كن غريباً
ريم الصالح
و ستعرف أكثر…
ستعرف كيف ترى مرة أخرى
الطرقات والوجوه والشمس
كأنها المرة الأولى
ستهزم غربتك بالفضول
و توقد فتيل الاسئلة…
ستتوه في الأزقة
وتجهل اتجاهات الوقت المسافر في العمر
ستجد أوراق الشجر أعرض
أضيق
أصغر
أكبر…
ستجد الكلام ممطوطاً
مكسوراً
ضاحكاً
للحياة
ولوجوه الغرباء…
وستسأل
عن الأسماء
لقد عرف آدم الأسماء
وستعرفها أنت مرة أخرى…
كن غريباً
وابتهج ببذور الحياة
تشق وجه الأرض والسماء
وتنطق طلاسم الوجود
مرة أخرى
أعرف نفسك مرة أخرى
وستجد أولئك الآخرين
الذين كلهم أنت…
كن غريباً
واعرف نفسك من جديد…
لم يخبرني أحد
لمَ كان البحر أعلى من الطريق
في ضيعة “السّمرة ” ولم يغرقني
فأغرقتني الدهشة…
هكذا تكون الأسئلة
أمّاً للحماس
و تبقى الأجوبة مختبئة
في جيوب الفيزياء ربما
أو خداعَ بصر
يدوِّخ ذهن الغريب
ويشعل الدهشة…
كن غريباً
ولن تبالي بالطرقات الملتفة
وستعرف أن العمر لا يمضي
إلا حين نستسلم للعادة
لا نهرم
إلا حين نربي الروتين
نطعمه كل صباح
رغيفاً بائتاً منذ البارحة
ونتركه يلعب في حديقة الدار
الدار ذاته الذي أيقظ الحنين
سيحتفي بالغريب
ثم يصنع منه مواطناً
برتبة مألوف
وسيقتل الدهشة
كن غريباً
كن رحالاً
وستعرف أكثر..