أيضا الشبكة العربية للعلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة، وهي منصة رقمية توفر قواعد بيانات للخبراء والباحثين، وتساهم في بناء قدرات الكفاءات العربية وتسهيل نقل وتبادل الخبرات… وأثني من هذا المقام على الدعم الذي قدمته الإسكوا لإقامة هذا المشروع.
وحول مستقبل التعاون بين المنظمتين، أتطلع إلى تنفيذ الأنشطة والمشاريع المشتركة ومنها فعالية “أسبوع المناخ 2022” المقرر إقامته نهاية هذا الشهر في اكسبو 2020 دبي، بالتعاون مع عدد من الشركاء، وأتمنى أن نستكمل مسارنا التعاوني بالتركيز على موضوعات المناخ والتمويل والمياه بصفتها مواضيع ذات أولوية للمنطقة… كما أجدد التزام الجامعة بالقيام بكل ما من شأنه أن يرتقي بهذا التعاون إلى مستويات أفضل خدمة لأهدافنا المشتركة.
ختاماً، أتمنى لأعمال هذا المنتدى كل النجاح والتوفيق، وأن يخرج بأفكار ومبادرات تخدم جهودنا لتسريع مسار التعافي وتساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في الآجال المحددة… وأجدد شكري لكل من ساهم في إقامة هذا المنتدى.
وشكرا لكم.

 

 

 

to top