ما زال التنافس بين الفيل رمز الحزب الجمهوري الذي يمثله ترامب وبين الحمار رمز الحزب الديمقراطي الذي يمثله بايدن على أشده، وكذلك لا زالت الاحصائيات غير مستقرة ومرتبطة بعوامل عدة داخلية منها وخارجية، وكذلك مرتبطة ببعض الشركات العابرة للحدود والقوميات والتي سيكون لها القرار الأخير من سيكون الرئيس المقبل، رغم العملية الانتخابية المرتبطة بنتائج الصندوق. تنافس كبير بين الخصمين الفيل والحمار مع الأخذ أن لكل منهما خصاله المختلفة عن الآخر في أسلوب حياته وتعامله مع بني جنسه، ولكن يبقى الفصيلين من جنس واحد ولا يغدر أحداً بالثاني، وبنفس الوقت كِلاهما يعمل على تنفيذ الأجندات المطلوبة منهم لا أكثر، وإن اختلفت الأساليب والوسائل والأدوات، إلا أن الأهداف هي واحدة تخدم أرباب العمل وحدهم على حساب الشعوب التي لا زالت مؤمنة أنه ثمة ديمقراطية في الغرب. وكي لا نسير خلف القطيع المزمجر لهذا الطرف أو ذاك، على أساس أنه الأفضل والأحسن وعمل مالم يفعله السابقين ممن كانوا في البيت الأبيض إن كان بالنسبة للداخل وما يتعلق بالسياسة الداخلية او في الخارج وما يتعلق بالسياسة الخارجية.
لا فرق بينهم إذ ما نظرنا للخلف قليلاً لمراجعة بعض الأحداث التي وقعت خلال تواجد طرفي التنافس في سدة الحكم، إن كان الفيل رمز الجمهوري أو الحمار رمز الديمقراطي. فمنذ الثمانينيات ووصول الخميني إلى إيران بطائرة فرنسية ودعم أمريكي للقضاء على الثورة الشعبية الشيوعية في إيران، كان حينها الرئيس الأمريكي 39 هو جيمي كارتر وهو من حزب الحمار رمز الديمقراطي. وبعدها بقليل واشتعال الحرب العراقية-الإيرانية في بداية الثمانينيات انتقلت الرئاسة إلى الفيل الذي يمثل الجمهوري وكان الرئيس 40 هو رونالد ريغان، والذي استمر في رئاسته حتى انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في 1989. وبعد ذلك مباشر كانت النكبة العربية والتي تمثلت في احتلال العراق للكويت في بداية التسعينيات وحينها كان الرئيس الأمريكي 41 جورج بوش الأب من حزب الفيل رمز الجمهوري والذي استمر في الرئاسة حتى 1993، أي حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وحصل ما حصل من تفكك لهذا الاتحاد إلى جمهوريات متناثرة هنا وهناك تركض نحو الديمقراطية الأوروبية الغربية لتتخلص من السجن الكبير الذي كانت فيه.
وكذلك انهيار الاتحاد اليوغسلافي الذي بدأ في 1991 واستمرت الحرب الأهلية فيه حتى بداية الألفينات. وكي لا ننسى أعوام التسعينات ومن أجل محاربة السوفييت في أفغانستان تم تشكيل ودعم طالبان بشكل كبير من قبل الرئيس الأمريكي 42 بيل كلينتون من حزب الحمار رمز الديمقراطي. وبعد الانتهاء من الوظيفة الموكلة للجماعات الإسلامية المختلفة المسميات شيعية منها وسنية في القضاء على خصوم الغرب، دخلت أمريكا المرحلة الثانية في تعاملها مع تلك الجماعات التي كانت يوماً ما من أهم أدواتها لتتحول بقدرة الله إلى جماعات إرهابية قامت وتجرأت على تدمير برجي التجارة العالميين ومبنى الدفاع في أمريكيا. وبذلك ظهر علينا الرئيس 43 الأمريكي جورج بوش الابن من حزب الفيل رمز الجمهوري، ليعلنها حرباً صليبية. ولتبدأ المرحلة الثانية من التخلص من المارد الذي خرج من القمقم وتمرد على صاحبه. وبدأت ما أسماها الغرب الحرب على الإرهاب والتي ابتدأتها من أفغانستان وتليها العراق في 2003. وبعدها دخلنا في مرحلة ما سمي بـ “الربيع العربي” منذ بداية 2010 ونشر الفوضى في الكثير من الدول من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا وأرمينيا، والتي لا زالت مستمرة حتى يومنا. مرحلة بدأت بالرئيس الأمريكي 44 باراك حسين أوباما من حزب الحمار رمز الديمقراطي، ليأخذها منه الرئيس الأمريكي 45 دونالد ترامب من حزب الفيل رمز الجمهوري عام 2017 والمستمرة بكل عنفوانها وسيناريوهاتها حتى راهننا. بكلمات مقتضبة ومراجعة سريعة في تلك الأحداث التي سردناها خلال العقود الخمسة الأخيرة والتي كان يتناوب فيهما الفيل مع الحمار في قيادة العالم
والحروب والفوضى، نرى أنه لا فرق بين الحزبين وكِلاهما يستخدم الدين كأداة له من أجل تنفيذ أطماع أمريكا ومصالحها في المنطقة وكذلك تحقيق الربح الأعظمي للشركات العابرة الرأسمالية الناهبة لخيرات الشعوب. الآن وفي مرحلة التنافس التي يتابعها الكثير من المراقبين وحالة الجدال بينهم في أي مهما سوف ينجح في الانتخابات المقبلة هل ترامب الفيل أم حمار بادين، وبين داعم لهذا ومؤيد لذاك، تم تأجيل معظم المشاريع والخطط في دول منطقتنا ترقباً فيمن سيفوز، والذي على ضوئه سيقرر حينها قادتنا نهجهم في تعاملهم الخارجي مع عدم تغيير أية سياسة داخلية متبعة بحق الشعوب من اضطهاد وظلم واعتقال. وسنبقى نحن شعوب المنطقة التي تم تحويلنا لفئران تجارب إن كانت للأسلحة التي يتم استخدامها في دول الفوضى مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا وأرمينيا، أو إن كان بيولوجياً ننتظر نفس القوى المهيمنة علّها تمنحنا ولو بصيصاً من الأمل في التخلص من كورونا. فالذي لن يموت في تجارب الأسلحة ينتظر دوره كي يموت من مرض كورونا، والكل ينتظر دوره فقط ونعيش على عامل الوقت حتى يحين أمر ربي. فحتى ينتهي التنافس ما بين الفيل والحمار سنبقى نحن الفار يجرب علينا الموت قهراً من الأسلحة أو كورونا أو غرفاً في البحر كما لو أننا عصينا ربنا ونسير على خُطى فرعون، أو من الذل واليأس.